أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى اسماعيل - البعث العراقي وتأميم القرآن














المزيد.....

البعث العراقي وتأميم القرآن


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 1169 - 2005 / 4 / 16 - 09:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يمكن تجريد هذه الشعوب من ميراث الذاكرة , لا يمكن أبداً نسيان الويلات والدمار الماحق الذي لحق بهم لمجرد أنّهم ينتمون الى هويّات مختلفة , وتلك مسألة لا يد لهم فيها . إذ أنها ترتبط بشكل أو بآخر ببدء الخليقة وأسفارها وتقسيم المكوّن البشري الى أعراقٍ عديدة . لم يختر الكردي أن يكون كردياً , ولا العربي أن يكون عربياً , ولا الآشوري , ولا التركي , ولا ....الخ سلسلة الشعوب الحيّة التي تميت الموت .
الذاكرة هي هذا الرأسمال الرمزي الذي يحاكم الأوضاع جميعها انطلاقاً من الذات وانتهاءً بالآخر .
وفي الذكرى السنوية الـ 17 لجرائم الأنفال تثبت الذاكرة الكردية أنّها أكثر تأججاً وتوقداً وأسئلة . لماذا شُنّ الموت عليهم تحت راية الديانة التي يدينون بها : الإسلام . أيعود ذلك الى أن النظام البعثي في العراق قام بتأميم القرآن المقدس قبل أن ينخرط جلاوزته في مشاريع الابادة العنصرية تلك .
ولماذا وقفت العوالم مكتوفة الأيدي بصمت القتلة المبين حيال انتهاكات حقوق الإنسان تلك . وهل انتعش النظام الدموي على الانفالات أم كان ذلك مجرد علامة على مسلسل السقوط ( هل يسقط الساقط ؟ ) في أوحال شعاراته الغير قابلة للحياة . هل بعثرت الأنفال الأكراد أم أنها جمعت كلمتهم ووحدت لا شعورهم الجمعي أمام رعب ماكينة القتل البعثية وكل ماكينة أخرى , في كل مكان آخر .
نعم أمّم النظام العراقي الرجيم القرآن ووظفه لأجل تبرير جرائمه وتغطيتها بستارٍ ديني لاعتقاده أنّ ذلك سيدرّ عليه تعاطف المسلمين أينما كانوا , فأتخذ لحملاته العسكرية والتي تستهدف كردستان والشعب الكردي تسمية / الأنفال / والأنفال سورة من القرآن , مدنية , مؤلفة من 75 آية تتحدث عن أحكام الجهاد والغنائم , نزلت عقب غزوة بدر .
الآية الأولى من سورة الأنفال تقول : { يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين } . فالأنفال هي الغنائم الحربية , وهكذا يصبح الأكراد بنسائهم ورجالهم وأطفالهم وممتلكاتهم مجرد غنيمةٍ ليس إلا للنظام العراقي الذي والحالة هذه هو الله والرسول لذا وجبت طاعته , بمقتضى الآية أخرج الأكراد من عداد أمة المسلمين وتم تكفيرهم , ما استوجب حلّ دمهم وهتك أعراضهم , فهم حسب فقيه الأمة صدام لعنه الله كفرة ما يوجب قتلهم دونما رحمةٍ أو حياء . ويستنتج ذلك من الآية السابعة : { ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين } . ولا شك أن صدام وزمرته اعتمدوا أكثر على الآيات 12 و 13 و 14 و 15 و 16 و 17التي تقول : { إذ يوحي ربك الى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان * ذلك بأنهم شآقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب * ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار * يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار * ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير * فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم } . من حرفية الآيات هذه يستفاد أن الأكراد كفار يحق ضرب رؤوسهم وقطع أطرافهم وإخراجهم من ديارهم واضطهادهم , ليست كتائب وفرق الجيش العراقي وحيدة في المعركة بل الملائكة أيضا تؤازرهم وبالنتيجة ليس صدام وجيشه هم الذين ينهالون بالقتل على الأكراد , إنه الله الذي يقتلهم لأنهم خرجوا على الدين وباءوا بغضبه .
لا أعلم ما كان وما هو رأي علماء المسلمين الذين تمرغوا بحذاء صدام ومؤخرات غوانيه طيلة سنوات الظلام والإظلام تلك , ثم فجأة خرجوا علينا من جحورهم في زمن العراق الأمريكي وأتخمونا بفتاويهم عن محاربة الاحتلال الأمريكي . لا عدو للمسلمين إلا علماء المسلمين .
الحالة الأخرى الباعثة على الاشمئزاز والقيْ والسخط والقرف أنّ الأمم المتحضرة والمتمدنة والمنظمات العالمية من الأمم المتحدة الى المؤتمر الإسلامي والتي تتاجر بحقوق الإنسان وتزني به في رابعة النهار كانوا شهوداً على الانتهاكات والمجازر وحملات القتل الجماعية في مناطق لا تحصى من عالمهم , فتعاملوا مع الحالات بمزيجٍ من الصمت والسكوت وغض النظر حياءً من الأنظمة الدموية .
تواطئوا على قتل اليهود في أوروبا لئلا تكتشف ألمانيا النازية أنّ شيفرتها العسكرية السرية أصبحت علنية , وتواطئوا على قتل الأرمن في تركيا ليحصلوا على مبالغ التأمينات ويتقاسموها بالقسطاس , كما تكررت حالات مقابلة المجازر ضد الإنسانية بالصمت المبين في كمبوديا واليابان ورواندا وبوروندي ودارفور وكردستان والصين وكرواتيا والبوسنة وروسيا ... الخ .
اليوم فقط يلجأون الى فتح ترسانات الأرشيف , وهذا يبعث على السخرية منهم , فهل يعقل التدخل كمتفوهين بارعين في مآس كلفت الملايين من الأرواح بعد فوات الأحزان .
في حالة العراق , بصدد مجازره المروعة بحق القومية الكردية . تتقاسم كل هذه الدول والمنظمات مسؤولية قتل وابادة الآلاف من الأكراد وإن بنسبة أقل , فهم شركاء عبر صمتهم اللاإنساني إزاء الموقف , وهم شركاء لأنهم غلبوا ضرورات أمنهم القومي ومصالحهم الاستراتيجية على قتل شعب بريْ.
فإدارة الرئيس / ريغان / لم تسمح لقرار الكونغرس القاضي بفرض عقوبات اقتصادية على العراق لقيامه باستخدام الغازات السامة ضد الأكراد سنة 1988 أن يرى بل على العكس تماما ساعدت العراق في الحصول على التكنولوجيا وقروض للصناعة العسكرية العراقية ضاربة بعرض الحائط حملات الأنفال وإزالة أكثر من أربعة آلاف قرية من الوجود وحشر الألوف من الأكراد في مدن النصر الموهومة .
اليوم وبعد 17 عاما من الأنفال ورش مبيدات الشعوب تقعي القيادة العراقية الدموية تلك كالكلاب في أقبية سجون العراق الجديد بانتظار المحاكمة , والطريف في الموضوع أن العالم المتمدن والديمقراطي والحر يعلن بلا خجل رفض إعدام صدام وكلاب صيده .



#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجعجعة التركية لن تنتج طحيناً
- اذا كانت أمريكا عدوّة الله فمن هو صديق الله ؟ ..
- سياسة الفكر المحروق
- راعي خراف الرب وفقهاء الظلام
- الكورد أمة .. من ما قبل جنكيزخان الى ما بعد سقوط صدام
- الأكراد والعقول العنكبوتية المقلوبة - من يسقط في برميل النفط ...
- الأكراد والعقول العنكبوتية المقلوبة - من يسقط في برميل النفط ...
- الذهنية الاقصائية - الأقليات والجاليات وتعالي الأنا العربية
- الذهنية الاقصائية - خرافة الايديولوجيا القومية الحديثة -ياسي ...
- الذهنية الاقصائية - ياسين الحافظ ومسألة الأقليات
- الذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي-مسألة الأقليات
- الذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي - مركزية العرب وه ...
- مدخل الىالذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي
- عن الأفق الديمقراطي
- ( العقل الدونكيشوتي والعقل الالكتروني (تحية الى موقع سيدا ال ...
- حلبجة.. أوشفيتز..والعرب


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى اسماعيل - البعث العراقي وتأميم القرآن