أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - السيادة أين، للدستور، أم الشريعة؟














المزيد.....

السيادة أين، للدستور، أم الشريعة؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3747 - 2012 / 6 / 3 - 03:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في النظرية والممارسة الديمقراطية المستقرة، منذ اليونانيين القدماء قبل آلاف السنين، وبعد الإطاحة بسيطرة الكنيسة غرب أوروبا نهاية العصور الوسطى وبداية عصر النهضة حوالي القرن الخامس عشر، وفي الولايات المتحدة الأمريكية منذ نشأتها قبل مئات السنين إلى اليوم، وفي أنحاء متفرقة كثيرة حول العالم في عصرنا الحاضر في القارات آسيا وأفريقيا وأوروبا والأمريكتين وأستراليا، كانت ولا تزال السيادة- بمعنى الكلمة العليا والفصل في كل الأمور- واحدة مطلقة، لا تقسم ولا تجزأ. وكانت السلطة ولا تزال، عكس السيادة، هي التي تقبل القسمة والتوزيع على ثلاثة- تنفيذية وتشريعية وقضائية. السيادة لا تتجزأ ومبدئها ومنتهاها واحد، المواطن بالمدلول الجمعي، بينما السلطة متعددة ومتجزئة ومستمدة من السيادة.

في النظرية والممارسة الديمقراطية الراسخة والمتفق عليها، السيادة هي مصدر السلطات، والمواطن هو مصدر السيادة. في كلمات أخرى، على أي قطعة أرض ذات حدود جغرافية وسياسية فاصلة، أهلها، أو مواطنوها الذين يعيشون عليها، هم من لهم السيطرة والسيادة المطلقة عليها، كلهم مجتمعين دون أي استثناء أو تمييز. هذا المواطن، في جماعته لا يزال وعبر آليات محددة ابتكرتها النظرية الديمقراطية لترجمة الاختيار الجماعي الحر والنزيه لهذا المواطن إلى إجراء وتحرك ملموس على الأرض بواسطة قلة من الأفراد والمؤسسات، لمصلحة ومنفعة هذا المواطن في النهاية، هو الوحيد على الإطلاق، عبر هذه الآلية الديمقراطية، المؤهل والمسموح له بانتداب السيادة- إلى حين الانتخابات المقبلة فقط. وفور تحقق هذا الانتداب، تتحول السيادة إلى سلطة، تتجزأ وتتوزع بالتوازن فيما بين مناصب السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية.

الفاصل الحاسم بين أنظمة الحكم السلطوية والديمقراطية هو مكمن السيادة. طوال تاريخ المنطقة العربية وإلى اليوم، ظلت السيادة حكر على من يمتلك القوة المسلحة الغاشمة، مدعومة ببعض القوة الناعمة-غالباً دينية واقتصادية- لتحييد غضب العامة، الذين هم دائماً خارج معادلة السيادة والسلطة. وفي سابقة هي الأولى من نوعها على الإطلاق في تاريخ هذه المنطقة، السيادة تعود للمواطن، في العراق ثم تونس ومصر وستتبعها حتماً دول أخرى، لينتدبها تفويضات وصلاحيات وسلطات إلى مؤسسات الدولة، حتى لو بشكل منقوص ومعيب بكثير من التحفظات والشوائب. لكن، في كل الأحوال، المبدأ بدأ يتضح ويتبلور ويكتسب أرضاً وانتشاراً بالتدريج: المواطن هو صاحب السيادة الوحيد والمطلق، وله الحق في أن يختار، عبر الآلية الديمقراطية، من يأتمنه من بني وطنه على هذه السيادة، إلى حين قصير، لا إلى نهاية العمر.

عند هذه النقطة في الزمن، تظهر إشكالية عويصة تكاد تعطل هذه العملية الديمقراطية الناشئة، وقد تنسفها من أساسها وترجئها حتى إشعار آخر في الغيب. ماذا لو تعارض الدستور، المرجعية الوحيدة والمطلقة للنظام الديمقراطي، مع الشريعة، التي يدعي ويريد كثيرون أن تكون المنظم والحاكم والمرجع للدستور ذاته. هل يستقيم، في أي نظرية أو ممارسة ديمقراطية منطقية، أن تكون للمرجعية الديمقراطية، الدستور، مرجعية؟! حين يكون لمرجعية ما مرجعية أخرى غيرها، هل عندئذ تكون هذه الأولى مرجعية حقاً، أم مجرد لغو ومغالطة ولعب بالألفاظ؟ على أي حال، لماذا لا تقبل النظرية الديمقراطية بغير الدستور، والدستور فقط، مرجعية لها؟ لماذا لا تقبل بحل وسط، وتقبل بقسمة المرجعية بين اثنين، الدستور والشريعة، حتى يرضى عنها الأخوة من تيار الإسلام السياسي وتنسجم مع بدعتهم "دستور بمرجعية إسلامية"؟

الإجابة بسيطة. النظرية والممارسة الديمقراطية مبنية على أساس واحد مطلق: المواطن هو المبدأ والمنتهى. المواطن هو صاحب السيادة المطلقة، ينتدب هذه السيادة في شكل سلطات محدودة ومؤقتة إلى آخرين، لحين أن تعود إليه بعد فترة لينتدبها من جديد لغيرهم. المبدأ واضح: المواطن، بمدلوله الشامل الجامع لكل أبناء الوطن الواحد، هو صاحب السيادة كلها، ومصدر السلطات كلها. وانسجاماً مع هذا المبدأ، يتم وضع وتعديل الدساتير؛ أي أن المواطن صاحب السيادة هو الذي ينتخب من يضع ويعدل له الدستور، وقد يشارك في الاستفتاء المباشر عليه أيضاً. بتعبير آخر، في الديمقراطية، المواطن هو مصدر وشرعية العملية كلها، ومن ضمنها الدستور. لا يمكن أن يكون الدستور دستوراًَ إلا إذا كان من وضع وتعديل المواطن نفسه، عبر الآلية الديمقراطية.

على العكس، الشريعة ليست من وضع ولا من تعديل المواطن بمفهومه الجامع، وإن شارك في تعديلها وتطويرها وشرحها البعض من خيرة أبناء الوطن وعلمائه. الشريعة تنسب دائماً إلى مصدر إلهي، لا بشري، وإن كانت موضوعة خصيصاً للبشر. والمؤكد أنها تأتي من خارج نطاق البشر، ولا يملك البشر شطبها واستبدالها بأخرى أو تعديلها وتطويرها بأنفسهم عبر الآلية الديمقراطية، مثلما يفعلون مع الدساتير.

ختاماً، العملية الديمقراطية كلها بشرية في بشرية، من منبع السيادة إلى انتداب وتوزيع السلطات ثم العودة لسحبها وإعادة توزيعها من جديد. في الشريعة، العملية على النقيض من ذلك، حيث العلاقة ليست بين بشر وبشر آخرين مثلهم. العلاقة المقبولة الوحيدة في الشريعة هي بين إله خالق في الأعلى، وعبيد ومخلوقات في الأسفل. السؤال: كيف تنشأ وتزدهر حياة ديمقراطية حقيقية في ظل هذه العلاقة العمودية، غير المتكافئة؟ أليس ظلماً للآلهة أن نساويهم بالبشر؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحمة الله عليك يا مبارك، كيف تعدمون ميتاً؟!
- في مصر، صراع وجودي بين الله والإنسان
- شفيق ومرسي، بالكرسي...إلى الجحيم


المزيد.....




- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - السيادة أين، للدستور، أم الشريعة؟