أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - ماجد احمد الزاملي - الدساتير وصيانة حقوق الانسان















المزيد.....


الدساتير وصيانة حقوق الانسان


ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)


الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 22:32
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    



نتيجة للانتقادات التي وجهت لنظرية سيادة الأمة، قامت نظرية بديلة عنها توسع من دائرة الأفراد الذين يحق لهم ممارسة مهام السيادة، وتعطي لكل منهم حقا فيها. تلك هي نظرية سيادة الشعب، والتي جاءت وفق منظورها تعبر عن الاتجاه الحديث الأكثر جماهيرية والأكثر وعيا وإدراكا للشعب باعتباره العنصر الغالب.وسعت من المنافذ السياسية لممارسة الحرية السياسية، واعتبرت – بحق – أكثر واقعية وأكثر تحقيقا للديمقراطية.
نقطة الخلاف الموضوعي بين مبدأي سيادة الأمة وسيادة الشعب، أن المبدأ الأول
يعطي السيادة في الدولة لمجموع الأفراد منظورا إليه كوحدة واحدة مجردة لا تقبل
التجزئة ومستقلة عن الأفراد ذاتهم، أما المبدأ الثاني، أي مبدأ سيادة الشعب، فإنه – على
العكس – ينظر إلى الأفراد ذاتهم، ويقرر لهم السيادة.وعلى ذلك فإن السيادة حسب
المفهوم الأخير تتوزع بين أفراد الجماعة بحيث يكون لكل فرد نصيب منها، وهو ما يعني
أن كل فرد له حق ممارسة السلطة كمظهر من مظاهر هذه السيادة.هذا، ومن المعلوم، أن
سيادة الشعب، هي الأخرى، قد ظهرت نتيجة للصراع الذي كان قائما بين البرجوازية
التي استولت على السلطة من جهة، وبين الشعب، حيث استطاع هذا الأخير فرضها على
البرجوازية في مكان سيادة الأمة.ونتيجة لذلك، اعتمدت - نظرية سيادة الشعب – في
الدستور الفرنسي الصادر في 24 حزيران لسنة 1793 حيث نصت المادتان 25 و 26 منه
على ما يلي: "إن السيادة تكمن في الشعب .. وليس لأي قسم من الشعب أن يمارس سلطة
الشعب بكامله، إلا أن كل فئة من الشعب مجتمعة ذات حق في التعبير عن إرادتها بكامل
حريتها.غير أن ما ينبغي ملاحظته بهذا الصدد، أن هذه النظرية – شأنها شأن نظرية
سيادة الأمة – يمكن نسبتها إلى روسو ففي الفصل الأول من الكتاب الثالث من العقد
الاجتماعي يقول: "لنفرض أن الدولة تتكون من عشرة آلاف مواطن، فصاحب السيادة لا
يمكن اعتباره إلا المجموع وإذن فإن نصيب الفرد من السيادة يكون بنسبة الواحد إلى
العشرة آلاف، أي أن كل عضو من الدولة ليس له من نصيب إلا واحد على عشرة آلاف
من السلطة صاحبة السيادة، وإن كان بدوره خاضعا لهذه السيادة
خضوعا تاما ...". ومن ثم فإن تحليل النظرية ينتهي بنا إلى أن كل فرد يعتبر في نفس
الوقت رعية وحامل لجزء من السيادة. فهو كرعية خاضع لسلطة السيادات الفردية
المختلفة والمجتمعة معا لكي يكون صاحب السيادة، وهو بوصفه عنصرا من عناصر
السيادة لا يملك منها إلا جزءا من عشرة آلاف في الفرض السابق. وما دام أنه يساهم في
المجموع فهو يستفيد من السلطة في مجموعها.
ولقد أدى تطور مفهوم السيادة على النحو المتقدم، إلى ترتيب نتائج منطقية هامة
في المجالين السياسي والدستوري، وانعكس ذلك بصفة مباشرة على ممارسة الحرية
السياسية، حيث تعددت منافذ ممارستها ووسعت دائرتها إلى الحد الذي قارب بين الشعب
كتجمع سياسي وبين الشعب كحقيقة اجتماعية.
إن نظرية سيادة الشعب تقرر تجزئة السيادة بحيث
يكون لكل فرد من أفراد الشعب السياسي جزء منها، ومقتضى ذلك أن يكون للأفراد حق
ممارسة السلطة، إما مباشرة دون وساطة أحد، مما يحقق تطبيق نظام الديمقراطية
المباشرة، أو عن طريق ممثليهم كما في حالة الديمقراطية شبه مباشرة والتي تقوم على
وجود الهيئات النيابية لتمارس السلطة نيابة عن الشعب، مع وجوب الرجوع إليه في بعض
الأمور الهامة ليمارسها بنفسه مباشرة عن طريق الأخذ ببعض مظاهرها، كالاستفتاء
الشعبي، والاقتراح الشعبي، والاعتراض الشعبي، وغيرها.
لذلك اعتبر مبدأ سيادة الشعب، أكثر ديمقراطية من مبدأ سيادة الأمة، وذلك لأنه
يفسح المجال للشعب بممارسة السلطة إما بنفسه في جميع شؤون الحكم، وهو ما يحقق
المثل الأعلى للديمقراطية، وإما ممارسة بعض شؤونها، وذلك بعد قيام المجلس النيابي .
وهذا على خلاف مبدأ سيادة الأمة الذي لا يتناسب إلا مع النظام النيابي، الأمر
الذي يؤدي إلى التضييق من دائرة ممارسة الحرية السياسية. تكييف الانتخاب بأنه حق لا وظيفة
خلافا لمبدأ سيادة الأمة الذي يعتبر الانتخاب مجرد وظيفة، مما قد يؤدي إلى اتباع
نظام الاقتراع المقيد في بعض الحالات، فإنه طبقا لمبدأ سيادة الشعب يكيف الانتخاب بأنه
حق يثبت لكل فرد من أفراد الشعب السياسي ولا تلحقه من القيود والشروط إلا بالقدر
الذي يكفل حسن استخدامه، وهذا التكييف – في الواقع – هو نتيجة منطقية لتجزئة
السيادة، فما دام كل فرد يملك جزءا منها، فإن ممارسته لهذا الجزء المملوك له يصير حقا
طبيعيا بالتبعية، ولا يمكن نزعه منه.
ومن ثم فإن مبدأ الاقتراع العام، في ظل مبدأ سيادة الشعب، هو الذي يجب أن
يسود ويتقرر، إذ لا يمكن تقييد حق الانتخاب أو الحرمان منه بسبب الثروة أو التعليم أو
الانتماء إلى طبقة معينة كما هو الحال في نظام الاقتراع المقيد في ظل مبدأ سيادة الأمة.
ولا شك أن أسلوب الاقتراع العام بتوسيعه نطاق الحقوق السياسية بمنحها لأكبر عدد
ممكن من الأفراد، وبتحقيقه المساواة بين أفراد الأمة وعدم التمييز بينهم بسبب التفاوت
الاجتماعي أو الثقافي، أو الانتماء إلى طبقة معينة، يعتبر وسيلة لتوسيع دائرة
ممارسة الحرية السياسية مما يؤدي إلى تكريس مبدأ حكم الشعب بصورة فعلية
وحقيقية.
ونتيجة لما تقدم، انتشر مبدأ الاقتراع العام في غالبية الدول في الوقت الحاضر،
حتى أصبح إحدى الضرورات اللازم تطبيقها في البلاد المتقدمة، واعتبر بمثابة ظاهرة
من الظواهر الطبيعية التي بجب التسليم، والأخذ بها.
إذا كان مبدأ سيادة الشعب يؤدي إلى تجزئة السيادة وتقسيمها بين أفراد المجتمع
السياسي، فإن مقتضى ذلك أن يصير هؤلاء الأفراد على مستوى الدائرة الانتخابية مالكين
لجزء منها، ويصبح - عندئذ – النائب عن هذه الدائرة - في حالة الأخذ بالنظام النيابي
– ممثلا لذلك الجزء من السيادة. وكيلا عن ناخبيه، وهذا يؤدي إلى إملاء إرادة الناخبين
على النائب بإلزامه بأوامر وتعليمات لا يستطيع مخالفتها أو الخروج عليها، كما أنه يكون
مسؤولا أمامهم عن تنفيذ وكالته، ويلتزم بتقديم التقارير عن أعماله النيابية. وإذا حصل أن
تجاوز النائب حدود إرادة الناخبين أو حاد عن تنفيذ ما التزم به قبلهم، جاز لهم عزله
واستبداله بغيره.
وهذا على خلاف نظرية سيادة الأمة، والتي تؤدي إلى استقلال إرادة النائب عن
إرادة ناخبيه، بحيث تمتنع الوكالة الإلزامية، ويكون النائب حرا في إبداء آرائه بالطريقة
التي يراها، والتي تريح ضميره، لأنه يمثل الأمة كوحدة مجردة مستقلة عن أفرادها،
وبالتالي فهو ليس وكيلا عن ناخبيه أو عن دائرته، وإنما هو وكيل عن الأمة بأسرها يعمل
ويتحرى تحقيق مصلحتها لا مصلحة دائرته الانتخابية.
المبدأ السائد في نظرية سيادة الأمة، أن كل ما يصدر عنها من أعمال وتصرفات،
إنما هو تعبير عن الإرادة العامة، أي إرادة الأمة العليا صاحبة السيادة المطلقة، وبهذه
الصفة تعد هذه الأعمال عنوانا للحقيقة، وتمثل الحق، والعدل،
والصواب. ومن ثم لا تجوز أن تكون موضع مخالفة، أو حتى مناقشة، والسبب في ذلك أن إرٍادة
الأمة، هي إرادة مشروعة بذاتها.
أما في ظل سيادة الشعب، فإن ما يصدر عن الإرادة العامة إنما يعبر عن رأي أو
إرادة الأغلبية، ومن ثم فإن هذا الرأي لا يمثل الحقيقة المطلقة، بل يكون عرضة للخطأ
والصواب، وهو بهذه المثابة لا يحمل أي قداسة أو حصانة،الأمر الذي يجعله قابلا للطعن
والمعارضة، ومحلا للنقد وإثبات العكس من جانب الأقلية.
انعكاس مبدأ سادة الشعب على ممارسة الحرة الساسة أدى مضمون سيادة الشعب إلى نتائج هامة في المجالين القانوني والسياسي، بحيث انعكس ذلك بصورة مباشرة على ممارسة الحرية السياسية، فتوسع نطاقها لتشمل أكبر عدد ممكن من الأفراد، وتنوعت آليات ممارستها نظرا لتعدد
المنافذ السياسية، التي تطلّ منها على حركة الحياة الاجتماعية. وهكذا، فإلى جانب
الصورة النيابية لممارسة الحرية السياسية، والتي تتمثل في اختيار الأفراد لمن سيتولون
مهمة التعبير عن صاحب السيادة الأصيل وهو الشعب، - وهي الصورة الأصلية
للديمقراطية الغربية – تمكن أفراد المجتمع السياسي من الممارسة المباشرة لحريتهم
السياسية – تجسدت في صورتين رئيسيتين الأولى، رسمية عن طريق مظاهر الديمقراطية
المباشرة وشبه المباشرة، والثانية، شعبية وذلك بواسطة الأحزاب السياسية، وجماعات
الضغط.
لا شك أن الأسلوب المباشر لممارسة الحرية السياسية يعتبر المثل الأعلى
للممارسة الديمقراطية الحقة، لأنه يحقق المعنى الكامل لمفهوم سيادة الشعب، والتي
تفترض أن يتولى المجتمع السياسي بنفسه مباشرة جميع السلطات من تشريعية وتنفيذية
وقضائية دون وساطة أو إنابة أحد.ومعلوم أن ممارسة الحرية السياسية بالطريقة
المذكورة، يعتبر – بلا خلاف – التجسيد الحقيقي للصورة الصحيحة والكاملة لما يعرف
وهو النظام في فقه القانون العام "بالديمقراطية المباشرة
الذي يجعل من الشعب السياسي الهيئة الحاكمة، حيث يتولى الشعب مباشرة جميع سلطات
الحكم بنفسه دون أدنى إنابة أو تمثيل.ولهذا، فقد اعتبر "جان جاك روسو" هذا الأسلوب
من الممارسة المباشرة للحرية السياسية هو النتيجة المنطقية والترجمة الصحيحة لمبدأ
سيادة الأمة، فإذا كانت السيادة غير قابلة للانقسام أو التنازل فهي غير قابلة للإنابة أو
التمثيل.لذلك انتقد "روسو" النظام النيابي الذي أخذ يستقر في إنجلترا وأعلن أن أعضاء
البرلمان ليسوا نوابا أو ممثلين عن الشعب فما هم إلا مندوبون منفذون لإرادته. ومن ثم لا
يستطيعون، أن يبتوا في أي أمر بصفة نهائية، فكل تشريع لا يصدق عليه الشعب بنفسه لا
تكون له قيمة، ولا يعتبر تشريعا، ولا يجوز تطبيقه لأنه باطل.
والواقع، أن الصورة المباشرة لممارسة الحرية السياسية إذا كانت تمثل عند
"روسو" المثل الأعلى إلا أن اصطدامها بالعوائق المادية والفنية – من الناحية العملية –
يجعل تحقيقها صعب المنال، بل يكاد يكون مستحيلا، الأمر الذي جعل روسو يعترف بهذه
الحقيقة عدم إمكانية التطبيق في صورته الكاملة لعدم قدرة مباشرة الشعب بنفسه
لجميع الوظائف، ومن ثم اضطر إلى قبول التمثيل السياسي في حدود ضيقة، واكتفى بأن
ينادي بضرورة تولي الشعب مهمة التشريع ووضع القوانين اللازمة للجماعة.
هذا، ونشير، إلى أن أسلوب الديمقراطية المباشرة، وإن كان قد طبق في
بعض المدن اليونانية القديمة نظرا لقّلة عدد أفراد المجتمع السياسي ومحدودية مشاكله،
وبساطة الحياة العامة، فإنه في الوقت الحاضر قد اختفى ولم يعد له إلا تطبيقات محدودة
في بعض المقاطعات السويسرية الصغيرة. ذلك أن أول ما يؤخذ على النظام المباشر
في العصر الحديث هو الاستحالة المادية المطلقة التي تحول دون تطبيقه في الدول
الحديثة نظرا لكثرة عدد السكان، وسعة مساحة الإقليم، وتطور المجتمع، وتضخم مشاكله
وتعقيدها ...إلخ. بحيث يستحيل جمع المواطنين في مكان واحد وإشراكهم جميعا في
مناقشة الأمور العامة.
وأمام استحالة الممارسة المباشرة للحرية السياسية في صورتها الكاملة
كان لا بد من الالتجاء إلى الأسلوب شبه المباشر، وهو الأسلوب
الذي أفرزه مبدأ سيادة الشعب لممارسة الحرية السياسية، والذي عرف في فقه القانون
العام باسم( الديمقراطية شبه المباشرة).
أسلوب الديمقراطية شبه المباشرة أمام عدم قدرة الشعب على الممارسة المباشرة للحرية السياسية في صورتها الكاملة نظرا لابتعاد النظام النيابي عن المثل الأعلى للديمقراطية ظهر أسلوب وسط يجمع بين الأسلوبين المتقدمين أطلق عليه اسم "الديمقراطية شبه المباشرة" والذي يفترض وجود هيئات تمثيلية منتخبة من قبل الشعب تمارس السلطة باسمه ولحسابه كما هو الحال في النظام النيابي, إلى جانب مشاركة الشعب المباشرة في ممارسة السلطة بطرق مختلفة. وقد لاقى هذا
الأسلوب من الممارسة السياسية رواجا كبيرا، وازدهارا ملحوظا في كثير من دول أوروبا
في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وكذلك الثانية، حيث تضمنته كثير من دساتير
الديمقراطيات الغربية، كدستور فيمر الألماني لسنة 1919 ، ودستور النمسا الصادر في سنة1929والمعدل سنة 1930م، ودستور اليونان سنة 1920 م وغيرها.
ويرجع السبب في انتشار هذا الأسلوب بصورة ملموسة إلى شدة اندفاع التيار
الديمقراطي، وارتفاع مستوى الشعوب من الناحية الثقافية ونضجها، وزيادة وعيها من الناحية السياسية ورغبة كثير من الدول في إصلاح عيوب النظام النيابي التي أظهرتها تجارب تطبيقه خلال سنوات طويلة.
كل ذلك أدى إلى توسيع منافذ المشاركة السياسية، وبصور متعددة ومختلفة, إضافة إلى الأسلوب النيابي، ولقد تجلت الصورة شبه المباشرة فيه لممارسة الحرية السياسية .
يعتبر الاستفتاء الشعبي من أهم صور وأشكال الممارسة الرسمية المباشرة للحرية
السياسية، حيث يجسد أهم مظهر من مظاهر المشاركة السياسية للشعب، وذلك عن طريق
الرجوع إليه لممارسة بعض مهام السيادة ومعرفة رأيه ومختلف أموره لاسيما في قضاياه
وشؤونه المهمة.
فقد يكون الاستفتاء دستوريا، وذلك إذا تعلق موضوعه بقوانين دستورية كعرض دستور
الدولة أو تعديله على الشعب لإبداء رأيه فيه، سواء كان ذلك بالموافقة عليه أو الرفض له.
وقد يكون الاستفتاء تشريعيا إذا كان موضوعه الاستفتاء على قوانين عادية كأخذ رأي
الشعب في مشروع قانون عادي وضعه البرلمان بغية قبوله أو رفضه.
وقد يكون الاستفتاء سياسيا وذلك إذا طلب من الشعب إبداء رأيه المباشر في أمر
من الأمور السياسية العامة، التي تثير الخلاف والجدل.كما إذا تعلق بقرار سياسي معين
أو خطة معينة كاستفتاء الشعب في الانضمام إلى المعاهدات الدولية،أو في زيادة أعباء
النفقات العامة.
ويكون الاستفتاء الشعبي إما استفتاءا سابقا على القانون، كأن يستطلع رأي الشعب حول موضوع أو فكرة معينة من حيث المبدأ، حيث بالموافقة عليها من قبل الشعب، يتولى البرلمان صياغتها وإقراراها. ويسمى هذا النوع من الاستفتاء "استشاريا" أو سابقا على القانون. وقد يكون الاستفتاء لاحقا على
القانون، وهو الذي يؤخذ فيه رأي الشعب في مشروع القانون بعد إقراره من البرلمان،
بحيث يتوقف نفاذه على مدى موافقة الشعب عليه من عدمها، وهذا النوع الأخير هو
الغالب في الاستعمال من الناحية العملية.
أما إذا رفض الشعب هذا القانون بحيث جاءت نتيجة الاستفتاء سلبية فإن
ذلك يؤدي إلى سقوط القانون وانعدامه بأثر رجعي، ويعد كأنه لم يكن وتزول جميع الآثار
التي رتبها قبل الاعتراض عليه وإلى حين ظهور نتيجة الاستفتاء الشعبي. ومما ينبغي
التأكيد عليه في هذا الشأن أن نتيجة الاستفتاء لكي تكون ملزمة للسلطة ومقيدة لها يجب أن
تحسب وفقا لعدد الناخبين المقيدين بجداول الانتخابات، ومن ثم فلا تكفي أغلبية الأصوات
المعطاة لأن الممتنعين عن التصويت يعتبرون من بين الموافقين على القانون، وهذا ما
يفرق بين الاعتراض الشعبي في كيفية حساب عدد الأصوات، وبين الاستفتاء الاختياري
حيث يكتفي في هذا الأخير بأغلبية الأصوات المعطاة والموافقة على القانون وبالتالي لا
يعتبر الممتنعون على التصويت من الموافقين على القانون.
الدول التي تأخذ بنظام الديمقراطية شبه المباشرة تطبق هذا الأسلوب من الممارسة
المباشرة للحرية السياسية في الحياة السياسية، إلا أن دساتيرها قد تختلف حول كيفية
التنظيم وشروط ممارسته.
كما قد تكتفي بعض الدساتير بموافقة البرلمان لكي يكتسب مشروع القانون الصفة
الإلزامية ويصبح نافذ المفعول بعد إصداره ونشره، أو عرضه على الاستفتاء الشعبي في
حالة الرفض. وقد يتطلب بعضها ضرورة عرضه على الشعب، سواء وافق عليه البرلمان
أو رفضه لإبداء رأيه فيه، وفي هذه الحالة يتوقف مصير مشروع القانون على نتيجة
الاستفتاء والتي يلتزم البرلمان بالانصياع والتقيد بها سواء كانت بالموافقة أو الرفض.
وبالإضافة إلى ما تم ذكره، فقد تنص بعض الدساتير، وذلك في حالة رفض
البرلمان مشروع القانون المقترح، أن يتقدم بوضع مشروع قانون مضاد للمشروع الذي
ويطرح كلاهما على الشعب لكي يفاضل بينهما ويختار تقدم به الناخبون
أحدهما عن طريق الاستفتاء.
كما يلاحظ أن بعض الدساتير تجيز طرح مشروع الاقتراح الشعبي مباشرة في
استفتاء عام دون أن يعرض على البرلمان، حيث بمجرد الموافقة عليه من قبل الشعب
يكسب قوته الإلزامية، ويرقى بذلك إلى مرتبة القانون ,ولاشك أن هذا النمط من
الممارسة المباشرة للحرية السياسية تعتبر أقرب إلى الكمال تطبيقا للمبدأ الديمقراطي،
حيث أن القانون في هذه الحالة يكون من صنع الشعب مباشرة، ودون أي تدخل من جانب
الهيئات النيابية.
الحل الشعبي :
يقصد بهذا المظهر من ممارسة الحرية السياسية، إعطاء عدد معين من الناخبين
يحدده الدستور، الحق في طلب حل الهيئة النيابية بأسرها وعزل أعضائها كوحدة، وذلك
قبل انتهاء مدتها القانونية. ونظرا لخطورة هذا الإجراء، فإن بعض الدساتير تقيد
استعماله بتوافر شروط وإجراءات خاصة، حيث لا تكتفي بأغلبية المصوتين على طلب
الحل، وإنما تشترط أغلبية الناخبين جميعهم أو أغلبية خاصة من المصوتين كالثلثين( مثلا.
ومن ثم، فإذا وافقت هيئة الناخبين على هذا الطلب أو الاقتراح، إما بالإجماع أو
بالأغلبية المطلوبة، حلّ المجلس النيابي، وسقطت شرعيته الدستورية القائمة قبل نهاية
مدته القانونية، وتحّتم – بناء على هذه النتيجة – إجراء انتخابات جديدة لتشكيل مجلس
نيابي جديد.
أما إذا جاءت نتيجة الاستفتاء في صالح المجلس النيابي، بحيث رفض الشعب
طلب الحل، اعتبر ذلك تجديدا للثقة واستمر المجلس النيابي في أداء مهامه.
هذا وقد أخذت بنظام الحل الشعبي للمجلس النيابي بعض الولايات السويسرية
كولاية "برن" في دستورها سنة 1893 ، كما طبقته بعض الولايات الألمانية بعد الحرب
العالمية الأولى وقبل توحيدها.



#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)       Majid_Ahmad_Alzamli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحل الامثل للمشاكل العرقية
- تحديد معنى الحرية السياسية
- اوامر السلطة التنفيذية واثرها على التشريع
- الدولة الفاشلة
- المحكمة الجنائية الدولية والعدالة الدولية
- المركز القانوني لإحكام القضاء
- المجتمع المدني وتأثيره على السياسة الداخلية للدولة
- الجرائم الالكترونية
- السياسة غير الجنائية للحد من جرائم العنف ألإرهابي
- ألإستجواب
- حقوق ألإنسان وسلطة الضبط الجنائي في القبض
- دور المنظمات غير الحكومية في ترسيخ مباديء حقوق الانسان
- جريمة غسيل الاموال القذرة
- ألإرهاب
- ضمانات الحريات العامة بين قانون الاجراءات الجنائية والدستور
- توازن القوى الدولية
- ألإجراءات الجنائية والدفاع عن حقوق ألإنسان
- الدولة القانونية
- كيف تتهاوى الدكتاتويات
- الاسس التي تحافظ على ديمومة الديمقراطية


المزيد.....




- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - ماجد احمد الزاملي - الدساتير وصيانة حقوق الانسان