أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود عبد الغفار غيضان - عندما يتحدث الشعر الكوري عن الواقع المصري!














المزيد.....

عندما يتحدث الشعر الكوري عن الواقع المصري!


محمود عبد الغفار غيضان

الحوار المتمدن-العدد: 4149 - 2013 / 7 / 10 - 22:52
المحور: كتابات ساخرة
    


يسبق الفنُ الواقعَ بخطوات يمكن حسابها أحيانًا بآلاف الأميال في الزمن قبل المسافة. لا يبشر بما سيقع قبل وقوعه فحسب. بل يتمتع بخاصية الاحتفاظ بقدرته على التلميح أو التصريح بما يمكن أن يقع في أماكن وأزمنة متخلفين على سطح هذا الكوكب. وبطبيعته الانحيازية يكون وضوحه في غموضه أو لا مباشرته عبر منظومة إشارية غنية بتعدد الإحالات بحيث يكون للمسكوت عنه مثلاً حضور أبلغ من المذكور، ولهذا فهو في منطقة مختلفة عما عليه التاريخ لو وقفا معًا أمام الحدث نفسه. الفن يحلل ويشرح. يفتت ويركب من زوايا مختلفة، بينما التاريخ يصف مدعيًا الوقوف على الحياد.

لستُ هنا بصدد الحديث عن العلاقة بين الفن والتاريخ ولكني معنيٌّ الآن بالحديث عن موقف الفن من التاريخ. لقد شعرتُ بالحزن عندما قرأت عن بشاعة الحرب الكورية، لكنني بكيتُ مع سطور صادقة من قصيدة واحدة تناولت مشهدًا وحيدًا من مشاهدها. وجدتُ تشابهًا عجيبًا بين ما جرى في كوريا منذ تحررها من الاحتلال الياباني وما جرى في مصر. المدهش أن الواقع المصري الآن يبدو وكأنه يسير على قضبان قطار التاريخ الكوري حتى أنَّ مساهمة الكوريين في دعم اقتصاد بلدهم بوضع ما يملكونه من ذهب أو مال في يد الحكومة قد ظهر مثيلها في مصر خلال هذا الأسبوع من خلال برنامج دعم الاقتصاد الوطني الذي يتبرع فيه تلاميذ المدارس بجنيهات معدودة من مصروفهم البسيط الخاص. أما الأكثر إدهاشًا فهو أن الكوريين يتابعون ما يحدث في مصر وكأنهم يشاهدون ما وقع قبل عقود قليلة في بلدهم. فالتعليق الوحيد الذي سمعته من أصدقائي أو زملائي أو بعض تلاميذي هو "هذا مثلما حدث عندنا بالضبط".

في هذا السياق يكون دالاً الإشارة إلى أنَّ القصائد التي تناولت مرحلة الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية في كوريا تبدو لي وكأنها مكتوبة عن مصر خلال المرحلة الانتقالية؛ حيث تخلص الشعب من استبداد نظام ليقع في استبداد جديد بمنهجية ومرجعية مختلفتين. أحد الشعراء الكوريين، ومع أنه يفضل الأسلوب غير المباشر في الكتابة، له قصيدة كأنها كُتبتَ تعليقًا على أحداث العام الماضي في مصر. هو من المؤمنين بالثورات الطبيعية التي تحركها جموع الشعب لا بعض أشخاص بعينهم. ويرى أن دور الكتاب والأدباء هو ضرورة الكتابة وقول الحق مهما كلفهم ذلك دون أن يحملوا البنادق بأنفسهم. قال لي في الأسبوع الماضي على هامش لقائه احتفالاً بصدور الترجمة العربية لديوانه "رحلة إلى سيول": أنا قلق عليك عندما تعود إلى مصر. أرجوك لا تُعرض نفسك للخطر. لكن عليك أن تكتب لأني واثق من قدرتك على التأثير بقلمك. ودون أن أطيل عليكم بثرثرتي هذه. أترككم مع قصيدته بعنوانها المراوغ "انتصارهم":

كانُوا فِئةً قليلةً في الأسِاسِ،
لكنَّهُم رفضُوا أنْ يبقوا هادِئِين،
كانُوا يتحرَّكُون في جَمَاعَة
أفشوا الأخطاءَ، تناقشُوا ليلاً ونهارًا،
نَالوا وظائفَ مُربِحةً،
كانوا دائمًا على صَوابٍ،
بينما الآخرُون على خَطأ!
*********************
بلا حدودٍ، جَزموا، طلبُوا، تحدُّوا.
رَاهنوا على كلِّ شيءٍ
وهزُّوه وضخَّموه وبالغوا فيه.
لو سقطَ أحدٌ بينَ أيديهم،
لا يدعونَهُ يفلتُ مِنهم أبدًا
مهما حاولَ الفرارَ مِنهم،
حتى لو كانتْ قوَّتُهم غيرَ كافيةٍ
فلم يتراجعُوا أبدًا،
يُهاجمونَ مُتَفوِّهينَ بشتائمَ؛
يخدشونَ، يتلعثمونَ،
ويرمونَ الأحجارَ مِن الخلفِ.
**********************
بكلمةٍ واحدةٍ؛
لقد كانُوا غوغاء،
لا يُمكنك التعاونُ معهُم،
الكُلُّ تجَنَّبَهُم
حتى الأكثَرَيَّة لمْ تُحَاوِل أن تُواجِهَهُم
فمِن الأفضَلِ أنْ ترفَع يديكَ مُقَدَّمًا
على أنْ تُجَادِلَهم
لأنَّهم لم يقبَلُوا الاستسلام،
في النِّهايةِ،
وضعَ كلُّ شخصٍ غيرهم نِهَايَةً لحياتهِ،
لذا فقد بقُوا وحدَهُم فِي العَالَمِ.

هل يستطيع الأدب أن يتجاوز السياق الذي أنتجه لينفتح على سياقات أخرى بعيدة في الجغرافيا والتاريخ إلى هذا الحد؟ أترك لحضراتك الإجابة. لكني أضع فقط بين أيديكم خطوطًا سوداء عريضة تحت بعض العبارات مثل؛ ( أفشوا الأخطاء- لو سقط أحدٌ بين أيديهم لا يدعونه يفلت منهم) ولا أدري هل الذي كتبها كان يشير إلى إفشاء بعض سقطات أعضاء حزب النور كي يتستطيع فصيل واحد أن يسيطر على الساحة بمفرده؟! هل قرأ عن التشهير بالبرادعي كي يخسر حقه التاريخي كلمهم لثورة الخامس والعشرين من يناير؟! (كانوا دائمًا على صواب، بينما الآخرون على خطًا): هل يتحدث كيم جوانغ كيو عن تكفير المعارضين؟ عن أن الله ملكهم وحدهم لأنهم فقط من يعرفونه حق المعرفة؟! ( حتى لو كانت قوتهم غير كافية، فلم يتراجعوا أبدًا): هل يحلل الشاعر الكوري الجنوبي المشهد الراهن واستمرار الاعتصام في رابعة العدوية وميدان النهضة بعد أن بدأت أمريكا ترفع يديها عن دعم النظام السابق وبعد أن انحازت جموع الشعب لإرادة التمرد على ذلك النظام؟! (الكُلُّ تجَنَّبَهُم، حتى الأكثَرَيَّة لمْ تُحَاوِل أن تُواجِهَهُم، فمِن الأفضَلِ أنْ ترفَع يديكَ مُقَدَّمًا، على أنْ تُجَادِلَهم، لأنَّهم لم يقبَلُوا الاستسلام): هل يشير الشاعر هنا إلى الخسارة الفادحة التي خسرها حزب الرئيس السابق على الأرض؟ هل يشير إلى أنه لم تخرج فئة من الشعب لتهاجمهم رغم التفوق العددي الواضح كي تصلهم رسالة ربما لن تصلهم أبدًا؟! (في النِّهايةِ، وضعَ كلُّ شخصٍ غيرهم نِهَايَةً لحياتهِ، لذا فقد بقُوا وحدَهُم فِي العَالَمِ.) : هل هذه النهاية الرمزية هي نهاية الآخرين الأكثر عددًا أم نهايتهم؟!!! أترك لحضراتكم الإجابة عن هذا التساؤل أيضًا.

أخيرًا؛ رمضان كريم وكل عام وأنتم جميعًا وبلدنا الآمين بكل الخير والأمان والسلام.

محمود عبد الغفار غيضان
11 يوليو 2013م






#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيزك الميكروباص! في زمن الغربلة لا مكان إلا للأتوبيس العموم ...
- رسائل إلى أبي من زمن المصاطب!
- لماذا أنا متفائل؟
- دخلت الجيش؟ لأ. شفته فيديو
- عمرُك سبعون! إذن، اترك مقعدك لأني أكبر منك!!
- علمتمونا صغارًا أن -الحركة- بركة!!
- الدكتور سونغ وحكاية -دع الخلق للخالق-
- آخر الكلام لأهلي وعشيرتي
- عندما يكون التعامل مع تفاصيل الحياة البسيطة ثقافة: -بابا! ما ...
- لحظة انهزام الخريف
- بين -دروس- العقل و-ضروس- الحياة
- عزيزي اللص. جزاك الله خيرًا.
- مِن تأبَّطَ شرَّ إلى تأبَّط -سنجه- إلى المتأبطين أكياسًا.
- ما لك وما ليس لك هنا .... بسبعة أرواح (1)
- أحنُّ إلى زمن المصاطب
- من دفتر نوادر الأجانب مع العربية
- سلوى وتلصصٌ خاص على فرجينيا وولف
- أنا وابن خرداذبة في مدح كوريا سواء
- كوريا وثقافة الوجود داخل جماعة
- لهم -فيسهم- ولنا -فيس-.


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود عبد الغفار غيضان - عندما يتحدث الشعر الكوري عن الواقع المصري!