أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - أمهلنا يا موت















المزيد.....

أمهلنا يا موت


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3542 - 2011 / 11 / 10 - 10:16
المحور: حقوق الانسان
    


لم أعد أتذكرُ كيف تعلمتُ القراءة والكتابة., نسيتُ كل شيء تعلمته وكل شيء حفظته ولم أعد أتذكر يوما جميلا في حياتي أو بيتا أدخل إلى قلبي السعادة فأمهلنا يا موت عسى أن أصادف في طريقي شيئا جميلا أتذكره أو لعلي أفعل شيئا جميلا في حياتي..استفحل فينا المرضُ كثيرا فأمهلنا يا موت قليلا لعل وعسى أن نرى يوما واحدا جميلا في حياتنا!!أو سنة جميلة نحتفل في نهايتها لا لأننا تخلصنا منها بل لأننا نحبها أن تعود لنا من جديد, وغالبية الناس يحتفلون بنهاية السنة لأنهم تخلصوا من آلامها, وأنا واحد من هؤلاء الذين يحتفلون بنهاية السنة لهذه الأسباب وبناء عليه نرجوا منك يا موت أن تمهلنا لعلنا مثلا نعيش سنة حلوة نتحسر على فراقها ولا نفرح لأننا فارقناها, أمهلنا يا موتُ قليلا أو شهرا أو أسبوعا فلعلنا نحسُ بلحظة جميلة في حياتنا أو لعل نسمة صيف عابرة تأت علينا فتجعلنا نشعر بأننا في راحة وفي رخاء,لقد غارت عيوننا في داخل الرأس ولم تعد لنا قدرة على الإبصار فأمهلنا يا موت قليلا لعل وعسى أن يرتد إلينا البصر ولعل وعسى أن نشاهد منظرا أو مظهرا مثيرا يبعث فينا الإثارة والدهشة والحياة كما يبعثُ الربُ في الأرض الحياة في فصل الربيع,أمهلنا يا موت قليلا فعسى مثلا أن نصادف من يعشقنا أو من يحبنا أو من لا يكرهنا, أمهلنا يا موتُ قليلا فلعل وعسى أن نشاهد منظرا طبيعيا خلابا في بلادنا, أو لعلنا نشاهد ناديا ثقافيا أو حزبا سياسيا في الأردن الذي يسهر رجاله ليلا ونهارى على إطفاء الشموع وقطف الزهور الجميلة من بلادنا وإرسالها إلى البلدان التي تستحقها ...ولست أدري لما يا موت تستعجل بنا وكأنك لا تطيق أن ترى في أجسامنا عضوا حيا؟؟, لقد اتهمنا أنفسنا بالجنون واتهمنا الآخرون بأكثر وبأبشع مما اتهمنا به أنفسنا, وخسرنا كل شيء ولم يعد عندنا أي شيء وفارقنا كل شيء وعدنا من النزهة العقلية التي ذهبنا إليها ونحن مبسوطون وعدنا يا موت ونحن متضمخون منها بالجراح اللعينة,فلماذا تستهوي جرحنا؟ولماذا تفتح بالجروح جرحا بعد جرحٍ حتى غدى منظري من ساسي إلى راسي جروح في جروح في رتوش.. ولماذا تعذبُ فينا ولماذا تبعث فينا الألم ولماذا تُطلقُ يديك اللعينتين في أحشائنا, أمهلنا يا موت قليلا لعل وعسى أن نشاهد في الأردن أو في العالم العربي مظهرا أو منظرا سياحيا جميلا, وأمهلنا يا موت لعلنا نستمع ذات يوم إلى أغنية جميلة, ولعلنا ذات يوم نكتب قصتنا وماضينا الكئيب, لقد انتصرنا في آخر اللحظات أو كدنا في آخر اللحظات أن ننتصر على أنفسنا ولكننا رجعنا كما يقال(إيد لورى وإيد لقدام) وكان بإمكاني أن أتطلع للوراء ولكني بقيت أمشي وأمشي حتى سقطت على قارعة الطريق ولم يعد باستطاعتنا التحمل فوق كل هذا الاحتمال وزرعنا وردة في الطريق التي ذهبنا منها وقطعناها بأيدينا وداس عليها الآخرون بأرجلهم وأحذيتهم المطاطية ولم نعد نرى في بلادنا شيئا أنيقاً أو بيتاً سعيداً, فبيوتنا لا يوجد فيها وردة جميلة ولم نعد نشتم منها رائحة جميلة إلا رائحة دمي التي ستنتشر عن قريب على طول الطريق وعرضه ولم يعد بوسعنا إلا أن نودع أنفسنا وأن نقول للجميع(باي باي) وسنقول للأجيال القادمة بأننا ذهبنا نستبقُ مع الريح فأكلتنا الريح ولم تعد بنا الريح إلى منازلنا,أو نقول لهم بأننا تركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئبُ ونحن عنه غافلون... وأين هي أصلا منازلنا؟؟ إنها أطلال وذكريات فقط لا غير وآن لنا الأوان أن نبكي على الأطلال مثل امرئ ألقيس بن حجر(قفا نبكي من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ...بسقط اللوى بين الدخولٍ فحوملِ) فأمهلنا يا موت قليلا على الأقل لنودع الأطلال ولنبكي قليلا: (وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ....فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ ).


لم نعد نرى يا موتُ إلا طيفا من الماضي لن يعود ولم يعد أمامنا أي فرصة لنعوض بها خسارتنا, لقد استفحل فينا المرض ولقد اشتد فينا الألم ولقد خاب رجاؤنا فيا من يعيد لنا الرجاء ويا من يعيد لنا الشباب الذي مضى فجأة عنا من دون أن نشعر به أو من دون أن ينبهنا إلى ذلك,أمهلنا يا موت قليلا لعل وعسى أن نعيش لحظة سعيدة أو نتلقى رسالة من مُحبِ أو من حبيبة, ولقد سُرق النوم من عيوننا فيا من يعيد لنا عيوننا الناعسة ويا من يعيد لنا آذاننا التي كنا نائمون عليها, يا من يعيد لي حقيبتي المدرسية ويا من يعيد لي دفتر (خرابيشي) ويامن يصلي في عيوني ويامن يركع للملاك النائم في عيوني,لا تأخذني يا موت فلعلي أرى مشهدا مثيرا ولعلي أرى أو لعلي أسمع بحكاية جديدة أو لعلي أقرأ قصة سعيدة لأن كل القصص التي قرأتها حزينة وكئيبة فلم أقرأ عن أي انسان عربي قصة تُفرح القلب أو تُدخلُ إلى قلبي السعادة, فأرجوك يا موتُ أن تمهلني قليلا لعلي أجتنب السوء ولعلي أعملُ صالحا أرضاه لنفسي ولغيري من الناس,لماذا أنت تمشي بسرعة كبيرة,ولماذا يا موتُ أنت عشوائي في اختيارك ولست انتقائيا لأنك تأخد الطيب والمسكين والجميل وأحيانا تأخذ بالخسيس!!لماذا لا تكون انتقائيا فتأخذ الأشرار أولا من طريقنا وتأخذ الأخساء والحقراء ومن بعد ذلك تأخد الطيبين!!لماذا لا تكون كذلك؟ لو كنت كذلك لأحبك الجميع ولكنك عشوائي وغير انتقائي لذلك يكرهك الجميع... لا تأخذك الرحمة لا بالكبير ولا بالصغير ولا بالأمير ولا بالحقير ولا بالمرأة ولا بالرجل؟ لماذا أنت دائما هكذا أمهلنا لبعض الوقت فلعلنا نرسم لوحة فنية مثيرة, لقد أخذني المد بعيدا وابتلعني البحر ولم أعد أتنفس إلا من خلال خياشيمي ومن أين لي أصلا بالخياشيم!!,فأمهلني يا موت لعلي أنجو بنفسي وأعود إلى حضن أمي الطبيعة ولعلي أرى أو أقرأ رسالة تُفرح لي قلبي وتدهشني فكل الرسائل التي تأتيني لا تسر البال وقراءتها كما يقول المثل (مثل مص الروث) والروث هو وسخ البقر, لقد استفحل فينا المرض ولقد غابت عنا الحقيقة ولقد استهزأنا بأنفسنا كثيرا حتى غدى كل واحد منا وكأنه كتلة من الأمراض الآسيوية, ونحن الآن على قارعة الطريق ننتظر بالمد البحري أن ينحسر في الخليج العربي وننتظر من الموت أن يمهلنا قليلا لعلنا نرى شيئا جميلا أو لعلنا نشتم رائحة جميلة غير رائحة الدم والصبر والجراح الثخينة أو التي تتسع للكون بأكمله, لقد هجرنا ذواتنا الحقيقية وعدنا إلى الحارة التي لعبنا فيها وكل شيء أمامنا معتم ومظلم وضباب كثيف يغطي المنطقة بأكملها, لم أسمع يوما برجلٍ مثلي ولم أقرأ يوما عن رجلٍ مثلي ولم أهزأ يوما برجلِ مثلي ولم أبكي يوما على مصير رجلٍ خائب مثلي, ولم تعد لي قدرة على التحليق عاليا ولم أعد أذكر كيف سأعود إلى الأرض التي نشأتُ منها والأرض التي ولدتُ فيها والأرض التي شممتُ فيها رائحة أجدادي ولم أعد أحتمل أكثر مما أحتمل ولم يعد بوسعي أن أكش الذبان(الذباب) عن وجهي, يدايا مشلولتين ويدايا مكتفتين ولا أستطيع الحركة, فإلى أين المسير وإلى أين النفير؟.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة امرأة اسمها ساره على موقع وفاء سلطان
- هذا أقصى ما أملك
- الكهرباء والبترول والدولاب والماء
- فلسفة الدورة الشهرية
- من هم أصدقائي؟
- المرأة بين التلحين والغناء
- الله أكبر امرأة!!
- ذكريات رجل محطم
- زواج الضمد
- تشبيه الرجل بالمرأة
- قرقوش شخصيه مخصيه
- الحشرات أفضل من الإنسان
- اخترنا لكم :-مجلس العدل لتوفيق الحكيم-
- حلاوة الإيمان
- الفقراء لا يستهلكون الطاقة
- الدفء والحنان
- مشكلة بسيطة
- بطلان النظام التكنوقراطي
- قصة يابانية
- في داخلي إنسان


المزيد.....




- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - أمهلنا يا موت