أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - ماكنة الدعاية البعثية الغوبلزية ...هل هي سبب معاناة العراقيين ؟















المزيد.....


ماكنة الدعاية البعثية الغوبلزية ...هل هي سبب معاناة العراقيين ؟


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 3611 - 2012 / 1 / 18 - 19:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في مقال للسيد عبد الخالق حسين بعنوان " حول ماكنة الدعاية البعثية الغوبلزية في التضليل " نشر في الحوار المتمدن يوم 14/ 1/2012 اشار، الكاتب ، الى ان اكبر آفة ابتلى بها العراق بعد الطائفية ، هي آفة حزب البعث وان اسؤ ما في البعث ، بعد مظالمه وحروبه العبثية وممارساته للارهاب سواءا كان في السلطة او خارجها ، هو تمتعه بجهاز اعلامي ضخم متقن ومتفنن في صنع الاكاذيب والاشاعات وبثها على اوسع نطاق. فقدرته على التضليل وخدع " كذا " الرأي العام العراقي والعربي فاقت حتى قدرات ماكنة الدعاية النازية تحت امرة غوبلز !! ثم ادرج بضعة صور من هذا التضليل البعثي، الحالي ، الساحق وعرّج الى ادراج عوامل تمكينه لينتهي الى "خلاصة " مضمونها ان البعثيين نجحوا في تمرير اكاذيبهم ولعبتهم في تشويه صورة العراق الجديد، حتى على الناس الطيبين الذين عانوا الكثير من مظالم البعث الصدامي ، حيث صاروا يشاركونهم في ترويج الدعايات المسمومة " ويلاحظ الكاتب ان البعثيين وحلفائهم اعتمدوا ، لتحقيق غايتهم هذه ،الارهاب الفكري وابتزاز كل من يرفض السير على نهجهم حتى بات من يحترم عقله ويرفض ثقافة القطيع يواجه محنةالاتهام بالطائفية ويوصف بانه من كتاب السلطة !
يدرج الكاتب، ترصينا لدراسته بشان ماكنة الاعلام البعثية ، بضعة عوامل يعتقد انها السبب في التمكين لهذه الالة وقدراتها الفذة فنجد انها تتمثل في 1- ايديولوجيتهم الشمولية ،و2- تشويه سمعة الخصوم ،و3- تراكم الخبرة في التضليل ، حيث نعلم ان البعث قد" ارسل الاف البعثات الى الدول الغربية للتخصص في الاعلام والسيطرة على الراي العام وتوجيهه كما يريدون والحرب النفسية "!! ونعلم ان صدام انشأ شعبة في المخابرات اختصت بالحرب النفسية كانت مهمتها الحرب على العراقيين لا اعدائهم وانها كانت "تطبخ الدعايات والاشاعات والنكات" التي تسيء الى مكونات الشعب العراقي وتعكس عداء صدام لها ويستشهد السيد الكاتب بمقال لكاتب آخر يقول ان النكات التي تنال من الاكراد والشروكية والدليم عكست موقف النظام العدائي بازاء هؤلاء وفقا لكل فترة من الفترات التي استحكم فيها عدائه لها ، حتى اننا صرنا نسمع النكات عن قبيلة الدليم بعد تصدى الشهيد محمد مظلوم للنظام .ويضيف السيد عبد الخالق الى هذا الاقتباس ان "هذا الجهاز الاعلامي مازال فاعلا اليوم تدعمه عشرات الفضائيات العربية ومواقع الانترنت ". 4- الاستفادة من التراث والثقافة الاجتماعية فموروث العراقيين من التسلط والاحتلال العثماني جعلهم يصدقون ما روجه البعث من وصف "للتحرير الامريكي بالاحتلال الغاشم" 5- الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وثورة الاتصالات ووسائل الميديا التي تسهل حتى للفرد الواحد القيام بتأليف الدعايات المضادة وتزوير وثائق ونشرها على أوسع نطاق بسهولة وسرعة، وبتكاليف طفيفة. ثم 6- وجود شريحة واسعة من الناس سريعو التصديق بكل ما يتلقون دون إعمال العقل والتفكير النقدي أو القدرة على تحليل ما يقرؤون لفرز المعقول من اللامعقول. لقد عمل جهاز البعث الإعلامي لأربعة عقود على التجهيل المتعمد، وتفتيت النسيج الاجتماعي، وتدمير العقل، ليسهل بذلك على البعثيين ترويض العراقيين وإخضاعهم لإرادتهم بالشكل الذي يريد منهم البعثيون، وتصديق إشاعاتهم بدون أي اعتراض أو إخضاعها للتفكير النقدي، وإعمال العقل فيما يتلقون من خرافات وإشاعات7- تعقيدات الوضع العراقي: حيث استفاد البعثيون من تعقيدات الوضع العراقي وبالأخص الاستقطاب الطائفي والتي ادت فيما ادت اليه الى الاصطفاف الطائفي وصعود نجم الاحزاب الدينية وخسارة اليسار الذي بدء يلقي بالاتهامات جزافا ويصطف مع البعث دون وعي 8- الاستفادة من طائفية الحكومات العربية .
ويوضح لنا الكاتب ، انه تطرق الى هذا الموضوع ويتطرق له بين آونة واخرى وسيتناوله لاحقا ، كلما تطلب الامر ذلك وكلما صدرت عن ماكنة البعث الغوبلزية، هذه ، اشاعات جديدة وطرق تضليل جديدة ، فنعلم ان السيد عبد الخالق حسين قد آلى على نفسه مواجهة هذه الماكنة الخطيرة ، وهو امر نشفق عليه منه ،لان مواجهته ، وفق ما وصف من قدرات مستحيلة لايمكن بقدرات محض فردية ، مهما تمكنت . ثم يبين ما يراه من فعل هذه الالة الشيطانية فاذا هو بضعة رسائل تلقاها الكاتب المذكور من بعض الاصدقاء تشير الى اكاذيب وافتراءات بحق السيد رئيس الوزراء او نجله او بعض الوزارات والوزراء من طائفة معينه ، نقلت له عبر اصدقاء اطلعوا عليها او اطلع عليها هو نفسه في مقالات معينه او تبنتها بعض الفئات التي ظلت الطريق وبدات تسير في ركاب الدعاية البعثية من حيث لا تعلم ! الامر الذي يسخر الكاتب من تهافته فيصفه بكونه " هذيان " و" افتراءات لا تدل على ذكاء بقدر ما تدل على غباء كاتبها واستماتته في تشويه الحقائق، واستغفال عقول العراقيين وإهانة ذكائهم"، ثم يردف و"ما تقدم هو غيض من فيض ، ومن هالمال حمل جمال ، كما يقول المثل العراقي " انتهى. وحيث ان وجهة النظر وطريقة تفسير الوقائع هذه ليست وقفا على السيد الكاتب ، وانما يتبناها ويكتب في ضوؤها عدد من الكتاب والمهتمين بالشان السياسي ارى من الضروري مناقشة هذه الافكار بروّية وحياد والبحث عن مغزاها الحقيقي ومدى جدارتها او حضها من الحقيقة والقدرة على التعليل وبالتالي تحقيق النفع .فماذا نجد من ذلك كقراء ؟!
اننا نجد انفسنا ، منذ البداية ، بازاء تناقض بيّن وارتباك واضح،وبعد عن الموضوعية يوقع الكاتب فيه نفسه بنسبة تلك الامكانات المتميزة، بل غير المسبوقة ، الى ماكنة طالما عرفت بالبؤس والهزال حتى في قمة سطوة البعث وتسلطه على كل مقدرات المجتمع ! ولنتناول مفردات مقاله بالتحليل ، فهو يصف حزب البعث بانه اكبر آفة ابتلى بها المجتمع العراقي،والافة ، كما هو معلوم،و سواءا كانت مرضية وبائية او اجتماعية او اخلاقية او فكرية، حالة تسيطر على المجتمع او غالبيته او قطاع مهم منه ، فلا تترك له منها فكاكا او خيارا ذلك انها تتضمن آلية لاعادة انتاج نفسها وذر قرنها والتشبث بمواقعها معتمدة على حالة من القبول ناجمة عن الضعف او التخلخل او الاضطراب او عدم القدرة على المواجهة، والتكيف ، لدى الكائن الحي الفرد او الكيان الاجتماعي، فآفة وبائية مثل الطاعون او الكوليرا وغيرها، كما يعلم السيد الكاتب وهو الطبيب ، ، تتضمن قدرة جرثومية ، فايروسية او بكتيرية لاقبل لدفاعات الجسم بها وهي تملك قابلية كبيرة على اعادة انتاج نفسها في دورة سريعة والعدوى والانتشار باسرع من قابلية المجتمع على التحوط والمواجهة الا بعد جهود استثنائية وخسائر جمة ، وآفة الافيون والمخدرات تعتمد آلية الانغماس والتعود حيث لايستطيع الجسم العودة الى اداء وظائفه الاعتيادية دون تناول المخدر او العقار موضوع الادمان، وتجد قدرتها على الاتساع والتاثير في جملة ظروف اجتماعية ونفسية تخرج عن اطار مقالنا هذا ، والفساد يمكن ان يكون آفة اجتماعية تتسع وتتجذر وفق شروط اجتماعية وسياسية واقتصادية تخص الفرد والمجتمع والدولة وينطبق عليه ما ينطبق على الافات الاخرى من سمات وطرائق للمواجهة والعلاج الذي يكون في اغلب الاحيان مضنيا وطويل الامد لايمكن تحقيق نجاحات سريعة وحاسمة فيه الا بتظافر جهود وشروط استثنائية ، ويمكن القياس بهذا الشأن والتعميم بخصوص كل آفة مع ضرورة ادراك والتعامل مع خصوصية ومتطلبات كل حالة . فهل يصح القول ان البعث هو آفة ابتلى بها المجتمع العراقي والى اي مدى ؟ ام ان المفردات والتعابير امرلايعنينا كثيرا حينما ندبج شيئا متصورين انه كبد الحقيقة ؟! ان حزب البعث ، ظاهرة سياسية، افرزتها ظروف العالم العربي في عقود الاربعينات والخمسينات ، كما افرزت عشرات الظواهر والتنظيمات القومية والوطنية المشابهة ،واعتماده الانقلاب والتآمروالاساليب اللاديمقراطية في الوصول الى الحكم ممارسة تنشأ عن وضع اجتماعي ومستوى تطور تاريخي معين وعدم قدرته على انتاج سلوك و ممارسات ديمقراطية حقة تنسجم مع الادعائات العريضة على صعيد الفكر والشعارات ، وهي ممارسة لم تكن تقتصر على حزب البعث ، غير انه بفعل قدراته الذاتية وايمانه ان السلطة هي مفتاح التغيير دون التوقف ، طويلا ،عند سبل الوصول اليها ، وجملة ظروف ومتطلبات اقليمية وعالمية ، بالاحرى تدخلات ومرامي تخص المنطقة عموما وبعض اقطارها خصوصا ، وبفعل طبيعة ومستوى وعي وممارسة القوى السياسية العراقية المؤثرة يومذاك ،نجح في ان يكون الاداة المنفذة وتمكن او مُّكن من السلطة في بلادنا واماكن اخرى حيث استعير كغطاء ايديولوجي مناسب لانقلابات عسكرية جاهزة ومدعومة ومحددة الغايات ! كان هو، حزب البعث ، بالنتيجة ، كافكار وادعاءات وشعارات ، وشخصيات تاريخية ، اول ضحياها لتنتهي الى دكتاتوريات عائلية او عشائرية او فئوية في افضل الاحوال وليتحول الكيان التنظيمي له الى اطار للانتهازيين والوصوليين ساند للسلطة والطاغية دون اية قدرة على النقد او التعديل او المواجهة ، فاين هذه الوقائع من القول بان البعث اكبر آفة ابتلى بها العراق بالاشارة الى ظروف ومعطيات ونتائج الافة كما قدمنا ؟ ؟ هل ادمن العراقيون البعث واستساغوا او اقتنعوا بافكاره وممارساته بحيث وجدوا فيها ظالتهم المنشودة التي لايستطيعون عنها فكاكا ويستلزم الامر جهودا استثنائية لاعادة تاهيلهم فكريا لانهم ملتاثون بهذا النوع من الرؤى والافكار ؟ان معظم ، ان لم اقل كل وقائع حياتنا اليومية ، الان وسابقا ،لاتؤيد هذا المنحى .لقد هزم حزب البعث كافكار وممارسة سياسية منذ امد بعيد، منذ سنواته الاولى في السلطة ، ويكاد تاثيره الحقيقي يكون صفرا دون روافع السلطة والمال والقمع الوحشي التي كان يعتمدها .وبقي مجرد نظام فردي متسلط لا يحضى باية قاعدة اجتماعية وشجرة منخورة تعتمد الديماغوجية من اعلى والزيف والنفاق من اسفل ،تهاوت عند اول مواجهة ، بل ربع مواجهة مع الغرب وامريكا التي كفت عن ان تكون موآزرة ومستفيدة ، في العلن او في السر ، ولم يكن اي من فتى او صبي في شمال اووسط او جنوب العراق ، ناهيك عن البالغين من الرجال والنساء ، الا ويدرك طبيعة السلطة والبعث ويضحك منهما عبر سيل من النكات ما ان يشعر بمأمن ، فاين هذا الامر من القول بان البعث كان آفة !!. بقي لدينا امر تلك الماكنة الجهنمية اللعينة التي نجحت ومازالت ،في تضليل العراقيين والعرب بحيث حولتهم الى خدم لمراميها وغاياتها دون وعي وبالضد من مصالحهم ذاتها ... وامر" الاف البعثات المتخصصة في الاعلام و توجيه الرأي العام "والسيطرة على الوعي الجمعي والحرب النفسية . نعرف كلنا امر تفاهة تاثير وفقر الاعلام البعثي والسلطوي وكيف انه لم يلد او يبرز اسما عراقيا واحدا مؤثرا ومقنعا على هذا الصعيد مما الجأه الى شراء الاقلام العربية " اسماء معروفة ومرتشية من الاعلاميين والفنانين من صحف ومجلات معروفة تاتمر بامر الخليج او الغرب وامريكا ، خصوصا خلال فترة الحرب العراقية الايرانية ولاسباب لا تحتاج الى توضيح ، اما وسائل اعلام النظام من صحف وتلفزيون واذاعات فكانت فقيرة فقرا مدقعا ومحل سخرية وتندر العراقيين من سخفها واسفافها وتلفيقاتها المفضوحة ولغتها الركيكة رغم انها كانت تحتكر الساحة الوطنية وتعمل بلا منافس، فاين خبرة "الاف البعثات المتخصصة في الغرب " تلك ،ومن هم ممثليها ، واين تاثير شعب ومديريات الحرب النفسية المتمكنة تلك ، لا اعرف ،فقد عشت طوال سنوات الجمر في العراق ولم نشهد الا واقعا اعلاميا هزيلا ولم نقرأ او نسمع او نشاهد الا تلك الاكاذيب والسخافات التي لم تكن تعتمد الا على السباب والشتائم والتشكيكات في الاصل والانتماء والوطنية والاتهامات بالعمالة مما رسم ملامح لغة بعثية معروفة كانت محل استهجان وازدراء حتى غير المتعلمين وانصاف المثقفين وعامة الناس وتاثيرها وقدرتها على الاقناع لم يكونا اقل من الصفر فحسب بل ومضادان تماما لمراميها وعكسيان على طول الخط مما جعل حتى راس النظام يشكو على رؤوس الاشهاد وفي التلفزيون من هذا الواقع ويقارنه بما كان عليه الاعلام العربي من قدرات !! فاين هي الماكنة الشيطانية ذات القدرات غير المسبوقة في التضليل ؟! اما اذا كان المقصود هو ماشاع من مهرجان نفاق وزيف وتلميع صورة الطاغية واسباغ الصفات والخصال الاسطورية عليه عبر نتاجات العشرات بل والمئات ، من "الكيولية" والمرتزقة من الاميين الحقيقين ممن تسموا شعراء وفنانين ومطربين ، رقصوا على الام الشعب المقهور وجراحه وعظموا سخافات الطاغية ومارسوا حتى ال.(.... ) له ولابنه وبطيب خاطر ، فهؤلاء ليسوا من الاعلاميين الذين اعدوا في" بعثات الى الغرب" ولا "مختصين في الحرب النفسية" وانما هم سقط اجتماعي وفكري يجد ظالته عند مائدة كل طاغية ويبدي صغاره عند يد كل متجبر ، وهم لايمثلون قدرات شيطانية لاقبل لاحد بها وانما هم بضاعة جاهزة ورخيصة وبرسم البيع دائما وهم اجدر باعادة التربية الاجتماعية والتاهيل الثقافي لو توفر قدر معين، اليوم ، من الشعور بالمسؤولية اتجاه المجتمع وثقافته ، ماضيه وحاضره ومسقبله ، لكننا نجد وياللعجب ان ، هؤلاء، انفسهم ، بلحمهم ودمهم ، وليس مجازا او تورية ، ما زالوا يواصلون مهمتهم بنفس الحمية واكثر بعد ان استبدلوا الزيتوني وسيفونة القائد بما يضاهيها ويحل محلها من ادوات ورموز،و بعد ان تمكنوا او مكنوا من اجهزة اعلامية وقنوات وصحف ومجلات ومواقع رسمية وغير رسمية رغم ان معجبيهم وطباليهم في الخليج وغيرهم يعيرون العراقيين ،باستمرار، بهم ويعدونهم ، عن غير حق ، نموذجا للعراقي وولائاته الموسمية !!
. ان معظم ما يدرجه الكاتب من عوامل تمكين للبعث هي عناصر محايدة تخدم كل الاطراف ولا ترتبط حصرا بآ لة الاعلام البعثية ، ولاتمنحها ميزات اضافية ، فالايديولوجية الشمولية ، ليست ميزة في هذا الجانب وفي هذا العصر بالذات بل هي كانت وماتزال عنصر ضعف وتوهين اما تشويه سمعة الخصوم السياسيين وتاويل تحركاتهم سلبا وترويج الصور الملفقه عنهم فهو امر لا يختص بالبعثيين ولا هو من نواتج عبقرية فريدة وتاثير مهول تتمتع به ماكنتهم الاعلامية بل هو ممارسة مألوفة في كل بقاع الارض ، قديما وحديثا ، وهو شائع على الخصوص في الديمقراطيات الغربية وما تتيحه من حريات ووسائل وقدرات على التملص القانوني من المسؤولية ، وحيث يعيش السيد عبد الخالق في انكلترا وفي امريكا وغيرها هناك سيل لا ينقطع من المعلومات والدعاية السياسية فيها الكثير من تشويه صور الخصوم والافتراءات عليهم والتدخل في شؤونهم الشخصية وكل ذلك تعتبره بلدان الديمقراطية " جزءا اصيلا من قواعد اللعبة ، بل اننا شهدنا ونشهد افتراءات واكاذيب واتهامات بالعمالة فاق ماكان يكيله نظام صدام ويكيله البعثيون حاليا لهم، بين فرقاء متحالفين ضمن التحالف الواحد بل ومقابلات تلفزيونية تضمنت شتائم واتهامات صريحة بقتل العراقيين وتصفيتهم والارتباط بالمخابرات والفيالق الاجنبية والامتثال لاوامرها في كل شيء ، فمن نصدق ؟ و اين الشيطنه والغوبلزية، قياسا بهذا الامر ، في بضعة رسائل ومقالات واكاذيب يمكن الرد عليها وتفنيدها وفضحها بسهولة ؟!بل ان الكاتب نفسه يصفها بالافتراءات الغبية المتهافته والهذيان الذي يدل على غباء صاحبه ؟! اما التكنولوجيا الحديثة وما تقدمه من امكانات جعلت باستطاعة فرد واحد ان يمارس التزييف والتلفيق على مدى واسع ، فهي لا تخص البعث وماكنته بل هي سلاح ذو حدين على حد تعبير الكاتب يمكن ان يكون في خدمة الجميع ، كذلك وجود شريحة واسعة سريعة التصديق ولا تمتلك الكثير من الحس النقدي ، فهو امر موجود في كل مجتمع بل ان المجتمعات المتقدمة تضم شرائح وقطاعات واسعة جدا من هؤلاء تفوق ما موجود في الشرق والاوسط منه خصوصا والعراق على وجه التحديد حيث الناس الغارقين في الشان السياسي حتى الاذان !
يبقى مهما، اذن ، السؤال عن الدوافع الحقيقية التي تكمن خلف رؤية الكاتب ولماذا يمتلأ مقاله بالمغالطات التي تفتقر الى السند والتي ساقها دون ان يعبأ كثيرا بالحقائق والوقائع ؟هل هو الجهل السياسي ؟ ام هو الاستخفاف بعقل القاريء وقدراته ، ام تصور ان للكلمة والعبارة سحرا ينوب عن تعبيرها عن الحقيقة ووصفها الصادق للواقعة ؟ ام هي مجرد هواية الكتابة في الشان السياسي؟" مثال بسيط ، قدم الكاتب او اقتبس، واقعة التنكيت على الاكراد والشروكية بعد انتفاضة 1991 ثم الدليم بعد محاولة محمد مظلوم وفق هذا الترتيب الزمني وعلى اساس انه من اعداد شعبة الحرب النفسية في مخابرات النظام ، كواقعة حقيقية لاشك فيها في حين يعرف العراقيون ان التنكيت حول الاكراد قديم وهو يستند الى جملة عوامل منها ماهو بسيط وبريء مثل نطق الاخوة الكرد لبعض الحروف العربية بما يتناسب ولغتهم ومخارج حروفها مما يثير الالتباس او وحدة ضمير المخاطب والغائب الذي يشير الى المفرد المؤنث والمذكر وتباينه بالنسبة للعربية او ماكان يتصوره بسطاء العرب من سذاجة الكردي ومنها ما هو مغرض ويصدر عن روح التعصب والاستعلاء القومي والشوفينية ، ولها ما يماثلها بالنسبة للكرد باتجاه العرب ، وهي عوامل كانت حاضرة باستمرار تشتد او تخف تبعا للظروف السياسية والاجتماعية في البلد ، اما التنكيت على الشروكية فقد عبر دائما عن روح استعلاء ثقافي واجتماعي موهوم لدى البغادة وبعض المتحدرين من شمال وغرب بغداد منذ الخمسينات ، وبغض النظر عن هويتهم الطائفية وكان في الستينات اشد بروزا واوسع مدى ولم يلحظ له اتساع في اعقاب الانتفاضة ، بقي امر الدليم وهو امر ينطبق عليه ما اسلفنا بشان الشروكية وقد شاع منذ الخمسينات وتجد ان ابناء الانبار والغربية هم الاكثر تنكيتا بشانه ذلك انه يسخر من بساطة القروي والريفي ، ولم يترافق مع محاولة الشهيد محمد مظلوم او ينجم عنها الا اذا اردنا قسر الحقائق والوقائع ولوي اعناقها لندخلها فيما نريد من اطر ،ثم ان هذا امر شائع لدى مختلف الشعوب اذ غالبا ما توصف فئة من المجتمع بانها الاكثر بخلا او حماقة او الابسط تدبيرا وغير ذلك مما يعرف علماء النفس والاجتماع آلياته ودوافعه النفسية والتاريخية والاجتماعية ، واذا كان من يقف خلف طبخ واختلاق هذه النكات ضد الاكراد والدليم والشروكية وبمنهجية مدروسة ، شعبة خاصة بالحرب النفسية ، فهل ان هذه الشعبة نفسها تقف خلف تنكيت المصريين على الصعايدة او السوريين على الحمامصة او الانكليز على الاسكتلنديين والايرلنديين !!
نعود اذن مرة اخرى الى التساؤل بصدد دوافع السيد الكاتب الى خلق هذا البعبع ، خصوصا بالارتباط مع بضعة مقالات للكاتب حذرت من الغفلة عن الانقلاب البعثي الوشيك او قيد الاعداد ، فنستشف انها الدوافع نفسها التي تكمن خلف كل حالة مماثلة من خلق عدو او طنطل او النفخ فيه وتعظيم قدراته واسطرته ، انه خلق شماعة مناسبة تعلق عليها كل الشرور وتنسب اليها كل المشاكل والمعاناة وبالتالي التخلص من مسؤولية الفعل الجاد والبناء والمسؤول والا فان اية اكاذيب تخص هذا المسؤول او ذاك يمكن دحضها بكل يسر بتبيان زيفها من خلال القاء ضوء الحقيقة الباهر والمدعوم والموثق ، خذ على سبيل المثال الفديو الذي انزل على موقع اليو تيوب والمتضمن صور سيارة فيراري تجوب شوارع لندن وهي تحمل رقم 1000 /نجف ويشار الى انها سيارة نجل السيد المالكي بالامكان الرد على هذا الامر وتفنيده بمنتهى البساطة بعرض صورة صفحة السجل المروري للسيارة التي تحمل هذا الرقم مع صورتها الحقيقية ومالكها وهويته ان كان في الامر تلفيقا او تبيان ان السيارة لا تعود لنجل المالكي وانما لشخص آخر هو مالكها الشرعي ، ان كان ثمة ثري عراقي يملكها ويجول فيها في شوارع لندن ، او بالقول ان السيد ابن المالكي يملكها حقا وانه اشتراها من ماله الخاص لانه يعمل في القطاع الفلاني وقدراته المالية لا شان لها بمنصب ابيه وامكاناته ، او ، اخيرا تبيان ان الامر كاذب جملة وتفصيلا وملفق بالاساس لان السيد ابن المالكي يملك سيارة اخرى لاشان لها بهذه السيارة ويملك مثلها العشرات او المئات من ابناء الشعب .... في كل الاحوال ثمة رد يلقم الملفقين والمفترين حجرا ويخرسهم ويشفي صدور قوم مؤمنين اذا سلطنا نور الحقيقة الباهر وكان رائدنا، والى جانبنا الحق و الصدق ! كذلك امر اية اكذوبة او اشاعة او تلفيق ينال من اي مسؤول صادق ونزيه او وزارة او جهة متفانية او مخلصة ، وهذا امر لاينبغي للسيد عبد الخالق حسين وحده تحمل وزره والا ّ مالذي تفعله اقسام الاعلام والدعاية في كل وزارة مع كادرها الاعلامي ومدراءها وماتملكه من مجلات في الغالب بل وقنوات فضائية حتى لدى بعضها ؟! بل وبامكان اي مسؤول اعلام في اية وزارة، ومن غير امتلاك الوزارة لوسائل اعلام خاصة بها ، الاتصال بالقنوات الفضائيه العراقية وان لم تكف فالعربية وتوضيح الوقائع وتبيان الحقائق ودحض الاكاذيب ، بدلا من نزف الجهد والمال في اصدار مجلات غاية في الاناقة والجمال لا تسّبح الا بانجازات(!) الوزير ووكلاءه وصورهم الملونه وكلماتهم المبجلة، مجلات لايقرأها احد وتستنزف الملايين من الدنانير بين اكلاف وعمولات ورشى!! او اصدار التقاويم والاجندات الباذخة كل عام لا لشيء الا لاستيفاء العمولات المناسبة وتطمين المتعهدين ؟ اذن فامر تفنيد الاكاذيب وتبيان الوقائع يسير وهيّن مع ما تتيحه وسائل الاتصال الحالية واجواء الحريات الاعلامية المتاحة خصوصا اذا توفر لدينا اعلاميين يجيدون القراءة والكتابة ، حتى ولو" نص عمر" ! .ولكن ماذا نفعل بشان الوقائع والحقائق التي لاسبيل الى دحضها وتفنيدها ؟ والتي لا دور لماكنة البعث او اية ماكنة ، جهنمية او غير جهنمية في صنعها او اختلاقها ، لكنها ، بالطبع ،مجال خصب للدعاية والتعبئة والتحريض؟ كالفساد المستشري بصّوره المروعة او معاناة المواطن من غياب الحصة التموينية وكونها موضوعا لاملاقه واثراء الاخرين غير المسبوق ؟ او ازمة الكهرباء غير القابلة للحل رغم صرف مبالغ مهولة تكاد تكفي لاعمار دول وعلى مدى سنوات ؟او رواتب ومنافع الرئاسات والدرجات الخاصة او رواتب البرلمانيين ورواتبهم التقاعدية الضخمة بعد خدمة لا تزيد عن اربعة سنوات؟ او مهازل الخرق الامني التي لاتنتهي رغم كل الايام السود ومئات بل الوف الاوصال المقطعة ؟!ان هذه الوقائع ، ياسيدي الكريم ، كاية وقائع اخرى ، اشياء عنيدة ، كما يقول المثل الانكليزي ، الذي تسمعه حتما ، وهي ليست من صنع ماكنة البعث ولا من اكاذيبها رغم انها مجال في غاية الخصوبة لدعايتها ودعاية غيرها فعلا، انها ايضا ، وبالدرجة الاساس ، موضوع لالم ممض وشكوى صارخة تنطلق من قلوب وافواه العراقيين ، في كل لحظة ولا علاقة لها بآلة البعث ولا تضليل ماكنة اعلامه الجهنمية !



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرطان الفساد يهدد مستقبل ووجود العراق ... هل ثمة امل ؟ الجزء ...
- دولة المواطنة ضمانة الشعوب ضد التمييز القومي والديني
- سرطان الفساد يهدد مستقبل ووجود العراق ....هل ثمة امل ؟ ..... ...
- ثورات العرب ضد عيدي امين داده!
- العراق ينتج السيارات وسيصدرها الى دول المنطقة! الضحك على الذ ...
- ميكافيللي المسكين !
- هادي المهدي... فزت ورب الكعبة!
- هل سيزهر ربيع العرب؟
- الحوار المتمدن..........عروة وثقى!
- عندما يصبح البعثيون طليعة المقاومة الوطنية الساعية لتحرير ال ...
- عندما يصبح البعثيون طليعة المقاومة الوطنية الساعية لتحرير ال ...
- الشيوعيون بين منهجية وحذق اللينينية ... وشيمة وحماقة العربان ...
- الحزب الشيوعي ومسالة السلطة السياسية ... بعض وقائع ما سلف !
- ! الحزب الشيوعي والتعويل على الاب الطيب
- شيء من التاريخ....... الستينات نموذجا !
- الحزب الشيوعي ... سبعة عقود في سوح الوغى والكفاح !
- الحزب الشيوعي ..... شيء عن علاقة الوعي بالواقع.
- الحزب الشيوعي العراقي .......سنوات التألق ومنحنى التراجع وال ...
- الحزب الشيوعي العراقي .. انعدام اللون والرائحة والطعم..... 2
- ! الحزب الشيوعي العراقي ......... انعدام اللون والطعم والرائ ...


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - ماكنة الدعاية البعثية الغوبلزية ...هل هي سبب معاناة العراقيين ؟