أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - عودة المترنح














المزيد.....

عودة المترنح


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 4091 - 2013 / 5 / 13 - 07:19
المحور: الادب والفن
    


وقفت ترقب من النافذة عودته. الدنيا ظلام ولا أحد في الخارج. لفحتها هبة برد قارس، لوت حول عنقها شالا أبيض من الصوف وفي رأسها نبت سؤالها المتجدد:
- لماذا يصر كل ليلة على بهدلة نفسه آخر بهدلة وتعطيل مخه حد التلف. وأضافت بعد تردد تساؤلا آخر:
- لماذا يصر على التمادي في إهمالها وتركها وحيدة تأكلها الهواجس والحيرة والوساوس المدمرة.
سمعت هدير سيارة وبدا لها خيال شخص ينزل منها وهو يتمايل مترنحا أمام باب العمارة. أقفلت النافذة وتنهدت حامدة الله على سلامة عودته، ثم هرعت صوب الباب تنتظر. لما طالت وقفتها عادت إلى النافذة تتعثر في ذيولها تتمتم حائرة. شاهدت نفس الخيال المترنح ما يزال يمشي متمايلا أمام بناية العمارة. نادت بصوت خفيض حتى لا توقظ من ناموا من الجيران:
- سعيد.. سعيد..
أتسمعني.. ما لك لا ترد؟
لوحت بيديها وأطلقت صفيرا خافتا. حاولت أن تميز ملامح زوجها. راودتها شكوك في أن يكون صاحب الخيال المترنح هو من تنتظره. زاد خوفها لما أصبحت ترى أكثر من خيال يترنح أمام البناية. فركت عينيها. دلت رأسها. سقط من عنقها الشال بين قدمي صاحب الخيال. صدرت منها صرخة لا إرادية. قررت أن تنزل لتستطلع الأمر وتسترد الشال. هو هدية منه. تساءلت في سرها ربما يكون سعيد نسي مفتاح الباب الخارجي، أو لديه مشكلة مع الشخوص التي رأتها لحقت به. وجدت المصعد معطلا فنزلت من على السلم. لما وصلت إلى الطابق الثالث شاهدت سعيد يهم بدخول الشقة التي على اليمين، شقة جارتها المطلقة.
صاحت آمرة:
- ماذا تفعل أيها السكير الخائن؟ إلى أين أنت داخل؟ توقف..
لما التفت الرجل بتثاقل صوب مصدر الصوت ارتبكت المرأة وأرتج عليها. لم يكن سعيد. اعتذرت بتوسل. خرجت الجارة غاضبة يتطاير لسانها شررا بزبد الكلام البذيء. وصفتها بالمجنونة.
- إذا ما كنت حقا مجنونة فعليك بمراجعة الأطباء ودخول "الترانتسيس"...
تراجعت المرأة في ذعر وخجل، أكملت هبوطها. في الطابق الثاني اصطدمت بشخص صاعد فأمسكت بخناقه:
- عذبتني الله يعذبك. أترى إلى أين أوصلتني..؟ تشتمني من لا تساوي التراب الذي أمشي فوقه...
دفعها الرجل بلطف:
- الله يهديك يا رقية.. أنا ابراهيم البواب..
-- البواب؟
- لقد سمعت ضجيجا وسط العمارة وجئت أتفقد الأمر ليس غير..
سألته عمن كان يترنح أمام الباب الخارجي...
رد البواب :
- لا أحد. لم يمر أحد من هذا الشارع منذ ساعات..
-- والسيارة التي توقفت وأنزلت أحد الأشخاص؟
- لم أر أي سيارة سيدتي.. فقط الكلاب والقطط الضالة هي من تتسكع في هذا اللليل البارد سيدتي ..
-- وسعيد؟ ألم تشاهده؟ هل ما زالت هناك حانة مفتوحة في هذا الوقت المتأخر.؟
لم يرد ابراهيم على سؤال المرأة الحائرة. سألها لماذا لم تركب المصعد.
-- المصعد معطل يا ابراهيم..
أوضح لها أن المصعد غير معطل وفتحه لها وأمرها بأن تعود إلى مسكنها.
وضعت أصبعها على الزر الخامس وعادت إلى شقتها. أغلقت خلفها الباب. سمع البواب حديثها اليومي مع زوجها، تؤاخذه على إدمانه وتبديد ماله على الزانيات من عاهرات البارات الرخيصة.
ثم سمع توددها له أن يقترب منها وأن يقول لها رأيه في لباس النوم الجديد المثير الذي ترتديه..
ابتعد البواب وركب المصعد نازلا وهو يحوقل ويطلب من الله أن يعافي المرأة المسكينة ويأخذ بيدها.
في الصباح لما دخل بيته وجد امرأته تنتظره، حدثها عن امرأة الطابق الخامس التي توفي زوجها منذ عام بسرطان الكبد.
قاطعته زوجته:
- أما زالت المسكينة تنتظر؟



#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصرع حلم
- خسارة...
- من سورة الفتى الطريد
- راحة الموتى
- عناق بطعم الأوزون
- جنازة فقيه القرية
- التأشيرة الأخيرة
- المديح السفلي
- أغنية للجلاد
- نشرة استثنائية مطولة
- قصة قصيرة: أغنية الجلاد
- عندما تحمر النجوم وتزداد السماء زرقة
- الأمن الوقتي
- من أخبار الجرائم
- البكاء تحت المطر
- عملية انفجار أحرف باردة
- بيصارة كسيح بلا شواء
- حب ضاحك كالحزن
- الفرز العظيم
- أكل الكفن


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - عودة المترنح