أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مرجعية الأزهر...لبنة في بناء قديم














المزيد.....

مرجعية الأزهر...لبنة في بناء قديم


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3801 - 2012 / 7 / 27 - 07:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد تكون أغلبية أعضاء اللجنة التأسيسية المنوط بها وضع الدستور لا تعلم أصلاً ماذا يعني مفهوم الدستور، ولا تؤمن أصلاً بمثل هذه المؤسسة الوضعية وتزدري المتحمسين لها وتتساءل بتعجب عن سر تمسكهم وتشبثهم الغريب بمثل تلك البدع الغربية المستوردة، التي ربما تصل في تصور بعضهم إلى حد الكفر ومخالفة أصول الدين، ورفضهم العودة إلى التراث والأصول الإسلامية العريقة المجيدة. مفارقة غريبة ونادرة أن ثورة سلمية طلبها الأساسي الحرية والديمقراطية والكرامة توكل عنها أناساً لا يؤمنون أصلاً لا بالثورة ولا بالحرية ولا بالديمقراطية ولا بالدساتير، لكي يكتبوا، بأيديهم، دستور الثورة. غير قليل من هؤلاء الأعضاء يعلنون صراحة أن ليس فوق الشريعة الإسلامية مرجعية على الإطلاق، ما معناه، ببساطة شديدة، أن الدستور ذاته لن يكون المرجعية الأعلى للشريعة وأحكامها ومبادئها، بل العكس هو الصحيح، حيث ستكون الشريعة، أو هكذا يتصورون، هي المرجعية العظمى المطلقة لكل ما دونها، بما في ذلك الدستور ذاته.

من هذا المنطق الجاهل بماهية الدساتير، بدأنا نسمع عن أن بعض الأعضاء الموقرين يريدون تضمين مواد الدستور نصاً على مرجعية الأزهر الشريف لتفسير ما تعنيه مبادئ أو مقاصد أو أحكام الشريعة الإسلامية. مثل هذا الانحراف الدستوري، إذا تم، يعني عودة الأزهر إلى ممارسة نفس دوره القديم قبل أن يؤسس محمد علي باشا الدولة الحديثة بداية القرن التاسع عشر: التحكيم وفض المنازعات والقضاء بين الناس. هذا كان الدور الأصيل للأزهر ونظرائه من المؤسسات والشخصيات الدينية المختلفة طوال التاريخ الإسلامي القديم. الدولة الحديثة، خاصة بعد تفكيك الخلافة الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى، أنهت هذا الدور للمؤسسة الدينية وأسندته إلى مؤسسة جديدة مهنية وكفء سبق وأثبتت كفاءتها العالية في هذا المضمار في أماكن أخرى من العالم. هكذا تحولت المؤسسات الدينية عبر العالم الإسلامي من كونها شريك في الحكم، إلى مجرد مؤسسات تعليمية وتثقيفية وأكاديمية فقط، أقصى ما تطمح إليه هو أن تصدر بين الفنية والأخرى فتوى شفهية أو مكتوبة ليس لها شيء من قوة القانون الملزمة. طوال التاريخ الإسلامي القديم، ظلت المؤسسة الدينية هي الذراع التشريعي والقضائي لبيوت الحكم والخلافات الإسلامية، العربية وغير العربية، المتعاقبة. كان جسد الحكم يقوم على ساقين فقط، الخليفة أو السلطان واحدة، والمؤسسة الدينية الأخرى، ولا ثالث لهما، بما يشبه بدرجة ما ممارسة الحكم في المملكة العربية السعودية حالياً.

الدولة الحديثة قضت على تلك الثنائية الاستبدادية، ووزعت السلطة بالتوازن فيما بين ثلاث أفرع، مستقلة لكن متعاونة مع بعضها وأدوارها مكملة لبعضها البعض، لذات الجسد الحاكم: التنفيذي والتشريعي والقضائي. طالما أنك تتحدث عن دولة حديثة، لابد أن يتضمن الحديث فقرة عن هؤلاء الأعمدة الثلاثة للدولة الوطنية الحديثة، لاسيما الديمقراطية. لا يمكن، كما طوال التاريخ الإسلامي الماضي، أن تجمع بين سلطتين، مثل التشريع والقضاء، في مؤسسة واحدة، مثل الأزهر أو غيرها، وتقول أنك تبني دولة ديمقراطية حديثة. الدولة الوطنية الحديثة لا تعرف، ولا تقر أبداً، تعدد الزوجات، ولا السلطات. كذلك أنت بالتأكيد لا تتحدث عن دولة ديمقراطية حديثة عندما تبتدع سلطة رابعة فوق الثلاثة الأخريات، أو تهدم القضاء لتقيم مكانه سلطة قضائية دينية مثل الأزهر أو خلافه.

في الدولة الوطنية الحديثة، السلطة القضائية هي المرجعية الوحيدة لتفسير كافة النصوص القانونية والدستورية، والحكم فيها وبها بين المتخاصمين، حتى لو كان أحد الأطراف المتخاصمة هو المؤسسة الدينية العريقة ذاتها. في الدولة الوطنية الحديثة، الكل خاضع لسيادة القانون والدستور، والسلطة القضائية هي الوحيدة التي لها الحق في أن تقول هذا قانوني وهذا دستوري، وذلك غير قانوني وذلك غير دستوري. هكذا بنيت الدولة الوطنية الحديثة، وهذا هو الدور الأصيل للسلطة القضائية بكل أركانها ومؤسساتها المختلفة. بماذا يفسر، والحال كذلك، أن ينادي بعض من المفوضين بوضع الدستور أنفسهم، أن تسند المرجعية لتفسير ماذا تعني الشريعة الإسلامية لمؤسسة دينية مثل الأزهر؟ ألن يصبح هكذا الأزهر نفسه، أو أي مؤسسة أخرى تأخذ مكانه في المستقبل، هو مقر السلطة القضائية ذاتها، وتتحول مؤسسات القضاء المدني إلى مجرد مؤسسات تابعة للأزهر ومأموره بفتاواه؟ أضف إلى تلك البدعة البديعة أن الأزهر بعدما حل محل القضاء لن يشرح ويفسر ويطبق القوانين قياساً على الدستور كما يجب أن تفعل السلطة القضائية، إنما سوف يشرحها ويفسرها ويطبقها قياساً على أصول وفروع وشروح الشريعة الإسلامية، المرجعية العظمى. بذلك لا تعود للدستور حاجة، ولا قيمة، بعد.

هؤلاء الأعضاء الموقرون يعرفون ما يريدون وما يفعلون. هم يريدون إحياء الماضي، بمؤسستيه المحوريتين: الخلافة والشريعة. هكذا ظلت تدار وتحكم معظم المجتمعات عبر المنطقة العربية والشرق الأوسط عبر مئات السنين الماضية، ولا تزال تلك العادات والتقاليد القديمة حية، وبقوة، في أدمغة وأحلام يقظة بعض غير قليل من أبنائها على الأقل. ولا شك أن إحياء دور مؤسسة دينية قديمة مثل الأزهر هو مقدمة ضرورية لبعث الروح في ساقها الأخرى-الخلافة- ولو بأسماء حديثة.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم الفرقان: الجمعة 28 يناير 2011
- الديمقراطية كفر بالله؟
- المشروع الإسلامي التجريدي وإشكالية الصراع المحتوم
- -حكم بين السلطات-، أضلولة أخوانية
- الدائرة الأخوانية الإسلامية المغلقة
- سلطان الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
- نصف إله + نصف شيطان = مساواة
- الحرية وتطبيق الشريعة
- امسك...إسلامجية حرامية
- آلهة شياطين
- بسم الدين وبسم العلم...نخون الوطن
- وماذا لو حكم الأخوان؟
- من ثورة مدنية سلمية إلى زحف إسلامي ترهيبي
- هزيمة مشروع الإسلام السياسي في مصر من الجولة الأولى
- أسطورة الإله...أسطورة الوطن
- أدعياء دين وكاذبون ديمقراطية
- تحالف المشروع الأخواني-السلفي، نعمة أم نقمة؟
- أسطورة القوانين الوضعية والشرائع السماوية
- السيادة أين، للدستور، أم الشريعة؟
- رحمة الله عليك يا مبارك، كيف تعدمون ميتاً؟!


المزيد.....




- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مرجعية الأزهر...لبنة في بناء قديم