أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - برنامج الحكومة بين الجدة ونسخ ما سلف: مازالت حليمة على عاداتها القديمة















المزيد.....

برنامج الحكومة بين الجدة ونسخ ما سلف: مازالت حليمة على عاداتها القديمة


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 3617 - 2012 / 1 / 24 - 00:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


إن رفع الحجاب على برنامج حكومة عبدالإله بنكيران وفحواه ومضمونه يؤكد من جديد أن التغيير الذي طالما انتظره المغاربة و "زكلوا" عبر خمسة عقود أكثر من موعد للقائه، مازال في خبر كان. إذ أنه، إن على مستوى المنهج أو غياب سبل التحقيق وغياب توضيح آليات تحقيق الأهداف المعلنة، يظل برنامج الحكومة مثل مختلف برامج الحكومات السابقة رغم أن برنامج الحكومة الحالية مطالب بتدشين تفعيل الدستور الجديد. فهل ستظل "الفكوسة معوجة أصلاً" ولا سبيل لتقويمها إلا بالتكسير، سيما وأن هذا البرنامج من المنتظر أن يحصل على ثقة البرلمان بسهولة بحكم توفر فريق بنكيران على أغلبية مريحة جداً بمجلس النواب (224/395)؟

في واقع الأمر إن المغاربة لا يطالبون اليوم ببرنامج فحسب، وإنما برؤية توضح فشلات الماضي وما انطوت من إيجابيات وسلبيات، وترسم ملامح المستقبل، هذا هو السبيل الأنجع الآن لإعداد المغرب والمغاربة للتصدي للتحديات والمعضلات ومواجهتها، وما أكثرها وأعوصها...

لقد تأكد بما يكفي أنه لا يمكن أن نطمح إلى التقدم وتغيير واقع الحال المزري، كما لا يمكننا أن نعيش وننمو، إن لم نقم من حين لآخر بتحليل شامل للمجتمع وماذا ينقصه لوضع الأصبع على ما يطمح إليه. وهذا ما لم يتوفق فيه برنامج حكومة بنكيران في عكسه بوضوح كما كان منتظراً. علماً أنه لم أسمع يوماً بالمغرب السعيد، منذ حصوله على الاستقلال –الكامل حسب طغمة والأعرج حسب البعض والشكلي حسب الكثيرين- أن تم القيام بعملية نقدية لأية سياسة تم اعتمادها، حتى تلك التي طوّعت بالبلاد والعباد إلى الهاوية. وهذا أمر يعكس –في العمق- القيمة التي يوليها القائمون على الأمور للشعب والإنسان المغربي، إذ في نظرهم لا يهم على الإطلاق أن يفهم المواطن أو أن يكون على علم. إن القائمين على أمورنا ظلوا يقررون وكفى –"وليشرب الشعب البحر"- ولا يهمهم إن نجحوا أو فشلوا، لأنهم يعتبرون أنفسهم أنهم على علم –علم اليقين- لا حساب ولا مساءلة ستتبعهم، كأنهم يتصرفون تصرف المالك في ملكه كيفما أراد وكما يحلو له.

كنّا نود أن يشكل الدستور الجديد –على علته- فرصة غير مسبوقة في المغرب لإعداد برنامج حكومي يأخذ بعين الاعتبار هذا المعطى، ولو على صعيد نهج تقديمه وعرضه وتوضيح آليات تحقيقه، حتى لا يظل مجرد متمنيات كما كان سابقاً.

فكم من سياسة اعتمدناها –وأغلبها فاشلة- لكن لم يسبق تقييم إحداها علنياً وبشفافية للوقوف على مواطن الخلل. بل هناك من هذه السياسات ما اعتمد عليها البرنامج الحكومي الحالي دون توضيح مجالات التغيير التي ستطالها مادام تأكد فشلها منذ مدة. إنها من بين الأسباب التي جعلتنا عديمي القدرة على تراكم خبرة فعلية مجدية. ويزيد ا لطين بلة بفعل غياب رؤية شاملة، مما جعل 50 سنة تذهب سدى بالنسبة للأغلبية الساحقة للشعب المغربي. وهذه حقيقة مرّة رغم أن الكثيرين لم ولن يتقبلونها.

فعلاً، بالمتابعة والمعاينة، قد يقول قائل أننا حققنا جملة من البنيات التحتية الضخمة وحققنا تقدما نوعياً نسبياً في بعض جوانب ظروف الحياة، لكن كل هذا لم يرتكز على منظوم داخلي يسمح بالتطور وتراكم خبرة تدبير آليات التنمية المندمجة المعتمدة على الذات. وهنا تكمن أخطر معضلة نواجهها الآن، سيما أن مصادر ثرواتنا الوطنية هشّة جداً وقابلة للانهيار في أي وقت، الشيء الذي ظلّ يسهل خضوعنا وخنوعنا للخارج (العم سام، أوربا، صندوق النقد والبنك الدوليين بل والأشخاص ذاتيين أحياناً...).
يبدو أن القائمين على أمورنا أُجبلوا على أن يسيطر عليهم الفكر الآني واللحظي، "وغداً مولاها ربّي"، وظل تفكيرهم واهتمامهم ينحصران على الحاضر ليس إلا.
لطالما تحدى البروفسور المهدي المنجرة –الذي يعتبر من القلائل جداً الذين تابعوا مسار البلاد بوطنية ومصداقية وعقلانية- القائمين على الأمور والحكومات المتعاقبة على المغرب أن يدلوا برؤية تؤطر عملهم. ومع الأسف الشديد مازال الأمر قائماً إلى حد الساعة.

الغريب في الأمر، إبّان مرحلة الاستعمار والظلم والجور و الاستغلال المفضوح، كانت هناك درجة مهمة من الشفافية. كان المستعمر الفرنسي يُعلن بكل وضوح عن رؤيته التي يمكن اختزالها في "المغرب النافع والمغرب غير النافع". آنذاك كانت الأمور واضحة، إذ كانت هناك رؤية شاملة –محددة المعالم ومضبوطة المقاصد ومعلومة الأهداف- للمستعمر الفرنسي. كما كانت، زمنئد، رؤية النخبة المغربية التواقة للتحرر والاستقلال والانعتاق من الاحتلال –سيما بين 1934 و 1954- واضحة وشفافة المعالم. لقد كانت رؤية بلورتها الحركة الوطنية في مختلف المجالات والقطاعات السياسية، الاقتصادية، المالية والتعليمية...

لكن بعد الاستقلال تم التخلي عن شفافية ووضوح الرؤية، بل عن مبدأ الاعتماد على الرؤية بعد أن تم التخلي عن تلك الرؤية التي عرفت أوجها مع حكومة عبد الله إبراهيم، التجربة اليتيمة في تاريخ المغرب. وظللنا نهيم على أرض المغرب السعيد بدون رؤية شاملة محددة المقاصد والأهداف إلى حد الآن. إن الرؤية الوحيدة -إن أمكن تسميتها رؤية تجاوزاً- التي عرفها المغرب السعيد وهي تلك "الرؤية" التي كانت تخطط للفساد والمزيد من الفساد والنهب إلى أن وصل الأمر ببلادنا أن لا يكون مستقبلاً لأن شيء فيها ما عدا شيء واحد، هو الفقر والتفقير، وفي هذا الصدد سبق للبروفسور المهدي المنجرة أن قال "في المغرب شيء واحد له مستقبل إنه الفقر والفقروقراطية".

لقد تخلت النخبة عن فلسفة تلك الرؤية التي بلورتها الحركة الوطنية وعرفت أبهى ترجمتها على أرض الواقع في برنامج حكومة عبد الله إبراهيم.

تخلت نخبتنا عن تلك الرؤية وفضلت الارتزاق أو التحالف مع مصالح الاستعمار بلباس الاستعمار الجديد، إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه الآن.

لقد كانت بلادنا تتوفر على رؤية في فجر "الاستقلال" وكان حولها إجماع المغاربة. آنذاك كانت النخبة مازالت مرتبطة نسبياً بالشعب، عندما لم تكن سائرة على درب الارتزاق.

لكن النخبة المرتزقة الآن تتوفر فعلاً على رؤية خاصة بها، لكنها غير معلنة. إنها رؤية البقاء في السلطة ودوائر صناعة القرار لأطول فترة ممكنة للمزيد من الاستفادة، إنها الرؤية التي اعتمدتها بعد أن تمت "مخزنتها"

ومع استمرار غياب رؤية واضحة المعالم ومحددة المقاصد ودقيقة الأهداف، طغى عدم الوضوح في العمل الحكومي والضبابية في المجال السياسي عموماً، وبذلك سيبقى الزيف ينكشف من حين لآخر وستظل العدالة الاجتماعية بعيدة المآل على أرض الواقع رغم تقريبها في الخطابات الرنّانة وستزداد الفوارق الاجتماعية بين الكمشة الأكثر والأفحش عنى والسواد الأعظم الأكثر فقراً يوماً بعد يوم، وسيبقى اعتماد الكذب والنفاق والمكر السياسي من طرف المتحركين على الركح السياسي في مغربنا السعيد هو السائد، وبذلك سنكون مرّة أخرى قد فرطنا في موعد مع التاريخ لبناء مستقبل أفضل فعلاً وفعلياً.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من صلب الديمقراطية
- نحن في وضع لا نحسد عليه
- نحصد ما زرعنا معضلتنا المستدامة افتقارنا للرؤية
- على هامش منع مجلة -لكسبريس- و-لونوفيل أوبسيرفاتور- الفرنسيتي ...
- هل سيبقى -المصباح- مضيئاً أم سرعان ما ستنطفئ فتيلته؟!
- لماذا أنار -المصباح- القنيطرة لما انكسر -الميزان- ودبلت -الو ...
- هل ستكون انتخابات 25 نونبر حاسمة فعلا؟ أم أن الجبل تمخض لينج ...
- -الجيش الجزائري يعرقل مسيرة الاستقرار والتطور الاقتصادي في ا ...
- الخطة المغربية لتغيير ملامح الشمال في أفق 2025
- تغيير النظام الجزائري أضحى أمرا ضروريا لضمان للاستقرار الإقل ...
- محمد بلحسن الوزاني مواقف شجاعة و تهميش سياسي
- -الجزائريون يتحملون النظام على مضض في انتظار يوم الفرج-
- لا مناص من محاكمة مافيا جنرالات الجزائر
- متى تستفيق أحزابنا من سباتها العميق؟
- المغرب يتوفر على قضية عادلة ولكنه لا يتوفر على محامي بارع
- الفكر الظلامي الرسمي بالمغرب
- لجولة 7 للمفاوضات غير الرسمية انكشاف دور الجزائر في النزاع و ...
- ليس هناك أحزابا سياسية بالصحراء المغربية بقدر ما هناك تحزبات ...
- المغرب - الجزائر المفاوضات السرية الأولى
- الظرفية الراهنة تستوجب تحصين أقاليمنا الجنوبية سياسيا، إقتصا ...


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - برنامج الحكومة بين الجدة ونسخ ما سلف: مازالت حليمة على عاداتها القديمة