أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - الديمقراطية المصرية حمار بوريدان















المزيد.....

الديمقراطية المصرية حمار بوريدان


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 3482 - 2011 / 9 / 10 - 21:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الديمقراطية المصرية حمار بوريدان
نقد المجلس العسكري ونقد النقد

الكناية وهي نوع من البلاغة العربية، تقوم أحياناً بتسمية شئ بما ليس فيه على سبيل التيمن، كأن يقال لإبراهيم : يا أبا خليل، ولـ حسن : يا أبا علي...الخ ولقد مارست هذه الكناية - طوال الأشهر السبعة الماضية - صراعها مع معطيات العلم الحديث على هذه الصفحة السمحة من جريدة القاهرة، حيث ظل تعبير الثورة ساحة لهذا الصراع الثقافي، ذلك أن يناير كان حدثا ً فريدا ً أذهل العالم وأربكه. فمن ناحية استطاع شعب أعزل إلا من إرادته أن يخلع ديكتاتورا ً كامل الأوصاف، ومعه طغمته الشريرة الفاسدة ، بل ويحملهم حملا ً إلى ساحة القضاء كي ينالوا العقاب على جرائمهم وفسادهم. وفي غضون ذلك تآخى الدينيون والعلمانيون، المسلمون والمسيحيون،الرجال والنساء والأطفال. هو إذن حدث" ثوري " باهر باتر . ومن ناحية أخرى ثبت أن المنتصرين كانت تعوزهم النظرية الثورية، فلا إستراتيجية تستبدل بالنظام القائم نظاماً سياسياً واقتصادياً أفضل، ولا تكتيكات واضحة تناسب الغرض الاستراتيجي، ولا قيادة كاريزمية تلتف حولها الجموع ( روبسبيير – لينين – سعد زغلول – لناصر- كاسترو - خميني ) ولعل غياب تلك العناصر الثلاثة هو ما يضع علامة استفهام كبيرة أمام المصطلح "الشعبوي" لكلمة الثورة الينايرية. بل ولعله يفسر هذا الضيق بسياسات السلطة الحالية : المجلس العسكري. كما قد يوضح ذلك الغياب كيف وجدت القوى الديمقراطية نفسها في مكان حمار بوريدان كما سنرى في موضع لاحق من هذا المقال .
ليس مجلس قيادة ثورة
غير ممكن تسمية المجلس العسكري - صاحب السلطة الحالية – بمجلس قيادة الثورة، لأن الجيش لم يقم بثورة أصلا ، كل ما حدث هو أن قيادة الجيش المصري لم تقبل بتوجيه سلاحها لصدور المتظاهرين حمايةً لرئيس نبذه شعبه ( مدركة إنها تعرض نفسها للمحاكمة العسكرية فيما لو استمر الرئيس في منصبه) ولا شك أن التاريخ سيسجل للجيش المصري هذا الفعل النبيل بحروف من نور وزبرجد، ولكن هذا لا يعني أبدا ً أن المجلس العسكري قد تسلم السلطة من الشعب، وإنما سلمها له الرئيس نفسه ليقي للنظام السياسي كله من السقوط. بعدها عطل المجلس العسكري الدستور (عطله ولم يلغه) معلنا ً أنه "سيدير" البلاد ولن يحكمها، وأنه سوف يسلم السلطة للرئيس المنتخب القادم. وذلك معناه في فقه العلوم السياسية أن الجمهورية الأولى قائمة لا تزال.
واليوم تتصاعد أصوات كثيرة في الآونة الحالية تنتقد أسلوب المجلس العسكري في إدارة البلاد ، وما من شك في أن بعض هذه الانتقادات له ما يبرره ، ومن ثم فلا يجوز الازورار عن مواجهتها. من ذلك استمرار مثول المدنيين أمام المحاكم العسكرية وليس أمام قاضيهم الطبيعي، ولقد يقال إن هذا الإجراء سيتوقف تلقائيا بمجرد إلغاء حالة الطوارئ ، لكن النقد يظل مطلوبا ً حتى لا يدفع " متهمو " اليوم ثمنا ً لما سيصبح مجانا ً غدا ً . كما يجوز نقد المجلس العسكري لتشكيله لجنة إعداد التعديلات الدستورية من رموز تيار الإسلام السياسي دون غيرهم من سائر التيارات السياسية ، فضلا عن إصراره علي إصدار بعض القوانين – مثل قانون مجلسي الشعب والشورى – دون التفات إلى إجماع القوى الوطنية ( بما فيها الأخوان والسلفيون ) على رفضه .
ومع ذلك فثمة مثل انجليزي يقول Put yourself in his shoes ما يعادل بالعربية " ضع نفسك مكانه " لأنك إذا فعلت فلسوف تستبين لك طريقةُ تفكيره قياسا ًعلى مسئولياته ومهامه، وفي حالتنا الراهنة فإن القول يتمحور حول دور القوات المسلحة في حماية أمن الوطن وسلامة ووحدة أراضيه، درءً للمخاطر التي تتناوش هذا الوطن من خارج وداخل. فدعنا إذن نرصد المخاطر الخارجية والداخلية التي تواجه المسئول عن إدارة الدولة.
من بيده قرار الحرب؟
تود بعض القوى العربية أن تستدرج مصر إلي مواجهة عسكرية مع إسرائيل بنفس السيناريو السوري في67 ، وهو ما لن تتعفف عنه حكومة ناتنياهو التي تجاهد بدورها للخروج من مأزقها الحالي ( وهو مأزق اجتماعي / اقتصادي ) ومن جهة ثانية فلسوف ترحب إيران وحماس وتركيا بمحاربة إسرائيل لآخر جندي مصري ! إيران لأنها سوف تؤًمن نفسها بهذه الحرب من خطر ضربة إجهاض إسرائيلية – ما زالت تلوح في الأفق - لمشروعها النووي، وأما الحمساويون فلسوف تعفيهم مصر " المحاربة العظيمة " من حرج إعلان عجزهم عن مواصلة ما دأبوا على ترداده : أنهم " مضطلعون" بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر ( = إزالة إسرائيل ) سيما وأن النظام السوري - راعيهم السياسي وداعمهم اللوجستي- قد دخل مرحلة المحاق .
وأما تركيا فمن الواضح إنها بعد أن يئست من الحصول على عضوية الاتحاد الأوربي ، أمست تتطلع لدور قيادي شرق أوسطي ( بالأقوال الفخمة الضخمة والألعاب الدبلوماسية المأمونة النتائج ) موهمة بأنها المساند للحق العربي، بديلا ً للإتحاد السوفييتي السابق ! هي التي لا تملك معشار ما كان يملكه السوفييت من إمكانيات، ولا لها أذرع الدب الروسي وأقدامه الثقيلة تصارع بهما النسر الأمريكي ذي الأجنحة الكوزموبوليتانية والمخالب النووية .. ولكن لما كان العرب مستعدون دائما لسماع عمرو بن كلثوم وعنترة وأبي فراس الحمداني فلا بأس عليها إن أطربتهم بأقوى الأشعار المحرضة على قتال أعدائها وأعدائهم بـ " خير أجناد الأرض : المصريين " ! [ ألم يذهب هؤلاء المصريون بقيادة إبراهيم باشا لمحاربة أعداء السلطان العثماني حتى في اليونان والمكسيك ؟!] وهاهي تركيا المعاصرة تأمل في استعادة نموذج الوالي المصري مرتدية قناع المخايلة التاريخية لعصر الخلافة بغطرشة ماكرة على حقيقة البؤس والضياع الذين جلبهما ذلك العصر على الشعوب العربية ، بل وعلى الإمبراطورية العثمانية ذاتها ، حيث تبخرت بددا ً عقب هزيمتها الساحقة في الحرب العالمية الأولى .
الديمقراطية على جسر الحمير
وأما المخاطر الداخلية فتتبدي في تلمظ قوى الدكتاتورية الدينية للوثوب على السلطة في لحظة تاريخية برهنت على أن الديمقراطية في مصر ضعيفة بالفعل ، لا تمثل حسب الاستفتاء الأخير سوى 9 % مقابل كتلة تصويتية لخصومها مقدارها 30 % وراءها احتياطي تعبوي بنسبة 61 % ( الأغلبية الصامتة ) وهو ما يعنى أن اللبراليين والقوميين واليساريين محتاجون بشدة لظهير يساندهم في معركتهم من أجل حماية ما تبقى من نظام الحكم المدني، وهو ما يمكن أن تقوم به القوات المسلحة، لا بأسلوب انقلابات الجنرالات الترك، وإنما بأسلوب مصري خاص ( راجع مقالنا بجريدة القاهرة بتاريخ 6/9/20011 ) لكن الديمقراطية المصرية تحتاج لمن يذكرها بأمثولة الفيلسوف بوريدان الذي أراد حماره أن يقلده فكان أن وقف على جسر يمينه ماء ويساره تبن، فكر الحمار : لو أكلت أولا لهلكت عطشا ً، وإن شربت أولا ً مت جوعاً ! وهكذا ظل يفكر ويفكر حتى هلك جوعا ً وعطشاً .
*** ***
تلك هي المخاطر الخارجية والداخلية التي تواجه صاحب السلطة اليوم . والحاصل أنه بقدر ما نجح الجيش المصري في محو عار الهزيمة بإحرازه النصر في أكتوبر المجيد [ مؤكدا ً بذلك قدرته على خوض الحرب حين تكون الحرب لا بديل لها] بقدر ما حل بالشعب من محن وأرزاء أبرزها إهدار النظام الساداتي النتائج السياسية لحرب أكتوبر، وتحجيم دور مصر داخل المنظومة العربية والإفريقية ، بالتوازي مع تطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي رسميا ً والضغط داخليا ً لحمل الشعب على ممارسة ذلك التطبيع ، جنبا ً إلى جنب تدشينه لسياسات الانفتاح الاستهلاكي التي وضعت اقتصاديات البلاد تحت هيمنة الرأسمالية العالمية المتوحشة ووكلائها المحليين ( طبقة الكومبرادور) وحين جاء دور خليفته " مبارك" فإن الفساد المالي والسياسي ما لبثا حتى صارا أسطورتين من أساطير الرعب الكوني .
من هنا فلقد جرى استشراء الفقر وانحدار التعليم وتعرض الثقافة الوطنية لهجوم وهابي كاسح ، إضافة إلى تسرب الفساد وفجوره إلى معظم عناصر الطبقات الشعبية نفسها، ما ترتب عليه تآكل هياكل العمال على المستويين السياسي والنقابي، بجانب تبدد تجمعات صغار الفلاحين وتخاذلهم عن حماية المكاسب المحدودة التي حققتها لهم – في ظل ثورة يوليو - قوانين الإصلاح الزراعي. لذلك كله كان من الطبيعي أن يتعثر الشعب في مسيرته نحو الديمقراطية.
غير أن هذا التعثر ممكن تخطيه، إنما الصعب الذي لابد من مواجهته هو " فكر" القوى الديمقراطية الذي لا يريد مغادرة جسر الحمير .



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانقلابات العسكرية بين الجنرالات الترك ونظائرهم المصريين
- الشيخ والدكتور ورأس ماركس
- الديمقراطية تتحقق بالإرادة الشعبية بينما الشعبوية تخنقها في ...
- دين النبوة ودين الدولة
- المصريون الجدد يطاردون وحوش الفاشية
- سكبت في التراب دواءك
- كيف نؤرخ لثورة يناير
- اللبرالية .. الهمجية .. الفاشية .. مصطلحات
- قصيدة : رؤوس القبائل ملقية في السلال
- حرية الإرادة بين ألغاز الخطاب الديني وحلول الفيزياء الحديثة
- دليل الشباب الذكي إلى مصطلحات الفكر الثوري
- قصيدة : الذي لا يجئ
- قصيدة : يعوي لها ذئب صديق في الفلاة
- قراءة نقدية لمنجزات الخامس والعشرين من يناير
- قصيدة : من وصايا غيلان الدمشقي
- الفاشيون قادمون ..لبنان نموذجا والتطبيق في مصر
- هل يتمكن الشعب المصري من تعديل المصطلح الكلاسيكي لمفهوم الثو ...
- سقوط النمط الآسيوي للإنتاج وانتصار شباب الثورة الثالثة
- سالة من مواطن مصري إلى رئيس وزراء بريطتنيا
- قصيدة : تحولات يناير المعظم


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - الديمقراطية المصرية حمار بوريدان