أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بشارة - " إختيار كبش الفداء " أضواء جديدة على كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون : إختلاق المؤامرة اليهودية"















المزيد.....



" إختيار كبش الفداء " أضواء جديدة على كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون : إختلاق المؤامرة اليهودية"


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 244 - 2002 / 9 / 12 - 04:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


 

نشرت مجلة " ايستوريا " ( التاريخ ) الشهرية  مقالاً في عددها الصادر في نوفمبر / تشرين الثاني عام 1999 م حول كيفية ابتداع المخابرات الروسية التي كانت تابعة للقيصر  كتاب " بروتوكولات حكماء صهيون " وحاولت في هذا المقال إثبات أن البروتوكولات مختلقة كلياً ولا وجود لها في أرض الواقع. وقد أحدث ذلك ردة فعل مدهشة في الأوساط الثقافية الغربية عامة والفرنسية خاصة.

يقول عدد من المثقفين الغربيين المتعاطفين مع إسرائيل والصهيونية  وخاصة في فرنسا :" إننا نعرف ، ومنذ سنوات العشرينات ، ان المقصود بالمؤامرة اليهودية أمر باطل وان الكتاب الذي يتحدث عن ذلك مختلق وهو " بروتوكولات حكماء صهيون " ،ونعرف اليوم من هو مؤلف هذا الكتاب، ومع ذلك يكمل هذا النص طريقه  الذي يشجب ما يسميه بـ " الخطر اليهودي " ،ويستمر بإلحاق الضرر ".

يقول بيير أندريه تاغييف Pierre André Taguieff ، وهو مدير أبحاث في المركز الوطني للبحوث العلمية CNRS، فيلسوف ومؤرخ ويعرف جيداً ملف " البروتوكولات " وهو مؤلف كتاب من 1200 صفحة عن البروتوكولات واستخداماتها نشر عام 1992 في مجلدين، إن كتاب بروتوكولات حكماء صهيون مزيّف . وهو مسروق في غالبيته  من كتاب لم يكن في أصله  معادياً للسامية على الإطلاق  ويسمى " حوار جهنم بين ماكيافيللي ومونتسكيو " للكاتب موريس جولي ، وهو عبارة عن مقالة نقدية معادية لحكم بونابارت  ومطبوعة سنة 1864 في بروكسل . وقد أثبت ذلك البحث الذي أجرته مجلة التايمز في لندن الصادرة في 16،17،18، من شهر آب عام 1921 ، بقلم وتوقيع فيليب غرايفس.

رغم أن نفس المجلة هي التي أخذت وثيقة البروتوكولات على محمل الجد قبل سنة من تاريخ البحث، أي سنة 1920 في 8 أيار ونشرتها في العالم كله، مع إعطاء أهمية خاصة أو التركيز على موضوع " المؤامرة اليهودية ضد الشعوب". فالنص المزيّف الذي كان حتى ذلك الحين ذو تأثير ضعيف ، خاصة في روسيا في سنوات 1903 و 1917 ، بدأ بالانتشار في أنحاء العالم منذ أوائل سنة 1920 وعرف أولى ترجمة له إلى اللغة الألمانية والانجليزية ( في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية ) ، ومن ثم عرف طريقه إلى اللغات الفرنسية ، والبولونية ،والهنغارية، والإيطالية،. وقد استغل الإعلام النازي هذا النص بعد سنة 1933 بشكل منتظم. وبعد الحرب العالمية الثانية وتأسيس دولة إسرائيل ، بدأ  استغلال هذا النص المزيف لشجب وإدانة " الصهيونية العالمية" من قبل غالبية الدول العربية وبشكل واسع من قبل المسلمين . واليوم لا تزال الإشارة إلى البروتوكولات  قائمة وموجودة في  الأحاديث الإسلامية ولدى الجماعات الإسلامية كجبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية  ومنظمة حماس الفلسطينية،وأخيراً في الدول الشيوعية سابقاً ابتداءً من روسيا وحتى بولونيا حيث أصبح للبروتوكولات بعد جديد. ونلاحظ أنه في الهند وفي اليابان هناك إهتمام غريب بهذه الوثيقة وبالنص الذي يعرف حالياً بهذا العنوان " بروتوكولات  حكماء صهيون " وقد سمي كذلك بـ " الخطر اليهودي " أو " البرنامج اليهودي لحكم العالم .

ونعرفه عبر  نسختين أساسيتين هما : نسخة نيلوس (‍1905) ونسخة بوتمي (‍1906) من خلال أسماء ناشرين من اصل روسي للنسخة المزيّفة وتعرف هذه الوثيقة باعتبارها عرض مفصل من قبل شخص من الصهاينة يدعي الحكمة ويتكلم أمام المجالس الصهيونية عن خطة للسيطرة على العالم،وبالتحديد ، تأتي البروتوكولات  كخلاصة لمحاضرات سرية عقدت في مكان مجهول وزمان مجهول من قبل أشخاص مجهولين ، بعدد غير معروف ممن سيصبحون الرؤساء والقادة  الكبار  للشعب اليهودي في كل أنحاء العالم. ويعرض مشروع غزو وحكم العالم على محكمة متضامنة مع هذا المبدأ ، تركيبتها مجهولة يرأسها يهودي " كبير " غير معروف أيضاً . أما هذه الخطة اليهودية ـ الماسونية  بالتحديد فتهدف إلى هدم الحضارة المسيحية  والأنظمة الملكية التقليدية  بهدف إقامة ملك  اليهود في مكانة وموقع لم يحتلهما أحد من قبل ولم يصل إليها بعد  وهي  " ملك العالم " ( بروتوكولات ?3، نسخة  نيلوس ) .

أما المبدأ الأساسي الوحيد للحركة اليهودية العالمية حسبما ورد في نصوص " البروتوكولات " فيتلخص بما يلي " الغاية تبرر الوسيلة " .

وهذا يعني أن كل شيء محلل من أجل أن تنجح سلالة داوود في تشييد مملكتها العالمية ولكي يصبح  ملوك  اليهود أسياداً  على العالم كله. من هنا تأخذ نسخة  موريس جولي سنة 1864 المحرّفة " حوار جهنم " دوراً مهماً بما أن، ماكيافيللي في " البروتوكولات " قد  استبدل  بالشخص الذي يتكلم بلسان حكماء صهيون . أي أن  الصهاينة يستخدمون الاحتيال والتزييف  ويلجأون إلى العنف  ويحرضون على  الثورات ، لكي يضعون بين أيديهم  مستقبل العالم ويبغون صقله لمصلحتهم بكل الوسائل حتى الأردأ أو الأكثر سوءاً . وهذا عامل أساسي لأنه يوصل إلى نتيجة  حدوث تطابق البروتوكولات مع الأحداث المضطربة للعصر ( الحرب العالمية الأولى ، والثورة البلشفية ) وهذا ما يكفي لإثبات ما ورد فيها .

لقد ظهرت البروتوكولات سنة ‍1903 ( من ?6 آب إلى 7 أيلول  في روسيا  ) بشكل مختصر في مجلة زناميا ( الراية ) لكروشيفان  المعروف بذبح  اليهود آنذاك . وبعد بضعة اشهر من مجزرة كيشينيف الفظيعة لليهود ،ولتبرير هذه المذبحة ، يتكلم هذا النص عن الحروب، والثورات، والانقلابات بكل أنواعها ، دون نسيان الخدع الكبرى  والاحتيالات والغش . فالبروتوكولات تنسب كل هذه الأعمال إلى اليهود المعروفين بالتآمر واستخدام  العنف بشكل مخطط حيث أحكمت توقيت ثورة سنة ‍1905، وبعدها ثورة ‍ 1917 .

نعود لنؤكد تنبؤات نصوص البروتوكولات " أنظروا إلى قدرة هذه النصوص على الننبؤ بأحداث لاشك فيها وهذا دليل على واقعيتها وصحة أقوالها .

ففي سنة 1905 أصدر الصوفي الروسي سيرج نيلوس كتاباً بعنوان " الكبير داخل الصغير : المسيح الدجال هو إحتمال سياسي وشيك  الوقوع وهو يشمل قمة البروتوكولات ". هذا العنوان يوضح فكرة شائعة جداً في الأدب المعادي للسامية في القرن التاسع عشر ، وهي أنه بعد الثورة الفرنسية بدأ التحضير لعملية تعلن مجيء المسيح الدجال فتصبح إذاً  رؤيا نهاية العالم ماثلة للعيان وواقعة.

وفي سنة 1905 كان الإقبال على كتاب سيرج نيلوس الذي يحوي في هامشه " بروتوكولات حكماء صهيون " ، إقبالاً خفيفاً ولم تتعد عدد نسخه  الألفي نسخة. وفي سنة 1911 ـ 1912 ظهرت طبعات جديدة لكتاب نيلوس تحوي البروتوكولات. أما الإقبال عليها فظل خفيفا أيضاًً. وفي سنة 1917 ظهر الكتاب مرّة أخرى تحت عنوان " هو قريب جداً .. على الباب " المسيح الدجال آتٍ ، وبسط سلطان الشيطان على الأرض قريب " . وكذلك هذه النسخة الأخيرة لم تلق سوقاً رائجة لها ، ولكن  الإمبراطورة تحتفظ لديها بنسخة في غرفتها في القصر حيث قتلت عائلة القيصر. وهكذا ربط الروس بين وجود هذا الكتاب لدى الإمبراطورة وبين مقتل عائلة القياصرة بحيث عزوا هذا الحادث إلى جريمة  شعائرية أو طقوسية  دينية ـ يهودية . إذ أن الإمبراطورة كانت قد رسمت صليباً معقوفاً في فتحة النافذة إلى جانب وجود كتاب البروتوكولات، مما يؤكد وجود مخطط يهودي بولشفي ضدها وضد القيصر.

فبعد أحداث كهذه بين سنة 1918 و 1920 أصبح كتاب البروتوكولات ذو شهرة عالمية . وبعد ثورة أكتوبر انتشر الكتاب أكثر على الصعيد العالمي وأعتبر المروجون له والمناصرون للقياصرة أن هذا الكتاب هو " الجريمة اليهودية " حيث سيخنق اليهود بدولتهم العالمية كل بلدان الغرب. سيبدأون بإسقاط روسيا  كما سيعمدون إلى تدمير باقي الملكيات الأوروبية.أما العولمة الأولى فستبدأ  سنة 1920 عندما تترجم البروتوكولات إلى كل اللغات الأوروبية . كما ترجمت سنة 1921 إلى اللغة العربية بعد وعد بلفور، ليس من قبل المسلمين بل من قبل المسيحيين العرب . كما حصلت سنة 1925 ـ 1926 ترجمات أخرى في فلسطين وسوريا .

في سنة 1951 قام المسلم محمد خليفة التونسي بنشر أول ترجمة عربية كاملة في القاهرة سبقتها مقدمة طويلة لخّص فيها الأطروحة  المتداولة والشائعة في العالم العربي عن الأصل الصهيوني للبروتوكولات ثم تبعتها ترجمة أخرى عزيت لعباس محمود العقاد. وكان هناك تدويلين اثنين لنصوص البروتوكولات : ابتداءً من عام 1981 ـ 1919 حيث عملت البروتوكولات بمثابة ماكنة حربية ضد اليهودية ـ البلشفية .

وتحولت قضية كتاب البروتوكولات إلى آلة دعائية من قبل السلطة الهتلرية ، ومن ثم ، منذ تأسيس دولة إسرائيل ، أصبحت البروتوكولات ، خاصة في العالم العربي ـ الإسلامي ،  بمثابة ماكنة حربية  ضد الصهيونية تتيح إمكانية تأسيس وتدعيم وتغذية النزعة المعادية للصهيونية الشيطانية  وذلك طبعاً لتمييزها عمّا هو نقد شرعي لسياسة إسرائيل  أو حتى للمشروع الصهيوني بمجمله.

ويشدد المؤرخون الفرنسيون المعاصرون الموالون لإسرائيل في وسائل الإعلام الفرنسية قائلين : كنّا نعرف ، من خلال أعمال هنري رولان ، جون س. كورتيس ، ونورمان كوهن ، أن البروتوكولات المزيّفة تم تاليفها في باريس من قبل دوائر أوكرانيا ، والبوليس السياسية القيصري تحت إشراف وإدارة راتشكوفسكي. فقد أثبتت الأبحاث الحديثة للمؤرخ الروسي ميخائيل ليبيخين أنه قد ظهرت أول طبعة للتأليف المزوّر للبروتوكولات في فرنسا بين عامي 1900 ـ 1901 من قبل ماتيو غولوفينسكي، الذي هو أحد عملاء منظمة الأوخرانا  في ذلك الحين .فكيف أمكن لنص  ثبت أنه مزيف  أن يكمل مساره حتى نهاية القرن العشرين، وكيف نفسر قوة هذا الاستمرار  والتواصل  والتوارد  والتجدد التاريخي ؟ ويجيب تاغييف :أما تفسيري  لهذه  الظاهرة  فهو أن مقاومة الفكر النقدي ليس إلاّّ دليل على أننا لا نزال بحضرة تشخيص أسطوري . من هذا المنطلق نستطيع التمييز بين خمس وظائف لأسطورة التآمر العالمي اليهودي :

1-  وظيفة التفسير : تغذي الأسطورة الحاجة إلى المعرفة ، بإعطاء معنى للحركة الفوضوية  للتاريخ وبجعل الحقيقة الاجتماعية ـ السياسية  قريبة من الفهم . وعبر البروتوكولات يتوضح كل شيء. فالمعتقد يصبح سهلاً والغامض يصبح شفافاً . وهكذا توهمنا  البروتوكولات بالفهم عبر إبراز وحشية العدو الأبدي للجنس الإنساني.

2-  الدفاع ضد التهديد :  إن الإفصاح عن المخططات الخفية للأعداء هي الطريقة الأكثر فعالية لمحاربة الأعداء السريين. فالبروتوكولات تؤلف أداة حرب وكسلاح دفاعي. تستطيع المحاربة ضد المتآمرين بالإشارة إليهم كذلك  بطريقة غير مباشرة يجعلهم يتكلمون من خلال مشروعهم الجهنمي بالسيطرة الكاملة على العالم .

3-  إضفاء الشرعية : إن نشر البروتوكولات أستخدم أساساً  كوسيلة لتبرير استئصال وذبح اليهود وإبادتهم فحرّضت  بإسم الدفاع المشروع عن النفس ضد المتآمرين. التحرك ضدهم ومن ثم تبرير هذا التحرك والنشاط بنفس العلل  والأسباب.

4-  وظيفة سياسية : أو أسطورية ـ سياسية . لقد أوجدت  البروتوكولات كآلة لصنع العدو المطلق، ولإنشاء الغريب المكروه الذي يحلّ كل شيء ضده . فالبروتوكولات لا تدعو فقط إلى عزل وإبعاد وإقصاء  الأعداء الجهنميين فحسب ، بل وأيضاً ، وخصوصاً ، تدعو إلى قتل واستئصال وإبادة هؤلاء الأعداء بصورة نهائية لأنهم يعتبرون سبب كل شقاء للبشرية . فالبروتوكولات تحقق بشكل أفضل  الدعاية إلى كره الأجانب  وتحجيم الأعداء. فالعدو الوحيد إذاً مصنّف  ومعروف بأوجهه المتعددة التي يرمز إليها بالتالي : اليهودية ـ الماسونية ـ الثورية ـ الاشتراكية ـ الفوضوية ـ الشيوعية  ـ التسلطية ـ الرأسمالية ـ اليجمهورية ـ الصهيونية ـ الإمبرياليةالخ

5-  وظيفة التطهير: إذا كان نص البروتوكولات  قد أعطى مفعوله جيداً ،  وإذا كان  بالإمكان إعادة نشره وتنقيحه ، فهذا قد حصل نسبة إلى غير محدوديته  التاريخية . وهذا ما يشكلّ حسنة رمزية : لقد جرّد النص كفاية حتى أصبح  يطبّق على أية حالة وأي ظرف . فالبروتوكولات في جميع الأزمات حيث معنى الأحداث واسع وغير محدد ، تعطي للأحداث حجماً  ومغزى بشكل  يجعلها تفسّر الوقائع من خلال الرجوع إلى المؤامرة اليهودية العالمية التي تهدف إلى  السيطرة على العالم. وهذه الوظيفة تفسر قدرة جاذبية نص البروتوكولات المزيفة عندما يتوضح  تزييفها . إنها وظيفة عاطفية خيالية  بالإرتياح  لإيجاد سبب للسلبيات في العالم، الذي مهمته العنف ، القتل  ، وإنتهاك القوانين الطبيعية. فالبروتوكولات تعلن أن الوحوش موجودة في كل مكان  وتوهم بأن الشيطان المتعدد الوجوه هو الذي يحكم العالم . وبالاضافة إلى جاذبية السر  والمجهول ، هناك  دهشة الشر ، والتطهير الآلي للقراء  المقتنعين بالنص وأصالته ، وتصنيفهم الآلي بالأنقياء في مواجهة قوى الشر السرية .

المزيِّف : ماتيو غولفينسكي:

بعد خمسة أعوام من البحث ، توصل مؤرخ روسي إلى تحيد هوية كاتب أو مؤلف " بروتوكولات حكماء صهيون " .

مؤلف البروتوكولات؟ ها هو. يقوم المؤرخ ميخائيل ليبخين بإبراز صورة رجل ذو لحية  وذو نظرة لطيفة: " لقد قضيت أكثر من خمسة أعوام في البحث في السجلات في روسيا للإطلاع على حياته . ان مؤلف " بورتوكولات حكماء صهيون " يسمى ماتيو غولفينسكي  من سلالة الشرفاء في منطقة سيبرسك  فالمؤرخ ميخائيل ليبخين من الجيل الجديد للباحثين الذين ننتظر منهم الكثير لأنه إذا كانت المحفوظات السوفياتية السابقة كمغارة علي بابا، فإنها لا تزال لغزاً حيث لا يستطيع الباحثون إلاّ التقاط الفتات.

ففي نهاية سنة 1900 أو بداية سنة 1901 كتب غولوفينسكي بروتوكولات حكماء صهيون يؤكد ليبخين  لقد أكتشفت الترجمة الأولى باللغة الروسية. فهي تعود إلى 9 تشرين الثاني في عام 1901 . كتب الكتّاب  من دون  أن يتيقين من تأثيره. فبالنسبة لغولفينسكي الكاتب المعزول إلى باريس . لقد كانت كتابة البرونوكولات عملاً يعتاش منه  لا أكثر ولا أقل .

وقد انتقدت روسيا  سياستها حيال اليهود . ونيقولا الثاني قد تأثر  بهذه النظرة المهينة. ولذلك من المحتمل أن تكون البروتوكولات فكرة نمت في ذهن بيير راتشوفسكي  رئيس دائرة المخابرات السرية الروسية في الخارج كأداة لتبرير السياسة الداخلية لبلده. " بالنسبة له غولوفينسكي ليس عميلاً ولكنه زميلاً بحاجة إلى أن يكتب ليعتاش" . يؤكد ليبخين قائلاً" فحياته  بأكملها ثبتت ذلك. لم يكن غولفينسكي يوماً رجل تزعجه الآراء السياسية، يتابع ميخائيل ليبخين :" فبعد ضربة الدولة البولشفية ، نجده بالقرب من لينين. عائلتان صديقتان هما عائلة " أوليانوف  ـ وهو الإسم الحقيقي للينين " و عائلة غولوفينسكي  ، كانتا مشتركتان  ومهتمتان بعمل مشترك : تعليم  التشوفاش  شعب الفولغا  . وحدها هذه العلاقة  يمكنها تفسير صعود غولفينسكي إلى قمة الحكم البولشفي . فبين سنة 1918 و 1920 أسس منظمة " الرواد " الأطفال ذوي المناديل الحمراء " ، وساعد تروتسكي  في تأسيس التعليم العسكري ، وكذلك نظّم  الطب الاشتراكي  ، وأسس معهد الرياضة البدنية التي جعلت من الاتحاد السوفيتي القوة الرياضية العالمية التي نعرفها. أما نهاية حياة مؤلف " بروتوكولات حكماء صهيون " فهي غامضة كحياته . فقد توفي ربما في تبروغراد سنة 1920 دون أن يعرف نجاح عمله هذا .   

 



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاريع التسلح العراقية: واقعها ومخاطرها
- د. نصر حامد أبو زيد ومسألة التأويل وفلسفته
- أبعاد الحملة الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية
- العراق: لعبة القط والفار في تهريب النفط العراقي
- حقيقة الحوار بين الأديان
- حرب المخابرات لن تقع؟
- الإسلام في مرآة الإعلام الغربي الإسلام الأصولي والإسلام العص ...
- اليورانيوم المنضب ّ: الحرب غير المرئية
- النظام السياسي الإسرائيلي
- هل بدأ العد التنازلي لمصير نظام صدام حسين في العراق فعلاً ؟
- زمن المرارة بين واشنطن والرياض
- الإسلام والأصولية التاريخية
- الشرق الأوسط بين طموحات الأمريكيين وعجز الأوروبيين واستسلام ...
- الانتفاضة الفلسطينية في مرآة الإعلام الإسرائيلي
- الحق القديم : وثائق حقوق الإنسان في الثقافة الإسلامية
- منى أيوب :- الحقيقة : سيرة ذاتية
- مونوبولي MONOPOLY
- الإسلام السياسي وإشكاليات الديموقراطية السياسية المعاصرة : ن ...
- البعد الأيديولوجي لنشوء الإسلام السياسي: رؤية غربية
- بغداد المنفى والحنين


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بشارة - " إختيار كبش الفداء " أضواء جديدة على كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون : إختلاق المؤامرة اليهودية"