أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - خطاب العرش السلطاني (6)














المزيد.....

خطاب العرش السلطاني (6)


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3526 - 2011 / 10 / 25 - 09:28
المحور: كتابات ساخرة
    


بعد أن أفرغ السلطان البلاد من المنافسين والأعداء، فأرسل نصفهم أشلاءً إلى أطراف البلاد في مقبرةٍ مهجورة لا يعرفها إلا السلطان ورئيس جهاز المخابرات، أما النصفُ الثاني فأودعهم في منتجع صحراوي مهجور، يُسمَّى سجن الأرقام في أقصى حدود السلطنة،سلَّم حكيمُ السلطنة وهو يقبِّل يد السلطان أربع ورقات مكتوبة بخط النسخ الكبير، وفي كل ورقة أربع جمل قصيرة فقط لا غير، تظهر على أواخرها علامات الشكل باللون الأحمر.
قال مُنسّق شفاه السلطان، كاتب خطاب العرش لجلالة السلطان:
هذا خطابُ العرش لهذا العام ، خصصنا هذا اليوم بكامله لتدريبكم على قراءة ما جاء فيه!
فأُمِرَ الحُجَّابُ بأن يُلغوا كل مواعيد السلطان لهذا اليوم، من الصباح وحتى آخر الليل!
واستغرب حكيمُ السلطان من ارتجاف أصابع السلطان عندما أمسك الأوراق، وهو الذي قطع رؤوس آلاف المعارضين، واقتلع عيون المنافسين، وصلب وعذَّب المُنتقدين ، كيف ترتجف يداه، وهو يمسك أوراق الخطاب ؟!
قرأ السلطانُ الكلمتين الأوليين بخوف ورهبة:
" يا شعب السلطنة العظيم " فقال له الحكيم : ألم ترَ أن هناك فتحة على شعب وكسرة على السلطنة، من أين جئت بضمتين ؟!
فأعاد وأعاد، إلى أن ملَّ الحكيم، وملَّ السلطان، قبل النوم، فابتسم الحكيم أخيرا وقال:
الآن أنا مطمئن البال، على كفاءة سيدي السلطان في (تلاوة) خطاب العرش !
وكانت إذاعة وتلفزة السلطان قبل يومين من الخطاب تذيع بيانات، ومارشات عسكرية، تقول: انتظروا خطابا هاما !
واندلق مصورو السلطان، وصحفيو جرائده ومجلاته ، وقد سبقهم إلى قصر السلطان طاقم من المليحات الحسان، ليقمن بعمل ديكور على وجه السلطان، لطمس كومة شحوم الرقبة، ولإخفاء القروح والجروح والحفر والمنعرجات، ولوضع المساحيق لإخفاء قُبح الشفتين،ولتليين أرنبة الأنف،وظلَّ السلطان في أثناء ذلك مهموما بمراجعة الخطاب السلطاني!
ونُصبت كاميرات التصوير، وحانت ساعة الخطاب، فتلا السلطان ما كتبه الحكيمُ وقال:

لقد منَّ الله علينا بالخير والبركات، وابتسم الحكيم لأن السلطان نجح في تسكين أواخر الكلمات، فلم يُخطيْ وفق النصائح، وأضاف:
نعدكم بأن تعيش السلطنةُ في سِكِّينة وأمان!
وهنا خبط الحكيم كفّا بكف، وطلب إيقاف التصوير، ومصادرة كل شرائط التصوير المسموعة والمرئية، وأسرَّ في أذن السلطان، بأن الكلمة الصحيحة هي السَّكِيْنة، وليست السِّكّيِنة
وأعيد الخطاب من جديد .
ومما لوحظ بعد إعادة الخطاب ست مرات، أن السلطان صار يقرأ بسهولة وبلا أخطاء فادحة، عندما بدأ الكلامَ بحرف السين:
سنُحرّر بقية الأرض من الأعداء والمغتصبين.
وسنبني المدارس والمستشفيات والمساجد والجامعات.
وسنقضي على البطالة والفقر.
وسنحول السلطنة إلى دولة صناعية.
وسنشترى السلاح .
وسنبني جيشا عصريا !
وانشغل طاقم الماكياج الإعلامي السلطاني بإعادة منتجة الخطاب، لإزالة لقطات الاضطراب والارتجاف، والتأتأة والأخطاء بحيث لم يبق من الخطاب سوى دقائق معدودة!
وادَّعتْ وسائلُ إعلام السلطان بأنها انتقلتْ إلى إذاعة خارجية لنقل الخطاب مباشرة من القصر السلطاني، والذي كان قد انتهى منذ ست ساعات بكاملها !
وانضمتْ كل الموجات العاملة، بما فيها إذاعات القرآن الكريم، وقنوات الأغاني، وفضائيات الرياضات لنقل الخطاب الهام إلى الشعب الكريم .
وما إن انتهى الخطاب، حتى قالت الإذاعة:
بأنها ستعيد الخطاب على المشاهدين والمستمعين، خدمة لمن فاتهم السماع !
وبعد تكرار الخطاب عشرات المرات، انبرى رئيس قلم تحرير الأخبار وأبرز المعلقين في إعلام السلطان لتحليل مدلولات الخطاب الرفيع فقال:
"هكذا يُثبتُ السلطانُ كعادته بلاغَته وفصاحَة لسانه في اختيار الألفاظ، وترتيب الجمل!!
فقد أشار في نبرة واثقة، إلى انتهاء عصر الآلام، وابتداء عصر الخير والوئام، وكانت (سين) المستقبل أروع ما جاء في خطاب السلطان، فهي سينٌ مملوءةٌ بالسعادة والرفاه ، مشحونة بالوئام والهناء، عابقة بالإيمان والغد المشرق الوضَّاء!!
وبعد أيام قليلة اُستدعي كبير المعلقين إلى قصر السلطان،وبعد أن سجد مُقبِّلا يدَ السلطان!
شوهد كبيرُ المعلقين الهُمام، وهو يخرج وفي يده مفاتيح وزارة الإعلام !



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وعاد الماشيح شاليت
- حروب الفايروسات الرقمية
- ثلاث صور لغلعاد شاليت
- أنشودة للقدس في عيد المظال
- شيفرة التراث الفلسطيني
- ألا نخجل؟!!
- رسالة لأبي مازن بمناسبة يوم الغفران
- اعتذارات للأسرى
- فلسطينيو 1948 في كتابين إسرائيليين
- تكنلوجيا السرقات الإعلامية
- الله يا نتنياهو يا دوغري!!
- هنيئا لأوباما بتقدير ممتاز
- سوبر عنصرية
- الصراف الآلي المدرع
- وجاء دور النقب
- دليل سلاطين العرب
- ابتسموا للدولة الشتوية والصيفية
- شتاء إرهابي أم ربيع عربي؟
- لا تلوموا السير بالمر
- التعليم سلاح اليهود السري


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - خطاب العرش السلطاني (6)