ابن عجيب يترأس مؤتمر اللطمية الاول وجدتي تبكي

محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 3549 - 2011 / 11 / 17 - 09:29
المحور: كتابات ساخرة
    

جداتنا رحمهن الله كّن لايعرفن الا مادة الكلوركس في تنظيف وازالة البقع السوداء من الثياب وخصوصا البيضاء منها.
وبعضهن كّن يستعملن "الجويت" في تغيير لون الدشداشة البيضاء الملوثة ببقع زرقاء وتحويل لونها الى لون يميل قليلا الى الازرق الباهت وهو في ذلك العصر كان تآمرا واضحا على الالوان المستعصي ازالتها، وقد كّن من الذكاء بحيث لاتستطيع بقع الالوان ان تصمد امام اصرارهن على ازالتها رغم كل الجهود المبذولة من اياد تبان فيها الاوردة والشرايين وكأنها اياد احتياطية.
وفي هذا اليوم بالذات ترحمت على جدتي وقرأت الفاتحة على روحها ليس لمناسبة سنوية ولكنها مناسبة ينتشر في رأس الطفل فيها عشرات البقع الحمراء والصفراء والخضراء بعد ان تبان صلعته وهو في عمر الزهور.
قلت لجدتي بعد اكمال مراسيم العزاء المتعارف عليها:
ياجدتي هل تعتقدين ان "الجويت" والكلوركس ينفع في هذه الايام لازالة البقع المنتشرة في جبهات مدننا اليتيمة؟ وهل تستطيعين ان تفعلي مايفعله هؤلاء اللصوص الذين بلغ الكذب عندهم مبلغا يثير الاشمئزاز والقرف؟.
وتخيلت صوتها وهو يسمعني ذاك الاصرار العجيب على المحاولة:
أبني كنت طفلا صغيرا كثير الحركة وحين تأتي الى البيت في الظهيرة تكون دشداشتك لالون لها ولم امانع في احتضانك واتلاف "جرغدي" بالطين الحري العالق في ثيابك التي اطلب منك استبدالها، ولم تمض ساعات حتى تكون دشداشتك قد عادت الى لونها السابق.
لم اتمكن من حبس دمعتين سالتا رغما عني على خدّي، قلت لها:
ياجدتي الحنون اصبح اكثر من 5 مليون من احفادك غرباء بل صار كل واحد منهم تحت نجمة..وياليتهم اكتفوا بذلك بل نعتونا بالغباء لاننا لم نركض وراءهم، كيف يمكن ياجدتي ان نركض وراء الكذابين.
بالامس ياجدتي قال لنا مسوؤل كبيرويسمونه في العراق صاحب السياسة العرجاء ان الحرية يجب ان تتحقق بشكل سلمي وليس بالعنف.
سمعت ضحكة جدتي تجلجل في السماء وهي تقول: وكأني بهم ينتظرون عند باب الخليفة ليسمح لهم بالدخول ويقول لهم بعد ان يكشف عن غطاء برميل كبير "هذه هي الحرية خذوها واستمعتوا بها واياكم ان تعودوا الي مرة اخرى فحريتكم عادت اليكم".
ليس هذا فقط ياجدتي، امس اقتحم رجال احدى المقاهي في بغداد واقسم لك انهم يشبهون الحرس القومي ايام زمان والقوا القبض على شباب كانوا يتحدثون في ندوة منقولة على الهواء مباشرة، زين يابيبي ذوله شباب مسالمين لابيدهم سلاح ولا اي اداة جارحة وقبل ساعات كالوا الحرية لازم تؤخذ بشكل سلمي وذوله سلميين ليش قبضتوا عليهم؟.
ماعرفت السبب ابني؟ لا والله بس كالوا ذوله الشباب عاطلين عن العمل وبس.
يالله روح تمتع باجازتك.
لا بيبي بعدني ماخلصت:
اتذكرين حين كنا نشعل الفانوس في ايام الشتاء القارصة وتصرخين بنا الاترون شعلات الغاز المقبل من آبار النفط وهو ينير لكم هذا الليل، اين فانوسكم من هذا الغاز المحترق امامكم.
ونسكت حين نرى ان غازنا يحترق ولانستطيع ان نقول لها انها ثروتنا التي يحرقونها.
وامس ياجدتي ظهر علينا احدهم ويدعى مكي عجيب البديري الذي يشغل منصب وكيل وزارة الصناعة لشوؤن الانشطة المركزية من احدى القنوات الفضائية وهو يلطم خديه باصرار عجيب حتى حسبنا ان عزيزا له قد استشهد بكاتم صوت ولكنه قال ان " معامل الشركة العامة للصناعات البتروكيمياوية احدى شركات وزارة الصناعة والمعادن توقفت عن العمل بسبب قلة تجهيز الغاز الطبيعي بالضغوط اللازمة لتشغيل معامل الشركة والذي يعتبر المادة الاولية في الصناعات البتروكيمياوية التي تستخدم في صناعة المنتجات البلاستيكية في كافة المجالات الصناعية والاقتصادية ".
صرخت جدتي:عجيب حسبت انكم اكتفيتم بحرق الغاز سابقا واسستم المعامل لكي تستثمروه.
لا ياجدتي اسمعي ماقال ابن عجيب " ثلاثة معامل رئيسية جاهزة للعمل والانتاج لكن بسبب عدم تجهيز الغاز بصورة كافية توقفت هذه المعامل عن العمل لأن الغاز الطبيعي يعتبر المادة الاولية لها ووزارة النفط وخصوصاً شركة نفط الجنوب مع شركات وزارة الصناعة والمعادن المتمثلة بشركتي البتروكيمياويات والاسمدة الجنوبية لاتتعاون معنا".
كم اتمنى الان ان ابكي بين يديك ياجدتي ،اترين نحرق غازنا ونستورد الغاز الايراني.
قالت جدتي : حقه ابن عجيب اذا يلطم على الخدين، بس اكلك ابني انت مو اليوم عندك اجازة؟
قلت: اي والله بيبي بس اكو زميلة لي من ايام بغداد تحرشت وبعثت لي ايميل تكول بيه:
ان احمد الشماع وهو وكيل وزارة النفط لشوؤن المصافي وصناعة الغاز يقول أن "حاجة المحطات الكهربائية من الغاز ستبلغ 3500 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا، لتوليد 16 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية والغاز المصاحب للحقول النفطية في البصرة وغيرها كان وما زال يحرق خلال الخمسين السنة الماضية بدون أن يتم الاستفادة منه".
بس ابني هذي مو كمية هواية من الغاز.
اي بيبي،هواي ولهذا نحركه ونستورد مانريد من ايران.
عود ليش من ايران؟
اوه بيبي هذي قصة طويلة.

#محمد_الرديني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات