أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - بعد ثورة اللوتس، هل هناك أمل في التحرر من السلطة الدينية؟















المزيد.....

بعد ثورة اللوتس، هل هناك أمل في التحرر من السلطة الدينية؟


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 3279 - 2011 / 2 / 16 - 08:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد أن تخلصنا من الإستبداد والحكم المطلق، علينا أن نتخلص من الفكر الدجماتي وسيطرة الأزهر ورجال الدين. حتى نتمكن من بناء مجتمع جديد ونظام سياسي، على أسس مبادئ التنوير وحقائق العلوم وحقوق الإنسان.

عقل الإنسان المصري كان مكبلا بأغلال السلطة السياسية والدينية. نجح في التخلص من الأولى، وعليه أن يتحرر من الثانية. لأن السلطة السياسية والسلطة الحاكمة تشوهان المعرفة الحقة والتعليم الجيد. وتعملان على أن تجعل الجماهير مضللة غير واعية. حتى يسهل السيطرة عليها جسمانيا وروحيا.

السلطة الدينية تقوم بغسل مخ العامة بالمعتقدات المشوهة المغلوطة، وتحارب التفكير العقلاني والمنطقي، ولا تؤمن بالعلم أو الفلسفة. تشوه تاريخ بلادنا الفرعوني والقبطي. فالتاريخ عندها يبدأ من غزوة عمرو بن العاص واحتلال العرب لمصر.

الإحتلال التركي عندهم خير وبركة مادمنا مسلمين. التاريخ عندهم ينحصر في تاريخ العرب، داعث والغبراء وحرب البسوس، وتاريخ مكة ويثرب والبعثة المحمدية. فرعون مصر ظالم طاغي، كان يقتل الأطفال ويستعبد الناس. هذا عكس ما تقوله كتب التاريخ الصحيحة.

لم يثبت أبدا أن كان حكام مصر الفراعنة، طغاة أو ظلمة، ولم يثبت أن كان أيا منهم يقتل الأطفال. الذين كانوا يقتلون الأطفال هم حكام الرومان في العصر البيزنطي. فقد اكتشفت الجامعة العبرية عام 1988م، مقبرة جماعية لعظام 100 طفل جنوب إسرائيل. والعرب كانوا يوئدون بناتهم، ولم يكن هذا من شيم المصريين.

التاريخ يثبت أن السلطة الدينية ليست بريئة من تهمة طمس وتشويه الحقائق. تستخدم أي شئ وكل شئ، سواء كان فكرا فلسفيا أو دينيا، أو عنفا دمويا، لتعضيد سيطرتها على رقاب الشعب وأرواحهم.

علينا أن نتمسك بفكر التنوير، فهو الخلاص والملاذ الوحيد لنا اليوم، بعد ثورتنا المجيدة ثورة اللوتس. ليس الهدف من التنوير هو رفض الدين. أو حرمان الناس من أديانهم. وإنما الهدف هو تحرير عقل الإنسان لكى يفكر بنفسه بدون وصاية من أحد.

أى الهدف هو خلق فكر تنويري فى مواجهة السلطة الدينية الطاغية. الهدف هو تحرير المعرفة من سلطة الغيبيات. فلا يكفي أن تقول: "قال المسيح كذا, أو قال الرسول كذا." لكى يصدقك الناس بدون مناقشة. العلم والفكر لهما المرجعية العليا، وليس البابا أو الأزهر. وكما يقول الفيلسوف الفرنسي ديدرو:
"يجب تفكيك التراث التقليدي. وإستخدام العقل بدون وصاية من رجال الدين."

أو كما يقول كوندورسيه:
"يجب غربلة كل شئ على ضوء العقل. وما جاءنا من السلف ليس مقدسا ولا معصوما. وما يثبت صحته نأخذ به وإلا رفضناه."

ويقول روسو فى رسالة إلى فولتير:
"إنني ناقم مثلك على تدخل رجال الدين والدولة فى ضمائرنا وسرائرنا. فالإيمان موضوع شخصي. والله وحده يعلم ما فى الصدور"

الإنسان الحديث فى عصر العلم, مسلح بالعقل. يستطيع أن يكتشف النظريات وتطبيقاتها العملية. المؤسسات التى تبنى على أفكار خاطئة وخرافات وتعصب, والتي تتعارض مع قوانين الفيزياء والطبيعة الإنسانية, عليها أن تتطور أو تنقرض. عالم الإنسان يجب أن يؤسس بمؤسسات تخدم القوانين الطبيعية والتقدم.

كان فولتير يطالب بسحق المؤسسات سيئة السمعة. الحكم المطلق يجب أن يسحق ويستبدل بالديموقراطية. وحيث أن الإنسان مقهور وضحية, ومستهدف بواسطة المؤسسات الشريرة. لذلك فالسلطة الدينية المطلقة, يجب أن تنتهي. وتنتهي معها المعتقدات الخاطئة التى تدافع عن الإستبداد وتحميه.

لم يحدث من قبل أن كان الإنسان واثقا من معارفه العلمية وطبيعته الإنسانية ومبادئه الخلقية والسياسية. إننا نستطيع الآن أن نعيد بناء المجتمع المصري والنظام السياسي على أسس الحق والعدل والمساواة. ولم لا. أعطني حريتي أطلق يديا. فقدرة الإنسان الحر ليس لها حدود.

يجب أن نتمسك بفكر التنوير ومفاهيم الحرية والمساواة والديموقراطية وحق الإنسان المصري في طلب السعادة، وفي أن يحيا حياة حرة كريمة. فالإنسان، كما يقول كوندورسيه، يتقدم مع حركة التاريخ إلى الأمام، في طريقه إلى مستقبل أكثر اشراقا. حيث يتحقق الإيخاء والسعادة والتعليم والصحة لكل الناس، بدون تمييز بينهم. مسلم أو مسيحي أو يهودي أو بهائي أو شيعي، رجل أو إمراة.

ويقول كوندورسيه أيضا:
"سوف يأتي يوما تشرق فيه الشمس على الإنسان الحر. الذى يعتبر العقل فقط هو سيده. عندما يحتل الطغاة والعبيد ورجال الدين وأدواتهم الجهنمية, مكانهم الطبيعي بين صفحات التاريخ, وعلى خشبات المسارح."

لقد كان لدينا فى الماضي, مفكرين أحرار مثل الكندي والرازي والفارابي وابن سينا وابن رشد وابن الطفيل وابن باجة واخوان الصفا والمعري وابن المقفع وابن خلدون. لكنهم قمعوا بشدة بسبب الفكر السلفي بعد القرن العاشر فى المشرق. والقرن الثاني عشر فى الأندلس والمغرب.

لم تقم لشعوبنا قائمة بعد ذلك. وسبقتنا أوروبا ووصلت إلى ما وصلت إليه. وتحقق لديهم الحلم الطوباوي. وتحولت بلادهم إلى جنة الحداثة بما فيها من حرية الفرد والخدمات الممتازة والنظام المستتب والنظافة السائدة والعلاقات الحضارية بين المواطنين.

يجب علينا تحرير الإنسان من عبودية أخيه الإنسان. والتخلص من طغيان السلطة المطلقة أينما وجدت بين الحكام أو بين رجال الدين. والمساواة فى الحقوق والواجبات بين الناس بدون النظر للجنس أو العرق أو الدين. يجب تحرير العقل لكي يعمل بحرية وأمان. دون خوف أو إرهاب فكري أو وصاية من أحد.

فالتنوير لا يعني القضاء على الدين. وإنما يعني حصره فى المجال الشخصي للفرد. فلن يمنعك أحد من أن تؤمن وتصلي وتقيم الشعائر كما تريد. بل هذا حق لك. وفى نفس الوقت, لن يجبرك أحد على الإيمان. وهذا حقك أيضا, هذا ما يعرف بالحرية الدينية. وهو مفهوم راق للتدين. لأن التدين الإجبارى الناتج عن الخوف والسيطرة, لا أمل فيه وليس هو المطلوب.

يقول جون ستيوارت ميل، الفيلسوف البريطاني:
"إذا كان للبشرية كلها رأي واحد، فيما عدا شخص آخر له رأي مخالف، فعذر البشرية في إخراس هذا الصوت الوحيد، هو نفس عذر هذا الشخص في إخراس البشرية كلها عندما يتولى سلطة"

لذلك، لا يجب أن تتدخل السلطة الدينية في السياسة أو في العلوم أو حرية الرأي. وليس هناك داع للدفاع عن حرية البحث والرأى كوسيلة لمحاربة الطغيان والفساد والجهل والخرافات ومعرفة الحقيقة.

ليس هناك حاجة لإقناع السلطة الحاكمة والمؤسسة الدينية لكى تكف عن تحديد ما يجب وما لا يجب أن نقوله أو نفكر فيه. لأنه عندما تشجب أى سلطة حرية الرأي، تكون بذلك قد ارتكبت جريمة، ووضعت نفسها هدفا تصوب إليه غضب وسخط الجماهير.

إذا كان رأى الفرد لا يفيد إلا صاحبه، فمنع هذا الرأى من الظهور، يسبب ضررا شخصيا يصيب صاحب الرأى فقط. لكن رأى الفرد ليس ملكه وحده. إنما هو ملك للجنس البشرى كله. منع هذا الرأى من الظهور، هو إغتصاب حق من حقوق البشرية.

بعد أن تحرر الإنسان المصري من الإستبداد السياسي، هل آن الآوان لكي يتحرر من الإستبداد الديني والفكري؟ هذا ما سوف تجيب عليه الأيام القادمة.



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة اللوتس المصرية
- الفلسفة النفعية
- شوبنهور فيلسوف التشاؤم
- مشكلة الأقباط وحادث الإسكندرية
- نيتشة والرجل السوبرمان
- كارل ماركس
- حتى لا نكون رعايا وعبيد لحاكم مستبد
- قصص وحكايات من عالم الأحياء 04 - عالم النحل
- جرب فكري ودعارة خلقية
- عدم اليقين في العلوم الحديثة
- جان بول سارتر والفلسفة الوجودية
- سيجموند فرويد والتحليل النفسي 1
- قصص وحكايات من عالم الأحياء 03
- الديموقراطية والحالة المصرية
- فولتير رائد من رواد فلسفة التنوير فى القرن الثامن عشر
- قصص وحكايات من عالم الأحياء – 02
- قصص وحكايات من عالم الأحياء - 01
- الإمام محمد عبده - رائد من رواد الإصلاح والنهضة المصرية الحد ...
- مونتسكيو وروح القوانين
- ملاحظات زائر لأرض الكنانة


المزيد.....




- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - بعد ثورة اللوتس، هل هناك أمل في التحرر من السلطة الدينية؟