أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - قاسيون - ابراهيم اللوزة في حديث لقاسيون: جهات فاسدة تحاول تغيير الاتجاه للسير نحو الخصخصة















المزيد.....


ابراهيم اللوزة في حديث لقاسيون: جهات فاسدة تحاول تغيير الاتجاه للسير نحو الخصخصة


قاسيون

الحوار المتمدن-العدد: 1119 - 2005 / 2 / 24 - 10:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بعد جدال طويل وتحديداً حول المادة 137 صدر قانون العاملين الأساسي في الدولة لتنتقل الحكومة بعد ذلك إلى مناقشة قانون العمل رقم 91المتعلق بعمال القطاع الخاص والذي لايقل أهمية عن قانون العاملين الأساسي.
الإعلان عن التعدي لجاء مع تصريحات ديالا حلاج عارف وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، التي رأت بأن التعديل ينطلق من قاعدة أساسية قوامها أن العقد شريعة المتعاقدين، منوهة بأن التعديل جاء وفق متطلبات الشراكة الأوروبية وسعي سورية للتشجيع على الاستثمار وعودة الأموال المهاجرة وتشجيع القطاع الخاص.
آراء الوزيرة كانت جريئة في إطارها النظري، لكنها لم ترتق إلى مستوى مصالح الشعب، وتحمل في طياتها مغالطات كثيرة، ليت أقلها أن سورية ستوضع على اللائحة السوداء لأن مبدأ العقد شريعة المتعاقدين يتعارض مع اتفاقيات العمل الدولية والعربية التي وقعت عليها الحكومة السورية، كما أن المبدأ السابق يرمي بصريح العبارة إلى إلغاء المرسوم 49 الذي حمى العمال من التسريح التعسفي.
في هذا الحوار مع إبراهيم لوزة، القيادي في الحركة النقابية منذ 50 عاماً والعضو السابق في مجلس الشعب، وعضو اتحاد مجلس نقابات العمال حالياً، نلقي بعض الضوء على قانون العمل والاقتراحات المقدمة لتعديله.
شريعة الغاب
■ تصريحات وزيرة العمل بشأن تعديل القانون رقم 91 تقوم على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، هل يكفل هذا المبدأ حقوق العمال؟
● العقد شريعة المتعاقدين معناه تحويل العامل إلى سلعة، خاصة في ظل ازدياد البطالة فإن بعض العمال سيكونون الطرف الأضعف، وتجربة القطاع الخاص في سورية برهنت على أن أصحاب العمل دائماً كانوا يتهربون من مسؤولياتهم الاجتماعية مثل زيادات الأجور وعدم تسجيل العمال لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وعدم منحهم الضمان الصحي والضمانات الأخرى، لذلك يجب أن يكون القوى للقانون، لأن القول بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين يعني عقد إذعان للعامل بسبب عدم تساوي وضع كلا الطرفين واضطرار العامل إلى بيع قوة عمله بأي ثمن، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة وتدني الأجور وتوسع القطاع الهامشي.
مخالفات قانونية
■ لكن هذا المبدأ يتناقض أيضاً مع ماورد في اتفاقيات العمل الدولية والعربية التي وقعت عليها الحكومة السورية!
● بالتأكيد وهذه نقطة هامة لأنه إذا ماتم الأخذ بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين دون تأمين حقوق العمال في الصحة والسلامة وزيادة الأجور والحريات النقابية والتنظيم النقابي فإن سورية ستكون على اللائحة السوداء، لأنها وقعت على 60 اتفاقية عمل عربية ودولية، هذه الاتفاقيات ظهرت إلى الوجود بضغط من النقابات العالمية والاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية بهدف ضمان حقوق العمال في جميع المجالات، فمثلاً اتفاقية العمل العربية بشأن مستويات العمل تنص على وجوب أن يتضمن قانون العمل تنظيم تشغيل العمال والأجور وساعات العمل والإجازات والرعاية الصحية للعمال ووقايتهم من أخطار العمل، والشروط الخاصة بتشغيل الأحداث والنساء، والرعاية الاجتماعية وضرورة التعاون بين الإدارة والعمال، وعقود العمل المشتركة، وتسوية منازعات العمل والتفتيش، وربط الأجور بالإنتاج وغير ذلك من الجوانب الأخرى.
والحقيقة أن البعض في القطاع الخاص كان دائماً يتهرب من هذه الاتفاقيات ولايطبق الحد الأدنى منها،، لكن المرسوم 49 والقانون 91 ضمنا بعض الحقوق لعمال القطاع الخاص وحافظت سورية على سمعتها في الخارج، ولكن إذا تم إقرار قانون لايتفق مع معايير العمل العربية والدولية فإن سوريةحكماً ستكون على اللائحة السوداء، لذلك يجب خوض معركة حقيقية في هذا الاتجاه، ولايجوز لوزارة العمل أن تقدم مقترحاً بناء على آراء غرف التجارة والصناعة وبشكل يتناقض مع اتفاقيات العمل. والحقيقة هذا أمر يدعو للاستغراب، لأن وزارة العمل ينبغي أن تكون مع العمال، وتاريخياً وزارة العمل ومنذ تشكلها في منتصف الخمسينات والتي تناوب عليها 22 وزيراً، بعضهم غادر إلى الحياة الآخرة، كانوا دائماً مع العمال، عكس مايجري ا لآن، وأقول لوزيرة العمل بأن تنتبه إلى التزامات سورية العربية والدولية فيما يخص قانون العمل.
الحكومة تسمع من أذن واحدة
■ لكن الحكومة السورية تجاوزت تلك الاتفاقيات والالتزامات الدولية عندما أعفت أصحاب المنشآت القائمة بموجب قانون الاستثمار رقم 10 من تطبيق احكام المرسوم 49؟
● عندما ناقش مجلس الشعب القانون رقم 10 للاستثمار، كان طلب المستثمرين، إعفاءهم من قانون العمل وقانون التأمينات الاجتماعية، والمرسوم 49 وناقش المجلس هذا المواضيع مناقشة طويلة وكان الرأي الغالب بأن يخضع المستثمرون لأحكام قانون العمل والمرسوم 49 وقانون التأمينات الاجتماعية، وفي النهاية أعفي أصحاب العمل من الالتزام بما ورد في المرسوم 49 الذي يمنع التسريح التعسفي للعامل. وطالبنا وقتها بإعادة التصويت ولم يوافق رئيس المجلس.
المرسوم 49 صدر في عهد حكومة الانفصال، بعد تقديم تضحيات ودماء من قبل العمال، حيث قام العمال آنذاك بإضراب شامل في سورية من أجل ضمان حقوقهم، وتم لهم ذلك، وبفضل تلك النضالات تم إسقاط نظام الانفصال، بات من الواضع بأن الحكومة تسمع من أذن واحدة وليس من الاثنتين، فحتى الآن لايوجد ممثل لنقابات العمال في اللجنة المكلفة بإعداد مشروع لتعديل قانون العمل رقم 91!!
■ ممن إذاً تتألف اللجنة؟
● مكونة من أشخاص أغلبهم كانوا في الخارج ولايعرفون واقع البلد الحقيقي ودور نقابات العمال ونضالاتهم والمسألة تناقش بغياب ممثل العمال في مخالفة واضحة للاتفاقيات العربية والدولية التي تنص على وجوب أن يكون ممثل التنظيم النقابي مشاركاً في صناعة وإقرار القوانين التي تتعلق بالعمال، وإذا كانت وزارة العمل لاتريد أن تقف مع العمال، فعلى الأقل عليها أن تكون متوازنة، وهي تعلم تمام العلم بأنه حتى في ظل المراسيم والقوانين كان أرباب العمل يتهربون من مسؤولياتهم وأغلبهم رفضوا تطبيق الزيادة التي أقرتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مؤخراً لعمال القطاع الخاص.
دور أكبر لمفتشي العمل
■ إذاً المشكلة ليستفي وجود نص قانوني جيد أم سيء، طالما أن البرجوازية السورية تتهرب من تلك القوانين، أين هي المشكلة إذاً؟
● وجود القانون ضروري ومهم، وبدون قانون تعم الفوضى، المشكلة تحديداً كانت لدى وزارة العمل وتوجه بعض المسؤولين. مفتشو وزارة العمل لم يقوموا بالدور المطلوب، فعندما يذهب مفتش إلى أحد المصانع أو المعامل الخاصة يتم تهريب العمال من باب آخر، وفي أغلب الأحيان كان العقد يتم بين أصحاب العمل والعمال دون علم وزارة العمل، وأحياناً أخرى يتم تشغيل العمال بدون عقود.
هم يقولون بأننا لانريد أن نزعج القطاع الخاص لأن البلد يحتاج إلى استثمارات وينبغي إرضاء المستثمرين، وهنا أتساءل: لماذا تحفظ حقوق العمال في البلاد الأجنبية والعربية بينما يجري عندنا وتحت مبررات عديدة ضرب مصالح العمال بحجة الاستثمار؟ وهذا أمر بحد ذاته يشكل عائقاً أمام الاستثمار، لأنه بغياب المدخرات والقوة الشرائية لايمكن تأمين النمو وبناء اقتصاد قوي.
المفروض إعطاء دور أكبر لمفتشي العمل وإعطاءهم صلاحيات أوسع والاعتماد على أشخاص من صفاتهم النزاهة والإخلاص، القانون إذاً مهم ولكن آلية تطبيقه إذا لم تكن صحيحة ومخالفة فالقانون لافائدة من وجوده.
قانون العاملين الأساسي الذي صدر في العام 2004 ضمن نوعاً من حقوق العمال فيما يتعلق بالتسريح التعسفي، حيث تم التوصل أخيراً إلى تشكيل لجنة مؤلفة من ثلاثة وزراء تنظر في طلبات التسريح، وهذا مكسب هام، حيث كان يجري سابقاً تسريح بعض العمال حتى بدون ذكر أسباب.
رعاية صحية غائبة
■ ماهي الجوانب السلبية في قانون العمل الأساسي رقم (50) لعام 2004؟
● هناك موضوع الرعاية الصحية في القطاع العام حالياً يوجد 450 ألف عامل مشمولين بالضمان الصحي وأكثر من 400 ألف غير مشمولين على الرغم من وجود مادة في القانون رقم (1) تقول: «تبقى الأنظمة الصحية السابقة سارية على العمال ريثما يطبق قانون الضمان» ولكن للأسف لم ينفذ. هناك أيضاً موضوع الرعاية الصحية للمتقاعدين الذين خدموا البلد سنوات طويلة، هم الآن محرومون من الرعاية الصحية وعندما كنت في مجلس الشعب «الدورة الماضية» قمت بتقديم مشروع وافق عليه مجلس الشعب، وكان ينص على تطبيق قانون الضمان الصحي على أساس اقتطاع 2% من الراتب، حتى يستفيد المتقاعد مع أسرته من الضمان الصحي، وتم تحويل المشروع إلى الحكومة للدراسة، وكان رأيها أن يتم تأجيل المشروع ريثما يصدر قانون الضمان الصحي الذي يشمل الجميع. ومازلنا ننتظر وحتى الآن لم يصدر المشروع.
حق الإضراب للعمال
■ وزارة العمل قدمت مقترحات لتعديل قانون العمل، ماهي مقترحاتكم كجهة عمالية؟
● نحن مع تعديل القانون إذا كان التعديل يحافظ على حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة والتي حصلت عليها بفضل نضالها الطويل وخاصة المرسوم 49 الذي حمى العامل من التسريح التعسفي، وأن يضاف إلى ذلك مسائل الصحة والسلامة المهنية وازدياد الأجور والترفيع الدوري وتفتيش العمل، والمكان اللائق وحق الإضراب المهني والمطلبي والمشاركة في مجلس الإدارة والمفاوضة الجماعية ونسبة الأرباح وعدم التمييز في معاملة النساء وإجازة الأمومة والضمان الصحي والرعاية الاجتماعية، تلك المسائل المؤجلة كرمى عين القطاع الخاص، ولكن الأهم من ذلك كله أن يتم التقيد بأحكام اتفاقيات العمل العربية والدولية والتي وافقت عليها الحكومة السورية.
عندما طرح مشروع قانون العاملين الأساسي في الدولة سابقاً أيام الثمانينات، كانت هناك مادة تتعلق بمنع الإضرابات العمالية، وكان رأي التنظيم النقابي آنذاك بأن تلغى تلك المادة أو لا تأتي ضمن قانون العاملين لأن ذلك يخالف اتفاقيات العمل، وتم نقل رأي التنظيم النقابيإلى الرئيس حافظ الأسد حيث تم توجيه المجلس آنذاك بإلغاء تلك المادة في قانون العاملين واستطعنا أن نفي بالتزاماتنا الدولية وأن نحافظ على سمعة سورية. البعض عن قصد أو عن جهل يحاول التملص من تلك الاتفاقيات هادفين بذلك إلى ضرب سمعة سورية دولياً، وسنقف نحن كنقابات عمال بحزم ضد هذه المشاريع.
التعديل إذاً يجب أن يأخذ بعين الاعتبار جميع هذه المسائل وأن ينطلق على قاعدة الحقوق المكتسبة للعمال خاصة في القانون 91 والمرسوم 49، وجميع تلك القوانين ضمنت حقوق العمال وأرباب العمل، حيث كانت هناك لجنة تسمى لجنة تعديل الأجور، وهذه اللجنة كان من المفروض أن تجتمع كل ستة أشهر وتحدد أجور العمال على ضوء الأسعار الموجودة، لكن في الواقع العملي كانت الأجور إلى الوراء والأسعار إلى الأعلى.
أيضاً كانت هناك لجنة قضايا التسريح بموجب المرسوم 49 يوجد فيها ممثل عن العمال وممثل عن أرباب العمل، وزارة العمل وقاض يسميه وزير العدل وممثل عن وزارة الداخلية تنظر وتناقش في قضايا التسريح، إضافة إلى اتفاقية الحوار بين العمال وأرباب العمل، هناك قوانين جاءت لصالح العمال ولايجوز إلغاءها بحجة الاستثمار أو مقتضيات الشراكة.
تواطؤ الداخل مع الخارج
■ إذاً أنت ترى بأن بعض هذه المشاريع ترمي إلى ضرب مكتسبات العمال؟
● للأسف هناك بعض الناس المدعومين من الخارج، ونحن نسمع ونرى الاجتماعات التي تعقد أو التصريحات التي تصدر هنا وهناك، البعض يراهن على دخول الولايات المتحدة على ظهر دبابة مثلما حدث في العراق، ومن واجب القوى والأحزاب الوطنية قطع الطريق على هؤلاء، خاصة الانتهازيين الذين ربحوا واستفادوا على حساب الشعب، وهم أصبحوا الآن معروفين والطبقة العاملة ستقف بوجههم، هكذا كان التاريخ السوري، في الخمسينات عندما طرحت الدول الاستعمارية مشاريعها مثل حلف بغداد ومبدأ أيزنهاور، كانت الطبقة العاملة والأحزاب الوطنية والتقدمية لها بالمرصاد وبالتعاون مع البروليتاريا العالمية وخاصة في الاتحاد السوفييتي، تم إسقاط جميع المشاريع والطبقة العاملة في سورية واعية لمصالحها بالرغم من الضغوطات التي تجري الآن للنيل منها بهدف إخراجها من الصراع والمواجهة، وكان الرئيس حافظ الأسد دائماً يؤكد بأن للطبقة العاملة دوراً نضالياً كبيراً من أجل مصلحة الوطن والشعب، وكانت الطبقة العاملة وخاصة في الماضي تهتم بقضايا الشعب قبل أن تهتم بمصالحها الخاصة.
نقابات العمال والحكومة
■ ماذا عنكم وعن الحكومة، هل تشكلون فريقاً واحداً أم فريقين؟
● في تاريخنا لم نكن فريقاً واحداً، فعندما كانت الحكومة تقترب من قضايانا كنا نصبح فريقاً واحداً وعندما كانت تبتعد عن قضايانا نصبح فريقين. وقد صدرت قوانيين عديدة كانت لمصلحة العمالوهناك تعديلات هامة صدرت لمصلحة العمال مثل القانون رقم 78 الخاص بالتأمينات الاجتماعية، وتثبيت العمال المؤقتين والوكلاء، والذي أعطى الطبقة العاملة حقوق واسعة تتعلق بالتقاعد خاصة وأن أي عامل لايذهب إلى التقاعد براتب أقل من الحد الأدنى لراتبه عند بدء التعيين، وهذا يعتبر ضمانة لحياة أسرة العامل، صحيح أن الرواتب قليلة وهناك ارتفاع في الأسعار، إلا أن نقابات العمال دائماً كانت تبحث هذه القضايا في اجتماعاتها ومؤتمراتها وترفع المذكرات حولها، كنا دائماً ندافع عن القطاع العام والتنمية ونطالب بزيادة الأموال المخصصة للاستثمار من اجل بناء معامل جديدة ودعم وتطوير المؤسسات القائمة الصناعية والإنشائية، والقطاع العام كان مخسراً نتيجة الممارسات الحكومية الخاطئة، حيث تم شفط أرباح هذه الشركات من قبل خزينة الدولة ووزارة المالية دون أن تترك لمؤسسات القطاع الخاص جزءاً من أرباحها كي تجدد وسائل الإنتاج فيها، هذا من جانب، ومن جانب آخر الحكومة لاتريد أن تستثمر وتبني معامل جديدة، حالياً الدولة تستورد من الأسمنت مايكفي لبناء معمل أسمنت، فالمواد الأولية موجودة بكثرة إضافة إلى مادة الفيول والعمال، فلماذا تستورد كل سنة ما يكفي لإنشاء مصنع، كان بالإمكان إنشاء مصنع أو مصنعين والانتقال إلى التصدير بدل الاستيراد.
يجب على الحكومة أن تراجع حساباتها، وأن تهتم بتوسيع القطاع العام، في فرنسا كانت نسبة القطاع العام حوالي 60% وفي ألمانيا 62% وفي إيطاليا 60% أيضاً، لماذا الدولة الرأسمالية مصرة على القطاع العام وتقديم الخدمات الاجتماعية لعمالها، في حين يجري عندنا تصفية هذا القطاع وضرب مكاسب العمال بحجة التوافق مع متطلبات الشراكة الأوروبية وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص. أين مكافحة البطالة التي وعدوا بمعالجتها عبر تقديم الإعفاءات والمزايا للقطاع الخاص، البطالة ازدادت تفاقماً ويجب الاعتماد على قطاع الدولة في حل هذه المشكلة. والبعض الذين يطالبون بإلغاء دور الدولة كانوا مستفيدين من أموالها، سرقوا الشعب، وهؤلاء لايمكن الرهان عليهم في بناء الاستثمارات.
سرقة الشعب
■ إذاً تعتبرون بأن الشعب تعرض لعملية سرقة؟
● حين يقول وزير الاقتصاد بأن حجم الأموال السورية في الخارج أكثر من 150 مليار دولار، ماذا يعني، من أين جاءت تلك المبالغ، بالتأكيد كانت عن طريق التهريب والفساد والسمسرة وفتح الأسواق التجارية دون رسوم أو جمارك.
على الحكومة أن تقيم أداءها وتنظر إلى مشاكل الناس من سكن وتعليم وصحة والتي بدأت بالتدهور في السنوات الأخيرة، الآلاف من الشباب السوري غير قادر أن يتزوج بسبب عدم توفر المسكن وارتفاع أسعار العقارات، من سيحل مشكلة هؤلاء، أليس من واجب الدولة أن تؤمن العمل للعاطلين عن العمل، ألم يكفل الدستور ذلك. نحن مع الحكومة الأبوية التي تفكر بهموم الشعب والطبقة العاملة وتسعى لحل المشاكل وتكافح الهدر والفساد وتؤمن كرامة الوطن والمواطن.
الإصلاح بين الشعار والواقع
■ لكن الحكومة الحالية تقول عن نفسها بأنها حكومة إصلاح وتحديث؟
● الشعار شيء والواقع شيء آخر تماماً، وكما يقولون فإن السلم يغسل من فوق وليس من تحت، ولو أن الحكومة أخذت بـ 10% فقطمن مقترحات اتحاد نقابات العمال لما وصل الاقتصاد السوري إلى هذه المرحلة الحرجة، مستوى النمو دون الحد المطلوب بكثير، البطالة تزداد، الأسعار في ارتفاع والفساد لايزال منتشراً، القطاع العام يجري بيعه والبلد مقبل على استحقاقات كثيرة، فأين شعار التعددية الاقتصادية طالما لايوجد معامل جديدة، توجيهات رئيس الجمهورية كانت واضحة في هذه القضايا لكن الأداء الحكومي لم يرتق إلى مستوى هذه التوجيهات.
في القطاع الإنشائي قامت الحكومة بإعطاء التعهدات للقطاع الخاص، والإدارات فاسدة وتستفيد مادياً، حالياً نسمع بأن الطرقات التي يتم تزفيتها، تعود بعد شهر إلى أسوأ مما كانت عليه سابقاً، وهذا ينطبق أيضاً على بعض الأبنية والمنشآت.
كما أن هناك توجه لدى البعض للتماهي مع القطاع الخاص فمثلاً جرى مؤخراً حرمان نقابة العتالة من عقود التحميل والتنزيل...إلخ ومنحت هذه العقود والمهام لقطاع الخاص، فما الغية من كل ذلك..؟
إن هناك ممارسات خاطئة وهناك رشاوى تدفع للإدارات، والحكومة تعلم بذلك ولاتفعل شيئاً تجاهها، لأنه بغياب المحاسبة والمساءلة يصعب الوصول إلى نتائج إيجابية.
القيادة تتحمل المسؤولية
■ هل القيادة السياسية غافلة عن هذه الممارسات؟
● القيادة السياسية أعطت صلاحيات واسعة للحكومة، لذا الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، لكن هذا لاينفي مسؤولية القيادة لأن الدستور قد أعطاها الحق ومن واجبها التدقيق في القرارات والقوانين، هناك حالة تخبط في الأوساط التنفيذية لاتعبر غالباً عن توجهات القيادة السياسية.
مؤخراً تمتخفيض الإنفاق الاستثماري لحوالي 100 مليار، كيف سيتم إذاً معالجة البطالة، خاصة بين أوساط الخريجين من الجامعات، هؤلاء بدأت أعدادهم بالتزايد، فبعد سنوات طويلة من الشقاء والدراسة والإنفاق الحكومي، نجد هؤلاء يتجهون إلى الشارع أو على أبواب السفارات الأجنبية، حتى القطاع الخاص عندما يجد المئات من العمال على أبوابه يقوم بفرض الشروط التعسفية عليهم كتقديم الاستقالة قبل الشروع بممارسة العمل أو سند أمانة يعترف العامل بموجبه بأنه سرق من المعمل، هذا بالإضافة إلى الأجور الزهيدة وعدم وجود ضمانات اجتماعية وصحية، والتهرب من تسجيل العمال لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، بينما الحكومة تقف موقف المتفرج بحجة أن البلد تحتاج إلى الاستثمارات ولايجب إزعاج المستثمرين، وهنا أتساءل: لماذا تكون حقوق العمال في الدول الأجنبية مصانة في القانون بينما يجري عندنا إطلاق المبررات لتعديل قوانين أو لإلغائها بهدف ضرب الحقوق المكتسبة للعمال مثل المرسوم 49 الذي ضمن حق العامل وأرباب العمل، حتى أن الكثير من أرباب العمل أعطوا حقوقاً للعمال في ظل هذه المرسوم، ولكن يبدو أن بعض أصحاب رؤوس الأموال وخاصة الذين استفادوا من الدولة في ظل الفساد، وهم غالباً أولاد مسؤولين أو جزء من المسؤولين، هم بالذات من يطالبون بأن يكون العمال سلعة في هذا البلد، وهذا الأمر ينجم عنه مخاطر كثيرة تضر بالاقتصاد الوطني والوطن.
الحكومة تسير على طريق مصر
■ مؤخراً تم طرح بعض المنشآت للاستثمار وإغلاق بعضها الآخر، بالإضافة إلى اقتراب موعد الدخول في الشراكة الأوروبية، كيف تنظر إلى مخاطر هذه السياسات على الطبقة العاملة؟
● كان من واجب الحكومة أن تفكر أولاً بحل آفة البطالة، وعندما يقول رئيس مجلس الوزراء بأن الحكومة ليست أبوية، فيعني ذلك بأنه غير قادر على تحمل المسؤولية وبالتالي لاينبغي له أن يستلم رئاسة الوزراء، لأن رئيس الحكومة يجب أن يكون أبوياً مع الشعب، دائماً الحكومة تستسهل العمل ولاتملك رؤية واضحة وصريحة للإصلاح، وبدلاً من حل البطالة وتأمين الرعاية الصحية يقومون بإغلاق المصانع وخصخصتها، الحكومة تسلك نفس الطريق الذي سلكته مصر والتي كانت تعتقد بأنها ستحل مشكلة البطالة، البطالة ازدادت في مصر، وكذلك الفقر و التشرد إضافة إلى ا لمخاطر السياسية التي كانت في ربط القرار المصري بالبرجوازية الفاسدة والمفسدة وإخراج مصر من الصف العربي.
الواضح أن الإدارة الاقتصادية في الحكومة السورية اتجاهها ليبرالي على الرغم أن رئيس الجمهورية قد أكد أكثر من مرة، وخاصة في اجتماعه الأخير مع مجلس الوزراء «بأن المراجعة الاقتصادية لاتعني التخلي عن الدور الاجتماعي للاقتصاد» وأكد على ضرورة تحسين المستوى المعيشي للشعب ومكافحة الفساد، والسؤال: هل إغلاق المصانع وضرب حقوق العمال يعكس هذا التوجه، أم أن هناك من يضع العصي في العجلات ويحاول تغيير الاتجاه؟
عقلية الكوارث
■ لكن الحكومة تقول بأنها معامل خاسرة، وتكلف خزينة الدولة ملايين الليرات؟
● أولاً لم تكن خاسرة، بل كانت مخسرة نتيجة سياسات لاعقلانية، ثانياً وهو الأهم، من أين جاءت الدولة بأموالها، أليس من هذا القطاع الذي تقول عنه الآن بأنه خاسر، شركة الكرنك مثلاً رفدت خزينة الدولة بـ400 مليار ولو أن الشركة احتفظت بجزء من هذه الأرباح كي تجدد أسطولها لاستطاعت أن تبقى في المنافسة وتشغل عمالاً آخرين، حتى معمل الكونسروة ولو كان خاسراً إلا أنه كان يقدم خدمة كبيرة للفلاحين، يمعنى أننا كنا ندعم زراعة الفلاح في موضوع الكونسروة، فهل من المعقول الآن أن يأخذ الفلاح في درعا محصوله إلى الحسكة، هذه أيضاً مشكلة وستؤدي إلى إحجام الفلاحين عن زراعة البندوة مجددا، وكل ذلك سينعكس على الشعب أولا وأخيرا.
أيضا معمل حديد حماة، لم يكن خاسراً، بل كان يرفد خزينة الدولة بأموال كثيرة، ولكن يبدو أن هناك جهة فاسدة ومفسدة استفادت من أموال الشعب وتحاول الآن التوجه نحو الخصخصة، على الرغم من أن الرئيس الراحل حافظ الأسد كان له توجه واضح لبناء معامل حديد جديدة والتوسع في المعامل القائمة، وهذه العقلية إذا مااستمرت ستقود البلاد إلى كارثة حقيقية، وسيزيد من معدلات البطالة وتسريح العمال، خاصة إذا ما دخلنا في الشراكة الأوروبية التي ستؤدي إلى إغلاق المصانع لعدم قدرتها على المنافسة، كما سيؤدي إلى تقليص واردات الدولة من الجمارك وهذا يعني زيادة الأعباء المالية.
كان من الأفضل أن تفكر الحكومة السورية بتدعيم الاقتصاد الوطني وإصلاحه وتنظيفه من الفاسدين قبل أن تدخل إلى موضوع الشراكة.
ولايزال هناك فرصة أمام الحكومة لاتخاذ خطوات جدية في هذا الاتجاه بشرط أن تعتمد على أشخاص أكفاء ومخلصين للخط الوطني وإعلان المصارحة بين الحكومة والشعب وتفعيل دور الرقابة الشعبية التي غابت حتى في وسائل الإعلام.
السيد الرئيس له توجه وطني واضح وهو أن اقتصاد البلد للشعب، لكن سلوك الحكومة مغاير تماماً، وزير المالية يصرح بشيء، ووزير الاقتصاد بشيء آخر، ورئيس مجلس الوزراء كذلك أيضاً، الدردري يقول بأنني أفهمت القيادة السياسية بأننا نسير في اقتصاد السوق، ولكن لماذا ينبغي أن يكون اقتصاد السوق عندنا على حساب القضايا الاجتماعية، في حين أن دول اقتصاد السوق الرأسمالية تؤمن لشعوبها الضمانات اللازمة، عندهم يوجد تأمين ضد البطالة، وعندنا لايوجد مثل هذا الشيء، كل بلد له ظروفه الخاصة يجب مراعاتها عند الحديث عن أي مشروع أو قانون.
■ في النهاية، كيف ترى مستقبل الطبقة العاملة في سورية؟
● الحركة العمالية السورية مرت بمراحل أصعب من المرحلة الراهنة، عاشت مرحلة الانقلابات والأحلاف والانفصال، ولكنها بفضل تضحياتها استطاعت أن تحقق منجزات هامة، وأن شخصياً متفائل وأدعو إلى التفاؤل لأنه بوجود قوى وطنية مخلصة للوطن والشعب، ومثقفين يفضحون جوهر السياسات الانتهازية سنتمكن من اجتياز المتاعب وبناء غد أفضل لأبنائنا.
■ كلمة أخيرة..
● أتمنى من القوى والأحزاب الوطنية أن تتوحد حول برامج وطنية لأن البلد مقبل على استحقاقات خطيرة تتطلب همة جميع أبنائه. والذين يقولون بأن العولمة قدر ولايمكن مواجهتها، هم في مزبلة التاريخ كما كان الذين من قبلهم.
■ حاوره: كاسترو نسّي
[email protected]



#قاسيون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاءات ودية في بيروت
- القيم والتراث في مواجهة «العلمانيين الجدد»
- اغتيال الحريري..جريمة أمريكية - صهيونية لاغتيال المنطقة
- عمال مرفأي اللاذقية وطرطوس الأجر المتحول حق ثابت لنا... وإلا ...
- الأسير المحرر هايل أبو زيد: يجب تحرير كل الأسرى الجولانيين ف ...
- رفض سلطة النقل لاتعني حتما.. إغناء العقل!
- الشيوعيون السوريون ينعون القائد الشيوعي عمر السباعي
- بلاغ عن اجتماع هيئة الرئاسة
- ندوة الوطن الثانية في القامشلي: «الوحدة الوطنية كأداة أساسية ...
- هوامش الانتخابات في المنطقة العربية.. القناع «الديمقراطي» لل ...
- بين الليبرالية الجديدة والدولة الأمنية
- الشعب والحكومة.. الخيارات.. والضرورات
- الطبقة العاملة السورية أكثر المتضررين من الليبرالية الجديدة
- هل أصبحت مكافحة البطالة جسرا لتمرير سياسات الليبرالية الجديد ...
- كتاب: الليبرالية المستبدة: الليبرالية الجديدة.. دعم الديكتات ...
- ندوة:«دور الدولة في ظل التغيير في المناخ الإقليمي والدولي»
- النص الكامل لتقرير هيئة الرئاسة بين جلستي المؤتمر الاستثنائي
- هايل أبو زيد حراً... ولكن!
- كلمة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين
- في الجلسة الثانية للمؤتمر الاستثنائي: التعديلات على النظام ا ...


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - قاسيون - ابراهيم اللوزة في حديث لقاسيون: جهات فاسدة تحاول تغيير الاتجاه للسير نحو الخصخصة