أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - قاسيون - بين الليبرالية الجديدة والدولة الأمنية















المزيد.....

بين الليبرالية الجديدة والدولة الأمنية


قاسيون

الحوار المتمدن-العدد: 1091 - 2005 / 1 / 27 - 10:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ينطلق الفكر الليبرالي الجديد في مراكز أبحاثه من حقيقة علمية يكاد لا يختلف عليها أحد، وهي كون العلم في حقيقته ما هو إلا إدراك القوانين التي تحكم حركة المادة بأشكالها المتعددة بهدف التحكم بهذه القوانين للسيطرة على حركة موضوعها.

فلما كان موضوع مراكز الأبحاث تلك هو الحركة الاجتماعية؛ نتج من هذا إدراك أن ما يحدد الحركة الاجتماعية للبشر هو محصلة رؤاهم وتصوراتهم ومفاهيمهم عن العالم، الأمر الذي أدى بداهة إلى أن يستنتج منظرو مراكز الأبحاث تلك أن مهمتهم الأساسية تكمن في معرفة كيفية السيطرة على الوعي الجمعي للبشر موضوع البحث بما يكفل توجيههم الوجهة التي يرتضيها الأسياد ممول مراكز الأبحاث.
وقد لزم لهذه المهمة خلق وتصنيع ترسانة كاملة من المصطلحات والمفاهيم القادرة على اختراق الوعي الجمعي، وتسويقها في المجتمعات المعنية بشكل يكفل غدوها بداهات يبني عليها تفكيره من يريد التفكير. مع ملاحظة أنها غالباً ما تكون منحرفة عن سياقاتها الأصلية.
ولا يعدم المرء في تعاطيه مع أي وسيلة إعلام أن يلاحظ دون أدنى عناء تكرار مصطلحات من مثل: الليبرالية الجديدة، اقتصاد السوق، حقوق الإنسان، الخصخصة، الشرعية الدولية، نشر الديمقراطية، المجتمع الدولي . . . . .
وسنكتفي في هذا المقام بتناول تلك الضبابية التي لفت مؤخراً مفهوم الدولة.
يقترح، أو يملي – إن شئنا الدقة - منظرو الليبرالية الجديدة مفهوماً جديداً للدولة يقوم على النظر إلى المجتمع على أنه شركة مساهمة مؤلفة من مدراء من جهة وملاك أسهم في هذا الشركة من جهة أخرى، حيث يمارس فقط ملاك الأسهم دور الرقابة والتوجيه على نشاط هؤلاء المدراء ضمن عقد عمل يحفظ حق ملاّك الشركة في صرف المدراء من أعمالهم متى يشاءون، واقترحوا لهذه الآلية مصطلحاً جديداً هو الكوفيرنانس « governance ».
وعليه، فإن دور الدولة «المدراء» يجب أن يتقلص إلى الحد الذي تقتصر فيه مهمتها على تسيير أمور الملاك ولكن تحت إشرافهم وتوجيههم. وللقيام بتأسيس نظري لهذا الدور تحيلنا الليبرالية الجديدة إلى نظرية العقد الاجتماعي المنتجة قبل قرون باعتبارها أعلى ما توصل إليه العقل البشري في مفهوم الدولة!!!. ولا تكتفي بالإحالة فقط بل تبدع فتزيد عليها عندما تسقطها على الواقع الحالي، فبدلاً من أن يُكَوَّن طرفا التعاقد من الحاكم والشعب عند جان جاك روسو يصبح طرفا التعاقد عندها المدراء (الدولة) والملاك، لتختزل الشعب بطبقة الملاك.
ولكي لا يتنطع أحد فيظن السوء، يجب على الدولة أو الشعب أن يتخلى عما تبقى من أملاكه ببيعها للملاك الجدد ضمن إملاءات محافل الرأسمال الإجرامي عبر خصخصة ما تبقى من هذه الأملاك.
ومن الواضح »لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد* « أن هذه الوصفة النيوليبرالية لشكل الدولة هي وصفة حصرية لدول العالم الثالث تهدف أولاً وأخيراً إلى تفكيك بنى الدول بما يوصلها إلى أدنى مستوى ممكن من إمكانيات المقاومة المفترضة للاجتياح المحتمل.
ففي الوقت الذي تروج فيه الليبرالية الجديدة لنظرية دول الكوفيرنانس في العالم الثالث وضرورة إلغاء دور الدولة في الاقتصادات المحلية تطالعنا تقارير البنك الدولي بدراسات تؤكد الازدياد المضطرد لدور الدولة الاقتصادي في الدول الرأسمالية المتطورة: ففي السويد ارتفع حجم مساهمة الدولة في الاقتصاد من 5% إلى 44% عام 1997، وفي فرنسا من 39% عام 1980 إلى 47% عام 1997، بل والأنكى من ذلك نجد في انكلترا البلد الذي يعتبر الأب الروحي لليبرالية الجديدة قد ارتفعت فيها نسبة مساهمة الدولة من 31% عام 1970 إلى 39% عام 1997 وهي الفترة التي شهدت النهوض العارم للفكر النيوليبرالي في انكلترا وتصديره إلى الدول الرأسمالية الأخرى.
ويعتمد منظرو الليبرالية الجديدة في ترويج دولة الكوفيرنانس على معادلة وهمية تضع فيها دولة الكوفيرنانس على التضاد من الدولة الأمنية مستفيدين من حالة الاستياء الشعبي من الأخيرة، فتبدو دولة الكوفيرنانس وكأنها الخلاص المؤمَل من الدول الأمنية المحلية الوصية على كل شيء في الحياة الاجتماعية والسياسية والوطنية.
هكذا نجد أنفسنا أمام خارطة سياسية جديدة للعالم، تتضح معالمها بدول قوية متماسكة في العالم الغربي أمام دول ضعيفة لا تملك أدنى مقومات السيادة الوطنية هي دول الإصلاح الكوفيرنانسي في العالم الثالث؛ ليتحقق حينها حلم الرأسمال الإجرامي العالمي بقيام الحكومة العالمية شديدة البأس، والتي لن تشكل فيها دول الكوفيرنانس أكثر من حكومات »تسيير أعمال« أو »إدارة محلية« تأتمر بأمر صاحب الجلالة: الرأسمال الإجرامي العالمي.
ولعل من أولى مهام حكومة رأس المال الإجرامي العالمي إعداد المسامير التي تثبت الخارطة السياسية الجديدة للعالم والتي تتجلى في المفاهيم الجديدة المنتجة من مثل: المجتمع الدولي، الامتثال لإرادة المجتمع الدولي، الحرب الاستباقية، الحرب على الإرهاب، الحرب من أجل نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان !!!.
إذن، ما الأمر في حقيقته سوى استبدال الحكومات الأمنية المحلية والتي استنفدت دورها بحكومة أمنية عالمية، أشد رعونة وبطشاً من كل أشكال الدولة في التاريخ الحديث، وإذا ما تجاوزنا –إجرائياً- ما يشهده العالم من حالة تسلط على رقاب الشعوب؛ يجد المتتبع للوضع حتى في الولايات المتحدة التراجع المضطرد للحريات السياسية والمدنية والشخصية إلى الحد الذي يطالب فيه منظرو النيوليبرالية الكبار من أمثال بريجنسكي بتحضير أجهزة القمع الداخلية الأمريكية للانتقال بشكل سريع إلى نظام حكم فاشي حال انكفاء المشروع النيوليبرالي.
وعليه، فإن مقاربة سريعة لما يمثله المشروع النيوليبرالي على سورية والمنطقة ترينا بوضوح ناصع أي ضرر يمكن أن يلحق بالمصالح الوطنية العليا فيما لو تحقق لهذا المشروع ما يريد، عندها لن تبقى قضية فلسطين فحسب من ذكريات الأيام الغابرة، بل ستصبح كل مشاريع النهضة والتحرر بل ومعنى الوجود الإنساني لشعبنا من الأطلال الدارسة.
بكل حزم نجزم أن الخيارات الحقيقية الموضوعة أمام شعبنا هي أوسع بكثير من المعادلة التضليلية لليبرالية الجديدة: إما الحكومة الأمنية المحلية وإما الحكومة الأمنية العالمية . . إن خيارات الشعوب لا يمكن أن تكون إلا في النهضة والتحرر. . . في كرامة الوطن والمواطن. . .
* سورة ق، الآية 37 .
■ ماهر حجار – حلب
[email protected]



#قاسيون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب والحكومة.. الخيارات.. والضرورات
- الطبقة العاملة السورية أكثر المتضررين من الليبرالية الجديدة
- هل أصبحت مكافحة البطالة جسرا لتمرير سياسات الليبرالية الجديد ...
- كتاب: الليبرالية المستبدة: الليبرالية الجديدة.. دعم الديكتات ...
- ندوة:«دور الدولة في ظل التغيير في المناخ الإقليمي والدولي»
- النص الكامل لتقرير هيئة الرئاسة بين جلستي المؤتمر الاستثنائي
- هايل أبو زيد حراً... ولكن!
- كلمة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين
- في الجلسة الثانية للمؤتمر الاستثنائي: التعديلات على النظام ا ...
- بلاغ عن الجلسة الثانية للمؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السو ...
- الليبرالية الجديدة في سوريا والحَوَل السياسي
- الليبرالية الجديدة في مواجهة الشعوب. معارضة وموالاة
- الشيوعيون السوريون يختتمون احتفالات الذكرى الـ 80 للتأسيس تظ ...
- ليبرالية جديدة وستالينية جديدة ؟ أم صفقة سياسية جديدة ؟!!
- سورية المستعجلة إلى اقتصاد السوق: تنعطف يمينا أم تتأزم؟
- بلاغ سكرتاريا اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي
- الورقة التنظيمية
- البيان الدولي ضد الإرهاب: بيان ديكتاتوري من مواطن ديمقراطي ي ...
- الليبرالية بين الماضي والحاضر!
- الفساد والخائن هما عدوان للوطن والوحدة الوطنية


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - قاسيون - بين الليبرالية الجديدة والدولة الأمنية