أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - لا يسير الأبطال تحت أقواس النصر














المزيد.....

لا يسير الأبطال تحت أقواس النصر


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 3971 - 2013 / 1 / 13 - 01:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جلست إلى مكتبى أمامى أوراق روايتى الجديدة، أشعر بنشاط فى الصباح بعد ساعة المشى بالخطوة السريعة، والسباحة نصف ساعة فى المياه الدافئة العميقة ثم الشاى الساخن أرشفه على مهل، مع قضمات هينة، من الفطيرة الصغيرة الخارجة من الفرن، أستقبل اليوم الجديد بسعادة مجهولة المصدر، كأنما النوم يغسلنى ويجلو عقلى، تصفو ذاكرتى وترق كالورقة الشفافة، أرى من خلالها مراحل عمرى وحياتى، تدب الحركة فى شخصيات روايتى، أستعيدهم بالكتابة، تعود وجوههم تطل من الورق، تقودنى عيونهم من سطر إلى سطر.

يسألنى الشاب الصحفى عن سر السعادة فى حياتى، أقول له الكتابة والقراءة، أعنى كتابة الرواية وليس أى كتابة، قراءة الأدب المبدع وليس أى قراءة إنها اللحظة الخارجة عن الكون، لحظة الإبداع، تضىء الخلايا المظلمة فى الذاكرة والعقل، تتهاوى جبال الخوف وتنفك عقدة اللسان، يتكلم الساكت والمسكوت عنه، وينطق اللامنطوق كأنما أولد من جديد، تغمرنى سعادة طفولية طاغية، تفوق سعادة الحب والجنس والصداقة والأكل والرياضة والنوم العميق فى ليالى الشتاء، أعود طفلة تصفق بجناحيها وتطير يخفق قلبها كالحب الأول، من أجل لذة الإبداع يمكن التضحية بزينات الدنيا والآخرة، تكتسح لذة الإبداع كل الأحزان والأفراح، لا يبقى إلا فرح واحد، يتألق تحت عينى فوق أوراقى، كلماتى وشخصيات روايتى خلقتها بإرادتى.

الكتابة الإبداعية هى حياتى، أشعر باستغناء كامل عما سواها، الأهل والأصدقاء والمال والشهرة والمناصب. يبدو التنافس على مقاعد البرلمان كصراع الديوك فى عشش الفراخ، عرش الرئيس الأمريكى وصندوق النقد الدولى وجائزة نوبل، هوامش تسقط أسفل الصفحة.

أستغرق فى الرواية أسبح فى البحر الدافئ.

أتوقف عن قراءة الصحف، أدرك أن السياسة تجهض الأدب والإبداع، تجهض الخيال والعقل والذاكرة والثورة أيضا.

أدرك أن الثورة لا علاقة لها بالسياسة، لا تعرف الثورة مناورات الأحزاب أو الطريق إلى الفضائيات.

لا يشترك أبطال الثورة فى الصفقات.

من قال هذه الأبيات؟

لا يسير الأبطال تحت أقواس النصر

لا تهتف الجماهير باسم البطل

يقوم البطل بعمله وينزف الدم

يمشى وحيدا فى ظلمة الليل

يركب سفينته إلى الشاطئ الآخر

ويختفى فى البحر

الثورات فى التاريخ لم يتنافس فيها بطل واحد على مقاعد الحكم أو البرلمان.

لم يحرر أعضاء البرلمان شعباً واحداً فى التاريخ

جميع الثورات قامت خارج البرلمان وخارج الأحزاب وخارح السياسة

مطالب الثورات تتركز فى كلمتين «إسقاط النظام» بأحزابه وبرلمانه

لم يصعد أبطال الثورة إلى الحكم فى التاريخ القديم والحديث

أبطال ثورة ١٩١٩ ليسوا هم الباشوات أعضاء الأحزاب الذين صعدوا إلى الحكم وهتفت لهم الجماهير، مات الأبطال على قضبان القطارات فى المظاهرات، أو وراء القضبان، أبطال ثورة ١٩٥٢ مات بعضهم فى القنال يحاربون الإنجليز، ومات بعضهم فى المعتقل أو جوف الجبل، أبطال ثورة ٢٠١١ مات بعضهم فى الشوارع والميادين والمعسكرات، ويعيش بعضهم حتى اليوم فى السجون، أو فى الظلمة بعد فقء العيون

أجلس إلى مكتبى وراء أوراق روايتى، لم أعد أقرأ الصحف، المقالات متكررة متشابهة، تتأرجح بين «لا» و«نعم»، الصورة هى الصورة فوق العمود فى كل العهود، الصراع هو الصراع حول المقاعد والقوائم الانتخابية.

التنافس هو التنافس على السلطة والثروة بعد كل ثورة؟

إن راجعتم التاريخ

تكتشفون أن أبطال الثورات لا يدخلون مجلس الشعب أو الشورى ولا يسيرون أبدا تحت أقواس النصر.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يلغى عقول الرجال الكبار؟
- الصدق وإن أقبح يظل أجمل
- وجه المرأة دون نقاب.. دون ماكياج
- حين تكون السياسة إبداعاً وليست لعبة كراسى
- زيف التوافق والانتخابات والاستفتاءات
- الثورة المصرية مستمرة وتلهم العالم
- الترابط بين دماء الأمس واليوم
- عطب الجنس فى قمة النظام
- المساواة الدستورية فى المسؤولية الأخلاقية بين الجنسين
- مص دم الأطفال بالفم
- مصارعة الثيران وغياب الحقيقة
- ماذا يحدث للنساء تحت اسم الإسلام؟
- غياب العدالة فى المؤتمرات الدولية
- في ظلم اليمين واليسار للمرأة المصرية
- التبادل الفكرى مع القارئات والقراء
- الانتخابات الرئاسية الأمريكية والمرأة
- مسيرة الحركة النسائية المصرية
- التوازن بين مطالب الجسد والروح
- الهوس الدينى يواكب الهوس الرأسمالى
- حركة الإبداع الحر فى مصر والعالم


المزيد.....




- الرئيس الجزائري: البشرية فقدت أمام معاناة الفلسطينيين في غزة ...
- شاهد: الاحتفال بمراسم -النار المقدسة- في سبت النور بكنيسة ال ...
- مجهولون يعتدون على برلماني من حزب شولتس في شرق ألمانيا
- تصاعد الخلافات في جورجيا بعد طرح مشروع قانون مثير للجدل يرفض ...
- هاليفي يوجه رسالة للجيش الإسرائيلي من وسط غزة
- الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو يوثق غارة جوية استهدفت بلدة طير ...
- مسؤول إسرائيلي: التقارير عن صفقة سيتم الكشف عنها يوم السبت س ...
- جنرال فرنسي: باريس ليست مستعدة الآن للمشاركة في النزاع الأوك ...
- تقرير عبري: البرغوثي قد يطلق سراحه إلى غزة ضمن المرحلة الأول ...
- نشطاء يرشقون بالبيض القيادي اليميني المتطرف الفرنسي إريك زمو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - لا يسير الأبطال تحت أقواس النصر