أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - محمد زكريا توفيق - هل الإنسان أصله سمكة؟















المزيد.....

هل الإنسان أصله سمكة؟


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 7 - 11:47
المحور: الطب , والعلوم
    


منذ 375 مليون سنة، غزت اليابسة كائنات حية. لم تأت من الكواكب الأخرى أو المجرات البعيدة، إنما أتت من البحار والمحيطات. هذه الكائنات هي الأسماك، وهذا هو موضوع مقالي هذا. كل الكائنات الحية التي عاشت أو تعيش الآن على اليابسة، والتي تكون عالم الحيوان، أتت من الماء وكانت في الأصل أسماك.

ماذا يعني هذا؟ يعني أن الإنسان أصله سمكة. اللهم اجعل كلامنا خفيفا على مشايخنا الكرام، واحمنا من شر وغدر اللئام. لكي نعرف أنفسنا ومن نحن، عملا بوصية فليسوفنا العظيم سقراط، ولكي نعلم كيف أصبح شكلنا هكذا، علينا دراسة بقايا العظام المتحجرة. التي تعتبر دراستها، مع علمي الجينات والأجنة، شواهد إثبات وأدلة مادية دامغة، تثبت صحة نظرية التطور.

كيف تتكون بقايا الكائنات والعظام المتحجرة؟ هناك عدة أسباب، أكثرها شيوعا، عندما تثور البراكين أو تهب العواصف الرملية أو يفيض النهر ويغمر بطميه أو رمله النبات أو الحيوان. يموت الكائن، لكنه يكون بمعزل عن الديدان والباكتيريا، فلا يتحلل جسمه بالطريقة المعتادة.

تظل بقايا الكائن داخل الطمي أو مدفونة في الرمل مدة طويلة. خلالها تتحلل الخلايا والمواد العضوية للكائن، وتتحد مع العناصر الكيميائية المحيطة، لتتحول مع مرور الزمن إلى مواد حجرية تعيش ملايين أو بلايين السنين. تحافظ على الشكل الأصلي للكائن، وعلى تركيبة عظامه وعموده الفقري، إن كان من الفقاريات.

بقايا الكائنات المتحجرة داخل الصخور (Fossils)، تحكي قصة التطور من أولها لآخرها بالتفصيل. داخل الطبقات السفلية العميقة، نجد بقايا كائنات بدائية تختلف تماما عن الكائنات المتحجرة في الطبقات العليا القريبة من السطح.

في الطبقات السفلى، نجد آثار لكائنات وحيدة الخلية مثل الأميبا. عندما نتجه إلى السطح، نمر بكائنات مثل الديدان، ثم الأسماك الهلامية. وبعد ذلك تأتي الكائنات التي لها أطراف وعيون. بعد ذلك يبدأ ظهور أول حيوانات لها عمود فقري (الفقاريات). في آخر الطبقات القريبة من السطح، تظهر بقايا الإنسان.

ليس هناك دجل أو نصب، كما يقول مولانا زغلول النجار ومنافسه في الدجل الدكتور عبد الباسط سيد، اللذان لا يزالان يؤمنان بمركزية الأرض. وليس هناك خطأ أو غلطة واحدة منطقية، مثل وجود جمجمة إنسان مدفونة بالخطأ في الطبقات السفلى مع الديدان والكائنات البدائية. شريط سينمائي يبين لنا تطور الكائنات كما حدث بالضبط، بكل صدق وأمانة.

نجد أيضا الآتي: بقايا كائنات لها رأس وعينان، تظهر قبل بقايا كائنات لها رأس وعينان وأطراف. وهذه بدورها، تسبق كائنات لها رأس وعينان وأطراف وشعر وأثدٍ (جمع ثدي). ثم يأتي بعد ذلك، كائن له رأس وعينان وأطراف وشعر وثديان ويمشي على قدمين. هذا الكائن هو الإنسان. أيضا بدون خطأ أو نصب أو دجل.

بالطبع ليست كل الصخور تصلح لحفظ بقايا الكائنات. الصخور المتولدة من حمم البراكين لا تصلح لهذا الغرض، بسبب الحرارة الشديدة التي تدمر جسم الكائن قبل تغليفه. الصخور المثالية لهذا الغرض، هي الصخور الرسوبية والصخور الجيرية والصخور الرملية وما شابه. هذه الصخور تتكور ببطئ وهدوء على شواطئ وقيعان البحار والأنها والبرك. حيث تتواجد هذه الكائنات.

كل صخرة على سطح الأرض لها قصة أو حكاية ترويها. تصف كيف تكونت هذه الصخرة. داخل الصخرة، يحكي طبيعة المناخ والتضاريس في الماضي. فمثلا، بالقرب من قمة جبل إفرست، على إرتفاع خمسة أميال من سطح البحر، نجد صخورا تكونت أصلا في قاع البحر. أماكن أخرى تجد في قمم جبالها أصداف لمخلوقات بحرية.

في مصر بمنطقة وادي الريان، تجد وادي الحيتان. هناك، تجد بقايا كائنات لحيوانات ونباتات، متحجرة عمرها أكثر من 40 مليون سنة. وتجد بقايا أنواع من الحيتان، تنحدر منها الحيتان الحالية. لقد كان هذا الموقع في حقبة ما قبل التاريخ، محيطا ضخما يسمى تيثس (Tethys).
تعكس هذه الحفريات البيئة الاستوائية لمصر في الماضي. حيث توجد أيضا بقايا حجرية لأسماك عظمية و أسماك القرش والسلاحف والثعابين البحرية وعروس البحر، وفصيلة من فصائل الديناصور، التى يصل طولها الى حوالى 22 مترا.

هذا يعني أن المناخ وطبيعة سطح الأرض في تغير مستمر. جبال تظهر وتختفي، مناخ حار يصبح باردا والعكس. قارات تتحرك لتنفصل أو تلتحم. وإذا كنا نبحث عن أصل الإنسان، ونختبر فرضية أنه جاء من كائنات البحر، فعلينا أن نبحث عن الصخور التي عمرها 380 مليون سنة، والتي تكونت في قاع البحار والمحيطات والأنهار والبرك.

قبل أن نسترسل في رحلة البحث عن أصل الإنسان، ولكي تطمئن قلوبنا، سنناقش كيف يعرف العلماء عمر الصخور والأحجار. وهو ليس بالأمر الصعب.

كل عنصر من العناصر له عدد محدد من البروتونات، داخل كل ذرة من ذراته، لا يتغير يسمى العدد الذرى. الهيدروجين له بروتون واحد, الهيليوم له إثنان, الكربون له 6 بروتونات. إذا تغير عدد البروتونات داخل النواة، تغير العنصر إلى عنصر آخر. أما عدد النيترونات داخل نواة الذرة، فقد يختلف بالنسبة للعنصر الواحد تسمى نظائر.

العدد الذري للذهب 79 وللنحاس 29. بذلك تصبح عملية تحويل النحاس إلى ذهب بالكيمياء العادية شبه مستحيلة. ولو عرف جدودنا هذه الحقيقة، لوفروا على أنفسهم مجهودا كبيرا.

الكربون الشائع المعروف بالكربون12 يتكون من 6 بروتونات و 6 نيترونات. لكن هناك أيضا الكربون13 الذى يتكون من 6 بروتونات و7 نيترونات. ويوجد أيضا، الكربون14 الذى يتكون من 6 بروتونات و8 نيترونات.

هذه النظائر المختلفة من الكربون، مثل الأنواع المختلفة من البرتقال، بلدي وأبو سرة واليوسفي، إلخ. النظائر ما هي إلا أنواع مختلفة من نفس العنصر. تختلف فقط فى عدد النيترونات داخل النواة، لكن عدد البروتونات ثابت. هذه النظائر، هى التي تستخدم فى قياس الزمن الجيولوجي.

البروتونات والنيترونات داخل نواة الذرة تتكوم فيما يشبه أكوام البرتقال عند بائع الفاكهة. بعض الأكوام تكون مستقرة, وأكوام أخرى سرعان ما تنهار عند أى إهتزاز.

أكوام البرتقال تتماسك بسبب الجاذبية. لكن البروتونات والنيترونات تتماسك بواسطة قوى أخرى. هى قوة الجاذبية وقوة لا تعمل إلا داخل أنوية الذرات تسمى بالقوة الشديدة (Strong Force).

عندما ينهار أو يتحلل نظير من النظائر, فإنه يطلق دفعات من الطاقة ومعها جسيم أو أكثر من جسيمات الذرة. هذا يؤدى فى النهاية إلى تحول العنصر إلى عنصر آخر.

اليورانيوم238, على سبيل المثال, يتحلل ويطلق زوجا من البروتونات وزوجا من النيترونات، ويتحول إلى ثوريوم234. هو الآخر غير مستقر، ويتحلل إلى عنصر آخر هو بروتاكتينيوم234. هذا أيضا عنصر غير مستقر. وهكذا فى سلسلة من التحولات عددها 13, إلى أن نصل فى النهاية إلى الرصاص206 المستقر.

أى كمية يورانيوم تكون قد حبست داخل صخرة باردة, سوف تتحلل ببطئ لكي تتحول إلى رصاص. ولأن علماء الفيزياء يعرفون نصف عمر اليورانيوم بدقة بالغة، ودي شغلتهم, فإنه من الممكن استخدام ما تبقى من اليورانيوم والرصاص داخل الصخرة لحساب عمرها. لقد شرحت هذا الموضوع بالتفصيل في مقال سابق بعنوان "ساعات داخل الذرات تثبت نظرية التطور"، رجاء الرجوع إليه إذا لزم الأمر.

نعود لنكمل رحلتنا الممتعة في البحث أن أصل الإنسان. نحن الآن نبحث عن بقايا أسماك متحجرة عندما بدأت الأسماك تغزو اليابسة. مجموعة من العلماء بدأت البحث في أحد الجزر الكندية التي تبعد عن القطب الشمالي ألف ميل.

بعد عدة محاولات فاشلة، بدأت عام 2000م، نجح العلماء في خريف عام 2004م، في الكشف عن بقايا كائن كامل يعتبر حلقة وصل بين الأسماك وبين الكائنات التي تعيش على اليابسة.

الأسماك التي تعيش في الماء، بالطبع تختلف عن الكائنات التي تعيش على اليابسة. الفرق عظيم من عدة وجوه. رأس السمكة شكله مخروطي، بينما الحيوانات التي عاشت على اليابسة في البداية كان شكل رأسها مفلطح مثل رأس التماسيح، وعيناها فوق الرأس.

الأسماك ليس لها رقبة، أكتافها ملتصقة برأسها. لكن الحيوانات الأرضية الأولية كلها لها أعناق، رأسها تستطيع التحرك بدون الحاجة لحركة باقي الجسد. أيضا الأسماك لها قشر يغطي جسدها لا يوجد في الحيوانات. كما أن لها زعانف، بينما الحيوانات الأولي لها أطراف تنتهي بأصابع ومعصم وكاحل (رسغ القدم). وفروق أخرى كثيرة.

لكن الحفرية التي وجدها العلماء شمال كندا، تجمع بين صفات الأسماك والحيوانات الأرضية. لها قشر يغطي ظهرها، وزعانف مثل الأسماك، ولها في نفس الوقت رأس مفلطحة، أعلاها عينان ورقبة.

وجد العلماء أيضا أن لها كتفان وذراعان ومعصمان. هذا الكائن يمكن وصفه على أنه نصف سمكة ونصف حيوان برمائي. الإسم العلمي لهذه الحفرية هو تيكتاليك (Tiktaalik). عمرها 375 مليون سنة.

أهمية تيكتاليك هو أنها تخبرنا الكثير عن أنفسنا. لماذا شكلنا هكذا؟ لماذا لا يكون مثل شكل العنكبوت مثلا؟ ثمانية أرجل وثمانية عيون. وإذا أضفنا زوجان من الأجنحة يكون أفضل.

لماذا أجسامنا بالطول ولنا رأس ورقبة وعينان فقط وأربع أطراف فقط بدلا من 6 مثل الحشرات أو ثمانية مثل العناكب أو مئة مثل بعض الديدان. وما الضرر في وجود رأسان، بدلا من رأس واحدة. كل هذه الأسئلة تجيب عليها تيكتاليك.

عندما تريد السمكة تحريك رأسها للرؤية مثلا، عليها أن تحرك كل جسمها. وهذا شئ سهل عندما تكون سابحا في الماء. لكن تيكتاليك شئ مختلف. الرأس حرة الحركة تماما بدون الحاجة لحركة الجسد على الأرض. التركيب العظمي للحفرية شبيه جدا بالبرمائيات والزواحف والطيور والثدييات وبالطبع الإنسان، وهو فرع من الثدييات. الفروق ضئيلة جدا، عظمة هنا وأخرى هناك.

هذه الحفرية تخبرنا الكثير عن تاريخنا. مثل إنسان أفريقيا (هومونيدز)، وإنسان استراليا (استرالوبيثيكس أفارينسيس)، والحفريتان لوسي وآردي. دراسة تيكتاليك تخبرنا أن أصلنا سمكة.

عالمنا الذي نعيش فيه ملئ بالأسرار، وملئ أيضا بإجابات ومفاتيح لهذه الأسرار. وكما قال اسحق نيوتن، العالم كتاب مفتوح لمن يريد قراءته. رحلة مع أطفالنا لحديقة الحيوان، مع رغبة مخلصة لمعرفة الحقيقة تخبرنا الكثير.

وللحديث بقية.



[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة المصرية والجمعة الحزينة
- قصص وحكايات من عالم الأحياء (5) - عالم النمل
- الثورة المصرية إلى أين؟
- الدستور أولا إذا أردنا بناء دولة مدنية
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (15)
- كيف نكون حكومة جديدة عصرية؟
- كيف نشكل لجنة وضع الدستور المصري الجديد
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (14)
- مآثر المسلمين واسهاماتهم في علم الفلك
- ماذا تعرف عن اللاشئ؟
- نحو دستور جديد خالي من المادة الثانية
- بعد ثورة اللوتس، هل هناك أمل في التحرر من السلطة الدينية؟
- ثورة اللوتس المصرية
- الفلسفة النفعية
- شوبنهور فيلسوف التشاؤم
- مشكلة الأقباط وحادث الإسكندرية
- نيتشة والرجل السوبرمان
- كارل ماركس
- حتى لا نكون رعايا وعبيد لحاكم مستبد
- قصص وحكايات من عالم الأحياء 04 - عالم النحل


المزيد.....




- “جميع أكواد جراند All Cheats GTA V” تحميل شفرات gta 5 للكومب ...
- مشروبات لتعزيز صحة الكبد.. من عصير الصبار إلى ماء الخيار وال ...
- أهمها الحفاظ على صحة القلب.. 5 فوائد لإضافة الألياف لنظامك ا ...
- للرجال.. أطعمة غنية بمضادات الأكسدة لتحسين الخصوبة
- فيديو خاص: ابارتايد المياه في الضفة، سياسي يكشف!!
- ما هو شاي قشر المانجو؟ وهل مفيد لمرضى السكر؟
- إكزيما الرقبة.. علامات الإصابة وهل الوراثة أحد الأسباب؟
- 8 أسباب لترهل عين واحدة دون أخرى.. اعرفها
- تقنية ثورية.. زرع جهاز في العين قد يعالج مرض السكري
- تأتى بدون سبب.. كل ما تريد معرفته عن متلازمة التعب المزمن


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - محمد زكريا توفيق - هل الإنسان أصله سمكة؟