أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - لغز عطارد بين نيوتن وآينشتاين














المزيد.....

لغز عطارد بين نيوتن وآينشتاين


هشام غصيب

الحوار المتمدن-العدد: 3582 - 2011 / 12 / 20 - 19:20
المحور: الطب , والعلوم
    


كما أسلفنا، فقد تمكن علماء القرن التاسع عشر من حل جل المسائل بصدد حركة الكواكب والأقمار والمذنبات في المجموعة الشمسية. ولم يبقَ في نهاية القرن المذكور سوى عدد محدود جداً من المسائل المعلقة، تركزت في حركة القمر وعطارد. ويمكن القول إنها ما زالت معلقة حتى الآن لصعوبة الحسم رصديا في أمرها. فهناك أكثر من طريقة مقنعة لتفسيرها تفصيليا، لكن أمر الحسم بين هذه الطرائق ليس بالمسألة السهلة بالنظر إلى صعوبة قياس الانحرافات الصغيرة المعنية.



وبالتحديد، فإن حركة عطارد حول الشمس شكلت حلبة صراع رئيسية بين نظريتي نيوتن وآينشتاين في الجاذبية، منذ وضع نظرية النسبية العامة وحتى اليوم. إذ لوحظ منذ القرن التاسع عشر أن مدار عطارد ليس مداراً إهليلجيا مغلقاً تماماً، كما ينص قانون كبلر الأول، وإنما ينحرف قليلاً عن ذلك. ويبدو هذا الانحراف على صورة حركة بطيئة جداً لمحور إهليلج عطارد في اتجاه حركة الكوكب نفسه؛ أي إن المدار الإهليلجي نفسه يدور حول الشمس بحركة بطيئة جداً. وهذا يعني أن الكوكب لا يعود إلى النقطة ذاتها بعد إكمال عدد صحيح من الدورات، وإنما يعود إلى نقطة أخرى قربها. وبالتحديد، فقد وجد أن حضيض مدار عطارد، أي أقرب نقطة على مداره من الشمس، يدور حول الشمس بزاوية لا تتعدى جزءاً صغيراً من الدرجة في القرن الواحد. ومع أن هذه الزاوية صغيرة جداً، إلا أن الرصدات الفلكية وصلت حداً من الدقة في القرن التاسع عشر مكنها من تحديد هذا الانحراف.



وتنشأ مثل هذه الانحرافات عن انحرافات في قانون القوة عن الاعتماد العكسي على مربع المسافة. إذ تبين، بصورة عامة، أن مسار الجسم الخاضع للقوة لا يكون مساراً مغلقاً كالدائرة والإهليلج إلا في حالتين: حالة اعتماد القوة عكسيا على مربع المسافة، وحالة اعتمادها طرديا على المسافة نفسها. وفيما عدا ذلك يكون المسار مفتوحاً. وعليه، فإن الانحراف المذكور في مسار عطارد يشير إلى أن قوة الجاذبية المؤثرة عليه تنحرف قليلا جداً عن الاعتماد العكسي على مربع المسافة. وعزا علماء القرن التاسع عشر هذا الانحراف إلى تأثيرات الكواكب الأخرى على عطارد، والتي تحدث اضطرابات طفيفة في حركته. وبالفعل، فإن هذه الاضرابات تفسر جزءاً كبيراً من الانحراف المذكور، لكنها لا نفسر الانحراف كله. لذلك، قدّم علماء آخرون تفسيرات أخرى، مثل أثر انحراف شكل الشمس قليلا عن الشكل الكروي التام. واقترح الفلكي الألماني، زيلغر، في مطلع القرن العشرين تعديلاً طفيفاً على قانون نيوتن في الجاذبية لهذا الغرض. واعتقد بعضهم أن هناك كوكبا مجهولاً بين الشمس وعطارد، لكن الرصدات عجزت عن الكشف عن مثل هذا الكوكب. لذلك ظلت حركة حضيض عطارد مسألة معلقة لأن التفسيرات المقدّمة لم تكن مقنعة تماماً. وظل الحال كذلك حتى عام 1916، يوم استطاع آينشتاين تفسير هذا الانحراف تماماً بصورة طبيعية ومن دون افتراضات اعتباطية، وذلك باستعمال نظرية النسبية العامة، التي كان قد وضعها لتوه. وكان ذلك نصراً كبيراً للنظرية الجديدة، واعتبر دليلا قويا على جدية النظرية وواقعيتها. وظن العلماء آنذاك أن صفحة حضيض عطارد قد طويت إلى الأبد، وأن الأمر قد حسم لصالح نظرية آينشتاين في الجاذبية على حساب نظرية نيوتن. لكن الأمر لم يكن بهذه البساطة. إذ، بقدوم الستينيات والنهوض العارم الذي شهدته في حقل القياسات والرصدات الفلكية والأدوات الإلكترونية الفائقة الدقة، فتح ملف حضيض عطارد من جديد، وتوالت القياسات الهادفة إلى تحديد إسهام كل عامل مؤثر، وبخاصة الإسهام النابع من انحراف الشمس عن الشكل الكروي التام. وتضاربت بعض هذه القياسات، الأمر الذي عزز الاعتقاد بأن هذه المسألة المعلقة لما تحسم. وما زال النقاش محتدماً في هذا الأمر.



وكذلك الحال بالنسبة إلى الاضطرابات في حركة القمر. فمع أن جلّ هذه الاضطرابات يفسرها أثر جاذبية الشمس عليه، إلا أن هناك جزءاً لما يحسم أمره. ولعل المد والجزر الأرضي من ضمن المؤثرات الرئيسية في هذا المضمار. لكن هناك قدراً من اللايقين في حساب هذا الأثر، بالنظر إلى تعقده.



وهكذا، فباستثناء هذه الانحرافات البسيطة، فإن حركات مكونات المجموعة الشمسية مفهومة تماماً وبدقة كبيرة على أساس نظرية نيوتن في الجاذبية. وحتى هذه الانحرافات، فإنها ما زالت معلقة، ولما تحسم تماماً لصالح نظرية النسبية العامة على حساب نظرية نيوتن.



إذاً، ليس هناك مبرر رصدي قياسي تجريبي لنبذ نظرية نيوتن ووضع بديل لها. وعليه، فلا بدّ أن يكون هناك مبررات من نوع آخر لذلك.



#هشام_غصيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كون آينشتاين
- لماذا لا تنفجر الشمس ولا تنهار؟
- هندسة غاوس
- جاذبية نيوتن
- العقل من أجل الثورة
- من نسبية غاليليو إلى نسبية آينشتاين
- الزمكان المنحني
- جولة في الزمكان
- حياة المادة في الزمكان
- جدل الوجود والعدم في الفيزياء
- الثورة الدائمة في الوطن العربي
- الجمعية الفلكية الأردنية
- كيف ركب آينشتاين نظرية النسبية ؟
- أزمة الفيزياء الحديثة
- البحث عن الزمن التائه (سيرة ذاتية فلسفية)
- تعقيب على ورق د. أومليل حول العولمة
- حول كتاب “القفز بلا أقدام” لجلال فاخوري
- مغزى ثورة أكتوبر
- من الفلسفة إلى الثورة
- ما الإنسان؟


المزيد.....




- دراسة تحدد شكل الجسم الذي يزيد خطر الإصابة بسرطان القولون
- ثبتها الآن.. تردد قناة الفجر الجزائرية على الأقمار الصناعية ...
- “أمتع قنوات الطبيعة“ تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2024 نايل ...
- روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي حول عدم نشر الأسلحة النوو ...
- موسكو: رفضنا المشروع الأمريكي حول منع نشر أسلحة الدمار الشام ...
- موسكو: نريد فرض حظر شامل على نشر الأسلحة في الفضاء
- روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن الدولي حول ...
- الديوان الملكي يُعلن مغادرة الملك سلمان المستشفى بعد إكمال ا ...
- طريقة عمل الآيس كريم في المنزل مثلجات صيفية بمذاق الفاكهة ال ...
- واتساب تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنتر ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - هشام غصيب - لغز عطارد بين نيوتن وآينشتاين