أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الحثالات والرعاع في المجتمع المادة الخام للإرهاب














المزيد.....

الحثالات والرعاع في المجتمع المادة الخام للإرهاب


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1071 - 2005 / 1 / 7 - 09:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعاني المجتمعات المتخلفة والرازحة تحت حكم الطغاة من حالة الفقر والأمية والتجهيل والاضطهاد والظلم، مما أدى بها إلى حالة من التقهقر والانحطاط والتفسخ لمجمل مكونات بناءها الاجتماعي. وهذا الأمر أدى إلى حدوث خلل وشرخ عميق في سلسلة تطور مسيرة حياتها الاجتماعية، وخلق لديها حالة من الارتداد نحو عمق التاريخ القديم بما يحمله من قيم وعادات وسُبل المعيشة البدائية.
هذا الارتداد القسري للمجتمع نحو التاريخ القديم فرضته سلطة الطغاة لأجل إحكام سيطرتها ولأمد طويل على تلك المجتمعات، فكلما قل مستوى الوعي لدى المجتمع أصبح سهل الانقياد والتحكم وتراكمت في وجدانه قيم الخنوع والدونية والخوف من الحاكم. وزادت لديه وتيرة الشر والاعتداء والسلب بين أفراده، نتيجة اضمحلال منظومة القيم الأخلاقية والدينية لصالح قيم المجتمعات البدائية في التاريخ القديم.
حينئذ يتحول هذا الشعب (المجتمع) إلى مجموعة من الفئات المتناحرة، تتحكم به مجموعات من الرعاع والهمج تدين بولائها لسلطة الطغاة ( أو التماهي بسلوك الطاغية) من أجل الإيغال بالأذى والعنف وإخضاعها للسيطرة الكاملة ودون معارضة.
ويعتقد ((علي الوردي))" أن الشعب الذي لايعرف نقائصه ولايدرك مكامن الضعف في نفسه، لايسهل عليه أن يكون قوياً إزاء أعدائه والعدو الكامن في داخل النفس ربما كان أشد خطراً من العدو المتربص في الخارج".
إن ارتداد المجتمع نحو التاريخ البدائي نتيجة العنف والاضطهاد والمتسلط عليه ولأمد طويل، تترسخ في ذاته قيم العنف الاستبداد وتتحول إلى طاقة كامنة تتفجر حال سقوط الطاغية. وبذلك تبرز ظاهرة تعدد السلطات من حثالات ورعاع المجتمع التي كانت أدوات وآلة العنف والاضطهاد لسلطة الطاغية.
وعملياً أن سقوط الطاغية، لايعني بأي حال من الأحوال انهياراً لأجهزته القمعية المؤلفة من حثالات ورعاع المجتمع لأنها ترفض، بل تستميت من أجل الحفاظ على امتيازاتها ومركزها الاجتماعي المزيف وعدم العودة لمستواها الاجتماعي الأول في القاع.
لذا تعمد لاستخدام العنف والإرهاب ضد النظام الجديد، بل يتركز عنفها واستبدادها ضد المجتمع لشعورها في اللاوعي أنها منبوذة اجتماعياً. وقد تتحالف مع عناصر أشد ظلامية منها لتحقيق المصالح المشتركة والعودة للسلطة ثانية، وتعرض خدماتها برسم الإيجار لأي جهة داخلية أو خارجية تدفع لها أكثر من أجل تقويض النظام الجديد.
ويرى ((الأمام علي-ع))" الغوغاء هم همج رعاع ينعقون مع كل ناعق، ويميلون مع كل ريح. أنهم الذين إذا ما اجتمعوا ضروا وإذا تفرقوا نفعوا".
والمتابع لأغلب عناصر الأجهزة القمعية في البلدان المتخلفة، سيجد أنها عناصر منتقاة بعناية من حثالات ورعاع المجتمع مُنحت امتيازات وصلاحيات غير محدودة من قبل السلطات الحاكمة من أجل الإيغال بالأذى واستخدام العنف المفرط ضد المناوئين لها.
تلك الحثالات والرعاع من المجتمع لاتستميت من أجل الدفاع عن السلطة حسب، بل أنها تشعر أن دفاعها عن السلطة هو دفاع عن ذاتها وامتيازاتها وصلاحياتها ومكانتها المزيفة في المجتمع. وبالنظر إلى حالة الدونية وقزمية ذاتها، تفكر في مصالحها أكثر مما تفكر في السلطة ذاتها حيث يمكن أن تبيع ولائها لأي جهة أخرى غير السلطة لأجل تحقيق مكاسباً أكبر وصلاحيات أوسع.
ويعي الطاغية حقيقة وذاتية تلك الحثالات والرعاع، لذا يمعن في احتقارهم ويسرف باضطهادهم بمجرد الشك في ولائهم للسلطة. وقد يعمد بين آونة وأخرى، لإجراء تصفيات جسدية بحق المقصرين منهم من أجل خلق حالة من الرعب والخوف لدى الآخرين في أجهزته القمعية.
وجاء في ((البيان الشيوعي-لماركس وانجلس))" أن حثالات البروليتاريا هم حشرات من أدنى مجموعات المجتمع القديم، فقد تجرهم ثورة البروليتاريا إلى الحركة ولكن ظروف معيشتهم وأوضاع حياتهم تجعلهم أكثر استعداداً لبيع أنفسهم للرجعية".
إن إسقاط سلطة الطغاة في المجتمعات المتخلفة وإحلال نظام جديد مكانها، يتطلب استخدام العنف المضاد لإحكام السيطرة على مجموعات أجهزة الإرهاب للسلطة القديمة واحتكار السلطة الجديدة لوسائل العنف وإصدار تشريعات صارمة للحد من تعدد السلطات في المجتمع.
وعملية استقطاب عناصر أجهزة القمع للنظام القديم في النظام الجديد، يشكل خطورة كبيرة عليها لأن هذه العناصر من الحثالات والرعاع تشعر في اللاوعي أنها الوريثة (الشرعية) للنظام القديم. لذا فأنها تتحين الفرصة لإيقاع الأذى في النظام الجديد وتنخره من الداخل لإحكام قبضتها على السلطة الجديدة ومن ثم إخضاع المجتمع من جديد لمشيئتها باستخدام عنف أشد وأقسى من ذي قبل!.
إن عمل تلك الحثالات والرعاع ولسنوات عديدة في الأجهزة القمعية لسلطة الطاغية، جعلها تشعر أنها خارجة عن سلطة القانون بل أن القانون سُن لأجل تغطية جرائمها وعنفها ضد المجتمع. لذا لايمكن بأي حال من الأحوال أن تنسجم مع قواعد وتشريعات النظام الجديد، وتسعى جاهدةً لتنخر بنية النظام الجديد من الداخل لاستعادة مكانتها في السلطة الجديدة وفرض سطوتها على المجتمع.
ويعتقد ((علي الوردي))" نحن نحتاج إلى ثورة فكرية واجتماعية مثلما نحتاج إلى ثورة سياسية واقتصادية، ونحن لا ننتظر من الثورة أن تواصل السير في طريقها المنشود ما لم ترشد الشعب إلى ما يكمن في عقولهم الباطنة من رواسب قديمة تنخر في كيانهم الاجتماعي وتعرقل سبيل حياتهم".
إن المجتمعات المقهورة ولأمد طويل، تحتاج إلى جانب الخبز والتعليم إلى علماء النفس والاجتماع والمثقفين لمساعدتها على تجاوز أزماتها النفسية والاجتماعية وانتزاع مبررات العنف والاستبداد من وجدانها. ويعد دورهم في المجتمع المقهور أكبر من دور السياسيين، فالمجتمع الذي يعاني في اللاوعي من عقد وأزمات ذاتية لايمكنه من النهوض والتقدم نحو المستقبل.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف الفلسفة من الشعر والشعراء
- سلطة الطغاة والشعوب المضطهدة
- السياسيون وراء قضبان العدالة
- أنماط الوعي والإدراك في الصراع الاجتماعي
- إعدام شيخ الفلاسفة بكأس القانون وسَّم السياسة
- مفهوم الثقافة والمثقف
- الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي
- صدر كتاب جديد للمؤلف صاحب الربيعي بعنوان (المثقف بين المهادن ...
- البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي
- الانتخابات وعملية إرساء أسس النظام الديمقراطي
- العلاقة بين السياسة والاقتصاد في النظم الشمولية والليبرالية
- ظاهرة النزاع والعنف في المجتمع
- وزارة الموارد المائية العراقية ما لها وما عليها
- العلاقة بين الكاتب والقارئ
- مهام الكاتب ومسؤوليته كمثقف
- دور المثقف والسياسي في الثورة والاحتلال


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الحثالات والرعاع في المجتمع المادة الخام للإرهاب