أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عذري مازغ - آسفي: كارثة تشيرنوبيل بالمغرب















المزيد.....

آسفي: كارثة تشيرنوبيل بالمغرب


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3487 - 2011 / 9 / 15 - 08:27
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


في مدينة آسفي المغربية فوجيء الناس بحالات اختناق مست شريحة كبيرة من السكان، وخصوصا المناطق المجاورة لمعمل «فوسفور المغرب»، السكان المجاورون لهذا المعمل يسمونه تشيرنوبيل المغرب: اسم على مسمى، لا مبالغة في الامر، هاكم لماذا: حدثت كارثة تشيرنوبيل أيام اواخر شهر ابريل في أوكرانيا، وأظن أنها حدثت بالتحديد في 28 أبريل إن صحت ذاكرتي، ولم يخبر سكان تشيرنوبيل إلا بعد انتهاء المظاهرات الإحتفالية للعيد الأممي للطبقة العاملة، وحين تسأل احدا من أوكرانيا عما حدث، لن يخبرك إلا عن تسيب في المسؤولية للنظام السوفياتي الذي اثر ان تنجح تظاهرات فاتح ماي على حساب سلامة السكان، والنتيجة في الأمر هي أن الغاية تبرر الموت وليس الوسيلة، هكذا كان غورباتشوف ومعه السلطة السوفياتية يريد أن يتبجح بشعارات فاتح ماي المساندة حينها لإصلاحاته الكارثية بالطبع والمؤدية إلى انهيار الإتحاد السوفياتي فيما بعد، لعل أوكرانيا الآن تعيش على إيقاع تلك الكارثة حتى الآن، ولعل سياسة تشجيع النسل التي سنتها الحكومة الحالية لخير دليل على الأمر لأجل تغليب المواليد على الوفيات أقولها بالوضوح الواجب: تغليب المواليد على الوفيات. بعض الوقائع في مدينة آسفي تؤكد التلوث، وسواء اعتمدنا على حصيلة ضحايا الخميس الفائت أو اعتمدنا على بعض الظواهر الموجودة بآسفي حيث التشوهات الخلقية في المواليد مست الإنسان قبل الحيوان، والجميل في المغرب هو هذا الحس السياسي الرائع لتغييب الكوارث عندنا، ولعل قراءة لتصريحات المسؤولين المحليين للسلطة او مسؤولي شركة فوسفور التشيرنوبيل المغربي لخير دليل على نباغة الجرذان المغربية، في تصريح لمسؤول الإتصال بالشركة المذكورة لوكالة المغرب العربي، نفى أية مسؤولية للشركة على الأمر، وعزا الأمر إلى عوامل مناخية، «منها أساسا ارتفاع درجة الحرارة والتحرك البطيء للتيارات الهوائية التي تعمل عادة على تفكيك المقذوفات المنبثقة من جواعب المعمل»... مالعمل إذن إذا كان المناخ محتبسا، هو إذن قدر إلهي اكثر منه قدر الشركة، اليس الأمر استغباء للشعب المغربي؟ مالفرق إذن بين هذا القول لهذا المسؤول وقول القذافي حين ينعت شعبه بالجرذان؟ وما معنى أن الإحتباس الحراري عمل على البطء في تفكيك الغبار الكميائي؟، معناه ببساطة الفهم عند الجرذان، أن الشركة، بنية مبيتة تعي أن صناعتها ملوثة بامتياز، ومعناه أيضا أن الإحتباس الحراري هذا مركز التلوث في المدينة يوم الخميس اكثر منه في الأيام العادية من اللاحتباس، ومعناه تبعا لهذا أن درجة الإختناق أكثر في حالة الإحتباس منها في حالة اللاحتباس وهذا مايفسر ظاهرة الإصابة بالربو المرتفعة في مدينة آسفي، ثم ماذا يعني تفكك المواد الملوثة في الجو في حالة اللاحتباس؟ يعني انها تغطي مساحة أكبر من المعتاد في الفضاء المغربي، بدرجة أقل تمركزا، ويعني في المطاف الأخير، وفي غياب الدراسات البيئية، ان التلوث لا وجود له إلا في حالة الإحتباس، وهو ما ينم عن فهم ضيق لمسالة التلوث، باعتبار حالة التمركز فيه تؤدي إلى نتائج مباشرة، بينما في حالة تحرك التيارات الهوائية يؤدي إلى قدر إلهي: في أحسن الحالات تشوه خلقي مبرر غيبيا.
السلطات الإقليمية وعلى عادتها القيمة في الغباوة ذهبت في نفس السياق، بلغة تطمينية اكثر منها تحركت فعلا لاحتواء الكارثة، بل بمنطق غيبي هو الآخر: «الوضع يوجد الآن تحت السيطرة بعد التوقف المؤقت للعوادم وتحرك التيارات الهوائية» . لم تقل لنا هذه السلطة هل هي اوقفت العوادم لحساسية الموقف (مع يقيني الصارم بأن البيئة في المغرب لااعتبار لها) أم هي اوقفتها كما يبدوا مؤقتا وهذا يعطي مصداقية كبيرة لتصريح المسؤولون النقابيون الكونفدراليون بالمعمل، كون المسالة كانت نتيجة تكثيف العملية الإنتاجية والمردودية، وهو تصريح ينفي سيناريو الإحتباس الحراري من أساسه والذي لم تعرف المدينة مثيلا له فيما سبق، وربما بمقارنة التصريحين نستشف فهما جميلا يستحق التنويه: لحجم الضحايا اوقفت السلطة العوادم، دعونا نسميها بلغة يفهمها الجميع، اوقفت المقذوفات من الجعب في انتظار أن يتحرك الهواء، هذا هو مضمون التصريح بصريح العبارة وليس فيه ما يؤكد السيطرة مع ان السيطرة تعني عمليا شيئا آخر تماما، هي مثلا في الدول الغربية شيء من تدبير الملهاة: تعيين لجنة “مستقلة” للتقصي،المزيد من ربح الوقت الذي لا معنى له في سيطرة الموقف عند الطحالب المغربية، تعيين خبراء في التلوث، وبعد مدة من البحث يتم تعويض الضحايا: سمن على عسل، الطحالب المغربية الحكومية لا يمكنها حتى أن توجد السمن والعسل في تدبير ملهاتها، بل من البداية ليست هناك مسؤولية أحد على التلوث، بل هو مسؤولية المناخ الذي لم يتحرك لتفتيت الكثل الغبارية السامة التي تبعثها الجعبات في معمل فوسفور المغرب: لم يحرك ساكنا إله الرياح، انتقم من مدينة آسفي في خميس أسود لسبب في نفسه ولا نعرفه نحن المواطنون البسطاء.
الآن تصوروا موقفا آخر، لو اصيب في آسفي سائح أجنبي من التلوث، من الدول الملهمة للحقوق المدنية كفرنسا مثلا أو أية دولة رأسمالية حقا، مع العلم أن آسفي هي أيضا مدينة سياحية، تصوروا كيف ستتحرك الطائرات المغربية وليس سيارات الإسعاف التي في عملية ذهاب وإياب إلى مستشفى بئيس كمستشفى محمد الخامس بآسفي، تصوروا كيف سيتحرك الوزراء في حكومة العدم عندنا، وكيف ستظهر القدرة الخلاقة في احتواء الأزمة، وكيف ستتشكل لجن الملهاة كما أوردت سابقا، بعبارة رائقة جدا، سيكون هناك سمن وعسل بشكل نتمنى دائما نحن المغاربة الأجلاء ان يكون بين ضحايانا كائن أشقر حشرة أوربية أو رأسمالية حتى.وهنا أتساءل من منطلق المعلم السياحي للمدينة: هل تدرك الطحالب المغربية أن العالم هو قرية صغيرة؟ وان سيطرتها على الموقف ليس في علم الآخرين من غير المغاربة (مع العلم أن المغاربة هم اذكياء للغاية) سوى رماض في العيون؟، وهل تدرك أنها بتصريحاتها البليدة تؤكد وجود التلوث بدرجات متفاوتة، هو متمركز في حالة الإحتباس، وغير متمركز في حالة تحرك التيارات الهوائية؟ وسؤالي الأخير : هل يحلل المسؤولون سواء في إدارة الشركة أو السلطات المحلية مضمون تصريحاتهم؟
لا أظنهم كذلك، ببساطة لأنهم هم الجرذان، بكينونتهم القحة هذه هم يستبسلون في شرح الأمور بمنطق الجرذان نفسه. هم يعتقدون أن المواطن جرذ بينما الحقيقة المرة هي انهم هم الجرذان، يمنطقون الواقع بمنطقهم الفطري الجرذي هذا.
قد يلومني بعض الاصدقاء الاعزاء في اني رفعت مستوى معمل كميائي غير نووي إلى مستوى مفاعل تشيرنوبيل، وساقول بهذا الصدد بانه حينما تنعدم النية في معالجة الامر كما توضح تصريحات المسؤولين، وحين ينعدم تحديد المسؤولية فهذا يعني ببساطة قاتلة ان القادم أكثر مما يتوقع، وأبسطه أن نستقبل تشوهات مواليد آسفي بمنطق غيبي قدري: هو سنة الله في أرضه، وهذا مؤلم حقا وهو امر واقع في المدينة كما تؤكده شهادات عينية.
تضامني المطلق مع سكان مدينة آسفي.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرض الله ضيقة
- إذا كنت في المغرب فلا تستغرب
- المغرب وسياسة تدبير الملهاة
- ليبيا وثورة التراويح: بالأحضان أيتها الإمبريالية المجيدة
- يوميات مغارة الموت (4): تحية لروح الشهيد أوجديد قسو
- 20 فبراير هي الضمير الوطني لجميع المغاربة
- القديس آمو
- الماركسية في تفكيك أمير الغندور، الغندور منتحلا شخثص الفاهم ...
- الماركسية في تفكيك امير الغندور: عودة إلى القياس الفقهي
- الماركسية في تفكيك الأستاذ أمير الغندور: في غياب السؤال المع ...
- الماركسية في تفكيك ألأستاذ امير الغندور: النزعة التلفيقية
- الماركسية في فقه الأستاذ أمير الغندور
- من حكايا العبور: سعيد الميركرودي
- عودة إلى الصراع الطبقي والماركسية
- لقاء مع بيكاسو: حي الجيتو
- حول الصراع الطبقي والماركسية
- حول الصراع الطبقي، رد على الزميلة مكارم
- مغرب الإجماع البليد
- نحو آلية عالمية للتنسيق بين ثورات الشباب في كل العالم
- حول الدستور المغربي الجديد.. لتستمر الثورة


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عذري مازغ - آسفي: كارثة تشيرنوبيل بالمغرب