أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ذياب مهدي محسن - مقهى (عبد ننه) آرث سياسي ، أجتماعي وأدبي ، نجفي عراقي ...... القسم الثالث















المزيد.....



مقهى (عبد ننه) آرث سياسي ، أجتماعي وأدبي ، نجفي عراقي ...... القسم الثالث


ذياب مهدي محسن

الحوار المتمدن-العدد: 3524 - 2011 / 10 / 23 - 10:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



أستهلال :-
أحببت ان اضع افتتاحية القسم الثالث بوسام اعتز به من الأديب الحبيب عباس سميسم ، ليتماها مع الأوسمة التي منحها لي الكثير ممن اطلعوا وقرأوا ، البروف عبدالأله الصائغ ، د عبد الحسين شعبان ، د عدنان يوسف رجيب ، الأستاذ أمير الحلو ، المهندس سعيد محمد حسين المظفر، د سهل نقاش ... والقائمة تطول . هذه المدونة التاريخية عن النجف من خلال مقهى الحاج عبد ننه العلي :
(( لقد عوّل ذياب آل غلآم في مقاله التوثيقي الرائع عن مقهى عبد ننه على آمر لم يفعله غير الشعراء الذين بكوا الأطلال وفي مقدمتهم إمرئ القيس الذي قيل عنه إنه أول من وقف وإستوقف وبكى وإستبكى وقيّد الأوابد .......
يقول سعدي يوسف : إن المنازلَ مثل الطباشير تمحى !
لكن لذياب رأي آخر مخالف حين نراه وهو يتحدث عن مقهى أستحال وهماَ في الذاكرة ، غير إننا نجده هنا مقهى مافتئ يستقبل رواده ويمدهم بكل عناصر المعرفة والود ، لقد عادت النجف من خلال قلم ذياب إلى سابق عهدها الذهبي ؛ هنا يجتمع كل الأدباء وقادة المظاهرات وأصحاب الحكايات الشعبية ووجهاء المدينة وشيوخها . كان الحاج عبد ننه رحمة الله عليه يعتبر المقهى بيتاَ للجميع فالآرائك مفروشة بالسجاد الأيراني ، والأواني سواء كانت من زجاج آو البرونز هي دائماً شديدة اللمعان ؛ والداخل للمقهى سيخرج بحصيلة حتماً إن لم تكن أدبية أو سياسية أو معلومة عامة فهي بالتأكيد ستكون خبراَ جديداَ عن آمر ما ينقله الزائرون للمدينة آو الجنازة آي المرافقين لجنازات الموتى التي تتقاطر على النجف يومياَ . ثم هل لنا أن ننسى المناضل رضا عبد ننه ذلك الرجل الذي كان يوماَ قدوة لأقرانه في الأدب والمعرفة والتنوير؟ والآن لم تعد الأماكن هي الأكثر هشاشة في العالم كما قال حسن نجمي ، لأن القلم عند ذياب هو عدسة تصوير بإستطاعتها إسترجاع الماضي بكل حلله الجميلة ، أحييك أخي العزيز ذياب على هذا الجهد الرائع وأوصي نفسي وكل بقية النجف في الأرض أن يتنادوا من أجل إحياء تراث مدينتنا العريقة . ))

غوتنبرغ _ السويد
عباس سميسم

المقدمة للبروف عبدالاله الصائغ :-

ولدي وقرة عيني الاستاذ ذياب آل غلام انك تكتب بحوثا استباقية وقضية تعصيم النجف لم تحسم بعد اهي عاصمة ثقافية ام عاصمة مذهبية ؟؟ رغم ان بعض الاسماء المدمنة على المؤتمرات من الغرب سوف تحضر وتقول شيئا ! ولدي الاستاذ ذياب اقول لك انني ورغم ليل غربتي الطويل الثقيل ورغم التزامي مع بعض الجهات التي اجلها لانجاز كتابات تأخذني مني ورغم انني قلت فيك بما انت اهل له قبل هذه لازلفى ولاطبطبة زيف رغم ذلك وغيره الوفير مثل خيباتنا الجديدة فقد كرست وقتا لدراسة القسم الثالث من اطروحتك كما طلبت مني قرأت القسم الثالث بوصفه نصا تاريخيا مغايرا فان الانطباع الذي كرسه في روعي القسم الثالث انك جعلت مقهى عبد ننه كوة او ثقبا في جدار سميك كنت تطل من خلاله على المخفي والمتجلي في النجف وكنت تشركنا معك كي نرى النجف وما جاورها والعراق والمناضلين والمفكرين والرواد والمدلسين وهذه مزية تحسب لك فالآن تستطيع كتابة مزيد من نصوص التاريخ الواقعي للنجف وهو تاريخ مذبوح من قفاه !! الآن انفتح امامك باب كنت قبلك ولا فخر قد فتحته وهو الاستعانة بالآخرين لترميم الذاكرة وكنت استعين باصدقائي في الكلمة عباس سميسم الذي استعذب الصمت وفي اعماقه ما في اعماقك وزيادة ! وذياب ال غلام والدكتور عبد الحسين شعبان والاستاذ امير الحلو والدكتور حسن حلبوص والدكتور جعفر عبد المهدي الحسناوي والدكتور محمد الصائغ ... والقائمة طويلة كما تقول انني اهنيء نفسي بانفتاحك (الملحوظ ) من خلال انفتاح مقهى عبد ننه على اطياف النجف مع احتفاظها بخصوصيتها اليسارية ! اكتب ياذياب يا تلميذي ولسوف تهطل سماؤك قراء ومحبين بل ولسوف تقبض على تاريخ مهمل عن عمد لتكريس النجف مدينة منغلقة على الحضارة ولقد اكتشفت فيك سوى جعل المقهى كوة تطل منها على بانوراما شاسعة اكتشفت قدرتك في القص فكتابة التاريخ الحق من خلال القص ذكاء المُرْسِل في كسب المُسْتَقْبِل لإيصال خطابه جذابا ! لاتطلب مني ان اقرا لك فانا واحد من قرائك وانا كما تعرف قاريء قبل ان اكون كاتبا ومتعلم قبل ان اكون معلما وانت تعرفني جيدا كما يتهيأ لي ولربما اكون قد اكتشفتك مبكرا وعرفت فيك قدرات تنبهت اليها حين احوجني بحثي عن الزميل الشهيد محمد موسى التتنجي فكتبت الي ايميلا مرمما كتابتي في التتنجي فاعتمدت كلامك ونشرته منسوبا اليك ! هل اقول لك ان لديك ميلا لكتابة بحث علمي رغم التمويه بالاسلوب الادبي وهذا لايمنع مصداقيتي في ملاحظة هفوات لن تغضب سيبويه وكما قال الخليل الفرهودي (ان لغتنا القريشية واحدة من ثنتين وثلاثين لغة عربية) ولكن قريش اول خلل في حضارة العرب حين تشبثت بالسلطة من الجاهلية حتى اليوم وهذا لايغض من اهمية معطاك المغاير ! اباركك حقا ولسوف اكرس وقتا لك حال ان اطلع على نص ذياب غلامي .
عبد الاله الصائغ فرجينيا
اكتوبر 22 من 2011



صورة مقهى عراقي قديم

كثيرا حينما اقرأ عن تاريخ النجف النضالي في القرن العشرين الماضي ، اجد التجمعات السياسية ، والتجمعات الادبية ، وديوانيات لبيوتات بأسم عوائلها (المجالس الادبية حيث لاتخلوا اسرة علمية او اجتماعية في النجف من أن يكون لها ناد ( براني ) يلتقي فيه العلماء والادباء والمثقفون ، يتذاكرون في مسائل العلم والادب ، ويتناولون الاحداث السياسية والاجتماعية بهم ،وكذلك لايخل بيت من مكتبة ، والحكمة النجفية : " بيت بدون مكتبة بيت بدون نافذة " ) وكذلك الحركات الطلابية ، ونشوء الفكر العمالي النقابي ...لآخ ، آجد ما يلفت أنتباهي في كل هذا ، مقاهي النجف القديمة ، وما قدمته من مساهمات في تاريخ العراق المعاصر ، نموذجا لها (مقهى الحاج عبد ننه العلي ) حيث نجد الدور الرئيسي لأنطلاق الشرارة المنددة بالأحتلال البريطاني ، والأزمات السياسية والمشاكل الأجتماعية ، حيث يناقش رواده الذين كانوا في الغالب من الطبقة المثقفة ( شعراء وسياسيين وأدباء ) ومن وجهاء النجف ، ورجال دين متنورين ، ومن شيوخها . يقومون بعكس ردود أفعالهم على الأوضاع التي يمر بها البلد حسب مجالاتهم فنجدهم كلً يروج عن ما في داخله من آفكار وتطلعات . لقد تغيرت النجف واندثر مكان مقاهيها لكن بريق تاريخها تراث يتناقله الأجيال .
صدى تاريخ النجف السياسي من مقهى عبد ننه
تُعَـدّ النجف مدينة تاريخية و دينية مقدسة ، لها مكانتها الخاصة ليس في العراق فحسب وإنما في الوطن العربي و العالم ، ولا أريد هنا ان أتحدث عن تاريخ المدينة الطويل ، ولا عن دورها السياسي في مختلف الفترات التاريخية ، ولكني أقول إنني اخترت الكتابة عن تاريخ النجف السياسي في الفترة بين السنوات (1922 ـ 1964 ) من خلال مقهى الحاج عبد ننه ، وبأيجاز واختصار، او هي لمحات لبحثنا في دور المقهى النجفي في احداث المجتمع والدولة في وقتذاك ، لأني وجدت ندرة واضحة في الدراسات التاريخية التي تخص هذه المدينة خلال تلك الفترة المهمة ، لذلك ظلت الكثير من حلقات أحداثها السياسية يكتنفها الغموض و يجهلها الكثيرون في وقت كانت فيه النجف هي المحرك الأساسي للفعل السياسي ، فلم يكن بالإمكان إغفالها او تناسيها . إن السبب في ذلك يرجع الى ندرة المصادر المتوفرة من جهة ، و حساسية الموضوع من جهة أخرى ، فضلاً عن أن الكتابة في الموضوعات السياسية لابد أن تعتمد على الوثائق الرسمية بالدرجة الأولى ، و إذا علمنا حجم صعوبة الوصول الى هذه الوثائق أو الاطلاع عليها ، ولا سيما أن تلك الوثائق ما زالت سرية ، ان مواقف النجف من التطورات السياسية الداخلية منها والعربية والعالمية التي برزت بعد سنة (1925) مثلا ، موقف النجف من أول انتخابات نيابية وما رافق ذلك من عمليات التزوير والتدخل الحكومي الفاضح .
ثم موقف النجف من مشكلة الموصل و رفضها للادعاءات التركية بضم المدينة لها . و موقف النجف من بعض القضايا العربية ، كالثورة السورية الكبرى ، و الاحتلال الإيراني لإمارة المحمرة العربية ، و دورها في مساندة قضايا التحرر العربي القومي ، في المغرب العربي و فلسطين . ثم معارضتها لمعاهدة سنة ( 1930 ) ، و دورها في إضراب رسوم البلديات ، واحداث العراق في الاعوام التالية ، من انقلابات عسكرية ، وغتيال الملك غازي وقتال في شمال العراق ضد الكرد العراقيين ، ومذابح للأقليات وخاصة الأرمنية واليزيدية ، واحداث الحرب العالمية الثانية ، وانتصارات الجيش الاحمر السوفيتي ، وثورة رشيد عالي ، وثورة مايس ، وحرب فلسطين ، واعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي (فهد وحازم وصارم) ومن ثم انتفاضة العراق ضد معاهدة (1952) وانتفاضات الفلاحيين في الفرات الاوسط والجنوب ، ثورة آل ازيرج في العمارة ، وحرب العدوان الثلاثي على الشقيقة مصر، و الأنشطة الوطنية الأخرى من خلال الأحزاب المعارضة كفرع الحزب الوطني العراقي في الكوفة ، و الإخاء الوطني ، والحزب الشيوعي العراقي السري ، بالإضافة الى بعض الجمعيات و النوادي التي اتخذت من الأنشطة الاجتماعية و الثقافية ستاراً لها لتغطية ممارساتها السياسية المعارضة للحكومة ، كنادي الإصلاح ( استفدنا من تاريخ النجف السياسي ، د عبد الستار الجنابي ) ومقهى الحاج عبد ننه ، مثلاً ... كل هذه الاحداث كان رواد المقهى يتداولوها ، لكونهم جزء من المجتمع النجفي واغلبهم (نخبويين) من رجال متعلمين وقسم منهم يحمل افكار ديمقراطية ووطنية تقدمية ، وممن يتطلع الى غد جديد ، لعراق جديد ! بعدما يخرج المحتل او يقوم الشعب باخراجه ؟ وحتى نشوء النواة الأولى للافكار اليسارية كانت النجف سباقة لها ، والنجف في وقتها لها مجالسها وديوانياتها وكذلك ما للمدارس الدينية ومرجعياتها من دور فعال في كل الاحداث السياسية ، وحذر كل سلطات العراق التي مرت بالتعاقب على حكمه ، من هذه المرجعيات التي كانت مرة مع الشعب ؟ ومرات مع المحتل او مع دول السور! ومقهانا جزء من واجهة للألتقاء مع هذا الطيف المتعلم والمتطلع على الاحداث ، فنجد المكونات السياسية في زمنذاك متواجده في هذا المقهى ، اضافة للزائرين من المدن الاخرى " الوافدين " اما بالمناسبات الدينية او نقل جثامين مواتاهم لدفنها تبريكا في مقبرة وادي السلام ، فتكون محطة استراحتهم هي مقهى عبد ننه ، فالأنعكاس السياسي على روادها يكون طرديا من حيث المتلقي والناقل ، وما يدور في الشارع العراقي بالضرورة ينعكس على جو الشارع النجفي والمقهى جزء مهم في حينها لهذه المواضيع الساخنة التي يتداولها المجتمع . ولو تمحصنا بأيجاز لقسم من روادها وانتمائاتهم السياسية او أفكارهم التي يعتقدون بها او يتماهون معها لتضح لنا جليا ان الحاج عبد ننه العلي صاحب المقهى كان رجل سلم ومحبة ومجتمع ، يظم في مقهاه كل هذا الطيف السياسي الجميل ، (فالقوميون) هم من جلسائها ومن ذي صداقة مع الحاج عبد ننه او مع المناضل ولده رضا ؟ فنجد اسمائهم مدونة في ذاكرتنا ، منهم لا حصرا : أحمد الحبوبي ، المحامي جواد الظاهر ، أحمد الجزائري ، دعبد الرزاق محيي الدين ، عبدالاله النصراوي ، أمير الحلو ، محمد حسن غلآم ، محسن البهادلي ، محمد علي المقرم ، جواد كاظم دوش ، عبد الامير (اموري) مديد ، وغيرهم . ومن (البعثيين) : عبد الحسين الرفيعي ، وعبد الرزاق الحبوبي ، مدلول ناجي المحنه ، حميد المطبعي ، جعفر السوداني ، وكذلك من ( الشيوعيين ) : حسين احمد الموسوي الرضي (سلام عادل) ، موسى صبار ، د خليل جميل الجواد ، حسن عوينه ، محمد موسى التتنجي ، جواد عبد الحسين ، عدنان عباس علوان ، حسين سلطان ، محمد حسن مبارك ، باقر أبراهيم الموسوي ، ومن الوطني الديمقراطي ، محمد رضا السيد سلمان ، حمزه زياره ، ومن رجال الدين ( اصدقاء الحاج عبد ننه العلي ) ايه الله العظمى الشيخ موسى دعيبل وايه الله العظمى سيد حسين الحمامى ومن اصدقاء المناضل رضا ، الشيخ على الخاقانى والشيخ باقر الفيخرانى والشيخ عبدالحليم كاشف الغطاء ، أنه تاريخ ناصع بالبياض والآهات وفيه العبرة والأمل والأبتسامات !؟


من المقهى النجفي انبثق مسرح فن " الأخباري "

ومن هذا التراث التاريخي لمقاهي النجف والذي اشاع في بداية تأسيسه فن يسمى (الأخباري) وكانت النجف المدينة الرائدة بهذا الفن والمتميزة فيه عن كافة مدن العراق والى بداية عام 1910 م ، حيث نقله بعض من متحرفي الفن الشعبي الى مقاهي العاصمة بغداد وغيرها من دور الملاهي ليقدم بأنتظام نمر الأخباري ،
وهي نمر تمثيلية فطرية ساخرة تقدم ارتجالا ، لها قواعدها وتقاليدها في الصنعة ، كانت تقدم في الاسواق والشوارع ، من قبل جماعة من الاهالي ، هواة من غير المحترفين ، يختارون حدثا آنيا ما في المدينة ، يعيدون تشخيص هذا الحدث اليومي المختار بشكل هزلي ساخر مبالغ فيه ممزوج بالنكتة البذيئة والرقص والحركات الماجنة ، ويعلقون على الحدث وقد يبدون منه موقفا ، واكثر هذه الاحداث احداث سياسية او وقائع اجتماعية . هو بأختصار فن شعبي ناقد بشكل جارح لبعض مظاهر الحياة الأجتماعية المعاشة، يتصف بالعفوية و الفطرية ، غارق في القدم ، من فنون شوارع القرون الوسطى يصعب تحديد بداياته بدقة .
يعرف الاب الكرملي الاخباري بما يلي (.... قوم من العامه يعرفون بالأخباريين او الاخباريات ، وهم قوم يتشبهون بالعلماء ، وفي زيهم وعملهم استهزاء بأهل العلم ، فيلقي احدهم احاجي على صاحبه ، او صاحبته وتلك الاحاجي بذيئة ، فاذا جاء تفسيرها ، أو أحسن التلفظ بما عسر من الفاظها المتكررة ، القى عليه بأحجية ثانية ، حتى يسقط، واذا سقط ، يجيل في وسط المجلس ويرقص رقصا مخلا بالآداب ، والظاهر ان الاخباري هو من يروي الاخبار ، والظاهر ان ( الأخباري ) له جذور تاريخية في الوجود ، لذلك نجد ان سعد التفتزاني ( 793 ه -1390م) في شرحه للعقيدة النفسية ينص على ان " لوجلس احد في مكان مرتفع ، وحوله جماعة يسألونه في مسائل مضحكة ، ويضربونه بالوسائد بعد اخبارهم ، يكفرون جميعا ، كذلك نجد في ( غالية المواعظ) لخيرالدين نعمان الآلوسي ( 1317 ه – 1899 م) مايلي :- رجل يجلس في مكان مرتفع ويسألون منه مسائل بطريقة الاستهزاء ، ثم يضربونه بالوسائد ، فأنهم كفروا جميعا ، وكذا لو لم يجلس في مكان مرتفع ، وكذلك اذا تشبه المضحك المذكور بقاض او مفتي او خطيب او نحوهم ، وهذا الفعل شائع في زماننا ، ويسمون المضحك المذكور ( بالأخباري) مع انه المطابق للحال تسميته ( بالأكفاري) فانا لله وانا اليه لراجعون )
يذكر يوسف العاني عن فن (الاخباري) ، الذي استلهم منها جو كتابة مسرحيته ( الخرابه - 1968 ) قائلا(( في العشرينات وقبلها بسنوات ، كانت في مدينة النجف مقهى صغير ، نسميها نحن في العراق ( جايخانه ) وكانت لقدمها تسمى ( الخرابه ) صاحبها رجل طيب يدعى ( جعفرالكابلي ) لايلتقي في المقهى الاعدد قليل من ابناء المدينة ، يشربون الشاي ، ويجتمعون يوميا لكي يمثلوا تمثيليات يقومون هم بتأليفها، ويؤدون ادوارهم ارتجالا .. دون ان يكون هناك متفرج في اكثر الاحيان ، والزبون الذي يدخل المقهى لابد ان يشارك في التمثيلية (.....) في كل يوم كانت هناك تمثيلية ، وقد يتكرر موضوع التمثيلية لعدة ايام، لكن اضافات عديدة تطراء عليها .. والشخوص قد تتغير ، وكان موضوع التمثيلية ينبثق من الحالة التي فيها رواد المقهى ، فتارة يسخرون من موقف الانكليز تجاه الثوار في النجف عام 1918 ، وتارة يقلد ون بأصواتهم وبالحركات قطيعا من الحيوانات، كل منهم يمثل حيوانا، وواحد منهم يمثل صاحب القطيع ، ومن خلال كل ذلك يصدرون حكمهم على ( الحالة ).. ويظل هذا العرض مستمرا على قدر أستمرار أثر الحدث على المدينة... ...في هذه المقهى اعتاد ان يلتقي فيها بشكل دائم ، شاعر وبقال ومتخلف عقليا ( يتصرف مادام هو في المقهى بشكل طبيعي وكأي انسان عاقل )، كان زبائن المقهى الاخرين يلتقون بهم في كل يوم حتى ماتوا الواحد بعد الاخر ، وآخرهم الذي مات صاحب المقهى ( جعفر الحاج عبدالحسين الكابلي ) ..)) راجع (التجربه المسرحيه - معايشه وانعكاسات )- يوسف العاني - دار الفارابي -بيروت 1979
ولم يجر لحد الآن تناول فن ( الاخباري في العراق) بالشكل الكافي الذي يستحقه ، بالرغم من انه يعتبر الجذر التراثي الوطني الوحيد من فنون الشارع الذي استفاد منه وتأثر بكثير من تقاليده المسرح الكوميدي العراقي المعاصر. ولابد ان نتوقف عند الاجحاف والتجاهل الذي تعرض له في حياته وبعد مماته ابرز وآخر فناني الاخباري العظام ، رائد الكوميديا الارتجالية في العراق ( جعفر لقلق زاده ) الذي له فضل المساهمة الآساسية في نقل عروض هذا الفن الشعبي من الشارع والساحات العامة ، الى حلبات المراقص في المقاهي البغدادية القديمة ( المقاهي البغدادية لألئ فقدت بريقها / مصطفى الربيعي ) ولذلك حفاضا على تراثنا النجفي التقدمي بحثنا عن كتابة وتدوين لمقهى ( عبد ننه ) لكونه تأسس في بداية العشرينيات من القرن المنصرم ، وليتذكر اجيالنا كيف كانت المقهى صناعة ومدرسة للحياة ، ان كانت سياسية او ثقافية أو أجتماعية زمنذاك .
النجف المنفتحة ومقهى عبد ننه نموذجا للأنفتاح
لايظَّنن البعض أن النجف مدينة دينية منغلقة على نفسها ، فلو جعلنا من مقهانا هذا نموذج مصغر عن المجتمع النجفي بكل اطيافة ونسيجه الفيسفسائي ، نجد انها مدينة صانعة للتاريخ وللنضال بكل تصوارتنا ، بعيدة كل البعد عن الانغلاق والتخلف " كما يمر بها الآن !؟ " فالنجف كانت تعيش بها اقلية يهودية محترمة , كما كانت فيها فئات من الفرق (كالشيخية والاخبارية والاسماعيلية ) ومن ذوي الافكار الوافدة ( كالبابية والبهائية والشيوعية والوجودية والداهشية ) كما احتضنت اول فرع لحزب الاتحاد والترقي العثماني في بغداد ، وفيها من التنوع الاثني والقبلي والديني ما يغري علماء الاجتماع على بحثه وتحليله وفي حوزتها قضى جمال الدين الافغاني اربع سنوات كما مر فيها محمد بن عبد الوهاب النجدي (مؤسس المذهب الوهابي) ، وفي مدرستها درس حسين مروة المنظر الماركسي ، وسلام عادل القائد الشيوعي العراقي ، وهي بعد مدينة المرجعية والجهاد والنضال التقدمي والقومية العربية ، والاصالة العراقية السومرية ، كما انها مدينة الفن الاصيل ، وبرغم القيود الاجتماعية كان للمرأة حضورها اذ كانت تزاحم الرجل في دراسة الفقه والاصول و تقرض الشعر كما كانت رفيقة الجهاد والنضال في الملمات الصعبة وهي الانثى الصعبة المراس والرقيقة الاحساس وقد ملئت دواوين النجفيين غزلاً وتشبيباً ويكفي أن نذكر رائعة الفقيه الشيخ عباس الملا علي السكافي البغدادي الذي عشق ابنة استاذه ( حسب الرواية الشائعة ) وطلب يدها فرفض اهلها وكانت قصة غرام عجيبة انتهت بموته شهيداً للمحبة وصريعاً للغرام وفيها انشد القصيدة الرائعة التي مطلعها
عدينـي وامطلـي وعـدي عدينـي وديني بالصبابـــة فهي دينـــي
سلي شهب الكواكب عن سهادي وعن عد الكواكب فأسألينـــي
اذا ما الليل جنّ بكيـــت شجـــواً وطارحت الحمائم في الغصون
بنفسي من وفيــــت لها وخانـت واين اخو الوفــــاء من الخؤون
ولو ابقت لي الزفرات صوتـــــاً لاسكت السواجع في الحنيـــن
النجف مدينة منفتحة في وسط منغلق بل هي كما وُصفت مدينة الفكر المنفتح في المجتمع المنغلق ، النجف حالة خاصة ولهذا استاثرت بأهتمام عميد علم الاجتماع العراقي الاصيل علي الوردي حيث كتب كتاباً مفقوداً حتى اليوم عنوانه ( نفسية المجتمع النجفي ) .
ان من بين مشائخ النجف من هم قادة الفكر المنفتح فمنهم من احتضن اليسار ومنهم من جاهد الاستعمار ومنهم من قام بحركة التجديد والاصلاح بل قّدم نقداً صارخاً لبعض الحالات الاجتماعية طال حتى بعض الرموز الدينية , فالشيخ صالح الجعفري وهو من رواد وجلساء مقهى عبد ننه ، كتب سنة 1945 قصيدة يؤيد فيها حركة العصيان المدني التي قادها المهاتما غاندي ، فهو ينتقد بعض من يحج الى بيت الله الحرام ممن لايفقه فلسفة الحج ، ويطالبهم بأن يحجوا كما يحج الهندوس الى استقلالهم فاسمعه قائلاً :
قـف فـــي منىً واهتف بمزدحم القبــــائل والـــــوفود
حُـجـّوا فـلـسـتـم بالـغـيــــــن بحـجـّكم شـرف الهـنـودِ
حَـجـّـوا الى إستـقـــلالهـم وحـججـتـمُ خـوف الـوعـيـدِ
ضـحـيـتـُمُ كـبـشـــــــاً فأما هـم فـضحَـوا بالـوجــــــودِ
وعـبـــــادة الاحـرار أفـضـل من أطاعــــــات الـعـبـيـــدِ
واين فقهاء التعصب اليوم من مواقف علمائنا في السابق اذ كيف يكون موقفهم لو كانوا قد عاشوا ايام الفقيه العلامة الشيخ جواد الشبيبي ( وكل فقهاء النجف شعراء ) فحين زارت السيدة ام كلثوم العراق وغنت فيه في بداية الثلاثينيات وصل صوتها وصيتها الى كافة الانحاء ومنها الى النجف فقال هذا الفقيه قصيدة قومية بدأها بتحية يحي في مطلعها ام كلثوم قائلاً :
قمرية الـــدوح يا ذات الترانيم مع النسور على ورد الــردى حومي
اما ابنه العلامة الشيخ باقر الشبيبي فقد حّيا ام كلثوم بموشح لو قاله اليوم شيخ معمم لرمي بالكفر ولرجمه الناس بالحجارة ومما جاء فيه :
سلام ام كلثـــــــوم سلام انت مصباحي
لقد هيجت احزاني كما هيجت افراحي
فيا اغرودة الروح تعالي لست بالصاحي
امن يسكر بالحب كمن يسكر بالراح
امـا خمريات الامام السيد الثائر محمد سعيد الحبوبي فهي اكبر دليل على تيار الانفتاح النجفي وحسبنا أن نشير لأهمية موشحاته . ان الفنان المرحوم محمد القبانجي انشد احداها في حفل له بالقاهرة عام 1932 وكان احمد شوقي حاضراً يقول القبانجي ، رأيت احمد شوقي وكان في مقدمة الصف الاول وهو يرقص ويتمايل طرباً مع انشادي وما ان أتممتُ الغناء حتى عَبّر لي عن اعجابه بهذا الموشح وقال انه لم يطلع عليه في الادب الاندلسي ، قال القبانجي : ( اي اندلسي مولانا هذه الموشحة لشيخ فقيه عندنا في النجف ) ومعلوم ان الحبوبي اتُهم مظلوماً بمعاقرة الخمرة لدقة وصفه لها حيث يقول :-
خَفّف طبعي شربهـا مثلما دبيبها ثَقّل اجفاني
واضطر الفقيه المرجع الحبوبي لنظم قصيدة يرد فيها هذه التهمة حيث قال :-
أن لــي من شرفي بُرداً ضفـا هو من دون الهوى مرتهني
غير انّي رمـت نهـج الظرفــا عفة الــنفس وفسـق الألسـن
كما إن الغناء في النجف ينافس الناصرية ، ففيه من الاصوات الرخيمة الكثير الطيب ، لكن التقاليد جعلتها حبيسة السراديب ! والكثير من المنشدين الدينيين او الرواديد كانوا من الطبقة الدينية كالسيد كاظم القابجي مخترع طور الشجي او الشيخ حميد المحتصر و السيد ياس خضر ابن الخطيب السيد خضر القزويني ، والشاعر الشعبي والرادود الشيخ محمد الدسبولي ، وهناك اطوار بأسم اصحابها عرفت ومنهم لا حصرا : - محسن الكوفي ، وجعفوري ، وكذلك هجان ونوماس وحسين جودة ، والمنلوجست صادق القندرجي ، وعباس بهلوي ، وهناك الكثير من الاطوار الغنائية التي انطلقت من حناجر النجفيين كالطور النصاري وطور الطريحي الذي ابتدعه الشيخ جعفر الطريحي وغناه عبد الامير الطوير جاوي ومجيد الفراتي وطور الشبكها الذي اطلقه الحاج زاير بقصيدته ( خويه خي عون الشبكَها ) . مما تقدم دليل على ان المقهى وموضوع بحثنا مقهى عبد ننه دليل على تواجد هذا الطيف النجفي الجميل ان كان في البيت او الشارع اوفي المقهى ، منعكس شرطيا على الحالة الاجتماعية وخاصة في السياسة والأدب والاجتماع ان هذا المقهى المندرسة الآن ، هي حاضرة في ذاكرة كل من عاصرها وذاكرة كل منصف لتاريخ النجف النضالي في القرن العشرين الماضي ، بعد تأسيس الدولة العراقية 1921 ولحد اغلاقها من قبل السلطة 1964 فحين كانت النجف منفتح سياسي أدبي اجتماعي لاننسى انفتاحها على كل مدارس الدين وعلومه ، ومما اسلفنا كان توضيح مهم لهذه الخاصية وتواجدها في هذا المقهى (اشخاصها) واستفدنا كثيرا من توثيق الباحث الأخ محمد سعيد الطريحي (النجف الخلفية الحضارية والمقومات الفكرية ) وبتصرف ، لما نريد توضيحه ولنكون متماهين مع " الزمان والمكان " أناذاك وربما نكون منصفين للحقائق التريخية في بحثنا هذا ، بعيدا عن الانحيازية او غيرها من اجل عشقنا العراقي النجفي ووفاء لأهلنا وتراثنا المشرف
مقهى عبد ننه والحياة الاجتماعية وصدى تعليم المرأة النجفية
فقد عرف النجفي بصفات كريمة مثل حسن الضيافة وكرم الطبع وسخاء النفس التي اصبحت جزءاً من طبيعته لا يمكن له الفكاك عنها . فحين تجلس في مقهى عبد ننه مثالا وتطلب مساعدة ما او استفسار ترى الحاج عبد ننه او ولده رضا ، يقوم بنفسه بتلبية آي شيء يطلب منه ، او يسُئل عنه ؟ او ينتخي احدهم لذلك والكثير من أهلنا في النجف يتطوعون لهكذا مهمة ويعتبرونها واجب اخلاقيا نجفيا تجده في كل بيت وشارع ودكان وفي التعامل ، وروح المسامحة والملاطفة وهم ممن يتسابقون لفعل المعروف والغريب عندهم صحيب ، انها اخلاق مجتمع النجف زمانذاك وهذه تربية تجدها عند رواد مقهانا هذا وجلسائه فهو المكان المناسب لألقتاء الوافدين مع أهل النجف الأصلاء ؟ هذه الصفات قلما تجدها في المدن الكبرى ؛ وكذلك أتصف النجفي ولكثرة أحتكاكه بالآخرين بسرعة التعرف وقوة الأمتزاج التي تحصل عادة من رحابة الصدر ، ودماثة الخلق المتصفة برقة الطبع وخفة الروح . وثمة خصيصة اخرى تجلت وبوضوح في طبع النجفي وهي نخوته وسرعة اجابته في النجده . وقد انعكست هذه الظاهرة على حياته الاجتماعية وكانت المقهى المكان الذي يتسع لكل أهل النجف والوافدين لها ، لذلك تجسدت هذه الصفات في تعامله وسلوكه مع أبناء وطنه والطريف أن مجتمعا منغلقا ومحافظا كالنجف كان من اكثر المجتمعات انفتاحا في تقبله النقد السليم والفكرة السليمة ولعل ذلك يعود الى عاملين ، يقول : الدكتور العلامة والشاعر المبدع مصطفى جمال الدين ؛ هما القراءات المتنوعة للكتب وللصحف والمجلات التي كانت ترد النجف من مختلف البلدان ( كمجلة العرفان والمقتطم والهلال وغيرها ) من صحف الوطن العربي بالأضافة الى صحف والمجلات التي كانت تنشر في النجف ، وثقافات الوافدين على النجف من مختلف الأقطار العربية والأسلامية للتحصيل في مدارس النجف الدينية . واقول ان النجفي امرأة كانت او رجل عندهما روح التطلع لكل ما هو حديث ومستحدث في كل الاشياء ، مودة او مأكل او تطور للحداثة ومواكبة روح العصر والتحضر لذلك اصبحت النجف مدينة ذات طابع عصري رغم اضطهادها من قبل السلطات الحاكمة التي تولت الحكم على العراق من كل الاحتلالات ولازلنا نعاني من هذا الظلم والاجحاف لكن ابناء النجف دائما وابدا هم طليعة للحضارة الجديدة وللتفوق في شوؤن الحياة كافة فالمقهى التي كانت عنوان للمجتمع النجفي اختفت الآن لكنها حاضرة في تراثنا ونهضتنا . ان الشجاعة في ابداء الرأي الصريح والنقد عند النجفي ساعد على بث روح المنطق والدرك المتقابل بالأضافة الى الجرأة البناء مما يندر تحققه في المجتمعات المنغلقة والمتزمتة . ففي مقهى عبد ننه وعند روادها كانت تدور احاديث تنعكس عليها من العاصمة بغداد في حينها ، ولدى حديثنا عنها اجتماعيا مثلا فلابد ان نشير الى المرأة النجفية وموقعها الاجتماعي في هذه البيئة المحافظة . كانت المرأة النجفية تشكل جزءاً من بيتها ، طالما تختلط بغير ذويها الآ في المناسبات الدينية والأجتماعية والمآتم الحسينية التي تقيمها النساء ، أو في حفلات الأعراس والختان ، وكانت إذا أرادت الخروج من بيتها عند اقتضاء الحاجة لبست عباءة طويلة تستر تمام بدنها دون أن تظهر زينة او تحدث إثارة . فهي تحرص على زيها أشد الحرص وترى فيه سلامة دينها وكمال شخصيتها وتمام تربيتها وأخلاقها (والقول نسبي) وحين ظهرت الدعوة إلى تعليم المرأة وإنشاء مدارس للبنات ، ضج مقهاني وجلسائه المتنورين وغيرهم بالكلام والنقد والانتقاد فمنهم مع والآخر ضد لكنه مجتمع النجف ما يثار في البيت نجد نوازعه في مقهى عبد ننه والعكس ايضا صحيح في احوال كثيرة . اعودة لدعوة تعليم المرأة النجفية فلقد جوبهت في بادئ الأمر بمعارضة شديدة ورد فعلٍ عنيف من قبل جل الناس لأنهم كانوا يعتقدون بان خروج المرأة من بيتها وممارسة التعليم في الخارج يُبعدها عن القيم الأخلاقية السائدة ! والأعراف الاجتماعية الموروثة ( ثقافة القطيع) مما قد يؤدي في النهاية إلى فسادها وخروجها عن طريق العفة والحياء . ففي النجف اهتم شعرائها بفكرة التعليم من خلال محافظة المرأة على سترها وزيها بينما راح بعض الشعراء كالرصافي والزهاوي يدعون الى فكرة التعليم من خلال حرية المرأة وسفورها . والجدير بالذكر ان بعض علماء النجف أيدوا مسألة تعليم المرأة وتحمسوا لهذه الفكرة ، شريطة أن تكون ضمن اطار التعاليم الوطنية والأسلامية والأعراف الاجتماعية السائدة ومن اولئك الشيخ العلامة محمد رضا الشبيبي الذي ضج من تفشي الجهل والخمول بين الفتيات والفتيان .
كم فتىً في العراقِ أضحى مُقلاًّ * مـن كمـالٍ وكـم فتـاة مُقلَّه
ركسا في غيـابة الجهل حتـى * لم يسـع جهلها المحيـط وجهله
قـد تربّـى عن النهـى مستقلاًّ * وتربت عـن الحجا مستقلّه
وكذلك فعل الشيخ صالح الجعفري حين دعا الى تعليم المرأة ومناصرتها في إحقاق حقوقها
المشروعة في المجتمع
هذبوها فانها بشر * لكمال الحياة تفتقر
النـواميس بينكـم شـرع * فهـي انثـى وآخر ذكـر
الكـي تستحيـل حامضة * فـي زوايا البيـوت تدخر
كيـف يعطي ثماره شجر * في الحصى والتراب منقبر
وأدوهـا وحقها غمطـوا * ربي رحماك انّهـم كفروا
زعمـوا انهم بهـا ربحوا * لا وعينيـك إنهم خسـروا
أهملـوهـا وأي مـدرسة * أهملوها لو أنهم شعروا
وقد تبارى غير واحد من الشعراء في هذا الشأن وطالبوا بتعليم المرأة واصلاح بعض
النظم الاجتماعية والتقاليد ، من بينهم الشاعر عبد المنعم الفرطوسي الذي راح ينتهز كل فرصة ليعلن ثورته على السقيمة التي تجر البلاد والأمة الى الضياع والتهكلة
أفيقوا يـا بني وطني عجالا * فمـا يجدي الرقـادُ النائمينا
وهبّوا فيه للاصلاح كيمـا * نراكـم للتمـدن نـاهضينا
أليس ثقافة الجنسيـن فرضاً * تقوم به الرجـال المصلحونا
وفي نور المعارف خير هادٍ * طريـق يقتفيـه السالكـونا
جمالُ الشعب يوماً أن نراه * يسير الـى الثقافـة مستبينا
وانّ ثقافـةَ الاحـلام نـورٌ * به يُهدى الشبابُ الواثبونا

وفي هذا الشأن أيضاً يقول الشاعر محمد مهدي الجواهري الذي طالب بفتح مدرسة رسمية
للبنات وذلك عام 1929م
علموها فقد كفاكم شنارا * وكفاها أن تحسب العلم عارا
وكفانا من التقهقر أنّا * لم نعالج حتى الأمور الصغارا
هذه حالنا على حين كادت * أمم الغرب تسبق الاقدارا
أنجب الشرق جامدا يحسب المر * آة عاراَ ، وأنجبت طيارا
تحكم (البرلمان) من أمم الدنيــــ * ـــا نساء تمثل الاقطارا
ونساء العراق تمنع أن تر * سم خطاَ أو تقرأ الأسفارا
وهكذا استمرت الدعوات والمطالبات ردحاً من الزمن حتى أصبح تعليم المرأة أمراً ، أساسيا وحقا من حقوقها المشروعة ، وجزءاً من بناء المجتمع المتحضر الذي يصبو إلى الكمال والحياة الفضلى .
شهادة تقديرية من المرأة النجفية :
أحببت ان أدون بأسم المرأة النجفية ، صحيفة نضالية تاريخية لذاكرتها ، انها " أرجوان" غصن من تلك الشجرة الوارفة الظلال التي تهواها الأطيار وتهابها غربان الزمن الأغبر والمغبر بمن هم جائوا لنجفنا (بالباص الأمريكي !؟) وممن هم ذيول لدول السور المقيته ! مرحباً حين يكتب غصن من شجرة الحاج عبد ننه العلي ، بكل افتخار المرأة النجفية ؛ لمشاركتها الفاعله مع صنوها الرجل في صناعة التاريخ المشرف لغري الشرف والعز والكرامة بكل حقب الزمان ، كان النجف وأهله عنوان لعراق أشرف وفيه الغري ، دار السلام ، النجف ... لذلك اضع هذه الاسطر كما دونتها أرجوان عبدالجبار العلي أعتزازا وشهادة تقديرية لي من المرأة النجفية صانعة الأجيال و النضال والكلمة الطيبة التي كانت ولا تزل وستبقى الى الأبد شعلة للحرية وحمامة سلام للوطن ، وللأنسانية .
طوبى للنضال وللمناضلين وطوبى لمقهى الحاج عبد ننه
يمضى الزمن وتطوى فى سجلاته شخوص واحداث وتواريخ خالده لم يسعفها السرد والعرض ذات الوقت لرحيل ابطالها بين استشهاد وقمع او نفى ووعيد وسجن فى غياهب الظلمات حيث الموت اللاحق . وان تعددت الاسباب فان المغزى متفق عليه لا محال (اجهاض الحقيقه) من المحزن ان تطحن ذاكره الزمن نضال ابطال الشعوب لياتى بعدها السر الربانى ويرحل عنا ممن حفروا بدماءهم اصول التضحيه وفداء الجسد والروح لنصره الاوطان ودفن الظلم وفك اسر قيود التخلف والجهل لارتقاء معراج الحياه الكريمه . لك ايها الوالدالعزيز كل الامتنان فقد مسحت غبار الزمن المعتق بدماء الحروب والبارودعن تاريخ لابد ان يخلد ذكراه تقديرى لدقه ما جمعته من تفاصيل وقراءات واحداث وما ذكرته من اسماء رواد المقهى ونشاطاته . اصبح ما اوضحته واضافه الاستاذ ذياب للذين يجهلون حقيقه المقهى او للذين تناسوا ذكره او يتجاهلونه فى وقت ضللتهم زيف الشعارات التى توارت فى كل مرحله من تاريخ العراق النضالى والسياسى ... جدى رضا لطالما كنت متيمه بشخصيتك من طفولتى الى رحيلك كنت مميزا بكل المقاييس بافكارك النيره تفاؤلك رغم الاضطهاد والجبروت السياسى ... فيا ليتك جدى تنهض فى زمن رفعت فيه الاقلام عن ارساء الحق والنضال النزيه ليتنى استطعت ان اطوق ذاك الداء اللعين الذى جعلك ترحل مبكرا وتنحسر فى زمن اشباه الرجال وعتمه الحقائق وضلاله الفتن ونزعات المنافع الذاتيه على حساب خبز الشعوب . جدى ما زلت تزورنى باحلامى وتطوقك احضانى ... لا عليك . ما زال ابنك يؤدى امانه ما تمنيت ان يكون خالدا وما زال صرح الحاج عبد ننه شامخا فى شوارع النجف القديمه . لا زال عبق جدران سراديبه الرطبه تتكلم عن زمنكم الجميل بكل افراحه والامه وما زالت اركان اماكنكم معشقه باريج الكفاح . رائحه خبز التنور وعبير مقهى عبدننه وابخره استكانات الشاى الزكيه حاضره فى قلوب الاحياء من رواده ومكان لطالما عشقه الراحلون من علماء ومفكرين وادباء ومناضلين حتى الفقراء كان لهم نصيبا فى الحضور ليشهدوا حكاياته بافواه مفتوحه وعيون محدقه واذان تصغى بشغف لتدخل السكينه بالقلب وبلا استئذان طوبى لمقهى الحاج عبدننه وطوبى للزمن النضال ... امتنانى اللا متناهى للاستاذ ذياب مهدى لدوره الفعال فى تدوين هذه المدونه ونحن كلنا لهفه لصحائف النضال الاخرى لمقهى عبد ننه والمناضل رضا عبد ننه التى وعدنا بها الاستاذ ذياب فى الاجزاء التاليه من مدونته هذه وشكرى الخالص لكل احبائى من النجفيين الاصلاء والمعلقين على ما نشر ومنهم الذين قضيت طفولتى مع عوائلهم اجمل ذكريات الطفوله

ارجوان عبد الجباررضا الحاج عبد ننه العلى

يتبع .......



#ذياب_مهدي_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفيد كافور الاخشيدي انتن من عفن بقايا الطاغية صدام
- لك اكتب اشجان الغربة
- ايها المرجع الكبير انشر عمامتك ثورة بيضاء و حمامة سلام تطير ...
- مقهى (عبد ننه) آرث سياسي ، أجتماعي وأدبي ، نجفي عراقي ...... ...
- مرارة الغربة ونار العشق العراقي وحكومة برؤوسها الثلاثة خايسة ...
- مقهى - عبد ننه - آرث سياسي ، أجتماعي وأدبي ، نجفي عراقي
- من مزامير داوود عزفا لضرغام آل غلآم
- هلا .... بطاقة حب لميلادها
- التي لن تأتي ؟ فأنتظرها مشرق الغانم !
- ترانيم من وجع الغربة
- نفحات من تداعيات الذكرى عن الراحل مكي زبيبة
- الحب والوطنية
- أضافة لما كتبه غريد بابل الشاعر حامد كعيد عن قصيدة (أهنا يمن ...
- نعم : هناء شبيهة زينب ، فمن مثلها أيها المدعون؟
- زينب العصر، هناء أدورد تنطق الحق بوجه الحاكم الظالم
- ديدننا النضال حتى تتقد جذوة الفكر للإرادة الشعبية ؟
- هل صحيح ان إرادة الشعب رافضة للصفقة الفاسده لنواب رئاسة الجم ...
- أبن همام اذا أنتخب رئيسا للفيفا سيرمي أسرائيل بالبحر !؟
- العراق برئ من هذا العراق النائم ؟
- ابتدأ بالثناء، بفاطر السماوت والأرض .... ود – علاء الرماحي و ...


المزيد.....




- في السعودية.. مصور يوثق طيران طيور الفلامنجو -بشكلٍ منظم- في ...
- عدد من غادر رفح بـ48 ساعة استجابة لأمر الإخلاء الإسرائيلي وأ ...
- كفى لا أريد سماع المزيد!. القاضي يمنع دانيالز من مواصلة سرد ...
- الرئيس الصيني يصل إلى بلغراد ثاني محطة له ضمن جولته الأوروبي ...
- طائرة شحن تهبط اضطرارياً بمطار إسطنبول بعد تعطل جهاز الهبوط ...
- المواصي..-مخيم دون خيام- يعيش فيه النازحون في ظروف قاسية
- -إجراء احترازي-.. الجمهوريون بمجلس النواب الأمريكي يحضرون عق ...
- بكين: الصين وروسيا تواصلان تعزيز التعددية القطبية
- إعلام عبري: اجتياح -فيلادلفيا- دمر مفاوضات تركيب أجهزة الاست ...
- مركبة -ستارلاينر- الفضائية تعكس مشاكل إدارية تعاني منها شركة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ذياب مهدي محسن - مقهى (عبد ننه) آرث سياسي ، أجتماعي وأدبي ، نجفي عراقي ...... القسم الثالث