أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - فن الزخرفة والخط العربي حضارة وهوية















المزيد.....

فن الزخرفة والخط العربي حضارة وهوية


زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)


الحوار المتمدن-العدد: 1062 - 2004 / 12 / 29 - 07:08
المحور: الادب والفن
    


انت هنا تنتقل من خلال الرؤيا الى فرح العطاء الانساني لامة تعيش فيك.. تسافر في انحناءات الحروف وتداخل الكلمات.. كموسيقى موشحات اندلسية, تدغدغ احساسك عبر الخط الكوفي بكل حالات التجلي الكامنة فيه!!

معرض قائم بحد ذاته.. او قل ما يشبه ذلك.. فهو مكان مليء بالاعمال المتراصة كمتتاليات هذا الفن العربي الاصيل بحد ذاته.. ليل, ليل, يا ليل يا عين!! قالت لي الفنانة العريقة تمام الاكحل في اخر لقاء هاتفي بيننا, "ان اخر اعمالي ينصب في حركة تكرارية لخيول عربية ترقص على نغمة ياليل يا عين.. هذا اللحن الذي يعرفه كل عربي على امتداد هذا الوطن الكبير.." وينطبق هذا القول على فن الزخارف العربية وفن الخط العربي.. الفن الذي يعرفه العالم حديثاً باسم "فن الارابسك" نسبة لاصوله العربية بكل ميزاته وتاريخه وعبقريته.

تعرفت على الاستاذ محمد كلش ابن بلدة كفرقرع منذ اواسط التسعينيات.. عندما قمت بتنظيم مهرجان الابداع الفني الثاني, الذي رعته جمعية المخلص الشفاعمرية انذاك. وقد عرض ضمن هذا المهرجان عدد من اعماله الحروفية والزخرفية المستوحاة من روائع المنمنمات العربية والتجويد الحروفي.. وبقينا على تواصل عفوي منذ تلك الحقيبة الى الان. الا انني منذ ايام طرقت باب محترفه المشبع بعبق هذا الفن الرائع, فقد حول الاستاذ كلش جزءاً اساسياً من بيته ليصبح محترفاً فنياً وصالة عرض, تتألق على جدرانها عشرات الاعمال الباقية في حوزته, والتي انجز معظمها خلال عقدين من الزمان. تتجول في المكان, تصاب بدهشة الحنين والتوصل مع الزمن.. حيث تنساب الحروف العربية في تجويد آيات قرآنية بكلمات متداخلة عبر انحناءات رائعة.. يقول الاستاذ محمد انه اخذ بعضها عن اعمال تاريخية خالده, وعن اعمال لكبار اساتذة الخطوط العربية, والبعض الاخر.. ذاك الذي يشكل معظمها, اراه انسكب من اطراف اصابع يديه واحساسه العميق, الاتي بدافع حبه الازلي لهذا الفن العربي العريق.
ولد الاستاذ محمد كلش سنة 1951 درس في مطلع شبابه مهنة النجارة وفن الديكور المنزلي, وعمل لسنوات استاذا في مدارس بلدته, بدأ يزاول هوايته في الرسم ما بين طبيعة صامتة واشياء تعيش بالقرب منه.. الا ان الرسم بتشكيله ومساحات الوانه لم يعطه تلك السعادة والاحساس بالنشوة.. حتى اكتشف هذا النوع من الفنون التشكيلية. مع اواسط الثمانينات اتجه نحو فن الزخرفة والخط العربي, وبدأت رحلته مع هذا الفن تتواصل وتتعمق بتعمق المعرفة النظرية والممارسة الفعلية له.. ذلك بما تمكن من اقتطاعه من وقت وزمن ضمن متطلبات الحياة وهمومها. الا ان المثابرة والعمل والبحث, عن كل ما يمكنه ان يقوي ويدعم مسيرته, في معرفة هذا الفن والتجويد به, كان الهاجس الدائم لهذا الفنان الاصيل.
لقد شارك الاستاذ محمد كلش في معارض فنيه, وعرض اول اعماله مع اطلالة عام 1990, الا انه لم يتوقف بعدها انما استمر يشارك في المعارض المحلية والقطرية, حيث عرضت اعماله في متحف اسرائيل في القدس وفي بيت الكرمة بحيفا, كما شارك في معارض جماعية في معظم مدن الجليل والمثلث. درس الاستاذ كلش الفنون وحصل على اللقب الجامعي الاول من جامعة ليدس البريطانية سنة 1998. ومن خلال زياراته المتتالية الى القاهرة وقف على الكثير من ابداعات الفنون العربية هناك, والتقى بالكثير من الاعمال الزخرفية والحروفية والخطوطية, اثناء تردده على القاهرة.. وقد اتاح له ذلك الالتقاء بمحيط زاخر من روائع هذه الفنون واصحابها.

حين عدت الى بيتي عدت الى كل الاوراق العتيقة, استجلي من ايحاءاتها فرح الايام والابداعات الزخرفية, لامة مجدها يسافر في عبق المنمنمات الشرقية المضيئة وسحر الكلمات!! فهنا تعيش النشوة في رحاب اعمال معلقة كعناقيد الدوالي على جدران تاريخ هذا الفن الشرقي العربي الاصيل.. تتمنى لو انك تعرف كيف تولد هذه الانحناءات الرائعة المتوالفة بذاتها وذواتها في تواصل عريق.. تحمل طي انفاسها عبق الزمان وحكايات تناثرت على ضفاف الايام والذكريات, وحضارة ما زالت تنبض بالحياة رغم شعاع وبريق هذه الايام النابضة بالضوء والمعرفة.. انت هنا تنتقل من خلال الرؤيا الى فرح العطاء الانساني لامة تعيش فيك.. تسافر في انحناءات الحروف وتداخل الكلمات.. كموسيقى موشحات اندلسية, تدغدغ احساسك عبر خط الثلث والكوفي, بكل حالات التجلي الكامنة فيهما!! اية ثمالة وعبير هذا الذي ينسكب كالسحر العاشق على ضفاف ناظريك, كلما التقيت باعمال تحمل هذا النسق الزخرفي المتداخل توريقاً وتعريقاً وحروف!! اعترف ان هذا الزخم المتاركم في ارجاء العطاء الفني العربي هو هوية هذا الشرق واحد اهم ميزاته الحضارية.

هنا تعود لاكتشاف تاريخ امتد طيلة عصور عبر الاف الكلمات, ليحمل في صفحاته حكايات التواصل الفطري لعشق استفرد الخط العربي به.. فكوّن من خلاله ملاحم وقصائد زخرفية, شواهد التاريخ لحضارة لم تعرفها اية حضارة اخرى عبر هذا الزمن الطويل! فتاريخ جماليات الخط العربي يرجع الى العقدين الاموي والعباسي, اذ اشتهر انذاك الخطاط العربي الاول خالد ابي الهياج بكثرة كتابته للمصاحف والتجويد بها, بحيث اصبحت مؤشرا بارزا في حياته الفنية.. وفتحت افاقا واسعة امام هذا الفن العربي الاسلامي الاصيل.. اذ اعطت بزخمها الفطري الف الف فرصة للعشق المتجانس بين العقيدة والحرف, وتعمدت الاحساس الانساني المتواصل للمضي بحيوية الى زمن غير منظور. وقد تعاقب الخطاطون والمجودون وفناني الزخارف والمنمنمات العربية الشرقية, المتزاوجة مع حضارات سبقتها وحضارات تجانست معها بالف لون وحركة وتشكيل.. ولا زالت تتوالد وتتزاحم طقات بشرية جديدة, على خلق احلام تشكيلية رائعة من خلال هذا الفن العربي العريق.
ومن اولئك الذين يحتفظ تاريخ الخط العربي باسمائهم ابو علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة, وهو خطاط بارز من خطاطي العصر العباسي. ولد في بغداد سنة 272 للهجرة, ويعتبر هذا الرجل اول من وضع القوانين والقواعد لكل حرف من حروف الخط العربي. وهو اول من اطلق على قلم النسخ اسم "البديع", ووضع خطا عرف بـ "الدرج" وكتب المصحف مرتين. وفي زماننا نستطيع ان نلتقي بمئات, ان لم يكن بالاف الخطاطين وفناني الخزف والمنمنمات الشرقية والعربية.. وهم منتشرون في اصقاع هذا الوطن الكبير.. وقد اثرت حضارة فن التجويد للخط العربي حضارات الشعوب الاسلامية الاخرى, تلك الناطقة بلغة غير اللغة العربية.. حين اتخذت الخط العربي اداة تعبير لها, كما هو الامر في الفارسية والتركية.
ان التطور الواسع للخطوط العربية يشير بدلالته الى قدرة الخطاطين لمواكبة روح العصر الذي عاشوا فيه, حيث هناك العديد من المصادر التاريخية التي تثبت ذلك.. مع العلم ان الخطوط اللينة انبثقت من الخط الكوفي, وينسب للخطاطين العرب الاوائل اختراع هندسة الخطوط, اضافة الى ايجاد انواع جديدة في الخط العربي, كالطومار وخفيف الثلث وثقيل الثلث وغبار الحلبة.. تلك الانواع التي اندثر معظمها وتوالدت من بعدها انماط جديدة مع مرور الزمن, وتغيير حالات الشعوب واحتياجاتها. ويذكر ان الخطاطين الاتراك اوجدوا الخطوط الهيمايونية (الديواني والجلي الديواني ), واخترعوا كذالك الطغراء والسياقة, كما ينسب الى الايرانين اختراع خط النستعليق.. وكل هذه التطورات عاشت زمانها وواقعها الحياتي والابداعي, ودفعت الخط العربية وزخارفه والمنمنمات الهندسية والنباتية فيه نحو اتجاهات التشكيل العبقري لهذه الفنون.
في صومعة تاريخ الفن العربي المشبعة بضوء الشمس, والمشرعة الابوب لمحبي هذا الفن العريق الاصيل.. تتراقص توليفات التوريق والتعريق المحفورة على مسطحات ومجسملت خشبية, في ابنية الدوائر الرسمية والمساجد واماكن العبادة وكليات الفنون على امتداد البلاد العربية.. واعمال من الخطوط المكتوبة بطريقة ابداعية رائعة.. كلها تنتشر لتحتل فضاء هذه الامكنة, منها ما هو منجز بواسطة الخشب الطبيعي.. ومنها ما هو محفور بالجس الصلب او العاج, او بواسطة التعشيق بين انواع اخشاب مختلفة الالوان, اوبواسطة الرسم على الزجاح بالالوان المماثلة لفن الفتراج.. وكلمات وايات قرأنية تبعث فيك نشوة الارتباط الازلي بالارض بالانسان.. او بكلمة واحدة ارتباط ازلي بالهوية.!!

جانب من صالة عرض محترف الفنان محمد كلش في بيته


زاهد حرش والفنان كلش اثناء لقائهما في صالة محترف الاستاذ محمد


"الخط صورة الكلام" من اعمال الخطاط السعودي عدنان العباد



#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)       Zahed_Ezzt_Harash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعدد العملاء.. والحقيقة واحدة!!
- حسبك انك برهان كركوتلي
- ما زالت الوان الامل تضيء
- ريشة, بين السماء هناك, والازقة هنا
- اتحاد الادباء العرب الفلسطينيين في اسرائيل ينعي الرمز والشهي ...
- زيتون فلسطين يستصرخ ارجاء الدنيا
- -جالري- الغربال.. ريشة, كلمة وموال
- من اجل المشاركة الشمولية في الحياة الثقافية
- عكا ..اسوار.. تشكيل.. وايام..!
- فيوليت رزق
- قلبي معــــكم
- اخر الكلام
- ساضحك ملء قلبي الان.. فرحاً يا مسرح الميدان!!
- كل لقاء وانت حبيبتي
- مرثاة الرمال
- د. عزمي بشاره ...انا اسف جداً !!!
- ابتعدي - احبك اكثر ؟؟
- دموعي عبير الياسمين
- رفيقين التقينا مهداة الى الرفيقة عبير خطيب
- انا الخريف .. من طين وماء!!


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - فن الزخرفة والخط العربي حضارة وهوية