|
غياب الايديولوجيا ( انعدام القيم في كوردستان )
ئارام باله ته ي
الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 23:38
المحور:
المجتمع المدني
غياب الايديولوجيا (انعدام القيم في كوردستان) عود على بدء . في نقد المجتمع الكوردستاني ، نقد الأحزاب الكوردستانية . ان هذه الحالة المتشنجة التي نعيشها في كوردستان اليوم ناجمة في رأي البعض عن الفساد المستشري في مؤسسات الأقليم . ان هذا الرأي فيه الكثير من الصواب وان كنا نعتقد بوجود أسباب أخرى أيضا . لا مجال هنا لذكرها . حيث كلما زاد نصيب الأقليم من العائدات ، تزداد مطالب الناس بالحصول على حصة من هذه العائدات ، في ظل تكدس الأموال في أيدي فئة محدودة يزدادون غنى كل يوم أمام أنظار الشعب ورغما عنهم وبعيدا عن كل معاني العدالة الأجتماعية . ان من يعترضون على الوضع القائم ، انما يطالبون بحصتهم من (فائض قيمة الثورة) أو الغنيمة مادام المجتمع يفكر على طريقة (البدو) الذين يسعون لزيادة نصيبهم من الغنائم التي ينهبونها . ما علاقة هذه بالايدولوجية ؟ و ما هو الربط بين الفساد والتفكير البدوي وغياب الايدولوجيا ؟ . لقد أشرت في أكثر من موضوع في مقالاتي السابقة ، ان المجتمع الكوردستاني لا يزال يفكر على طريقة (البدو) ووفق (منطق العشيرة) ، من حيث النظر للسلطة كغنيمة ، و تطبيق القانون على الشخص وفق قوته ونفوذه ومكانته الأجتماعية ومنصبه السياسي . ان هذا مناقض لكل قيم العصر الحديث ، ابتداءا من المساواة والعدالة الأجتماعية الى الديموقراطية الحقة وحقوق الأنسان . اننا أمام غياب شبه كلي (للقيم) الفاضلة في كوردستان . ذلك لأننا أسيري (التفكير البدوي) الفج والمنطق العشائري الذي لا يتمتع بنظرة استراتيجية ولا يستند على فكر أو ايديولوجية واضحة المعالم . ان الأحزاب الكوردستانية جلها اليوم ليست لديها ايديولوجية كاملة ينشؤون عليها كوادرهم ، لذلك لا يوجد اليوم في كوردستان صراع ايديولوجي أو فكر ايديولوجي باستثناء (القومية) التي يدعي الكل تمسكهم بها . و لأجل هذا ينحصر الصراع (الديماغوجي) وقت الأزمات على الطعن في (قوموية) الطرف الأخر ، فينتج من ذلك الأتهامات المتبادلة بالتخوين ، التي تؤثر حتما على النسيج الأجتماعي الكوردستاني ، في حين أن الصراع يجري بعيدا عن (القيم) وبحثا عن المكاسب الحزبية وأحيانا الشخصية النفعية . ربما تمتلك الأحزاب الأسلامية الكوردستانية شيئا من (الايديولوجيا) ، لكنها ايديولوجيا على استحياء لأنها لم تستطع التوفيق بين رسالتها الأسلامية وقضيتها القومية ، في الوقت الذي نعاني من مشكلة قومية وليست دينية . أثناء ظهور الحركات الأسلامية في التسعينيات تنامى مدها بسرعة رهيبة في كل الأوساط الشعبية تقريبا ، ذلك أن هذا المجتمع كان خاليا من الايديولوجيا ، فسدوا شيئا من هذا الفراغ . لكن عندما واجهوا تهمة ، عدم الجدية في المشروع القومي ، استسلموا أمام الأختبار الأول . ولم يتمكن منظروهم من ايجاد نظرية متكاملة تجمع بين مرجعيتهم الأسلامية وقضيتهم القومية . مع أنني اقول أحيانا بأن المادة الخام التي يمتلكها الأسلاميون في ظل الأرضية الراهنة لوا تم استغلالها بذكاء فسيكون بأمكانهم صنع المعجزات في كوردستان . لا ننكر أنهم تعرضوا للمضايقات والضغوطات أيضا ، لكنهم تخبطوا ايديولوجيا فضاقت بهم السبل . ربما يعترض البعض بالقول بأن زمن الايديولوجيات قد ولى . وأن الأحزاب السياسية في الغرب الرأسمالي باتت اليوم تنافس على البرامج الأقتصادية والخدمية ومدى الأهتمام بالصحة والتعليم . فلسنا بحاجة للأيديولوجيا اذا . ان هذا الأعتراض غير وجيه ولوا للحظة ، لأن الغرب الرأسمالي مر بتجاذبات ايديولوجية وصراعات فكرية طاحنة ، حتى تمخض عنه الغرب الحالي الذي وصل من خلال الأصلاح الديني وعصر الأنوار والثورة الفرنسية والثورة الصناعية الى كل قيمه الأنسانية ، ولوا وسع المجال لشرحنا كيفية اتباعهم للديموقراطية و تبنيهم لحقوق الأنسان وكيف تم ذلك من خلال أستمزاج الأفكار وتمحيصها وتناقضاتها الحادة . بل حتى أن المتتبع لكتابات (ماكس فيير) حول الرأسمالية بأمكانه أن يلاحظ مدى الزخم الديني البروتستاني الذي يضفيه على الرأسمالية الغربية. ان الصراعات الفكرية مهمة جداً في أي مجتمع شريطة ، عدم وصولها حد استخدام السلاح . حيث لا يمكن تصور وجود قيم متأصلة و متجذرة في أي مجتمع كان ولا زال يعاني من خمول فكري . ان التطاحن الفكري ينتج (القيم) التي لا بد أن تمر بمراحل نموها الطبيعية ، دون اسقاطات جاهزة أو مستنسخة من تجارب وصلت مرحلة النضوج ، والا لن تكون لها البقاء أو ستكون سطحية على شكل زركشات مثلما هو عليه الحال في كوردستان . لا أنسى أبداً ؟ عندما كنت في المرحلة الرابعة من كلية القانون ، وأثناء فترة الأنتخابات الحزبية الطلابية . طرح أحد اساتذتنا سؤالأ ذا مغزى كبير ، لا أدعي بأني فهمته حينها فهماً كاملاً . اذ قال لممثلي الأحزاب المترشحة . أنا شخص مستقل من يقنعني بالأنضمام لحزبه ؟؟ . بدت الأجوبة لأستاذنا ساذجة ومضحكة . لأنه منذ ذلك الوقت وحتى اليوم لايستطع حزب واحد في كوردستان اقناع الجماهير وفق (قيمه) ونظرته الأستراتيجية لمستقبل كوردستان . انما تتم الحملات الأنتخابية اعتماداً على الأنتقاص من الاخر وتشويهه و تخوينه واتهامه بالعمالة أو الفساد. من أجل ذلك كله نحن شاهدون على عمليات شراء الذمم في كوردستان ، و مادامت طريقة كسب المجتمع تكمن في شراء ذمته ، فليس من المنطق أن ننتقد الفساد الذي هو انعكاس طبيعي لمجتمع لا يتبنى القيم ولا يوليه الأهتمام ، لأن الشخص المبدئي والمقتنع بفكرة ما لايبيع ذمته ولايخطب ود الاخرين بالمال . وهنا تكمل العلاقة التي رسمناها في بداية المقال بين المجتمع البدوي التفكير والعشائري المنطق = غياب الايديولوجيا = الفساد .
ئارام باله ته ي ماجستير في القانون [email protected]
#ئارام_باله_ته_ي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لسنا بحاجة للأصلاح في كوردستان
-
كان زواجا باطلا في عقد قران لم يحضره الفقراء
-
لماذا يتظاهرون في سراي ئازادي؟ ( نحو تغيير القيم في كوردستان
...
-
توضيح حول مقالتي الأخيرة ( رسالة مفتوحة الى مسؤول مؤسسة خاني
...
-
دهوك تقذف الأجسام الغريبة خارج جسدها ( قادر قجاغ ، نيجيرفان
...
-
وداعا ياحبيبتي
-
لماذا يؤكد الرئيس البارزاني على الأستحقاق القومي ؟
-
حق تقرير المصير والأنفصال في الأسلام
-
هل يرفع البارتي شعار الشعب في مؤتمره الثالث عشر ؟
-
الثوار البيشمركة يشعرون بالأغتراب في كوردستان
-
لماذا يصر الكورد على التمسك بالدستور ؟
-
أسئلة الى السلطة والمعارضة في كوردستان
-
انعكاسات تكريم السفير الأسد بدل رفو
-
أعمامي البيشمركة يسألون عن فائض قيمة الثورة ؟
-
كوردستان بين المدن الفاسدة والفاضلة
-
بين حرق القران وحرق الأنسان في كوردستان
-
الحرب المقدسة وحرق القران ومستقبل العلمانية
-
الشيعة العلمانيون ( سنة ) !!
-
كلام من حيز الجنون
-
نحو نضوج العقل السياسي الكوردستاني
المزيد.....
-
الاحتلال الإسرائيلي يمنع الأمم المتحدة من الوصول لمعبر رفح ف
...
-
الأمم المتحدة: إسرائيل تمنعنا من دخول معبر رفح
-
الرئيس التونسي: تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد لا يمكن
...
-
الأمم المتحدة: المساعدات -محجوبة- عن غزة مع إغلاق المعبرين ا
...
-
تفاؤل بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة
-
اعتقالات جديدة بأميركا والحراك الطلابي يتوسع بأوروبا
-
نيويورك تايمز: اختلافات طفيفة بين مقترحي حماس وإسرائيل حول و
...
-
مسؤولة إغاثة ترصد لـCNN صعوبات يواجهها الفلسطينيون للإجلاء م
...
-
-الأونروا-: العمليات في معبر رفح ستوقف دخول المساعدات لكافة
...
-
وسط تحذير من مجزرة.. الأمم المتحدة: إخلاء رفح قد يمثل جريمة
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|