أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عبدالوهاب حميد رشيد - الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الثاني/الفصل الرابع















المزيد.....



الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الثاني/الفصل الرابع


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 4122 - 2013 / 6 / 13 - 11:31
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


الفصل الرابع- الصعوبات والمشاكل: التنافر البيئي
دوافع الأغتراب في المملكة السويدية، مختلفة ومتنوعة ومتباينة، رغم أنها لا تخرج عن الجوانب الاجتماعية السياسية- الاقتصادية: منهم من قصدها، بعد أن وجد نفسه محاصراَ ومهدداَ، ومن جميع المنافذ، فكانت السويد بالنسبة له المنقذ والأمل الأخير في التخلص من مكابدة الجور والطغيان، والانتقال إلى ساحة جديدة تمكنه من استمرار قدرته على الصمود والتصدي والمواجهة. ومنهم من فضّل الأغتراب فيها، نتيجة الأحباط واليأس من إمكانية المواجهة والتغيير، فأختار الهروب إلى المجهول وبلغ السويد. ومنهم من جاءها، بعد أن أكتوى بنار الصراعات والحروب والكوارث التي ليس لها طائل، فقصد السويد بهدف العيش الآمن. ومنهم من وصلها، بهدف تحسين أوضاعه المعيشية، ومنهم من شد الرحال إليها متأثراً بالدعايات الإعلامية الغربية التي صورت له الجنة في الغرب. ومنهم من إبتغاها ترفاً وطمعاً بالملذات الدنيوية والغير متيسرة، بالقدر المشبع، في موطنه الأصلي، والبعض القليل، من اللاجئين السياسيين العرب عامة والعراقيين خاصة، ممن دفعت بهم الأقدار إلى المملكة السويدية، أستثمر هامش وجوده في ملاذه الآمن الجديد هذا، في توظيفه بمواصلة ممارسة أنشطته وحراكه، النابع من رؤيته الفكرية والسياسية والدينية، دون أنقطاع. بينما الأغلبية من نفس الشريحة، رغبت بالتقاعد عن أنشطتها النضالية السابقة، في ظل الحياة المريحة التي وجدتها في المملكة وأسترخت لها، مما دفعتها للتفرغ والأنغماس في شئونها الحياتية الخاصة في التكسب والأنشغال بالحياة الأسرية والأستمتاع بملذات الحياة السهلة التي وفرتها لهم ظروف المعيشة المستقرة في المجتمع الجديد(36).
وفي دراسة ميدانية في سياق تصميم استمارة تضم مجموعة من الأسئلة، قام بها الدكتور عبدالسلام الطائي في السويد خلال الفترة أيلول/ سبتمبر 2007 لغاية نهاية العام، لعينة من العراقيين (50 مبحوثاً) من ذوي التحصيل العلمي العالي (الجامعي فما فوق، وعلماء وقادة)، فقد تمثلت خلاصة نتائج الدراسة في(37):
+ تراجع عملية الضبط الاجتماعي للاسرة العراقية على الأبناء بسبب الانتقال المفاجئ من "السلطة الأبوية إلى الزعامة الأموية" وانقلاب الهرم الأسري بسبب القوانيين السويدية الحاضنة لزعامة الأم كـ "مجتمع نسوي." إضافة إلى الفارق التقني والإعماري حضارياً. مع ملاحظة أن هذا المجتمع في واقعه يقوم على المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، بعيداً عن الزعامات حتى في أعلى مراكز السلطات. والأكثر دقة هنا التفاوت الحضاري ورفض الرجل الشرقي التخلي عن علاقات الزعامة لصالح العلاقات المتكافئة القائمة على الاحترام المتبادل في المجتمع السويدي!
+ ضعف التضامن الأسري وارتفاع ملحوظ في معدلات الطلاق جراء الصدمة الحضارية.
+ ضعف إقبال الأبناء على الدراسة.
+ شعور معظمهم بالخجل من واقعهم الحالي كـ: لاجئين- ومعاناتهم من الخوف على المستقبل المجهول!
+ أكثر من ثلثهم (35%) مصابون بـ (الفوبيا) الاجتماعية وبدرجات متفاوته. بينما توصلت مجلة أطباء بلا حدود السويدية إلى نسب أعلى.
+ غالبيتهم يعانون من الإفراط في التدخين وتعاطي...! بسبب القلق على الوطن والأهل بالعراق!
+ استعدادهم للعودة للوطن بعد زوال الاحتلال وإرهاب الميليشيات والأحزاب الطائفية.
+ الغالبية المطلقة مصابون بالذهول والصدمة الحضارية للسلوك اللاحضاري لأميركا لتعمدها بعدم إعادة ما دمرته منذ العام 1990 كالكهرباء، على سبيل المثال لا الحصر، وتنصيبها للأحزاب العصبية الدينية والعرقية.! كما أُصيبوا بالصدمة النفسية عندما رأوا (الصهاينة) يحققون معهم في السجون، ويتجولون في شوارع بغداد.
الصورة والمظهر الذي ظهر، ويظهر به الوافدون العرب، في دولة المهجر الآمنة، قاتمة، بعامة، ولا تبشر بخير. تصرفات مسيئة، عادات وتقاليد موروثة، معيبة، مشينة، ومخجلة.. ودون أستثناء لجنسية عربية بعينها، من الأقطار العربية جمعاء. وهذه الصورة الشديدة القتامة تجسد وتلخص، جانب كبير من مساحة المشاهد المشوهة، للجالية العربية في المملكة. عدد كبير منهم، يعاني من سرطان الأمية، بمعنى غياب فقه الحياة وكرامتها. وهذه الأمية والجهل والتخلف المركب والمزدوج، يدفع بسقوط هذه الشريحة وأبناءها، إلى الهاوية، ونعت البقية بسوء الصيت. إنهم يتصرفون وكأن السويد، التي توطنوا فيها، جاءتهم هدية لتحقيق نزواتهم وملذاتهم وجنونهم وشذوذهم المكبوتة دون وازع ضمير أو مسحة كرامة. وليسرحوا فيها ويمرحوا، دون جهد وأجتهاد، ودون قطرة عرق يتيمة(38).
وهنا يتحدث تقرير سويدي عن أن أفشل و أكسل جالية في السويد هي الجالية العربية. يكفي القول أن الأغلبية يقدمون شتى الأعذار لمكتب العمل ومؤسسة الضمان والمؤسسة الاجتماعية حتى يُعفون من الدراسة ومن ثم مزاولة مختلف الأعمال في السوق السوداء، ليحصلوا، بالإضافة إلى دخول عملهم الأسود، كذلك على راتب المؤسسة الاجتماعية آخر الشهر(39). ربما هم محقون!؟ فما الضرورة لأستنزاف عرق الجبين، ما دامت هناك جهات تتكفل بكل شيء. بدءاً بإيجار شقته، ومروراَ بفاتورة: الكهرباء، الرعاية الصحية، الحضانة/ الروضة، وسائط النقل من وإلى المدرسة، الطعام والشراب، سواء عن طريق الشئون الاجتماعية (المعونة) أو التأمينات ضد البطالة. والنوع الثالث والأسوأ من هذه العاهات، تتمثل في تحايلهم على نظام الرعاية الصحية وصندوق التأمينات الصحية في المملكة بزعمهم، كذباً وتلفيقاً، إصابتهم بأمراض عضوية ونفسية مستديمة ومزمنة- نصب وأحتيال- بغية الحصول على التقاعد المرضي المبكر. وبسبب من كثرة هذه الحالات، وخصوصاً بين الوافدين العرب، أضطرت الحكومة من خلال برلمانها إلى تغيير قوانينها وتشديد قواعد ولوائح الضمان الصحي الجديدة، محاولة منها، للحد من أستغلال وأستنزاف تلك القوانيين. وبات الحصول على التقاعد المَرَضي المبكر أكثر صعوبة. والنوع الآخر من العاهات المستديمة الوافدة، والمتسلحلة بأحدث أبتكارات ومهارات وأساليب الأحتيال والنصب، وتهرباً من ألزامية تعلم لغة دولة المهجر المجانية (اللغة السويدية)، تتجسّد في تقاطر العديد منهم على المراكز الصحية بهدف الحصول على أجازات مرضية تتيح لهم الأعفاء من الجلوس على المقاعد الدراسية، لتعلم اللغة الألزامي. بهدف التفرغ كلياً للتسكع المريح، أو بدافع الحصول على مصدر دخل أضافي غير شرعي (عمل أسود)، بعيداً عن متابعة سلطة الضرائب، أو بغرض السفر الطويل للوطن الأم- زيارة وتجارة. وهناك نوع آخر من هذه العاهات، أبتكر وسائل جديدة لزيادة مداخيله، وذلك بأستغلال وأستثمار قوانيين تأمين الوالدين والطفولة، ليصطاد ثلاثة عصافير وبضربة واحدة. من خلال أنجاب أكبر عدد ممكن من الأطفال وبشكل متواتر، ليضمن أولاً الحصول على نقدية شهرية ثابتة للطفل، وليضمن ثانياً نقدية الوالدين التي يتفاوت حجمها، حسب عمل الأم والأب قبل الحمل، ففي حالة وجود عمل سابق للأم أو الأب قبل الولادة، حيث يحصل أحدهما على أجازة الوالدين مع مرتب شهري قدره 80% من آخر دخل لعمله. وإن لم يكن لهما عمل سابق قبل الولادة فيحصل أحدهما على أجازة ومرتب شهري يصل إلى حوالي 600 دولار على مدار ثلاثة عشر شهراً(40).
ومن أساليب النصب والأحتيال المبتكرة الأخرى لهذه العاهات/ الممارسات. أبتكار طريقة الطلاق الصوري (أي طلاق رسمي مصدق من المحاكم الرسمية الأبتدائية، وليس من سلطة شرعية دينية). بمعنى أن الزوجين يعلنان الطلاق لأستحالة الحياة بينهما(مجرد أدعاء). والهدف من وراء هذه الممارسة، هو أولاً للحصول على نقدية النفقة الشهرية والتي تصل الى حوالي 500 دولار شهريا، وتدفع للتي تدعي بطلاقها (المطلقة) من خزائن بيت المال (الضرائب). وثانياَ لكي يحصل الطليق (مايسمى بالزوج)، على شقة سكنية خاصة به، ولكي يقوم بتأجيرها باطنيا (سراَ) إلى معارفه، وبذلك يكون قد ضرب عصفورين (نقدية النفقة الشهرية والشقة الخاصة به) بحجر الطلاق الواحد (الحلال والغير محرّم حسب فقهه وشرعه). ومن المفارقات الغريبة أن معظم هؤلاء الذين يسلكون هذا النوع من النصب والأحتيال، هم من أكثر الناس تشدداً وتمكساً وتعصباً للدين، كما يزعمون أو يتظاهرون. وهذه بالذات منتشرة بين الجالية العربية(41).
تكرار هذه الحالات من النصب والأحتيال على القوانين (في موضوعة وظاهرة الطلاق الصوري)، والكشف عن حالات تلبس عديدة من قبل سلطات الشئون الأجتماعية في المملكة، دفع بهذه السلطات، الضغط على (البعض) من المحاكم الأبتدائية المدنية السويدية، بضرورة مطالبتها بوثيقة مصدقة يتقدم بها الراغب في الطلاق ومن جهة شرعية معتمدة، على أن تتضمن تطليقاَ شرعياً من هذه المؤسسات الدينية المعنيّة، بهدف الحد من هذا التلاعب بالقوانين. ومع ذلك بلغ التحايل والنصب، مبلغه في بعض أفراد هذه المؤسسات الدينية، حيث أخذوا بإصدار وثائق طلاق لقاء عطايا أو أجر. فباتت ظاهرة الطلاق (الكاذب) منتشرة بين الجالية العربية وعلى تنوع وأختلاف دياناتها. وهناك حالات أخرى (من النصب والأحتيال)، بهدف الكسب اللامشروع (والاأخلاقي).
بالأضافة إلى نسب الطلاق (الورقي)، وأرتفاع معدلاتها التصاعدية، سجلت حالات الطلاق (الحقيقي) أرتفاعاً مماثلاً بين أبناء الجالية العربية الوافدة إلى المملكة. سواء منها تلك التي (أنقلبت على ساحرها) حين بدأت بصورة طلاق (ورقي)، ونتيجة المغريات الحياتية والأمتيازات المؤقتة، تحولت إلى طلاق (فعلي)، على الورق وفي الواقع!. أو تلك الزيجات التي كانت أصلاً، رخوة في وشائجها وروابطها، وقبل أن يحط المقام بها بالمملكة. وفي ظل قوانين الحرية والرعاية المكفولة للطفل أولاً والمرأة ثانياً. هذه الأسباب وغيرها الكثير، أدت وتؤدي إلى أرتفاع معدلات ونسب الطلاق (الفعلي) بين أبناء الجالية العربية الوافدة إلى المملكة(42).
الاتجار والتعاطي والترويج، للمخدرات على أختلاف أنواعها: منشطات، مهدئأت، مسكرات.. والمثيرة للنشوة والهلوسة، والإدمان عليها، تُعد وبحق من أخطر أمراض وآفات العصر الفتاكة والمنتشرة وبشكل خاص بين الشباب. وهذا الوباء السرطاني المدمر للطاقات البشرية يتنامى وبنسب متصاعدة، تنذر بمخاطر أجتماعية وأقتصادية جمّة، تعاني من تداعياتها المملكة، كسائر دول العالم الملوثة بهذا الوباء المعدي. ومما يؤسف له، أن أعداداً غير قليلة من أبناء الجالية العربية الوافدة إلى المملكة، ومن شبابها، تتعامل مع هذه السموم، سواء بالترويج والأتجار بها، أو بأستهلاكها- تعاطيها وإدمانها على تلك السموم الكارثية. وكلنا مدركون للفعل والتأثير الذي يخلفه هذا الوباء، والذي يدفع بالمدمنين المصابين إلى فقدان أتزانهم ووازعهم الأخلاقي والاجتماعي. فيهملون أنفسهم، وينتفي طموحهم ويتعطل أو يتوقف دورهم، ويتراجع تعليمهم العلمي والثقافي، مما يجعلهم أُميين اجتماعياً وثقافياً، وتتبدد عنهم ثقة المحيطين بهم، فيتحولون إلى كائنات هامشية ومهمشة، ليس لها طموح في العيش والمستقبل سوى البحث عن القليل من: المنشطات، المهدئأت، والمسكرات، المثيرة لنشوتهم وهلوستهم، وبأي ثمن كان. وهذا مايقودهم في نهاية المطاف إلى الانحراف وارتكاب الجرائم بأنواعها المختلفة، بل وإقدام بعضهم فعلاً على الانتحار(43).
كما ويلجأ العديد منهم إلى أرتكاب أعمال مشينة وخارجة عن العرف الأجتماعي والقانوني، كالسطو والسرقة و الإختلاس و التجاوز على ممتلكات الآخرين والمجون والبغاء، وتبلغ بهم الأعراض الجنونية المكتسبة، مبلغها، إذ يكونوا مستعدين لبيع أنفسهم وعائلاتهم ومن يحيط، بهم بما فيه أوطانهم، عند ضغوط الحاجة الإدمانية، والثمن حفنة من (المنشطات، المهدئأت، والمسكرات، المثيرة لنشوتهم وهلوستهم المصطنعة، ومهما كان الثمن).
وتتحدث الصحف السويدية عن أن معظم الأشخاص الذين يقومون بجرائم الشرف ينحدرون من أصول شرق أوسطية أو الشرق الأدنى. وتشير المحكمة الإدارية السويدية في دراسة لها إلى إلحاق الضرر المباشر بـ 1500 شابة سنوياً في السويد بالجرائم المرتكبة بأسم الشرف(44).
المناطق التي يقطنها العرب والمسلمون في السويد يكثر فيها تعاطي المخدرات إلى درجة أنّ العديد من الشباب من جنسيّات عربيّة ماتوا جرّاء تعاطيهم جرعات مركزة من المخدرات، وتحاول السلطات السويدية جاهدة وضع حدّ لهذه الظاهرة. والمأساة الكبيرة أنّ بعض العرب والمسلمين بنوا ثروات هائلة جرّاء بيعهم هذه السموم للأطفال السويديين والعرب والمسلمين، ولا تخلو الصحف السويدية من أخبار أجانب تخصصوا في بيع المخدرات.
في غوتنبرغ، ثاني أكبر مدن السويد بعد العاصمة استوكهولم، يشكل اللاجئون نحو 20 في المائة من السكان الذين يبلغ عددهم نحو 500 ألف نسمة، والعراقيون هم الأكثر عدداً. ويتمركز اللاجئون وحملة الجنسية السويدية من المولودين في الخارج، في الضواحي الشمالية الشرقية للمدينة، وتحديدا في يلبو- مقاطعة انغرد. هنا يعيش أكثر من سبعة آلاف نسمة، منهم 90% لاجئون، جزء كبير من هؤلاء من العرب، وخصوصاً العراقيين. سكان هذه المنطقة وكأنهم يعيشون في دولة مستقلة عن السويد لا يختلطون بالسكان السويديين.. أخبار الجرائم يومية في انغرد. وفي كل يوم أو يومين، على الأكثر، هناك خبر عن اعتداء أو جريمة قتل أو محاولة قتل. نسبة الجرائم مرتفعة بين اللاجئين(45).
ذكر تقرير أن هناك نفور من المجتمع السويدي تجاه اللاجئين، ولكن ليس النفور من الأجانب، بعامة، بل النفور من المناطق أو التجمعات التي تحتوي على وجود كامل للأجانب، حيث تكثر الحوادث والمشاجرات والمعارك والجرائم. وللشهادة: المجتمع السويدي ليس مجتمعاً عنصرياً، بعامة، رغم وجود بعض الحالات التي لا تمثل عموم الشعب السويدي المسالم- الكريم، مع ملاحظة أن طريقة تعامل السويديين اجتماعياً حتى فيما بينهم تتسم بالكثير من الرسمية التي يمكن أن تُفسّر عند العرب والمسلمين عموماً بشيء من الأنفة والكبرياء، بل وقدر من العنصرية، رغم أنها قيم تربوية. وهذه المشاكل والمشاجرات تحصل بسبب قلة فرص العمل الموجودة على أرض السويد (و/أو التهرب من الدخول إلى سوق العمل الرسمي، طالما أن المؤسسات الرسمية توفر الحياة اللائقة للاجئ، وفي نفس الوقت يمكنه من ممارسة العمل الأسود والحصول على دخل إضافي). وهناك من يرمي باللائمة على القانون السويدي المرن لمعالجة الجريمة، وعلى قوانين معاملة الأطفال وطريقة تربيتهم بمنع استخدام العنف ضدهم.. ويلاحظ على مرونة القانون السويدي تجاه الجريمة- القائم على المساواة بالعلاقة مع المهاجرين- تتمثل في النظرة الاجتماعية للجريمة/ الانحراف بتحمل المجتمع جانباً من مسئولية وقوعها أصلاً، ومن ثم تبنّي مبدأ الإصلاح والتأهيل بدلاً من العقاب والتنكيل في معالجة الجريمة والمجرم.. بينما في حالة حماية الطفل من العنف، فإنها مبررة بمسئولية المجتمع: أولياء الأمور، الروضة، المدرسة، ولغاية سن الرشد، معاملة الطفل بطريقة سلمية وتوجيهه وتعويده قبول القيم والعادات وأساليب الحياة المطبقة في المجتمع السويدي الحضاري.. من هنا لا يمكن اعتبار مرونة القانون أو حماية الطفل عاملاً في انتشار الجريمة وفشل الأطفال بين الجالية العربية، بدليل تدني نسبة الجريمة بين السويديين، ونجاح الطفل السويدي منذ بلوغه سن الرشد الاعتماد على نفسه والقيام بأداء واجبه- احترام القانون وتقديس العمل- وبناء مستقبله(46)!
وهكذا تنتشر أمراض اجتماعية عديدة بين الجالية العربية: جرائم الشرف/ غسل العار.. ممارسة العنف داخل العائلة.. التحايل/ الكذب على المؤسسات الرسمية ومحاولة الحصول على أكبر قدر مما يُعتقد بأنه حقوق، مع إهمال الواجبات.. الطلاق المزيف.. العمل الأسود.. انتشار ظاهرة عدم القراءة والدراسة وإهمال تعلم اللغة السويدية أصلاً.. انتشار تعاطي المخدرات والإتجار بها وما يصاحبها من سرقات واعتداءات ومختلف الجرائم.. الصراعات، الطائفية، المذهبية، القبلية، والفكرية، القائمة في البلدان العربية المنقولة من قبل الجالية والمغروسة في قيمهم ومعتقداتهم.. تناقضات سياسية/ حزبية حتى في إطار الطائفة المذهبية الواحدة.. الانعزالية بتفضيل تجمعات سكنية ذات الأغلبية المهاجرة، ونفور السويديين منها تحاشياً لأساليب العنف والجرائم المستمرة التي تولدها.. التعامل مع نفس الأفكار، المناهج، العادات، الوسائل، والذهنيات، العصبيات، القبليات، الطروحات، الحزبيات، المذهبيات، والخلافات الجهوية والقطرية المنتشرة في العالم العربي.. إنهيارات أسرية وانتشار الطلاق الحقيقي والمزيف وآثارها العائلية، بخاصة بين الأطفال.. فشل كثير من الأطفال في الدراسة (حصل أبناء الجالية على أدنى نسبة نجاح، بلغت في بريطانيا 34%، بل إن تقريرا رسميا بريطانيا أشار إلى أن 97% من أطفال الجالية فشلوا في التعليم)، كما انتشر بين العديد منهم الجريمة وتعاطي المخدرات، وبينهم العديد من النزلاء في السجون ومستشفيات الأمراض النفسية.
يأتي اللاجئ إلى بلاد الغربة قاطعاً آلاف الأميال وهارباً من سلطة عنيفة وسط قيم اجتماعية متخلفة تغلفها الفقر والعوز، ومع ذلك فإنه يحمل على ظهره هذه القيم لإنه لا يستطيع الفكاك منها رغم هروبه هذه المسافات الطويلة، لكونها تعيش في دمائه، ويحتاج إلى فترة ليست قصيرة للخلاص منها تدريجياً وتعويضها بالقيم الإنسانية لمجتمعه الجديد المتحضر.. وعموماً فإن بناء حياة جديدة للاجئ متوافقة مع القيم الحضارية المتقدمة لمجتمعه الجديد يمكن أن يطول إلى الجيل القادم أو الأجيال القادمة.. وبالنتيجة تكون مثل هذه المشاكل متوقعة، وهي تدعو للمعالجة، ليس فقط من قبل المؤسسات القانونية ومؤسسات الرعاية الرسمية في المجتمع الجديد، بل كذلك المنظمات الاجتماعية ذات العلاقة، وبناء مؤسسات رعاية من قبل الدول المهاجر منها للمساعدة على إفهام وتثقيف المغترب في سياق تعامله الملائم مع المجتمع الجديد، وتواصل اللاجئ مع وطنه، علاوة على رعايته والتخفيف من مشاكله، على طريق بناء مستقبله.
عاش اللاجئ قبل رحيله في ظل نظام سياسي متخلف يتصف بالعنف والممارسات المتدلسة.. الأنظمة الملكية العربية تتراوح بين كونها أنظمة مطلقة وشبه مطلقة. بمعنى أن الملك العربي لا زال يحكم على طريقة ملوك القرون الوسطى. يمتلك كافة السلطات حتى وإن تنازل عن جزء منها إسميا في شكل دستور وانتخابات. لأن ما يتنازل عنه يمتلك القوة على سحبه أو تعديله. مقابل ذلك فهو لا يخضع لاية مساءلة باعتباره "ظل الله في الأرض"، يستمد شرعية حكمه من المصدر التقليدي المستند إلى الدين والنسب العائلي- القبلي مدعمة بما يحشده من أسباب القهر والبطش.
والأنظمة الجمهورية لا تختلف عن تلك الملكية إلا في الشكل، وفي ظروف تنامي الخوف وعدم الثقة وإصرار الحاكم على احتكار السلطة، عندئذ بدأت تتشكل ظاهرة جديدة هي ظهور أُسر ملكية جديدة في أغلفة جمهورية بوضع الأقارب في المراكز الستراتيجية والحساسة من السلطة واعتماد الحكم بشكل متصاعد على أبناء العائلة والعشيرة. بل وفرض الأبناء لوراثة الحكم.
الأنظمة العربية ليست منفصلة عن القيم المجتمعية، بل متأثرة بها إن لم تكن وليدة هذه القيم.. وفي السطور التالية متابعة لجانب من قيم التراث الاجتماعي للفترة المظلمة التي طغت عليها قيم البداوة، وما تضمنتها من مظالم اجتماعية سادت المجتمعات العربية عموماً على مدى قرون عديدة واستمرت بقاياها مؤثرة في أفكار وتصرفات الناس، بل وانتقلت- بهذا القدر أو ذاك- إلى الساحة السياسية في سياق استمرار ضعف الوعي الاجتماعي ووقوع المواطن في براثن ازدواج الشخصية في حياته وممارساته (47).
الاولى: البداوة والغزو والانتصارات (تبجيل العنف)- العنف وسيلة قسرية لفرض رأي أو حل أو موقف أوحد. ويُجسّد التطرف الفكري والمثالية العقائدية من منطلق "الاعتقاد الجازم" لكل طرف أنه صاحب "الحق المطلق". وهو بهذا المعنى يقوم على إلغاء حق الغير و/أو وجوده. ويتراوح في مداه بين التعذيب النفسي، بما في ذلك الوعيد والتهديد واستخدام لغة الشتيمة وتحقير الغير، وبين التعذيب الجسدي بدءاً بالضرب ولغاية القتل بأشكاله. ويقترن العنف بالتخلف والاستبداد وسيادة عقلية الغزو والانتصار.
ولكن لماذا يستخدم الإنسان العنف وهو المتميز عن الحيوان بصفته الاجتماعية؟ المعروف في علم الاجتماع أن التنازع صفة طبيعية ملازمة للبشرية إلى جانب صفة التعاون الملازمة لها. أي أن التنازع والتعاون صفتان في الإنسان لا ينفصلان. وتعتمد درجة الميل نحو التنازع أو التعاون في المجتمع على مدى تطوره الحضاري. بمعنى أن صفة الاختلاف/التنازع وصفة التآلف/ التعاون قائمتان لدى كل فرد، وأن غلبة إحداهما على الأخرى في تعامل الفرد مع طرف آخر تتعلق بدرجة تحضرهما وطبيعة التعامل بينهما ومستوى فهم واستيعاب كل منهما للآخر وللظروف الموضوعية محل الاختلاف وتقديرهما لحصيلة النزاع أو التعاون. وهذا ينطبق على مستوى المجتمعات والدول في تعاملها مع بعضها. من هنا كان ضروريا وضع هذه الاختلافات في المكونات الشخصية محل اعتبار في التعاملات الاجتماعية، بالإضافة إلى أهمية دراسة شخصية الفرد(المجتمع) لخلق فهم أوسع من أجل تسهيل التعامل معه وإيجاد نقاط التقاء مشتركة لحل التنازع سلمياً.
وتجد صفة التنازع البشري (وكذلك التعاون) منطقها في ثلاثة أمور: الحاجات البشرية اللانهائية.. الموارد البشرية المحدودة.. اختلاف العوامل الوراثية والبيئية المكونة لشخصية الفرد. من هنا يواجه الإنسان باستمرار الخلاف مع غيره في الحياة اليومية. وهو أمام أحد خيارين لحسم هذا النزاع: أما استخدام العنف من منطلق إلغاء حق و/أو وجود الآخر أو التعاون في محاولة لإيجاد نقطة وسطية مشتركة تلتقي عندها المصالح المتنافرة للأطراف المعنية، أي القبول بمنطق التآلف والمصالحة بدلاً من منطق الانتصار والهزيمة. وإذا كانت الحالة الأولى طريقاً جهنمياً لفتح باب مغارة العنف بمختلف أشكاله، فالحالة الثانية تشكل البديل الوحيد الممكن لبناء العلاقات الإنسانية والمجتمع الحضاري المتطور. وبين الحالتين مسافة ليست قصيرة من التربية الحضارية.
إن مواجهة ظاهرة العنف هذه التي نشأ عليها الفرد وتعمقت في دمائه واستفحلت في الساحة العربية لا تقف عند الحلول الآنية بالتطوير النوعي للعملية التعليمية والثقافية والإعلامية فحسب، بل تتطلب أيضا معالجات جذرية طويلة الأمد لتمتد إلى إعادة بناء أصول التنشئة والتربية المنزلية كنقطة بداية للتربية الاجتماعية.
الثانية: البداوة والحرية الفطرية (عداء السلطة الحكومية)- تقوم حياة البداوة على الحرية الفطرية. لذلك فهي تنفر من سلطة النظام والقانون، وتنظر إلى الحكومة نظرة شك وعداء. تعززت هذه النظرة في ظل الحكم العثماني الذي اتصف بشدة ظلمه للناس وعدم اهتمامه بحقوقهم وتركيز وجوده على جانب الواجبات (الضرائب والتجنيد الإجباري). من هنا انتشرت ظاهرة الخوف والعداء والكراهية للسلطة الحكومية. ولعلّ هذا يفسر اندفاع البعض نحو نهب وتخريب المؤسسات العامة في حالات ضعف السلطة الحكومية.
الثالثة: العصبية والنسب (غياب مبدأ الفردية)- تقوم الحضارة الحديثة على مبدأ الفردية في التعامل الاجتماعي، أي تقيِّيم الفرد على أساس أفكاره وممارساته، وبالتالي مسئولية المواطن عن أفعاله أمام القانون والمجتمع دون أن يتحمل جريرة أفعال غيره. بينما القيم البدوية تقدر الشخص ليس بأفعاله فحسب، بل كذلك بأفعال أهله وأقربائه وعشيرته والموقع الاجتماعي لعائلته. ويرتبط بذلك الاهتمام المفرط بالأنساب بما يوقعه في حالات كثيرة من الظلم الاجتماعي نتيجة احترام الشخص أو احتقاره بسبب نسبه. إذ لا زالت الألقاب تلعب دورها في الحياة الاجتماعية- السياسية العربية. واستمرت علاقاتنا في تقييم الفرد تنطلق من اعتبارات العصبية والقرابة والصداقة والفضل والجيرة وما يماثلها. وهنا يلاحظ أن هذه القيم والممارسات اتسعت وامتدت من مجالها الاجتماعي، بما في ذلك اختيار المراكز والوظائف، إلى المجال السياسي بحيث أصبح الفرد يحاسب على فعل غيره من أصدقائه وأقربائه وأهله وعشيرته. يُضاف إلى ذلك أن هذه الظاهرة المتفشية في مجتمعاتنا العربية/ الإسلامية يمكن الوقوف عندها أيضا حتى في شتائمنا العامية. فالشتيمة لا تقتصر على الفرد، بل يمكن أن تمتد إلى عائلته ولغاية عشيرته.
الرابعة: القبلية والسلطة الأبوية ( النظرة الشخصية للحاكم)- من المبادىء الأساسية الأخرى في الحضارة الحديثة والتي تخص إدارة المجتمع السياسي هي النظرة الوظيفية للمسئولية، والفصل بين شخص الحاكم وبين المسئولية الوظيفية. هذا المبدأ يتناقض مع منطق القبيلة الذي يقوم على السلطة الأبوية وينطلق من النظرة الشخصية لشيخ العشيرة. وسواء أدركنا أم لا، فما زالت نظرتنا محصورة بشخص الحاكم دون نظام الحكم. ولا زالت لا تختلف عن نظرة البدوي إلى شيخ القبيلة. بمعنى أنها لا زالت نظرة شخصية تقوم على الإقرار الضمني بأن الحاكم هو الأب الراعي لأبناء العائلة- العشيرة. ويحاول الحاكم نفسه تعزيز هذه النظرة.
من هنا تركزت مناقشاتنا على الحاكم شخصيا في المدح والقدح. نجعله زعيماً أوحداً ورئيساً مؤمناً وقائداً تاريخياً، ونصفه بكل ما يعظم شأنه، بل ونرفعه إلى السماء لنجعل منه شبه آلهة إذا رضينا عنه. وننعته بأردأ الوصفات، بل ونمحقه إلى أسفل الدركات عندما لا نرضى عنه. ننسب إليه كل ما يتحقق من إنجازات وإخفاقات. متناسين أننا بذلك نمحق ذاتنا وغير واعين بأننا غارقون في الاتكالية والتهرب من المسئولية والتمسك بتلاليب القيم البدوية. وبالنتيجة يكون تركيزنا على تغيير الحكام في سياق إهمالنا أو عجزنا عن الاتفاق على عقد اجتماعي يوفر أولا اسس بناء نظام اجتماعي- سياسي مقبول من الأغلبية.
الخامسة: العصبية والغلبة والمغالبة (النظرة المتدنية للعمل/الواجب)- تقوم البداوة على كسب الرزق بحد السيف. لذلك فهي تحط من قيمة العمل، خاصة الحرف اليدوية. من هنا شاعت النظرة المتدنية إلى العديد من الحرف اليدوية- العمال- أصحاب الياخات الزرقاء لصالح الموظفين/ الأفندية- أصحاب الياخات البيضاء. وهناك عامل اجتماعي آخر وراء الحط من قيمة الحرف اليدوية، وهو عامل طبقي نجم عن النظرة المزدرية للفئات الغنية إلى تلك الفقيرة والحرف التي يمارسونها. هذا الموقف الاجتماعي من الحرف اليدوية كان وراء الزخم الشديد للناس التوجه نحو الوظائف الحكومية. وهنا يذكر عالم الاجتماع العراقي- المرحوم الدكتور علي الوردي- وصاحب نظرية ازدواجية الشخصية العراقية (والعربية/ المشرقية عموماً) حادثة طريفة شهدها العام 1958 وراء السدة الشرقية ببغداد التي كانت تسكنها جماعات من المهاجرين الريفيين: بائع خضار متجول ينادي عليها بين البيوت.. يخاطبه رجل آخر من المنطقة (فراش) شاتما إياه بقوله- إنك صرت بقالاً فمن ذا الذي يتزوج بناتك.. أجاب البائع- البقال أفضل من الفراش.. رد الأخير- الفراش حكومة أما البقال فهو حقير! الجدير بالذكر، ففي منطقة الجبايش العراقية جنوباً- منطقة الأهوار- لا زالت عادة السرقة ليلاً، تشكل معلماً للجرأة والبطولة واكتمال الرجولة!
كما أن نظرة المفاخرة للغزو والنهب والسلب والغلبة والمغالبة تركت آثارها في الممارسات غير النزيهة في التعامل الاجتماعي- التجاري والمالي. بما في ذلك المفاخرة بابتلاع حقوق الآخرين كالديون مثلاً، ومحاولة البائع أو الحرفي غش المشتري من حيث الأسعار أو النوعية أو الكمية (منطق الغلبة والانتصار!). كذلك ترسخت القناعة بنظرة المغالبة لدى الناس من خلال المطالبة بحقوقهم أولا دون إعارة نفس الاهتمام للواجبات. وهذه المسألة ظاهرة أيضا في التعامل والعمل في مجال الإدارات والأعمال الحكومية.
من جهة أخرى، فإِن نظرة المغالبة التي تفتخر بالغالب/ المنتصر، عززت عوامل دفع النزاعات غير التناحرية في الساحة السياسية نحو العنف والتناحر. هذا في بيئة مشجعة للأفكار والمواقف المثالية الصلبة، والنظرة المطلقة للحقوق والأمور الدنيوية النسبية، وتجاوز/ حرق المراحل في الدعوة إلى تبني الأهداف والشعارات المعلنة. بينما حطت باستمرار من الأفكار والممارسات الوسطية السلمية القائمة على الواقعية المبدئية رغم أنها تشكل أحد مبادىء الحضارة الحديثة.
السادسة: البداوة والرجولة (مأزق المرأة)- قبل الحديث عن مأزق المرأة علينا أن نتدارك أن الغرض هنا ليس الدعوة للحرية الجنسية وتجاوز القيم الاجتماعية، بل محاولة إثارة مناقشة موضوعية من أجل خلق درجة من المرونة والنظرة الحضارية في التعامل مع هذه المعضلة الاجتماعية، بعيداً عن الخنجر- العنف و"غسل العار" وما صاحبتها من مآسي لم تقتصر أحداثها على داخل الوطن العربي بل تعدتها إلى مواطني البلاد العربية عموماً في المنافي ومنها بلاد الغرب.
من المعروف أن استمرار الوجود البشري يعتمد على أربعة مصادر رئيسة: الهواء، الماء، الغذاء، الجنس. ويُفترض خضوع هذه المصادر لممارسات الإنسان الطبيعية. فهو يتنفس ويشرب ويأكل كما يفعل الحيوان مع فارق نسبي. بقيت هذه المصادر الثلاثة بعيدة عن الخضوع للقيود الاجتماعية لأِنها حاجات آنية لحفظ حياته. أما المصدر الرابع (الجنس) فرغم أنه كذلك نزعة حياتية، إلا أنه خضع للطقوس والنواميس الاجتماعية متضمنة أشكالا متعددة من القيود باختلاف الزمان والمكان. وذلك لأن الجنس حاجة آجلة وتخص حفظ الوجود البشري ككل.
ويرتبط بذلك القيم القبلية المتخلفة المتوارثة التي اخضعت المرأة لمختلف أشكال القيود. زادتها تزمتا، بصفة خاصة، مرحلة الفترة المظلمة وسيطرتها على سلوكية المجتمع. هذه السلوكية التي قامت على الحط من قيمة المرأة في سياق قيم وممارسات تجلّت في: نظرة الاحتقار إلى الحرف اليدوية بما في ذلك عمل المرأة في المنزل.. النظرة المتدنية إلى الضعف البدني وازدراء فئة غير المقاتلين في القبيلة.. تعظيم "الرجولة" متمثلة في القوة والمنزلة الرفيعة لمقاتلي القبيلة.. تقدير واحترام الشخص اذا كان غالباً منتصراً، وباختصار تبجيله إذا كان"فاعلا" في حياته الاجتماعية حتى الجنسية واحتقاره إذا كان "مفعولاً به".
من هنا جسّدت المرأة في التراث القديم سلعة غير مرغوب في وجودها. وشاع المثل الخاطىء "المرأة ناقصة عقل...". وتحولت في زواجها إلى سلعة تباع وتشترى. وحُصرت واجباتها في الخدمة المنزلية وإنجاب الأطفال.
ورغم أن هذه القيم البدوية أخذت بالاضمحلال، إلا أن الشعور بالعار تجاه المرأة ما زال قائماً. ويمكن الاستدلال على هذه الظاهرة حتى بين الجالية العربية في المهجر، رغم استقرارهم لسنوات عديدة في المجتمعات الحضارية الجديدة. يضاف إلى ذلك أن الشتائم العامية لا توجه إلى الفرد إذا كان "فاعلا" بل توجه إليه اذا كان "مفعولا به". ومرة أخرى يلاحظ على هذه الشتائم أنها تعبر عن طبيعة القيم الاجتماعية المتخلفة المتواجدة حتى الوقت الحاضر في سلوكية الناس، وتكشف الأبعاد الواسعة لاحتقار المرأة (الجنس) والتي شكلت الخلفية لتبرير وضعها تحت هذا الكم الهائل والقاسي من القيود الظالمة.
ويرتبط بذلك تباين مفهوم "الشرف" ومعناه الحقيقي بين المجتمعات التقليدية- القبلية وبين المجتمعات الحضارية.. ففي حين أن الرجل الشرقي ينظر إلى هذا المفهوم بأن يقبع مباشرة بين فُخذي نساء عائلته، ويتصدى لكل ما يُسيْ لهذا المفهوم من واقع شعوره بمسئوليته، للحفاظ على مكانته اجتماعياً.. يُلاحظ على المجتمع الحضاري أن شرف المواطن يتركز في عمله، سلوكه الاجتماعي- القانوني بالعلاقة مع مجتمعه، ونظرته الإنسانية، وفي سياق استقلال المرأة ومسئوليتها عن ممارساتها باعتبارها مواطنة لها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات.. من هنا يمكن ملاحظة واحدة من نتائج اجتماعية هامّة عديدة من الاختلاف بين النظرتين الحضارية والقبلية.. تقديس العمل والسلوكية الإنسانية الاجتماعية في الأولى مقابل اهمال هذه المواصفات في الثانية..
وفوق ذلك تكشف ممارسات الرجل مع المرأة عن الازدواجية في شخصيته تجاهها. فهو يرغب في معاملتها كما يعامل الرجل الغربي للمرأة بالعلاقة مع الجنس، بخاصة. أما في حالة اتخاذه قرار الزواج فهو يبحث عندئذ عن إمرأة اخرى تنطبق عليها المواصفات والقيم الاجتماعية السائدة. وحتى في تراثنا الديني والأدبي وممارساتنا العملية فالرجل- الفاعل- هو الذي يبادر ويدعو ويقوم بمهمة "النكاح"! وهكذا ارتبط الجنس بالمرأة فقط في سياق نظرة أُحادية الجانب. ولما كانت المرأة في المفهوم القبلي تقع في خانة "المفعول به"، لذلك خضعت ومعها الجنس إلى أشد القيود والمظالم الاجتماعية، بحيث أصبحت حقوق المرأة تثير من الحساسيات وردود الفعل الشديدة إلى حدود تتجاوز حتى حساسيات الدين والكفر والزندقة.
السابعة: العصبية والتفاخر والحماسة (غياب النقد والموضوعية)- الموضوعية objectivity هي البحث في مسألة ما دون التأثر بأي من الدوافع الذاتية سواء كانت عاطفية أو مصلحية أو عقائدية وما شابه. بل تركيز الجهد على استكشاف سرائر الموضوع محل البحث كما هو في واقعه. بمعنى أن يكون الشخص/الباحث محايداً غير متحيز في نظرته للموضوع (المشكلة) ويعمل على إظهار ما ينطوي عليه من إيجابيات وسلبيات بالاستناد إلى أدلة محايدة وملموسة، وهذا ما تحتاجه حتى مناقشاتنا الاجتماعية العامة. ومثل هذا المنهج العلمي في البحث لا يمنع، بل ويتطلب، أن يكون للشخص/الباحث موقفه الفكري (النقد الموضوعي) في الحكم على معطيات الموضوع للخروج بالنتائج وتقديم المقترحات المناسبة.
يمكن القول أنه لا مكانة لمثل هذا المنهج الموضوعي في قيم التراث القديم التي تقوم على العصبية والولاء المقدس للجماعة، والاعتقاد بالصواب المطلق لأفكارها وممارساتها. وهذا ما عبّر عنه الشعر البدوي الذي يقوم على التحدي، المفاخرة، والحماسة للعشيرة من جهة والقدح والذم لأعدائها من جهة أخرى.
الثامنة: البداوة والشهامة والنخوة (الولاء على حساب الكفاءة)- يقوم منطق البداوة على الشهامة والنخوة والدخالة ومبدأ الخطية واحترام الجيرة والفضل والملح والزاد والصداقة والقرابة وعلاقات النسب- الدم والألقاب وما يماثلها. وهي قيم لها مزاياها في ظل السلطة الأبوية والعلاقات الشخصية التي تنظم المجتمع البدوي. لكنها لا تتفق مع العلاقات الحضارية الحديثة التي تقوم على مبدأ الفردية والنظرة الوظيفية للمسئولية والتزام مبدأ الكفاءة والخبرة في إدارة شئون المجتمع.
إن بقايا آثار هذه القيم البدوية في مجتمعاتنا المعاصرة تجلّت، على الأقل، في مجالين: أولهما اعتماد الوساطة والرشاوى للحصول على الوظائف والمراكز الحكومية وتمشية الأمور المعلقة بين الأشخاص وبين مؤسسات الدولة (العقود والمناقصات مثلاً). فالحالة الأولى تقود إلى الإخلال بأحد المبادىء الرئيسة للعدل الاجتماعي ألا وهو مبدأ تكافؤ الفرص، بالإضافة إلى الإخلال بمبدأ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. أما الحالة الثانية فهي تساعد أولئك الأفراد على ابتلاع حقوق الدولة- المجتمع وغض الطرف عن الواجبات الملقاة على عاتقهم والإخلال بحقوق الآخرين.. وثانيهما أن آثار هذه القيم البدوية قد تطورت في السياسة المجتمعية إلى قلب أحد أهم مبادىء الإدارة الحديثة، ألا وهو تطبيق مبدأ الولاء قبل الكفاءة.
التاسعة: العصبية والتعصب (غلبة المثالية/الطوباوية والتطرف)- يقوم منطق العصبية على ولاء الفرد المطلق إلى جماعته والإيمان بأحقية الجماعة- أفكاراً وممارسة- إلى درجة العقيدة التي ينشأ في ظلّ بيئتها منذ طفولته. مقابل النظر إلى الجماعات الأخرى نظرة رافضة- متدنية و/ أو عدائية. وتقترن العصبية بالمثالية والأحكام المطلقة والعنف في سياق عدم الاعتراف بحق و/ أو وجود الطرف الآخر.
من المعروف أن العصبية للعشيرة- القبيلة كانت قائمة قبل ظهور الإسلام. ومع أن الدين الجديد دعا إلى إلغاء العصبية القبلية وتحريمها، إلا أنه لم يلغ العصبية في حد ذاتها. بمعنى أن الإسلام اتجه من الناحية العملية إلى تحويل العصبية القبلية لصالح العصبية للدين الجديد، مع ملاحظة أن العصبية الدينية (المعتقدية) مسألة ترتبط بالعالم الآخر. وفي ظروف غلبة الأفكار السلفية وإصرارها على اعتبار الدين نظاماً اجتماعياً شاملاً، من هنا عاشت العصبيتان جنباً إلى جنب وبقوة نسبية متفاوتة. ذلك أن الدين بطبيعته يقوم على الأفكار العقائدية المثالية المطلقة. حيث شهدت مراحل الحضارة العربية الإسلامية أشكالا من التعصب الديني والمذهبي والطائفي، والدعوة أحياناً، بل وتطبيق استخدام العنف وتصفية الآخرين بتهمة الكفر والزندقة.
تعمقت العصبية في الفترة المظلمة مع زحف البداوة على المدينة. وتعددت أشكالها لتمتد من العصبية القبلية والدينية والمذهبية والطائفية إلى العصبية للمدينة والمحلة. وظلّت آثارها تطبع سلوك الناس حتى بعد نشوء دولهم المعاصرة. بل أنها تطورت لتزحف على الساحة السياسية. فظهرت أحزاب سياسية تفتخر بالإدعاء على أنها أحزاب "عقائدية" دون أن تدرك أنها تكون وفق هذا الإدعاء قد تحولت من كونها منظمات سياسية- اجتماعية، تقوم على العقلانية في أفكارها وممارساتها الدنيوية، إلى هيئات دينية تقوم على المثالية والأحكام المطلقة والموعظة الخطابية في غياب وتحريم النقد والموضوعية والنظرة النسبية إلى الحياة الدنيوية.
تقترن العصبية بأفكار المنهج الارسطي القديم وجمهورية افلاطون والمدينة الفاضلة لـ فارابي والأفكار المثالية- الطوباوية غير القابلة للتطبيق في الحياة الدنيوية. إذ كان هذا المنهج يصطنع مثلاً عليا للإنسان- المجتمع ويدعو الناس من خلال الموعظة الخطابية إلى تبنّيها وتحقيقها في غياب القدرة على تنفيذها لارتباطها باحكام مطلقة تخص العالم الآخر، وهذا مستمر لغاية الوقت الحاضر. مثال ذلك اقتراح اختيار الحاكم العادل لبناء المجتمع الفاضل الذي يسوده الحق والعدل، دون إدراك غياب مثل هذه الشخصية المثالية في الحياة الدنيوية، لأن شخصية كل إنسان تضم بطبيعته الشيء ونقيضه بنسب متفاوتة. من هنا أهمية وضرورة المسئولية والمساءلة..
كما أن النظرة التقديسية للأفكار المثالية- الطوباوية وما تتضمنها من الأحكام المطلقة والتطرف والعنف وعدم الاعتراف بالطرف الآخر، خلقت بيئة طاردة للنظرة الواقعية والحلول الوسطية في مواجهة مسألة التنازع والتعاون المتجسدة في شخصية الفرد- المجتمع. بل وخلطت بشكل مخلّ بين مبدأ الواقعية الذي يقوم على العمل بالممكن للصالح العام في إطار الهدف المرسوم، أي الواقعية المبدئية، وبين صفة الانتهازية التي وإن كانت تقوم أيضاً على العمل بالممكن إلا أنها تعمل في غياب نظرة مبدئية وبغية تحقيق المصلحة الذاتية.
كذلك تتسم العصبية بتصنيف أمور الحياة الدنيوية وفق نظرة أُحادية مطلقة: خير أو شر، حق أو باطل، وطني أو خائن.. وهذه النظرة المثالية تهمل بشكل تعسفي نسبية الحياة الدنيوية. لأِن في حكمها لصالح أحد طرفي الثنائية، تتناسى ما بينهما من حالات وسطية (بدائل) واسعة لا نهائية.
العاشرة: صراع البداوة والحضارة (تناقضات فردية واجتماعية/ الازدواجية)- عندما تبدأ ولادة حضارة جديدة في مجتمع حقق درجة مناسبة من النضوج والتطور عندئذ تأخذ عملية النمو والتحديث في صورتها العامة التوازن والشمولية على مستوى المجتمع، بالإضافة إلى السرعة المناسبة في حسم الصراع بين القديم والجديد، بحيث يقود نمو الجديد إلى ضمور القديم أما بالتخلي عنه نهائيا أو تكيفه واندماجه ليكون جزءاً من الجديد. ولكن عندما تكون الحضارة "مستوردة"، أي عندما تزحف وسائل الحضارة الجديدة بأفكارها وقيمها ومخترعاتها إلى مجتمع راكد عندئذ تتصف عملية زحفها بعدم التوازن والشمولية، خاصة في مراحلها الأولى، علاوة على امتداد فترة الصراع وحِدته بين القديم والجديد. وهكذا يبقى القديم إلى جانب الجديد في صراع مستمر يخضع أمر حسمه بسرعة ونجاح إلى مدى سرعة واستمرارية ونمطية نمو المجتمع واستقراره، بما في ذلك سرعة ونوعية العملية التعليمية والثقافية، ودرجة قوة الجماعات الإصلاحية، ودور الدولة في بناء مؤسسات قادرة على توليد عناصر الحضارة الجديدة وامتصاصها. هذا التعايش المضطرب يولد- على الأقل- ثلاث تناقضات:
أولها: تناقضات في أفكار الفرد وممارساته- وتعود إلى نموه في طفولته ومن ثم نضوجه تحت سقفين حضاريين متغايرين. إذ ينشأ في طفولته على قيم التراث القديم (العصبية، الغزو، الانتصار، الشقاوة، الشهامة..). ويتشبع الفرد بهذه القيم لتعيش في دمائه بمنزلة العقيدة. أما في شبابه فهو يعيش أفكاراً جديدة مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. إن أفكاره الجديدة هذه تنكر عليه- بحق- أفكاره القديمة. وبالمقابل تمنعه معتقداته القديمة من الخروج عن قوقعة الطقوس الاجتماعية، خاصة في بداية التحديث، حيث لا زال صوت القديم جهوراً ومسموعاً في المجتمع.
وهكذا يعيش الفرد في صراع داخلي قاس بين منطقه العقلي المتجه نحو التحديث وبين عواطفه ومشاعره المتشربة بالقيم المعتقدية القديمة. وهذا الصراع الداخلي يجد ترجمته في ممارساته الاجتماعية المتناقضة سواء في مجال العمل أو العائلة أو الدين. فهو يدعو مثلاً إلى محاربة الوساطة ويجد نفسه مجبراً على ممارستها من منطق القرابة والصداقة والجيرة والنخوة والشهامة. ويدعو إلى حقوق المرأة، وقد يمارس الحرية الجنسية بشكل ما، لكنه عند الزواج يختار أخرى، بل وربما يقدم على "غسل العار" إذا مارستها واحدة من عائلته، كما سبقت المناقشة. وليس منظراً نادراً ملاحظة عناصر من "الفئة المتنورة"، قاضياً كان أم مدرساً أم محامياً، وهم يمارسون شعائر محرّم وعاشوراء بالمشاركة في"اللطمية" والممارسات العنيفة الأخرى المماثلة القائمة على تعذيب الذات. وهذه التناقضات تقود إلى الفصل التعسفي بين أقوال الفرد وأفعاله، بما يعنيه من ضعف الوعي الاجتماعي و"ازدواجية الشخصية".
وثانيها: تناقضات في افكار المجتمع وممارساته- وتظهر هذه التناقضات على مستوى السلوكية الاجتماعية نتيجة الصراع بين الجديد والقديم، أو ما قد يمكن تسميته بـ "الازدواجية الاجتماعية". وهنا يسود في المجتمع خطابين: أحدهما قديم يقوم على الوعظ بدعوة الناس إلى التمسك بالقيم المثالية المعقتدية المطلقة القديمة.. وثانيهما حديث يقوم على العقلانية في سياق الاهتمام بحياة الناس الدنيوية وممارساتهم الفعلية.
وثالثها: وهم الجمع بين القديم والحديث- ففي سياق زحف الجديد على القديم في هذا التبلور الحضاري، يدعو البعض من أهل الفكر القديم إلى الجمع بين مزايا الحضارتين. وهذه الدعوة يمكن أن تُستخدم عادة لمحاربة القادم الجديد. وقد تُعبر عن ضعف إدراك مفهوم الحضارة و/ أو ضمان مصالح ثابتة. لأن الحضارة ظاهرة كلية لا يمكن تجزئتها. وهنا يلجأ أهل الفكر القديم إلى الدين واستمالة الهيئات الاجتماعية المحافظة النافذة للوصول إلى سلطة الدولة بغية استخدام وسائل قسرية لإيقاف أو إبطاء حركة التطور والتحديث، وهو ما يزيد من حدة التناقضات المجتمعية.
تتصف الحضارة البشرية بالتواصل، أي أنها ليست مقطوعة الجذور، بل هي حصيلة تراكمات حضارية بشرية سابقة. لذلك تشترك الحضارات البشرية كافة بمجموعة قيم إنسانية عامة مثل الحق والعدل والخير والمساواة.. وهي قيم وردت بهذا القدر أو ذاك في مختلف الأديان والعهود، إلا أن الفرق بين الحضارتين القديمة والحديثة هي في كيفية التعامل مع هذه القيم المثالية. فالحضارة القديمة تنظر اليها باعتبارها أهدافا إنسانية وحلولاً اجتماعية. وتدعو الناس من خلال الوعظ الخطابي المعتقدي إلى بلوغها. بينما الحضارة الحديثة تنظر اليها باعتبارها قيماً فلسفية وتتعامل معها بطريقة عقلانية على أنها مظلة اجتماعية عامة بقيمها المطلقة. وتتركها للفرد دون تدخل السلطة في سياق مبدأ العلمانية والحياد الديني وعدم اتخاذها موقفا متمايزاً تجاه الأديان المختلفة في المجتمع.
بمعنى أن الحضارة الحديثة تقوم على الواقعية والنظرة النسبية وتُقدم وسائل جديدة من أفكار وقيم وسياسيات وبرامج تستهدف دراسة الإنسان- المجتمع واكتشاف طرق جديدة ومخترعات حديثة لمساعدته على تحقيق التطور المتصاعد في حياته المعيشية- الاجتماعية. من هنا فالحضارة الحديثة لا تبرر الفقر مثلاً ولا تدعو إلى السكوت على الظلم الاجتماعي بوعود دخول الجنة في العالم الآخر، بل تقوم أصلا على منطق بناء الإنسان- المجتمع جنته في الأرض!



#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الثاني/ا ...
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الثاني/ا ...
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الثاني/ا ...
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الأول/ال ...
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الأول/ال ...
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الأول/ال ...
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الأول/ال ...
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الأول/ ف ...
- البيانات تكشف أن الفلسطينيين يملكون حالياً 8% فقط من أرض فلس ...
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد
- مستقبل العراق- الفرص الضائعة والخيارات المتاحة-ف7
- مستقبل العراق- الفرص الضائعة والخيارات المتاحة-ف6
- مستقبل العراق- الفرص الضائعة والخيارات المتاحة-ف5
- مستقبل العراق- ف4- الفرص الضائعة والخيارات المتاحة
- حالة الأطفال في العراق -أزمة مهملة-
- مستقبل العراق- ف3
- مستقبل العراق- ف2
- مستقبل العراق- ف1
- التحول الديمقراطي واامجتمع المدني- ق2/ المجتمع المدني- الخات ...
- التحول الديمقراطي واامجتمع المدني- ق2/ المجتمع المدني-ف4


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عبدالوهاب حميد رشيد - الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- القسم الثاني/الفصل الرابع