أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - الثورة المصرية والجمعة الحزينة















المزيد.....

الثورة المصرية والجمعة الحزينة


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 3445 - 2011 / 8 / 2 - 20:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجمعة الحزينة التي أقصدها هي جمعة 29 يوليو 2011م. الجمعة التي كسفت فيها شمس الحرية وخسف فيها قمرها. وعلت أعلام السعودية والرايات السوداء في ميدان التحرير، معلنة موت أملنا الوليد، الذي أشرق مؤخرا في سماء حياتنا البائسة، أمل قيام دولة مصرية عصرية مستقلة عظيمة، على أسس سليمة.

رايات سوداء كسواد الليل البهيم، وأعلام خضراء ترفرف في الفضاء، تنادي بالجهاد وأفغنة الدولة المصرية، ومسخها ولاية وهابية صنو أختها البدوية، يحكمها خليفة قابع على سريره من الرياض أو من كابول أو إسلام اباد. هذا أمر جلل، وانعطافة خطيرة في تاريخنا المعاصر.

الدستور المصري الحالي، الذي نحرص على ترقيعه، بعد أن اتسع الخرق على الراقع، والذي يأبى مجلس قواتنا الموقر، إبداله بدستور جديد مستقل، لا يزال ينص على منع قيام أحزاب دينية. أو هذا ما نأمله.

الأحزاب الدينية، ممنوعة على الورق فقط. لكنها، شغالة على ودنه في الظلام، الله ينور، منذ أيام السادات حتى الآن. مدعمة بأفكار العائدين وفلوس السولار بالبلايين، دون أدنى مقاومة من أولي الأمر. اللهم اعتقال هنا وتحذير هناك.

إذن وبدون توجس. ما نشاهده هو غزوة هكسوسية متوحشة أخرى، شبيهة بهجمة ملوك الرعاة الأولى، أو هجمة الفرس أو الرومان، أو غزوة عمرو بن العاص أو الفاطميين أو الأيوبيين أو العثمانيين.

إن ما نشاهده، هو الإصرار على أن تبقى مصر بدون هوية، فاقدة لعقلها ورشدها واستقلالها وشخصيتها وحضارتها ولغتها ودينها وثروتها.

هل في حديثنا عن الدستور، نذكر كلمة واحدة عن الدولة المصرية وتاريخها ولغتها الفرعونية وآدابها وحضارتها القديمة؟ كل الأحاديث عن دولة دينها الإسلام ولغتها العربية وثقافتها وانتمائها العربي والإفريقى والإسلامي. وليذهب المصريون وحضارتهم المصرية إلى الجحيم. فهم ملعونون مثل فرعونهم الذي أغرقه موسى نبي اليهود.

موضوع التحالفات والسياسات الخارجية هذه، هي أمور متغيرة، يجب أن تترك لبرامج الأحزاب السياسية وظروف البلد، ولا يجب أن توضع في الدستور. فلكل جيل ظروفه. إنما الذي يجب أن يوضع في الدستور هو الوطن ووحدته والانتماء له وتاريخه وحضارته.

اليهود يأتون من الشتات ليكونوا دولتهم الحديثة. يقيمون الديموقراطية ويهتمون بالعلوم والبحث العلمي والثقافة. ونحن ننسف حضارتنا وتاريخنا من الجذور، وندمر كل ما هو جميل في حياتنا، ونستورد بدلا منه أدب وتاريخ البادية والرعاة. فهل هذه مصادفة؟


ها نحن نقف كالعجزة مكتوفي الأيدي، ننظر وننتظر ما سوف يفعله بنا فحول التخلف وأكلة لحوم الضب والجان، وكيف يعلموننا التدين والأدب وأصول الحضارة والرقي.

لو كان هؤلاء أهل حضارة وتقدم ورقي، لكان الأمر أهون علينا وألمه أخف. لكنهم قمة في التخلف والدونية بكل المعايير والمقاييس. يؤمنون بأفكار لا أنزل الله بها من سلطان. لا يقبلها أي عقل سوي، فكيف يريدون فرضها علينا بالعافية؟

إنهم لا يؤمنون بالأدب ولا بالفنون ولا بالعلوم بكل أنواعها وفروعها. وخصوصا المنطق والفلسفة وعلم النفس والإحصاء والبيولوجيا وعلم الجينات، ...إلخ. إليك بعض الأمثلة للدلالة فقط لا الحصر:


- الدكتور عبد الباسط سيد يثبت مركزية الأرض.
http://www.youtube.com/watch?v=biog1eDYMbc

- الدكتور زغلول النجار يثبت مركزية الأرض.
http://www.youtube.com/watch?v=OEoYvMO6pNQ

- د زغلول و د عبد الصبور شاهين، يرفضون نظرية التطور. زغلول تنكر لوجود الحفريات ويقول أنها مؤامرة من الغرب الكافر للتشكيك في ديننا.
http://www.youtube.com/watch?v=JdRkD7eHZ18&feature=related

- الشيخ محمد الزغبي، حلال أكل لحم الجن.
http://www.youtube.com/watch?v=wiXLzK-M5mM

أضف إلى هذا فتاوي ارضاع الكبير وشرب بول الرسول وتحريم قيادة المرأة للسيارة والسفر بمفردها، أو استخدام الإنترنت بدون محرم. ويفرضون علينا الجلباب القصير واللحية والنقاب والمسواك.

يملأون حياتنا بعالم العفاريت والجن والشياطين، التي تنام في المناخير وتشارك في مضاجعة الزوجات، وتسكن المراحيض ودورات المياة، وتجري ويسمع لها ضراط عندما تسمع الأذان.

هذه بعض الأمثلة التي توضح فكر الغزاة، الذين يريدون فرض حضارتهم وثقافتهم على الشعب المصري. ومن يذهب إلى مواقهم على الإنترنت وهي كثيرة، يري ويسمع العجب العجاب.

أضف إلى هذا، مقفهم البائس من المرأة والجواري والعبيد، وممن يدينون بأديان أخرى. المسيحيون والشيعة والبهائيون ومعهم العلمانيون والليبراليون وعلماء الأزهر والصوفيون. وفوق هذا المجلس العسكري والحكومة برمتها، إلا إذا كانوا منهم ويدينون بمذهبهم.

أحدهم أفتى قبل الثورة بوجوب تنصيب الرئيس مبارك خليفة للمؤمنين. وبدلا من ضربه بالنعال أو على الأقل بالشلاليت على قارعة الطريق، خالت الفتوى على السذج من العامة. وتبسم المسؤولون ضاحكين مسرورين من قوله. فلم يردعه أحد كما نردع الأطفال، قائلا اسكت ياهبل، أو روح العب في مناخيرك بعيد.

ثم أتبع مولانا الفتوى بفتوى العن منها وأشد. وهي فتوى وجوب التوريث لولي العهد الجديد أمير الصعيد، وحامي حمى المستثمرين من أجانب وانتهازيين. وظل صاحب الفتوى ينتظر الرغيف الملعبط من فرن الحزب الوطني مكافأة له على اخلاصه، إلى أن قامت الثورة.

وهم الآن يؤيدون المجلس الأعلى، وينادون بتنصيب المشير طنطاوي خليفة للمسلمين، بعد أن يبلس العمامة ويطلق اللحية ويحف الشارب. أي والله.

إلى هنا لا أدري ماذا أقول. الحالة تعبانة يا ليلى، وحالة المريض متأخرة. المرض العضال تمكن من جسم الشعب المصري. فيروس الهبل والتطرف أصاب عقل المصريين في المدن والريف، وجه بحري أو قبلي. حيث تجتمع الأمية مع الفقر والياس، لتكون فطيرة صالحة لنمو فيروس التطرف .

لم يعد أحد من شعبنا يسمع الموسيقى والأغاني في الراديو، ولا يشاهد الأفلام أو التمثيليات في التلفزيون. فقط محطة القرآن الكريم ليل نهار. كل ثقافته وما يعرفه عن الدنيا والدين، هي ما يتلقاه من شيخ الجامع. يقبله ببلاهة وبدون سؤال أو تفكير.

لا شك ولا مقاومة ولا تفكير. غياب كامل للدولة، التي تفرغت للنهب والسلب والإستبداد والتوريث. فتصيدهم شيوخ التخلف التي لا ترحم. غرتهم العمائم والجلابيب البيضاء القصيرة، رمز الطهارة والعفة.

خدرتهم اللحى الطويلة، رمز القداسة. وبهرهم الكلام المعسول عن تاريخ الصحابة وحياتهم المثالية، وهو تاريخ مشوه عاري تماما عن الصحة. لأنه يعرض غير كامل بأسلوب ولا تقربوا الصلاة.

خدعهم التسبيح بحمد الله والصلاة على نبيه في كل جملة أو كلمة. وبهرتم الآيات التي أختلف في تفسيرها المفسرون، والأحاديث المشكوك في اسنادها وصحتها، وقصص الإسرائيليات، وما يرونه من تاريخ ملفق غير أمين للإسلام.

في هذا الجو الرهيب، مَن مِن الغلابة يستطيع مقاومة غسيل المخ هذا. غسيل المخ الذي يهدف إلى أفغنة الدولة، ونشر فكر الخوارج والوهابيين، في التشدد والتكفير وعدم قبول الآخر؟

إذا كان لابد من لوم أحد، فهم رجال الأزهر والمثقفين. يليهم رجال الإعلام والفنانين. كيف سكتوا جميعا على هذه الجريمة التي أوصلتنا إلى هذا الحال؟

أين كانوا عندما تحجبت كل نساء مصر أو تنقبن؟ وأين هم عندما خلت شوارعنا من أجواء البهجة والموسيقى وباقات الورد والصبايا اللاتي تخطرن في مشيهن كالفراشات. واستبدلن بأكياس اليأس والبؤس السوداء. التي تنم عن القلق والأرق والعرق والكآبة النكداء.

لماذا سكتوا عندما نسيت الدولة دورها في مسك دفة الثقافة والتربية، فتحكم الدعاة وأساطين التخلف في أذواق الناس وأحلامهم؟

لماذا سكتوا عندما فسدت الفنون، وخلت بيوتنا من كل جميل، الزهور والتماثيل واللوحات الفنية. ومن روايات إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ويوسف إدريس، ومن كتب العقاد وطه حسين ومسرحيات توفيق الحكيم؟

فقط كتب الشيخ الشعراوي، وكتب تصف أهوال جهنم ويوم القيامة وعذاب القبر وألاعيب الثعبان الأقرع والمسيخ الدجال، وأخرى متخصصة في الجن والشياطين. حتى أصيبت مصر بنكسة حضارية، وأضحت بيئة عشوائية للكبت والإرهاب والأمراض النفسية.

هل يمكننا الخروج من هذا المستنقع شديد العمق، الأكثر خطرا من مستنقع مبارك وعصابته؟ وهل مصر في حاجة إلى ثورة ثانية؟
[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص وحكايات من عالم الأحياء (5) - عالم النمل
- الثورة المصرية إلى أين؟
- الدستور أولا إذا أردنا بناء دولة مدنية
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (15)
- كيف نكون حكومة جديدة عصرية؟
- كيف نشكل لجنة وضع الدستور المصري الجديد
- قصص وحكايات من زمن جميل فات (14)
- مآثر المسلمين واسهاماتهم في علم الفلك
- ماذا تعرف عن اللاشئ؟
- نحو دستور جديد خالي من المادة الثانية
- بعد ثورة اللوتس، هل هناك أمل في التحرر من السلطة الدينية؟
- ثورة اللوتس المصرية
- الفلسفة النفعية
- شوبنهور فيلسوف التشاؤم
- مشكلة الأقباط وحادث الإسكندرية
- نيتشة والرجل السوبرمان
- كارل ماركس
- حتى لا نكون رعايا وعبيد لحاكم مستبد
- قصص وحكايات من عالم الأحياء 04 - عالم النحل
- جرب فكري ودعارة خلقية


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - الثورة المصرية والجمعة الحزينة