أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبد مراد - عندما تبكي الرجال















المزيد.....

عندما تبكي الرجال


احمد عبد مراد

الحوار المتمدن-العدد: 3499 - 2011 / 9 / 27 - 07:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عهدتهم ابطالا اشداء على الصعاب ،عبروا المنعطفات وكانوا مع الموت وجها لوجه ،لم يلتفتوا الى الوراء انهم اعتادوا المضي قدما ،قهروا الظروف وسخرّوها لمسيرتهم النبيلة والمشرفة ، عايشوها بكل اهوالها ومخاطرها وتحدياتها،بردا وحرا ومطرا، انها مسيرة طويلة في اراض شاسعة ووديانا سحيقة وقمم جبال تعانق السماء ، مخاضات عسيرة ومضنية،،انهم رفاق درب طويل جائوا من كل حدب وصوب من الفاو وحتى زاخو تجمعوا حول هدف غايته النبل والاصالة تركوا كل شيء ورائهم الّا مصلحة العراق وشعبه حملوا هموم الوطن والمواطن وقدموا الشهداء جمعا وفرادا قرابين من اجل هدف امنوا به دون التفكيربدافع المصلحة والمنفعة الشخصية ،زادهم رغيف خبز وقطعة جبن، تأبطوا سلاحهم، وجل ما يملكونه عليجة ظهر (قطعة قماش خيطت لحفظ بعض الحاجيات وتحمل على الظهر)في مسيراتهم الطويلة المليئة بالمخاطر والمحن والصعاب كانوا ينشدون ويغنون( يا رايح للحزب خذني وبنار المعركة ذبني)عبروا نهران كردستان الهادرة في عز برد الشتاء وهديرمياهها الذي قارب التجمد ووصل حد الصدور وعند وصول اليابسة تلفحهم رياح باردة تكاد ان تجمد اجسادهم فيلجأوا الى اشعال النار ليتقوا بها ذلك الزمهريرويعاودا ارتداء ثيابهم الجافة بينما كانت النصيرات تجف ثيابهن فوق اجسادهن لانهن لايمكن ان يخلعن ثيابهن ويعبرن النهر كما فعل رفاقهن وكن يرتجفنة
بردا بينما تعلوا وجوههن ابتسامة الاصرار والتحدي، واستذكر هنا الرفيقة بدور واختها الاكبر عندما كن يخضن في مياه الروبار(النهر) بكل شجاعة واقدام وبدون اي تردد او تشكي واضعات بنادقهن وحقائبهن فوق رؤوسهن ليخرجن الى الضفة الاخرى من النهر ليعصف بهن تيار هواء بارد يجمد الدم في اطراف الاصابع ،انها لذكريات لا يمكن شطبها من الذاكرة ولا يمكن نسيانها.. اوالعبورعليها كيفما اتفق.
نعم لقد كبرنا وكبرت بنا السنون وقد كبرت معنا ذكرياتنا ولكنني لا يمكن ان انسى يوما بكى فيه الرجال الاشداء لا بل انتحبوا ليس خوفا ولا ترددا ولا جبنا، بل حزنا واسى واسفا، كيف لا وقد امروا بترك السلاح،انها مفاجئة لم تكن متوقعة ولم يحسب لها الثوار حسابا انه خبر وقع عليهم كالزلزال،، ولكن كيف واين ومتى حصل ذلك ؟.. كان العام 1988 وقد اعلن الخميني قبوله وقف الحرب مع العراق عندها احتفل الشعب العراقي من اقصاه الى اقصاه ليس بانتصار العراق كما صوره جلاوزة صدام الجرذ الجبان وانما تخلصا من بلاء الحرب وحزب الجبناء الذي كان يجثم على صدور العراقيين ويعدم ابنائهم تحت شتى الواجهات بمافيها –جبان –هارب –عميل، اصول ايرانية، الخ..من التهم الجاهزة .
قبل الهجوم وقبل وقف القتال وصلتنا اخبار تؤكد ان النظام سوف يشن حربا طاحنة على قوات البيشمركة لا تبقي ولا تذر وصدق النظام بما وعد فيه وهو صادق دوما بالحاق الكوارث والجرائم والمآسي بشعب العراق والشعوب المجاورة وفي شهر اب من العام 1988 شن النظام هجومه العسكري وبكل اسلحته وكان يعلم تماما ان البشمركة بما فيها قوات الانصار التابعة للحزب الشيوعي العراقي سوف لا تهزم بالاسلحة التقليدية فكان لابد من استخدام الاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا ولكن اين صدام وحزبه العاق من الحلال والحرام فراح يصب جام غضبه ليس فقط على قوات البيشمركة وانما على الشعب الكردي بدون تمييز فقتل الزرع والضرع قبل البشر ولما لم تكن لدى الانصار من سلاح او وسيلة يحتمون بها من هذا السلاح الفتاك فقد اضطرت قواتنا الانسحاب الى الحدود التركية بغية الابتعاد عن تأثير السلاح الكيمياوي والتي لا توجد وسيلة لدى الانصار لمقاومته ، وقد استغرقت تلك الرحلة حوالي 18 ساعة من السير على الاقدام بعدها عسكرت قوات الفوج الثالث على الحدود التركية العراقيه بغية استجلاء الموقف ودراسته واتخاذ ما هو ضروري، وكان الرفيق ابو (عادل السياسي) يقود الفوج ومعه رفاق اخرين وبعد الاخذ والرد وتدارس الموقف العسكري والسياسي تقرر ارسال مفرزة صغيرة من خيرة الشباب الانصاروالذين يمتازون بالجرأة والشجاعة والسرعة لاستطلاع مواقعنا القديمة داخل الاراضي العراقية وتحديدا كلى كوماتا(وادي كوماتا) ومعرفة ما اذا كانت هناك امكانية للالتفاف والعودة الى الاراضي العراقية وتغيير مواقعنا على ان تعود تلك المفرزة في اسرع وقت الى القوات المعسكرة في الحدود العراقية التركية بغية النظر في اتخاذ الموقف المناسب وتحديد نقطة انطلاق جديدة لمواصلة العمل الانصاري وعدم الخروج من العراق الى اراض غيرعراقية وان كانت مجاورة واتذكر فقط الرفيق الشهيد عايد (عباس) من افراد تلك المفرزة والتي انطلقت ليلا لتعود فجرا بخبر مفاده ان قوات صدام قد سيطرت على تلك المناطق بما في ذلك (كلي كوماتا)
كان المقف شديد التعقيد ويحتاج الى من يتحمل المسؤولية في اتخاذ القرار المناسب ولما لم تكن هناك قيادة متكاملة في منطقة واحدة حيث انقسمت القيادات العسكرية والسياسية حسب الظروف والموقف العسكري ،فكان لابد من ان يتخذ راس الهرم قراره الحازم وبعد التداول في اتخاذ الموقف بين الكادر الحزبي والعسكري اصدر الرفيق ابو عادل بأعتباره قائد الفوج قراره بالتخلي عن السلاح ودخول الاراضي التركية متسللين بين القوات التي سبقتنا من الحلفاء والعوائل دون معرفة قوات الجندرمة وحرس الحدود التركية.
في مثل تلك المنعطفات والمواقف الحادة كان لابد من ان يحتدم النقاش وتطلق الاراء المتحفظة على القرار لا بل تطلق الاتهامات في التخاذل والانكسار والتراجع امام العدو ووصل الحد الى اعلان مجموعة معينة تكتلها وانعزالها واصرارها على البقاء على الحدود ومن ثم التفتيش عن حل بديل ولكن سرعان ما عادت تلك المجموعة عن موقفها والالتحاق بالركب .
في هذه الاثناء انبرت مجموعة من الانصار الشباب بأخفاء السلاح والمعدات للعودة اليها عندما يحين الوقت المناسب ،وعند الغروب
كان المشهد حزينا وقاسيا ومؤلما وشديد القتامة لاننا لم نعتد ان نلقي سلاحنا في موقف كهذا ونعبر الحدود متسللين ،بكى الجميع في حرقة والم شديد وتحسسوا المواقف وخافوا من الصاق التهم الجاهزة بالتردد والتخاذل،ولكن ها قد حانت ساعة الوداع وسط نحيب المقاتلين الشجعان نتيجة التخلي ولو مؤقتا عن سلاحهم وهم الذين كانوا لا يغمضون عنه طرفة عين ،فقد كان النصير الشيوعي يأكل وسلاحه في يده وينام ليتوسده ويغتسل بعد ان يؤمن عليه..واليوم يقول له وداعا ولكن الى حين..الى اللقاء ايها الرفاق في حومة جديدة من سوح النضال ومنعطف جديد نحو العلا.



#احمد_عبد_مراد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خذ الحكمة من افواه المجانين
- تضارب المصالح والاهداف تحتاج الى انتفاضات داخلية
- حرامي البيت ما ينصاد
- بعض السمات المشتركة لثورات الربيع العربي
- انتم آخر من تتكلمون يا عبيد امريكا
- هل يعقل ما يجري في العراق ياناس.
- اكرمونا بسكوتكم يكرمكم الله
- من ام المعارك الى ام المهازل
- رعونة الحكام العرب جعلتنا لعبة بيد امريكا
- مابني على باطل فهو باطل
- ام عامرتقول(والله ملّينا)
- لماذا لا نحتكم الى الديمقراطية بدلا من القنابل الموقوتة
- هل هي لعبة امريكية خالصة
- حكومتنا ولدت كسيحة ولا زالت كذلك
- مساع محمومة لتخريب وحدة الطبقة العاملة العراقية
- الطبقة العاملة العرافية عصية على اعدائها
- مشاهدات وانطباعات سريعة
- الحزب الشيوعي مدافع امين عن مصالح الشعب
- ماهكذا ياسيدي النائب -حسن السنيد
- تجري الرياح بما لا تشتهي السفن


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبد مراد - عندما تبكي الرجال