أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى محمد غريب - الثلج والذاكرة وصديقي عدنان جبر في سفينة الرحيل














المزيد.....

الثلج والذاكرة وصديقي عدنان جبر في سفينة الرحيل


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 1188 - 2005 / 5 / 5 - 13:07
المحور: الادب والفن
    


لا أستطيع ان أرثيهِ لأني غير مصدق ما جرى وكأنها كذبة رواها شخص ما وهرب ولأني مازلت اعيش سلسلة العلاقة التي جمعتنا ما يناهزالاربعين عاماً.فإن الرثاء يعني الاستسلام وانا مازلت مصراً ولا اعرف لماذا هذا الاصرار..؟ لربما انه انقطع منذ فترة وغير عنوانه حتى جعلني استغرب من فعلته وهو الدافئ معي لحد اللعنة، وعلى الرغم من مواصلتي التفتيش عن اي خيط للوصول اليه فقد اخفقت لأسباب كثيرة منها سفري المتواصل هرباً من الثلج وذكرياتي ومنها تحميله مسؤولية ما حدث.. ثم استسلمتُ على مضضٍ بعدما غير عنوانه ورقم تليفونه بعد موت خليلته أم فرح.. كان ذلك احتجاجاً ام ان امر ما حدث فغير المعادلة الايجابية الى نوع من السلب الانهزامي ومع هذا فقد قلت لنفسي حينها
ــ ان الايام سوف تجد اللحظة المناسبة للكشف عن الحقيقة و سنلتقى فيها ونتباصر.
فالبصيرة احسن من العمى، وربما نتعاتب.. ونتذكر سوية اياماً قضيناها كنا فيها على الرغم من الشقاء وعيون الذئاب السوداء نعيش الحياة بحذافيرها مفعمين بالسرور والتفاؤل قل مثيله، وعللت نفسي متذكراً رسالته بعد سفري 1978 بحوالي سنة وكنت حينها في المدينة الألمانية " أيزن هتين شتات Eisenhetenstatt " التي بناها الاتحاد السوفيتي سابقاً بعد الحرب العالمية الثانية كهدية للمرحومة المانيا الديمقراطية بمعمل لصهر الحديث يشغل 30 الف عامل.. وبمجرد فتح ظرف الرسالة سقطت عيني على اسمه ابو ماهر وكان قد وصل الى بودابست هنغاريا.
تذكرتُ كيف كانت علاقتنا وفراقنا في بغداد كم فرحت بالرسالة وقلت لنفسي نجى من من يدي القتلة ذئاب العصر ومخالبهم السامة، كانت رسالته تحثني على عدم العودة في الوقت الراهن وطلبه تزكية للتخ حينذاك.. وقضايا أخرى نفذتها في ذلك الحين فاستقر في بودابست طالباً مهنياً.. وعندما التقينا بعدها بشهور تحدثنا طويلاً وتعاتبنا لكننا بقينا كما كنا في السابق، وتذكرت اننا افترقنا مرة اخرى لكننا كنا على اتصال حتى التقينا في دمشق وكان حينها متوجهاً الى كردستان العراق لكن مرضه المزمن اعاقه فعاد من القامشلي الى دمشق واستقر فيها فعشناها بسعادتها ومرارتها، عشناها في بيت واحد وافترقنا لأسباب كانت غريبة عن اخلاقياتنا وبعدما التقينا وكانت بصحبته وزوجته الثانية وابنته فرح الصغيرة الشقية والجميلة وبوجود زوجتي بكى من الحرقة وقال..
ـــ انني خُدعتْ اولاد الكلبة خدعوني.. لقد خذلتك يا صاحبي فاعتذر.
سنين مرت على سفره وزوجته وابنتيه الى موسكو ثم هولندا وعلى الرغم من اننا التقينا مرة فقد شاءت الاقدار ان نفترق نعم في كل مرة نلتقى نتفق ونختلف وبقى طموحنا واحد استمرار علاقتنا كمعيار للاصالة والامتزاج ما بين الصداقة والرفقة ، كنا نتحدث ونضحك وننسى الخلافات بعد ان نضع اصابعنا على اسماء مسببيها، كثيراً ما كان جذاباً في تعليقاته وسخريته ولم يكن يوما مأساوياً حتى عندما أتصلت به تليفونياً والخير كل الخير يعود للاستاذ جاسم المطير الذي لجأت اليه للحصول على رقم تلفونه، فقد قال بصوت متحشرج ضاحكاً
ــــ اخبروني انك اصبحت صوفياً منعزلاً وقد غيرت تلفونك وعنوانك ولا تريد ان يتصل بك احداً .
ضحكت وكنت اعتبرها من احدى النكات التي يحيكها على طريقته وقلت له "
ـــــ ما اجوز من سوالفك .
اجاب بجدية ــــ صدقني هذه المرة ليست مزحة .. قلت له وأنا اشعر بألم وغصة في بلعومي لأنني في هذه الظروف الت يمر بها اكرر معه عادتي
ـــ هذا تلفوني انظر لم يتغير وهذا عنواني لم يتغير وعلى كل حال ما يصح الا الصحيح انسى الذي قيل والقال فهم على حد قول الشاعر الحمداني " كثْر"
في المرة الثانية قال بدون اية مقدمة ـــ تعرف عاتبت ابن "............ " الذي نقل لي خبر عزوفك عني . ثم اعاد اهزوجته في الشتم" ..
فقالت له ـــ يستاهل الف شتمة وشتمة لكن يا اخي انساه .
كيف يمكن ان اكتب له رثاء وهو الذ قال لي ـــ لا تكتب رثاء بعد موتي اريدك ان تكتب الرثاء وانا حي كي اقرأه
كيف يمكن ان انسى ذلك اليوم من ايام المقبور ناظم اكزار عندما نقل لي خبر اعتقال ".............. " وقال لي ــــ لا تذهب الى الموعد هناك كمين منصوب لك .
وكان صادقاً فقد كانت المصادفة وحدها جعلته يلتقى باحد الخارجين من قصر النهاية ليخبره بالعديد من الامور.. كيف لي ان انسى ذلك اليوم الذي التقيته وحملته منشورات المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العراقي ليتم توزيعها على عدة مواقع في بغداد بينما جلاوزة البعثفاشي وقد اصابهم الفزع وهم يرون بأم عيونهم المنشورات ملصقة على احدى السرادق الخطابية التي كانوا يقيمونها احتفالاً باحدى المناسبات..
لا يمكن الحديث في هذه الخاطرة التي راودتني ليلة 1 ايار عن كل شيء فاربعين عاما وما تخللها من احداث وقضايا لايمكن ان تختصر بمقالة صغيرة او حتى عدة مقالات ولهذا تبقى الذكريات بحلوها وبمرّها عبارة عن سفينة محملة بالعجائب والغرائب تمخرفي عباب البحر تبحث عن الخلود الذي دفع كلكامش ان يسكله بعدما راى موت انكيدو.. فبقى الموت في السفينة وتبخر حلم الخلود وبقى الانسان يركض خلف حلمٍ وهو يعيشه ولا يدرك بعد ذلك اذا استيقظ منه سوف يجد نفسه في وحشة القبر بعيداً عن الخلق.
لا لن ارثيه لأن الرثاء عبارة عن كلمات موت وهو يحتاج دائماً ان يعيش في ذاكرة وتاريخ حزبه الشيوعي العراقي فالاشخاص راحلون حتماً وان طال الزمن.
ابو ماهر ايها الرجل والصديق البديع صدقني منذ ان سمعت صوتك وانت تدفع حياتك في كل ثانية نحو حفرة التراب اللعينة وانا لم اصدق وما زلت غير مصدق ولهذا لم اتصل بابنتك فرح ولا باخيك كي لا يكرران لي الخبر الذي سمعته من ممرضة في مستشفى لاهاي..



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسؤولية التاريخية والانسانية لمقبرة الكرد الجديدة وللمقابر ...
- أيــار الرمــز عيد الطبقة العاملة من شغيلة الفكر واليد
- حكومـــة وحــدة وطنية أم حكومـــة طائفية قومية ضيقة ؟
- حقـــوق الشعوب والقوميات المفقودة في ايران
- عبد الرحمن مجيد الربيعي ووظيفته الجديدة القديمة
- الحلــم المـــلازم
- متى تتشكل الحكومة ويحاكم صدام حسين وزمرته؟ متى تأخذ العدالة ...
- اختلاف وتضارب الآراء حول طريقة كتابة الدستور العراقي الدائم
- التحليلات حول سقوط النظام الشمولي - طالما الوالي الأمريكي -
- الوجـــه المظلم في الاعتداء على مقر الحزب الشيوعي في مدينة ا ...
- عزْلـــــة العــــراق والعراقيين شعار صوفي
- الدستور الجديد وحقوق القوميات وحرية المعتقدات الدينية في الع ...
- لائحــــة حقوق الإنسان والإغتيال السياسي للنساء
- قـــوى اليسار الديمقراطي ما لها وما عليها في الانتخابات القا ...
- قلـــق مشــروع
- عدنـــــــــــــان كــــــــان
- حول الجنسية.. لماذا التهجم على الكرد واحزابهم وعلى احزاب اخر ...
- مؤشر خطر من قبل التطرف الديني في الاعتداءات على حرية الطلبة ...
- ذكرى حلبجة القديمة
- السيد علي السيستاني ومنح الجنسية العراقية


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى محمد غريب - الثلج والذاكرة وصديقي عدنان جبر في سفينة الرحيل