أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مادونا عسكر - قراءات في سفر نشيد الأناشيد (1)














المزيد.....

قراءات في سفر نشيد الأناشيد (1)


مادونا عسكر

الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 06:56
المحور: الادب والفن
    


الله يناجي الإنسانيّة قصائد حبّ


من أراد أن يقرأ سفر "نشيد الأناشيد" على أنّه كتاب جنسيّ، فليتخطّ فصوله الثّمانية من الكتاب المقدّس، وينسَ أمره. ومن أراد أن يقرأه على مستوى كلمة الحبّ، فليستنر بالحبّ الأزليّ، فيتحرّر عقله وتنفتح بصيرته، على عمق الحبّ الإلهيّ للإنسان.
ولكم أشفق على أولئك الّذين يخجلون من قراءة هذا السّفر، ولكم أشفق أكثر عليهم، لأنّهم لم يقرأوا سواه. وأتعجّب حين يظهرون هنا وهناك، وينتقدون المسيحيّة بتعالٍ، ويتساءلون كيف يكون هذا السّفر في كتابٍ مقدّسٍ، وكيف يكون هذا كلام الله؟
أتعجّب لأنّ محور الفكر المسيحيّ، هو الحبّ المطلق. وليس المحور حروف وكلمات صنميّة، يخنقها المعنى الحرفيّ واللّغويّ. وأشفق عليهم لأنّهم لم يروا في الحبّ إلّا الجنس، ولم يفهموا المسيحيّة انطلاقاً من حرّيّة الفكر والرّوح.
لا أحكم على أحد، ولا أسيء إلى أحد، بل أدعو، إلى الحرّيّة الّتي وهبنا إيّاها الله. حرّيّة الفكر والرّوح. كما أدعو، إلى أن نتعمّق معاً أكثر فأكثر في عمق أعماق المحبّة الإلهيّة، لنفهم المسيحيّة أكثر كفكر إنسانيٍّ، حضاريّ، متجدّد، وليس فكراً مريضاً، يرى حبّ الله من خلال نزواته. قال الرّبّ لبطرس "أنت الصّخرة، وعلى هذه الصّخرة، أبني بيعتي". الله يبني شعبه، وهذا البناء ليس جسديّاً وحسب، وإنّما فكريٌّ، ونفسيّ وروحيّ. أساس هذا البناء الحبّ المطلق، فلا داعي للخوف على البناء. متى حلّت المحبّة، استنارت العقول وانفتحت القلوب، ودخل الجميع قلب المحبّة الإلهيّة.
ثمانية فصول، مؤلّفة من حوارات حبّ، تختبئ فيها العواطف خلف الرّموز. حوارات بين رجل وامرأة، يبحث فيها الواحد عن الآخر فيجده، ثمّ يضيّعه، ويعود باحثاً عنه من جديد. حوارات تقطعها أصوات عدّة: الرّعاة، أم العروس، إخوتها... تتوسّط هذه الأصوات بين الحبيبيْن، لكنّها لا تستطيع فعل شيءٍ، فالحبّ، أقوى من الموت، لأنّه عطيّة الله.
إن كان هذا الحوار الحميم يصدمنا، فلأنّنا ننسى، أنّ حبّ الرّجل والمرأة، هبة الله. وإذا أردنا أن نتكلّم عن الحبّ انطلاقاً من الله فعلينا أن ننسى كل ما نفهمه نحن عن الحبّ، لأنّنا لا نفهم ولا نعرف الكثير. نحن نربط الحبّ بغرائزنا ولا نرى فيه غالباً إلّا الجسد. أمّا الحبّ، فهو أبعد من الجسد (اللّحم والدّم ) وينفذ إلى أعماق النّفس والرّوح، حيث يغسل الإنسان ويطهّره ويخلقه من جديد.
والحبّ ليس الجنس، ولا نمارس الجنس في الحبّ، وإنّما يعبّر الجسد عن فعل الحبّ تملّكاً من الرّوح. والفرق شاسع بين ممارسة الجنس، وممارسة الحبّ. الحبّ، هبة الله للرّجل والمرأة، هو احتراق دائم، بنار المحبّة الإلهيّة. شوق الواحد المستمرّ إلى الآخر، وتواصل روحيّ لا يقطعه شيء، ولا يعيقه شيء. فتتزاوج روحاهما قبل جسديهما، فيصيران واحداً. أمّا الجنس فهو تلبية رغبة آنيّة، تشتعل وتبلغ مداها، ولكنّها ما تلبث أن تنطفئ سريعاً.
إذا ما أردنا أن نتكلّم عن الحبّ، وجب علينا أن ننطلق من الله الحبّ. هذا الحبّ الموجود بذاته، والمشتعل بذاته، ويفيض حبّاً على المسكونة كلّها، فيخلقها من جديد في كلّ لحظة. هذا الحبّ الّذي نحياه حقيقة، إذا ما أردنا أن نقول لنصفنا الآخر: " أحبّك". أي أنّنا نحبّ الله فيه، ونتوق إلى الله فيه، ونحترق شوقاً وألماً إلى الله فيه. فلا يفصلنا عنه، لا علو ولا عمق، لا سيف ولا شدّة، لا حياة ولا ممات، ولا بشر.
حاول الشّرّاح منذ القديم أن يعتبروا النّشيد قصيدة رمزيّة تصوّر علاقة الله بشعبه، كصدى للحبّ الإلهيّ. حبّ لا يقطعه أيّ صوت آخر، ولا تشوبه شائبة. حبّ الله القويّ العاصف في القلوب. والشّعب الّذي يتفاعل مع هذا الحبّ، يتّحد بالله اتّحاداً كاملاً.
ولماذا تصدمنا الكلمات والعبارات الّتي نقرأها في بعض الآيات والمتعلّقة بالجسد؟ إنّ الجسد لا يدلّ فقط على الغريزة، ولا يرمز إلى شرّ الإنسان، بل هو هبة الله الحبّ، بكل ما فيه، ونحن من ساهمنا في جعله صرخة للغريزة والرّغبة فقط.
ليست العبارت والكلمات الّتي تهين جسد الإنسان وإنّما كيفيّة استعمالها والظّنّ بها. وليس الحبّ من يحطّ من قيمته الإنسانيّة، وإنّما تحويل الحبّ إلى سلعة تلبّي رغبات جسديّة فقط. إن كان الله لا يغنّي شعبه حبيبه قصائد حبٍّ، فمن يفعل؟ ولم لا أتضرّع حبّاً إلى الله، ولم لا أناجيه وأعبّر له عن حبّي؟
العبادة ليست طاعة عمياء، بل هي حبّ حتّى الثّمالة. هي أن نصلّي الله حبّاً، ولا يكون الله فقط لتلبية طلباتنا وحاجاتنا الماديّة .
لنقرأ علاقتنا بالله، قصة حبّ وعشق، فنحيا حبّه. ونتوق إليه، ويظلّ قلبنا مضطرباً حتى نلقاه وجهاً لوجه ونلج نوره الأبديّ.



#مادونا_عسكر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إن أنت سكتَّ فمن يتكلّم؟
- اللّوحة البيضاء
- أيّها الغيث.
- الفكر الإنساني في جملة: -من ضربك على خدّك، حوّل له الآخر- (ل ...
- أنا وأنت... بعيداً جدّاً
- كيف يكون الحوار إنسانيّاً؟
- نؤلّه حكّامنا ولا نحاسبهم.
- أنت المعنى..
- أحبّ انتظاركَ
- دائرة النّور
- عندما يختبئ المسيحيّون في جلباب الملحدين ليشتموا الإسلام.
- المحرّمات الثّلاث: الدّين، الجنس، والسّياسة
- التّطرّف


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مادونا عسكر - قراءات في سفر نشيد الأناشيد (1)