أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - جهاد علاونه - عيد ميلاد لميس السادس















المزيد.....

عيد ميلاد لميس السادس


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3454 - 2011 / 8 / 12 - 12:38
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


مثلها مثل أي ناشطة حقوقية طالبتني لميس بعيد ميلاد كالذي أقمناه لأخيها علي منذ شهور خلت, علما أنها لا تبلغ من العمر إلا ست سنوات على مقياس دائرة الأحوال المدنية وجوازات السفر , وتحدثتْ بعينين تملأهما الغيرة وأحيانا الحقد الدفين عن عيد ميلاد(علي) مثلها مثل أي مضطهدة وكذلك تحدثت بوجه يملأه الشوق والتوق لتكون متساوية مع علي في كل شيء, فدائماً ما تحاول لميس إزالة الفوارق بينها وبين علي, ودائما ما نحاول أن تتصرف كما يتصرف علي, فإن وضع علي فرشته إلى جانب التلفاز ليشاهد أفلام الكرتون مستلقياً على ظهره تذهب إليه متوسلة مستعطفةً سماحته راجية منه التكرم عليها والسماح لها بمشاركته فرشته ومخدته لمشاهدة أفلام وبرامج الأطفال, وإن غاب علي عن موقعه أمام التلفاز تفرح لميسُ كثيرا فتجلس بمكانه متمددة على الفرشة وتصرخ بأعلى صوتها(هاتولي مي"ماء" وهاتولي شاي..بدي أوكل..بدي أشرب) تماما كما يفعل علي حيث تأتيه كل طلباته وهو نائم ومستلقي على الفرشة متوسدا وسادته البرتقالية اللون ,ذلك أن أم علي عودت علي على ذلك أو هو تعود على أن يأخذ تلك المزايا بأسلوب ذكوري متعمد بحيث برديس ولميس وزوجتي وأنا نقوم جميعا بتلبية كل متطلباته دون أن يتحرك من مكانه , وهذه المزايا الذكورية تشعرُ لميس بسببها أنها غير متساوية مع الذكر في كل شيء فتحاول تقليد الشخصية والمزايا الذكورية, فإن أكل علي لوحده تطالب لميس بأن تأكل لوحدها, زد على ذلك أن علي لا يقبل بأن تكون لميس أو برديس متساويات معه في الحقوق والواجبات إلا في الأشياء التي يتعب ويتضايق منها فإن قامت أمه في منتصف ألليل إليه وطلبت منه دخول الحمام لكي لا يبول على نفسه أثناء النوم فورا يعترض ويقول(أول شيء خلي برديس ولميس يقومن مثلي) أما ناحية مصروف الجيب فإنه لا يقبل بأن تكون برديس أو لميس متساويات له بالمقدار من ناحية الكم والكيف.

وتلك المزايا الذكورية فيها نوع من القسوة والانفرادية عن الفوارق الكبيرة والعظيمة بين عيد ميلادها وعيد ميلاد أخيها (علي)وهذا اليوم انتظرته(لميس) بفارغ الصبر لتشهد على احتفاءٍ بها كما احتفينا بعيد ميلاد علي, ومنذ أن احتفلنا بعيد ميلاد أخيها علي وهي تسألني : (متى عيد ميلادي زي عيد ميلاد علي؟) فأقول لها في 11-8- فتتنفخ وتتنهد بصوت قوي ومسموع وتقول أحياناً بعد ألتنهيده الطويلة بصوت خافت كله دلع(أُف يعني ليش بعده ما أجاش؟) فأرد عليها : راح يجي بس أصبري, فتقول لي(بدي عيد ميلادي يكون زي عيد ميلاد علي تنقطع فيه الكهربه ونحط الشمع في الكيك, فأرد عليها بكلمة واحدة: طبعا أكيد.

لميس تشعر وهي بذاك العمر بتمايز في المعاملة وفي طريقة التعامل بينها وبين علي وتشعر بأن علي أخاها كلنا مهتمون به أكثر من اللازم وأكثر من اهتمامنا بها لذلك هي الآن يسارية بعض الشيء ومعارضة وتطالب بالحرية بالمساواة بينها وبين أخيها عن غير قصدٍ منها, فحين تقول (بدي مثل علي) أقف أنا صامتا متسائلا كيف عرفت أننا نميز الذكر في المعاملة في كل شيء؟ هذا الشيء يجعلني أخجل من نفسي كوني كاتب يساري وناشط حقوقي ومهتم بقضية المساواة بين المجرمين وبين المجانين وبين العقلاء وبين غير الأصحاء عقليا وبين الذكر وبين والأنثى وبنفس الوقت لا أملك القوة الكاملة أو الشجاعة الكاملة لمنع هذا التمايز وهذا الصدام وأنا لا حول لي ولا قوة لأن زوجتي بالدرجة الأولى هي التي تقود عملية التمييز وهي التي تخلق الفوارق بينهم فتجعل من (برديس) خادمة مطيعة لعلي لذلك لميس تريد أن تلعب في المنزل نفس الدور الذي يلعبه علي لتستمتع بمزايا الذكور, ومن النادر لي أن أضرب علي أو لميس ولكن حين يعتدي علي على لميس أو (برديس) أقوم إليه وأضربه فتعترض أمي وتقول(شو ضربته على شان وحده بنت؟) وكذلك زوجتي تعترض على ذلك علما أنها دائما ما تمد يدها على علي ولكن لا تمد يدها عليه إذا ضرب إحدى أخواته لأنها تعتبره رجل له كلمته وسمعته في الحارة ويجب أن يكون سيد الموقف ومسلحا تسليحا كاملا بكل معاني الرجولة خصوصا أمام أولاد الحارة , وحين يعتدي على برديس ولميس بيديه أو رجليه لا تضربه فأقوم أنا عنها في هذه المهمة وأستجمعَ كل قوتي وشجاعتي لضربه أو لتأنيبه ويكون ضربي له بكل ضربا مريحا يجعله يضحك بدل أن يبكي إرضاء للميس ولبرديس فأطلب منه أن يبكي لتشعر لميس أو برديس بأنني انتقمت لهن منه واستوفيت حقهن منه, فيرفض علي أن يظهر عيونه الباكية وعلى العكس يظهر لهن ولي كل أسنانه البيض من شدة الضحك, وتقول أمي: أنت ضربته بكل ما أوتيتَ من حنيةٍ وليس بكل ما أوتيت من قسوة, فأنا حين أضرب علي أو برديس أضربهما بكل حنية بحيث لا ينزعجوا ولا يتألموا وأكون كأني أمسح بالغبار عن ملابسهم, أما زوجتي فبطشها بي أو بهم والعياذ بالله شديد.

ومنذ الصباح نهضتْ لميسُ من النوم على غير عادتها مبكرة جدا تريد كعكة وعيد ميلاد مثل عيد ميلاد أخيها (علي) وهيصه وميصه على الآخر وطلبت شموعا مثل الشموع التي وضعت في عيد ميلاد علي وكادت أيضا أن تطلب ألبسة وألعابا مثل ملابس وألعاب علي, ومنذ الصباح الباكر ناشدتني بالمساواة بينها وبين علي, فهي تحاول تقليد علي في كل شيء, فإذا جلس علي أمام التلفاز كما قلنا من البداية وأمر بأن نُحضر له الطعام تقرر لميس بأن تجلس مثل علي أمام التلفاز وبأن نُحضر لها الطعام كما نحضره لعلي وإن ركب علي البسكليت أو حتى إن ركب الهواء وطار به على الفور تطالبني بأن تركب كعلي وبأن تستحيل على شكل حمامة طائرة, وهي من الآن تحس وتشعر بتمايز الإناث عن الذكور وتتمنى أن تحصل على كل شيء يحصل عليه علي, وطالبتني بأن أحضر مع المشروبات الغازية نفس المشروب الذي أحضرناه في يوم عيد ميلاد علي, وقالت(بدي كلشي مثل علي, بدي شمعات وكيك نشتريه من السوق...ما بديش الكيك العادي اللي تعمله ماما في البيت) وأغلقت فمها قليلا ثم ذهبت لتجلس أمام التلفزيون لمشاهدة برامج الأطفال ريثما يحل الظلام علينا وحين داهمنا الظلام على غفلة منا جميعا , استشعرت لميس بحلول الظلام عن بعد كما يستشعر به الدجاج والعصافير فيذهب كل طير إلى عشه وبيته ونهضت فجأة لوحدها قائلة: أجا عيد ميلادي؟ الدنيا صارت عتمه...بدي كمان زي علي..بدي الجِده تعطيني في عيد ميلادي دينار مثل ما أعطت علي, فردت عليها أمي وقالت: شو مثل علي؟؟!!علي زلمه مش مثلك بنت. وفي الحقيقة تأثرت لميس من هذه الكلمة وقالت: شو يعني هو مش مثله مثلي؟ فردت زوجتي وقالت: لالا علي زلمه وأنت بنت, علي ولد وأنت بنت, ما بصيرش اتكوني مثلك مثله, ولهذا اغرورقت عينايا بالدموع عليها وهي أيضا اغرورقت عيناها بالدموع وتضامنت معي بالبكاء ولا أدري حقيقة من الذي تأثر أولا ومن ثم أثّرَ في شخصية الآخر!! هل مثلا أنا أول من اغرورقت عيناه بالدموع أم هي؟ صدقوني لا أعلم شيئا وكل ما أعرفه أن البنت في سن الست سنوات تشعر بتمييز الأهل بين الذكر وبين الأنثى, ولا أدري كيف شعرت بهذا التمايز وهي طفلة لم تدخل بعد أي مرحلة تعليمية, وبالمقابل وقف علي وقال: إذا لميس الآن أبتوخذ دينار في عيد ميلادها بدي تعطوني زيها, فقالت لميس: يعني أنت بس أعطتك الجده(أمي أنا) دينار أعطتني مثلك؟ لا ما بديش هيك أنا بدي عيد ميلاد تنقطع فيه الكهرباء عن البيت لنشعل الشموع ونطفيها, فقلت لها حاضر, وقلت لأمي:منشان ألله وعبدالله بس اليوم هاظا لحاله اشعروا البنات إنه ما فيش فرق بين الذكر وبين الأنثى, أو حتى بس اللحظه هذه فقط في عيد الميلاد.

وحين جلسنا في الظلام والكهرباء منقطعة كشرت لميس عن أسنانها الولو وقالت )شو هاظا مش مثل عيد ميلاد علي؟وين صاحبتي سلمى؟ ليش علي عزم صاحبه؟ وأنا بدي أعزم صاحبتي) فأذنا لهم بأن تدعو صاحبتها بنت الجيران فخرجت وعادت بصديقة وصديق من أبناء الحارة وقدمتهم لي ولأمها ولجدتها وسررتُ أنا بتلك الصداقة واعتبرتها مفتاح النجاح نحو التقدم والنماء والانتماء في العلاقات الإنسانية وأنسنة أعياد الميلاد, وصدقوني أنها لم تأكل من الكيك الذي دفعت ثمنه الست(وداد) صديقتي, فأنا نسيت أن أقول لكم بأن الحفلة كلها كانت على نفقة صديقتي وداد محبة بنا جميعا أنا والأم والأولاد والجَده.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة شكرا
- دنيا ودين
- ذاكرتي تؤلمني
- يقتلون الرجل للدفاع عن الشرف
- المرأة تلعن والرجل يغضب
- لم يذكر القرآن المحامين والمحاكم
- أنا أسعد رجل في الحارة
- الدرس الخامس:مشاعري وأحاسيسي في رمضان
- لغة الحمير
- الدنيا تعاسه والموت سعاده
- الدرس الرابع:ثقيل الدم
- صديقي قاسم في ذمة ألله
- لله في خلقه شؤون
- الدرس الثالث:الكوميديا الاسلامية
- الدرس الثاني:فتح مكة
- دروس رمضانية, الدرس الأول.
- أنا أكثر من شخصية واحدة
- هل أنا عبد ألله أم ابن الله؟
- عربي يكره الحياة
- من حقي أن أشعر بالتغيير


المزيد.....




- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - جهاد علاونه - عيد ميلاد لميس السادس