|
التوجه السياسي للمهدي بن بركة ( 6 )
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 3574 - 2011 / 12 / 12 - 19:28
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
تتمة الفصل الثالث : الجنرال محمد أفقير والجنرال احمد الدليمي يتضح من هذا أن المهدي بن بركة كان على راس ثلاث تنظيمات متناقضة داخل حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ( مجموعة الفقيه البصري ، مجموعة شيخ العرب ومومن الديوري ، ومجموعة السياسيين الشعبويين الذين كانوا يقدمون التغطية السياسية للمجموعتين الأوليتين ) رغم اتفاقها على الهدف الاستراتيجي الذي هو الإطاحة بالملكية ، وبناء الجمهورية البرلمانية على الطريقة العربية .والى جانب هؤلاء كان هناك ضباط يخططون بدورهم لعملية قلب النظام في خط متوازي مع السياسيين الشعبويين والبلانكيين الانقلابيين . فكان هناك تسابق بين الطرفين المتنافسين للظفر بالسبق في حسم مسالة الحكم بالقوة ، وبعدها تأتي مرحلة تصفية الحسابات السياسية بين مختلف الأطراف المتصارعة عند فشل إجراءات التطويع وقص الأجنحة باستعمال القمع التنظيمي والإيديولوجي . لقد بلغ الصراع بين المجموعتين درجته الحدية حينما تعرضت سيارة المهدي بن بركة لحادثة سير مصطنعة في تاريخ 18 نونبر 1962 مع سيارة أخرى لعملاء تابعين للجنرال أفقير والكلونيل الدليمي ، وبلغ الصراع مداه كذلك في مؤامرة 16 يوليوز 1963 لإرجاع الضربة الى الجنرال الذي حاول اغتيال المهدي بضواحي مدينة الرباط قرب وادي إيكم ، فاعتبر أفقير والدليمي هذه المحاولة التي فضحها السوري قنوط والدكتور الخطيب بمثابة سبق من طرف المهدي ومجموعته لاستلام مقاليد الحكم قبل تحرك العسكريين في هذا الصدد . وبعد فشل المحاولة في المهد وعملية التمشيط التي قامت بها الأجهزة الأمنية المختلفة التي كانت تعمل تحت أوامر الجنرال ، وبعد نجاح المهدي في الهروب الى فرنسا وتدشينه معارضة المهجر التي كانت تعرف نشاطا ديناميكيا في فرنسا ، هولندة وببلجيكا . ومع التحولات التي طرحت على مختلف الفاعلين السياسيين والأنشطة السياسية ، ولجمع الصفوف من جديد وخلق وحدة وطنية قوية ، أعلن الحسن الثاني رحمه الله عفوه على جميع المحكومين والمعتقلين والهاربين خارج الوطن . وبدأ من ثم في رسم فلسفة المصالحة التي كان من أهم أعمدتها عودة المهدي بن بركة الى المغرب ، والمشاركة إلى جانب جلالته في حكومة غايتها تنمية المغرب والرفع من المستوى المعيشي لأبنائه . وفي هذا الصدد أوفد له ابن عمه الأمير مولاي علي الذي ابلغه عفوه الشامل عنه وعن رفاقه ، وابلغه في نفس الآن اقتراحاته الايجابية بخصوص موضوع الإصلاحات السياسية التي كانت تقتضي إشراك المهدي في الحكومة المرتقبة ، حيث كان من المتوقع ان تسند له رئاسة الحكومة او حقيبة التعليم وما أدراك من التعليم في ذاك الوقت العصيب . وبالفعل وعلى اثر ذاك اللقاء مع مولاي علي ابن عم وصهر الملك ، قرر المهدي بن بركة رحمه الله ان يضع نهاية للجوئه السياسي والعودة الى المغرب خلال الخمسة عشر يوما التي تلت اتصالاته مع الأمير مولاي علي . وكانت له فقط بعض الملاحظات او التحفظات حول بعض المسائل التي لها ارتباطات تعود إلى فترة الحماية الفرنسية ، ومنها اشتراطه للمشاركة في الحكومة ، إبعاد الضباط الذين عملوا في الجيشين الفرنسي والاسباني الى جانب فرانكو لان هذا في نظر المهدي كان يشكل عائقا لبرنامجه السياسي والإيديولوجي المتأثر بالفلسفة القومية العربية . ويشكل كذلك عائقا وعرقلة أمام المهام المستقبلية التي ستنجزها الحكومة الوطنية ، وهي المهام التي حاولت ان تعبر عنها الحكومة التي ترأسها في بداية الستينات الأستاذ عبد الله إبراهيم رحمه الله ، لكنها فشلت بسبب السياسات التقويمية ، ومحاولة تلك الحكومة تخطي طابع المغرب القروي لصالح الصناعة الثقيلة التي ان حصلت ، لم تكن لتخرج عما تكابده جل الدول العربية التي تبنت خيارات مماثلة ( الجزائر ومصر واليمن الجنوبي ) ، وكانت النتيجة الأزمة ، وبعدها الإفلاس الذي اصب جميع المشاريع التي لوحت بها أنظمة الحكم البرجوازي الصغير . والى جانب اشتراط المهدي إبعاد الضباط الذين عملوا بالجيش الفرنسي والاسباني ، اشترط كذلك إبعاد الشخصيات السياسية التي عملت وتعاملت مع الإدارة الكلونيالية أمثال مولاي حفيظ العلوي ، احمد العلوي ، المحجوبي احرضان والقائمة طويلة . لذا فالمهدي بن بركة ولبلوغ مشروعه المجتمعي كان يرى ان المعارضة العقيمة ، والمعارضة من اجل المعارضة ، لا تجدي شيئا حيث إنها نوعا من التطرف لا يقابله سوى التطرف من الجانب الأخر . لذا وأمام هذه التحولات التي بدأت تلوح في الأفق ، خاصة منها رجوع غريم سياسي لافقير والدليمي ، وفي سباق ضد الوقت ومن اجل ترتيب الأوراق السياسية على ضوء التطورات الحاصلة ، نضم عملية اختطاف المهدي بن بركة من طرف الجنرال أفقير والكلونيل الدليمي ، وبمشاركة مجموعة من العملاء المغاربة والفرنسسين ، وبدون علم الحسن الثاني الذي صرح بأنه في قضية المهدي قد وضع أمام الأمر الواقع ، واقسم بالله ان لا يد له في القضية . وهنا لا يجب ان ننسى ما سبق للراحل ان صرح به لمدير المجلة الفرنسية ( الملاحظ الجديد ) حين سأله عن الشيء الذي يكون قد ندم عليه في حياته فقال " ان الشيء الذي ندمت عليه أنني كنت أثق كثيرا " . هكذا يتضح جليا ان تصفية المهدي كانت تدخل ضمن عملية التطاحن على الحكم ، والتسابق على السلطة من طرف جميع الطامعين في الحكم وعلى رأسهم الجنرال محمد أفقير ، الجنرال احمد الدليمي ، الفقيه البصري ومن معه من نشطاء المنظمتين المسلحتين اللتين ضبطتا في يوليوز 1963 . اما الحسن الثاني فهو بريء من دم المهدي ، ولا علاقة له بهذه القضية التي استعملت من طرف خصومه لتشويه سمعته ، مدفوعين في ذلك بالعديد من الجمعيات الصهيونية التي تتظاهر زورا باشتغالها في ميدان حقوق الإنسان ، وهي الجمعيات التي لم تكلف نفسها عناء إصدار بيان بخصوص العسكريين المغاربة الذين كانوا بسجون البوليساريو بالجزائر منذ أكثر من ستة وعشرين سنة ، يعيشون في ظروف قاسية لا علاقة لها بالقوانين الدولية التي تحكم وضعية أسرى الحرب في الدول . إنها نفس القضية تجاهلتها جمعيات (حقوق الإنسان المغربية) التي تسترزق وتتسول الدول الرأسمالية باسم حقوق الإنسان المفترى عليها في خطابات تلك الجمعيات ، وإلا كيف يعقل أن تعمد الجمعية المغربية ( لحقوق الإنسان ) في احد المسيرات برفع صور ضباط الجيش والأمن الذين دافعوا على المشروعية من الانقلابيين والشعبويين والبلانكيين ، ولم تكلف نفسها مشقة وعناء نشر صور وقوائم أبناء الجيش المغربي الذين كانوا في الأسر بتند وف بالجزائر ؟ . (( يتبع ))
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التوجه السياسي للمهدي بن بركة ( 5 )
-
التوجه السياسي للمهدي بن بركة ( 4 )
-
منتصف الطريق فالإجهاض
-
التوجه السياسي للمهدي بن بركة ( 3 )
-
التوجه السياسي للمهدي بن بركة ( 2 )
-
التوجه السياسي للمهدي بن بركة ( 1 )
-
مقاطعة الانتخابات في المغرب ( الخطر قد يقترب )
-
ردا على مزاعم بعض المشارقة بخصوص الاستفتاء بالصحراء
-
ملف حول قيام الدولة الفلسطينية والقضية الكردية وحقوق الأقليا
...
-
استثناء الاستثناء المغربي
-
مقاطعة الاستفتاء على الدستور
-
هل تم تعبيد الطريق الى فلسطين ؟
-
نقد مقولة الصراع الطبقي بالمغرب
-
تيارات سياسية مؤتمرات أوطمية
-
مراوحة السياسة التكنولوجية العربية بين النقل والتبعية
-
نظام الاقتراع الأكثر ديمقراطية : هل هو نظام اللائحة أم الاقت
...
-
المجلس الدستوري يعلن رسميا موافقة المغاربة على الدستور
-
ثوار الإسلام السياسي
-
الجماعات الاسلاموية ودولة الحقوق والواجبات
-
القرار السياسي في المملكة المغربية
المزيد.....
-
الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى الاستنف
...
-
اتحاد النقابات العالمي (WFTU – FSM)”، يُدين استمرار المحاكما
...
-
شاهد ما قاله السيناتور ساندرز لـCNN عن تعليق أمريكا شحنات أس
...
-
م.م.ن.ص// يوم 9 ماي عيد النصر على النازية.. يوم الانتصار الع
...
-
آلاف المتظاهرين احتجاجا على مشاركة إسرائيل في -يوروفيجن-
-
من جهينة عن خيمة طريق الشعب في مهرجان اللومانيتيه (1)
-
السويد.. آلاف المتظاهرين يحتجون على مشاركة إسرائيل في مسابقة
...
-
مداخلة النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية في الج
...
-
أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل
...
-
مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة أمستر
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|