أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مادونا عسكر - في رحاب الحلّاج (1)














المزيد.....

في رحاب الحلّاج (1)


مادونا عسكر

الحوار المتمدن-العدد: 3926 - 2012 / 11 / 29 - 22:55
المحور: الادب والفن
    


الحب سبيلٌ للحقيقة واكتشافها

لا غنى عنك*

إذا هجرتَ فمن لي؟
ومن يجمّل كلّي؟

ومن لروحي وراحي
يا أكثري وأقلّي

أَحَبَّكَ البعض منّي
فقد ذهبت بكلّي

يا كلّ كلّي فكنْ لي
إنْ لم تكن لي فمن لي؟

يا كل كلّي وأهلي
عند انقطاعي وذلّي

ما لي سوى الروح خذها
والروح جهد المقلّ

الحبّ هو السّبيل الوحيد إلى الحقيقة، وهو الّذي يمنحنا القدرة على اكتشافها وتلمّسها، فنحياها يقيناً ثابتاً، لا يزعزعه هبوب مصاعب ولا عصف مخاطر. هو القوّة الحريريّة الّتي تدلّ البصيرة على الحكمة، وتمسك بيدنا لتسير معنا على درب الألم لنصل إلى رحاب الجمال الحقيقيّ.
والحبّ علاقة حميمة بين الحبيب والمحبوب، تنشأ كبيرة وتخلص إلى الإتّحاد الكامل، فيصير الحبيب هو المحبوب والمحبوب هو الحبيب، وتنصهر الأنا بالأنتَ والأنتَ بالأنا. وعجباً، فلا يرى هذا الاتّحاد إلّا المتحابّيْن، يحملانه في قلبيهما، ويعيشان في العالم وهما ليسا من العالم.
قد يعتقد البعض أنّ هذا الحبّ خياليّ، أو خارج عن قدرة الإنسان، أو لأشخاص معيّنين، اختاروا أن يزهدوا بالعالم، ويحيوا للحبّ فقط. وقد يستخفّ البعض الآخر بهذا الحبّ، وذلك لعدم قدرتهم على منح القلب رتبة أرفع من العقل، ظنّاً منهم أنّ الحبّ ضعف أو استسلام. بيد أنّ الحبّ الحقيقيّ هو التّوازن بين العقل والقلب، يستنير به الأوّل ويحيا به الثّاني، فتتشكّل حياة أبديّة سرمديّة يحياها المحبّيْن وهم في العالم، وينتظران بشوق عظيم ذاك اللّقاء الّذي لا ينتهي في موطن الحبّ والجمال.
أدرك الحلّاج هذه الوحدويّة في الحبّ وهذا الانصهار الفاتن، فنطق به شعراً، والشّعر هو الكلام المقدّس الّذي يتلى في حضرة الحبّ. فحين يتعطّل التّعبير وتقسو اللّغة العاديّة، يلجأ المحبوب إلى مناجاة الحبيب شعراً، حيث الحرف سراج الكلمة، والكلمة سراج القلب.
أدرك عالم الحبّ الحقيقيّ حيث الألم عظمة، والشّوق نعمة، والتّوق جوع لا يرويه شيء. دخل وامّحى في عالم العشق زاهداً بكلّ بهرجات الأرض. والزّهد ليس عدم الاستمتاع بالحياة، وإنّما هو أن نضع نصب أعيننا أنّها، وإن قدّمت لنا كلّ السعادة، تبقى فارغة وناقصة. كما أنّ الزّهد ليس فقط الانقطاع عن ملذّات الدّنيا وإنّما هو أنْ نحسب كلّ شيء كنفاية أمام عظمة الحبيب وحبّه. هو عدم الاكتفاء بالذّات وقدراتها بل أن نستمدّ منه كلّ قوّتنا لنحيا بسعادة.
أمّا خشية الهجر في هذه الحال، فلا يعني الفراق أو تخلّي الحبيب عن محبوبه، وإنّما هو الخوف من العودة إلى حالة الشّقاء الّتي كان عليها الإنسان ما قبل الحبّ. فبملامسة الحبّ يعاين الإنسان جماله الحقيقيّ وصورته الإنسانيّة العظيمة الّتي لا تكشفها إلّا مرآة الحبّ الحقيقيّ. فبالحبّ يتجمّل كلّه، عقلاً وفكراً وقلباً وروحاً، وبالتّالي يفيض حبّاً وجمالاً على الآخرين. فهذا الحبّ لا يعرف الانغلاق والفرديّة، بل ينطلق من الذّات نحو الآخر لينعم بالسّلام والحبّ.
فإذا هجرت فمن لي؟ سأفرغ من نفسي، من ذاتي، إذا هجرت فلا أكون، لأن وجود الحبيب وجودي، ووجودي وجوده، وأكون لأنه كائن. وكيف تحيا الرّوح مرتاحة بدون هذا الحبّ الّذي يعطّرها فتعبق عبيراً سماويّاً. فحبّي مهما بلغ من رفعة وسموّ لا يمكن أن يدرك عظمة الحبيب، إذ إنّني لا أعرف كيفيّة الحبّ بقلبي الإنسانيّ. أنا أحتاج لمن أستمدّ منه الحبّ وأنصهر به حتّى أصبح حبّاً متنقّلاً. أحبّك قلبي، أمّا حبّك فظلّلني حتى بات كلّي يحبّك، وصرت مالك الكيان بكلّيّته.
فلا عجب إذن في أن يترنّم الحلّاج قائلاً:

أنا من أهوى ومن أهوى أنا
نحن روحان حللنا بدنا

فإذا أبصرتني أبصرته
وإذا أبصرته أبصرتنا



#مادونا_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يشدو قلب الإمام للحبّ
- فصل من سفر الحبّ
- كان لنا قلبان
- ألقاك أبداً...
- الانتظار المفعم بالجلالة
- لي أن انقصَ، لك أن تزيدْ
- قم للحياة
- القتل باسم الله
- أنت حاجتي
- أبديّة الحرير
- كلنا للوطن...
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد (7)
- دمع الحبيب
- بين -مع النّظام- و-ضدّ النّظام-، سقط الإنسان.
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد (5)
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد(4)
- الله بين الإيمان والإلحاد
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد(3)
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد (2)
- قراءات في سفر نشيد الأناشيد (1)


المزيد.....




- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مادونا عسكر - في رحاب الحلّاج (1)