أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل محمود - مهارة انتاج الآثام !














المزيد.....

مهارة انتاج الآثام !


نبيل محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4185 - 2013 / 8 / 15 - 18:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعلمت أن الخروج على السياق، ومنه، هو الطريق الأمثل إلى الحقيقة. فالانخراط في ثنائية نعم/لا، لن يسمح للعقل برؤية المشهد كله، وانما بعضه أو، في أحسن الأحوال نصفه. فأسئلة مثل: من أصاب؟ ومن أخطأ؟ ومع من نقف وضد من؟ تبقى أنصاف أسئلة، ولن تؤدّي إلاّ إلى حقيقة ناقصة، إذا لم نتبعها بسؤال كيف ولماذا أنتج الكل الأجتماعي هذه الظاهرة (الأخوان المسلمين) أو تلك. ما يحدث بمصر وبالمنطقة عموما يستدعي وقفة جادة لقراءة أبجديات وجودنا الأجتماعي والفكري والسياسي، ومحاولة فهم جدلية السبب والنتيجة للظاهرة الاجتماعية بكليتها، التي تنتج هذه الظواهر العنيفة في المنطقة بأسرها.
منذ ما يزيد على قرن من الزمان، أصابت منطقتنا الصدمة ذاتها التي صدمت معظم مناطق العالم (الذي كان يُسمّى متخلفا وللتخفيف المجامل يُسمّى ناميا أحيانا!)، صدمة الأستيقاظ على حقيقة ألوف قطع المعادن العاقلة! الطائرة والمبحرة، الأساطيل الجوية والبحرية الغازية، القادمة من جزء ما متقدم ومتفوق من العالم. وكانت نتيجة الصدمة حروبا وكوارث ومآسي، خرجت منها معظم مناطق العالم بحكمة ما، إلا منطقتنا التي خرجت منها بحكمتين أثيرتين! وما بينهما كان الهباء..
الحكمة الأولى كانت الأبحار في الماضي وتبنّي منطق الأسطورة في رؤية وتحليل الواقع الموضوعي الحاضر والحياة المعاصرة. والحكمة الثانية كانت تحليقاً وتهويماً في مستقبل إفتراضي لا يقل أسطورية في منهجه عن الحكمة الأولى. والحكمتان نتاج ذات متضخمة مكابرة متعالية، أشبه بدون كيشوت صحرواي، تأنف من التعامل مع الشروط الحضارية المدينية (تستعمل منتجاتها وترفض العقل الذي أنتجها). إن الغياب عن الحاضر، باللجوء إلى ماضٍ لا يُستحضر، أو السكن في وهم مستقبل لم يحن شرط إمكانه بعد، هو رفض وموت أكيد للحاضر الذي هو ما نشهده من موت حياتنا الذي نحياه فعلاً!. من هنا كان هذا التغنّي والتولّه بالموت وتمجيده والتضحية بالحاضر ذاته على محرابه، الرقص طربا تحت كل شعارات الموت عادة مستحكمة فينا، فصار الموت سمة حاضرنا ودليل حياتنا!.
أمّا الهباء فكان كل من توهم أو أوهم غيره، بأنه قد تجاوز الموقفين تحت عنوان عريض هو (الطريق الثالث)، وفي حقيقته كان قاطفاً لأسوء ما في المنهجين من مقولات، الموقف الذي تبنّته معظم السلطات الحاكمة في دول المنطقة. وفي نتائجها العملية كانت إنحيازاً أكيدأً للحكمة الماضوية، وهذا الذي نحياه اليوم يذكرنا بالفشل الذريع الذي آلت إليه هذه السياسة السلطوية لأنظمة الحكم التي تصدرت الحياة السياسية على امتداد القرن العشرين. وفشلها الأكبر كان الإخفاق في تحقيق الحداثة الحقيقية لمجتمعاتنا، فقد اكتفت ب(حداثة هشة) نخبوية في مراكز المدن، التي كانت جزراً منعزلة وسط محيط من التخلف الذي لم يُحدّث. وما أن ارتبطت الاقتصادات المحلية بالنظام الرأسمالي العالمي حتى تبدّدت مستسلمة لمنطق السوق، فهُجرت الحقول وتوالت أفواج المهاجرين من الريف إلى المدن، حتى أغرقت المدن (جزر الحداثة الهشة) واستدعت كل القيم الماضوية من أعراف قبلية وتصورات دينية ضيقة ومتعصبة، ولم تصمد المدن طويلاً بل سقطت ونكصت على أعقابها إلى ما قبل ما ظنته حداثة حقيقية ازدهرت ذات يوم ولن تهزم. وزاد الأمر سوءا تحول اقتصادات معظم دول المنطقة إلى اقتصادات ريعية، تنتج مصادر الطاقة للأقتصاد العالمي، أو خدمات التسويق لمنتجات الشركات الكبرى، أو خدمات سياحية (بمختلف أشكالها وألوانها!). فلم تجد الجموع المهاجرة من الريف التي هجرت حقولها، عملاً منتجاً حقيقياً كالمصانع. فباتت تهيم في المدن تنتظر الفتات من الأقتصاد الريعي الذي تقبض عليه السلطة السياسية (كموظفين وملحقين غير منتجين بالجهاز الحكومي للدولة). وهذا هو الأصل والمحرك الاقتصادي لكل الشموليات التي شهدتها وتشهدها دولنا.
باتت كل الشروط الموضوعية والثقافية مؤهلة لأنتاج وأعادة انتاج القديم من الكائنات والقيم وبمواصفات منتهية الصلاحية ولا تنتمي إلى العصر الراهن والحاضر. فهل أن هذه الظواهر هي المستغربة أم الاستمرار على النهج الفاشل ذاته الذي ينتج كل هذا البؤس وهذا التخلف؟ إن اتخاذ موقف واضح من الأحداث الحاسمة في الحياة أمر ضروري، ولكن يبقى ما هو أكثر ضرورية، النقد الجذري لكل قواعد حياتنا (إذا كنّا نريد أن نُحسب على الأحياء) واسس وجودنا، ووضع قضية الانسان الحالي وحياته وسعادته في قمة قائمة أولويات أية سياسة شاملة ورؤية فكرية واسعة لنبذ كل ما من شأنه أن يقهر الانسان، سواء كان ماديا أو ثقافياً، وخاصة القيم الثقافية التي تساهم بانتاج هذه الكائنات المشوهة فكريا وعاطفيا. والاستبعاد الحاسم لكل منظومة قيمية (ماضوية) أو مستقبلية حالمة، لصالح الأهتمام بالانسان الماثل أمامنا وجعله الغاية الأسمى. إن مجتمعا يستمر بانتاج كائنات تنتمي إلى إزمنة بائدة، لن يحصد إلاّ نبتاً ذابلا أصفر له طعم الماضي، وليس له أن يتوقع ثمرا يانعا أخضر من حقول المستقبل.
وسيظل (فائض قهرنا طوائف من الغلاة!)...

15/8/2013



#نبيل_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديقة النجوم
- الرسالة المصرية
- رئيسان وراء القضبان! والشعب في الشوارع..
- عصف الأشواق
- عَشَرات
- جدل الشوق والشقاء
- بعد البحر دخلنا الدغل
- ديمقراطية الميادين!
- صروح وجروح
- الموت السعيد!
- مأزق الربيع العربي
- شجرة التوت
- فائض القهر
- الخيول الحمر
- ما فضّ عشقكَ مثل شِعركَ
- بغداد
- أنتِ والمطرُ
- حُلُمٌ يمصّ حَلَمَةَ الليل
- قهوة وخمر !
- ناظم حكمت... الأجمل يصل وطنك أخيراً !


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل محمود - مهارة انتاج الآثام !