أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - الاستبداد الديني يرث الاستبداد السياسي














المزيد.....

الاستبداد الديني يرث الاستبداد السياسي


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3822 - 2012 / 8 / 17 - 17:12
المحور: المجتمع المدني
    


يراهن الاستبداد الديني على أن يرث أو يحل ذاته محل الاستبداد السياسي، هذا هو ديدن القوى والتيارات الدينية على اختلاف أطيافها المذهبية، و/أو مصادر قوتها أو ضعفها المرجعي؛ لا سيما وهي تستمد سطوة سلطانها أو سلطاتها من واقع تلك المرجعيات التي تحض على امتلاك السلطة من أجل ممارسة وسلوك سلطويين، لا تتحقق السيادة لتلك المرجعيات إلا من خلالهما، وخلال التشبث بتفسيرات وتأويلات تقويلية مبتدعة، ليس لها أثر؛ وإن وجد فآثرها ضعيف أو يختلف في ظروف البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحتى المفاهيمية، مختلفة اختلافا بينا عن ظروف البيئة الأولى التي صدرت عنها، عن تلك السائدة اليوم في بيئتنا الحداثية المعاصرة.

في غيبة إرث وتقاليد الحياة الدستورية والبرلمانية، وجدت قوى سياسية، والقوى الدينية بمجملها، ذاتها تغب من إرث سلطوي وشمولي واحد، من سماته الأبرز؛ الاستبداد الطغياني وممارسة سلوك توتاليتاري، لا يحترم الآخر، ولا يبقي له أي مساحة لممارسة "غيريته" المفترض ومن الطبيعي أن وجود الاختلافات في ما بينهما، يتطلب احترام هذه الاختلافات والاحتفاظ بكل ما يفترض أنها حيثيات التعدد والتنوع، كمبرر لوجود المشترك المواطني بين مكونات الوطنية الواحدة، هذا على افتراض اعتراف التيارات الدينية بوطنية بلدانها وشعوبها وهوياتها المتعددة. وهذا ليس واقع الحال في كل الأحوال.

إن أسر المجتمعات وتحويل الشعوب إلى عبيد للاستبداد السياسي، وطغيان الأقلويات والنخب السلطوية، السياسية منها والدينية، هي الوظيفة المشتركة التي اشترك ويشترك فيها استبدادين سلطويين في بلادنا، واحد طغى وتجبر ضد مجتمعه وشعبه باسم قوموية وعلمانوية زائفة، وضعت حدودا "انشقاقية" بين السلطة الحاكمة و"عبيدها" المحكومين. وآخر يعتد بطغيانه وتجبره واستبداده "المؤصل"، باسم "المقدس الديني"، وقد وجد فرصته الذهبية الآن وسط ربيع عربي، يتحول على وقع تلك النزعات إلى "خريف إسلاموي"، إحدى سماته الأبرز السلطة أولا والسلطة أخيرا، استنادا إلى إرث الموروث الديني الذي لا يرى نفسه أو أدواته في خدمة الناس، بقدر ما يرى ذاته في خدمة موضوعة السلطة المستمدة بحسب ادعاءاته ومزاعمه من السماء، والناس عبيدها، عبيد سلطة لا تمثلهم أو تتمثل بهم لتحقيق أهدافهم هم كبشر أسوياء يمتلكون سوية العقل للاختيار بين الصالح والطالح، لا أن يقادوا بالنقل كقطعان الماشية في حقول ودروب الحياة.

الوطنية في بلادنا المأزومة، ليست مشتركا بين المجتمعات والشعوب، وبين السلطة المتاجرة بهذه الوطنية، بما هي صنيعة المشترك الأوحد قبل أن تفصم السلطة وتنفصم وتنفصل عن مجتمعها وشعبها، مؤسسة هلاما افتراضيا ينطق عن الهوى؛ إما باسم وطنية وعروبة مزعومتين، أو باسم إسلاموية "خليفية" أو "سلطانية" فضفاضة، لا حدود لها، أي لا وطنية محددة لها، ولا وجود لمسألة المواطنة، أو الاعتراف بهويات متعددة ومتنوعة في إطارها.

من المؤسف أن تنطلي فرية الانتهازية الباطنية، المغلفة باعتدال مزعوم، على العديد من القوى السياسية والشعبية، حين تمضي التيارات الدينية إلى تبرير وجودها في السلطة، وإلباسه لبوس الضرورة، وتسويغه بالقبول بالتعددية شكلا، أو الإيمان بالتنوع المزعوم، فيما هي وفي وثائقها الداخلية الخاصة، لا تختلف لا في الكثير ولا في القليل، عمّا تطرحه تيارات سلفية تدعو لاستعادة الخلافة وسلطان الخليفة، كمستبد أوحد لقيادة رهط شعوبنا ومجتمعاتنا نحو ما يخدم سلطة الاستبداد الديني/السياسي في فرض نمط من اقتصاد "خليفي" واجتماع طبقي/نخبوي، وسياسوية ترقى إلى مستوى القداسة، في الخلط بين الديني والسياسي اليومي، من دونما انفصال بينهما، بل يراد لنا أن ننحني لفهم في تديين السياسة وتسييس الدين، قاصر سوى عن خدمة مصالح إحتكارية تستثمر في المقدس، كما يجري الاستثمار في المدنس، من دون أن يرف لنا جفن.

في هذا المعمعان واللغط اللفظي القائم حول "وطنية" التيارات الدينية، والمواطنة المستبعدة والمقصاة من برامجها الحقيقية، يجري استبعاد فلسطين كقضية وطنية لا تهم أبناء الشعب الفلسطيني فقط، بل هي قضية الشعوب العربية برمتها، ومن الأوجب أن تكون قضية أولئك الذين يتمسحون بالدين، كتجارة وحيدة لهم؛ وإذ بقضيتهم الأولى والأخيرة ما برحت هي السلطة، حتى صارت هدفهم الوحيد ومقصدهم الأوحد، وعلى منوال المقبورين من أندادهم أصحاب الاستبداد السياسي الذين كانوا يرفعون شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، صارت شعارات الاستبداد الديني تقول "لا سوط يعلو فوق سوط السلطة". وبهذا تكون قد ضاعت وتضيع مسألة الوطنية وقضية المواطنة، اللتان يتوجب التأكيد عليهما كهدف سام وراق لشعوبنا في لحظة الحداثة الراهنة. الأمر الذي يتطلب ثورة دائمة، لا مجرد "ربيع عابر" لكي نضمن إنضاج أهداف الثورة؛ لا تركيب كولاج الثورة المضادة وتسويقه على أنه الثورة. وما يجري في ما يسمى "بلدان الربيع العربي" جميعها، الترياق الشافي لما نقول ونتخوف ونهجس.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى متى هذا العجز عن الثورة الكاملة؟
- الدولة المؤقتة بلا هوية.. لا قضية لها
- دبلوماسية الرسائل التفاوضية ونصيحة يوسي بيلين
- في بؤس اعتقاد الاستبداد الجماعي
- التباعد الفلسطيني بين مخططات الانقسام ومخطط برافر
- عن امتهان السلطة وامتهانها
- أثمان سياسية مزدوجة لكمين إسرائيلي مدبر
- الهوية وحدها لا تصنع النماذج أو الأشباه
- الدولة الفلسطينية .. سجينة الجدار
- ثورات السيادات الشعبية كنماذج تحررية
- المصالحة الفلسطينية هل تصلح ما أفسدت المفاوضات؟
- لئلا تبقى ثورات شعوبنا ناقصة أو عاجزة فعليا عن الثورة
- خيارات الأزمة الفلسطينية ومأزق الإرادة
- السلطة.. -هبة سماوية- أم -غنيمة دنيوية-؟
- لئلا يتحول الربيع العربي إلى -خريف إسلاموي-
- الاستبداد العربي.. قضية من لا قضية له
- بؤس البدايات ومأساة النهايات
- الدولة المدنية وسلطة مثبطات التقدم ومحبطاته
- في العقل النقدي وعصبيات ما قبل الدولة
- العقل النقدي والتغيير المنشود


المزيد.....




- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - الاستبداد الديني يرث الاستبداد السياسي