أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - ليس لدي منصب أستقيل منه














المزيد.....

ليس لدي منصب أستقيل منه


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3392 - 2011 / 6 / 10 - 08:54
المحور: كتابات ساخرة
    


وضعت في حقيبة السفر كل ما يلزم المسافر للسفر واتخذت قراري الأخير حيث قررتُ السفر نهائيا وبلا عودة, وقررت الهجرة من الوطن, وقررت الاستقالة وقررت التنحي, وأخرجت أهم الكتب والروايات والمسرحيات التي أحبها دائما أن تكون معي, وحلقت وجهي من الأسفل إلى الأعلى ومن الأعلى إلى الأسفل, وغسلت وجهي أكثر من عشرين مرة , ولبست ملابس السفر كما يلبس المحارب ملابس الحرب,وقررتُ أخيرا أن أخفي عن الناس قصة سفري واستقالتي واعتزالي لأنني أخشى على الناس من التجمهر ومن عمل المظاهرات في الشوارع مطالبين ببقائي ومنددين برحيلي قائلين(كلنا بنحبك ارجع ثانية) وقلت بيني وبين نفسي: يجب أن يتم الموضوع بمنتهى السرية فأنا لا أريد مزيدا من قصص الحب والكراهية ولا أريد أي مظاهرات شعبية أو جماهيرية تطالب ببقائي فأنا أخشى على نفسي من المظاهرات الاحتجاجية ولا أريد مزيدا من المتاعب ولا أريد مزيدا من المشاكل السياسية في داخل الوطن, وحين وقفت على باب الدار كانت بيدي الحقيبة ممتلئة بالأدوات المهمة للمسافر الذي ينوي السفر مثلي وللمستقيل الذي ينوي الاستقالة مثلي وللمتنحي الذي ينوي التنحي مثلي وللمعتزل الذي ينوي الاعتزال مثلي ولكن استدرتُ إلى الخلف وتطلعت للوراء وقلت:أي وطن هذا الذي سأتركه ورائي للغرباء يعيثون فيه فسادا!أين هو الوطن أصلاً أنا لم أشعر طوال عمري أن لي وطن يحميني وأحميه, أنا أشعر فقط بوجود عصابة تمتص دمي وتكذب وتفسد وتمارس شتى أنواع الكراهية أمن المعقول أن نطلق على مجموعة مفسدين وعلى مجموعة أراضي لا أأكلُ منها ولا أشربُ من ينابيعها مصطلح وطن؟هل يعقل أن أسمي كل هذا وطن وأقول أريد الهجرة أو السفر منه!!ومن ثم حنوتُ رأسي وقلت: أين هو الشعب؟لا يوجد أصلا شعب.. أين هم الجماهير؟لا توجد أصلا جماهير..ولا توجد جماهير تطالب ببقائي, الناس ماتوا منذ زمن بعيد والجماهير ليست هنا بلا هنالك في الجزء الغربي من العالم المتحضر هذا اليوم, هنا لا يوجد غير الدواب والبقر والكلاب والحيتان, ولا يوجد أصلا شعب أحكمه أو أحتكم عليه, وأعدم نظري-كما يقولون- إن كان عندي شعب أحكمه كما أعدمُ نفسي إن كنتُ أملك مليما أحمر.

وبعدها طأطأتُ رأسي للأسفل بأسلوب حزين جدا وأرخيتُ يدي اليمين وفتحت أصابعي فسقطت الحقيبة مني أرضا وسقطتُ أنا فوقها لأنني لا أعرف حتى هذه أللحظة إلى أين السفر, أو أين سأسافر؟ وإلى أين سأتجه؟فحتى هذه اللحظة لم تفتح لي أي امرأة قلبها لأسافر إليه أو حضنها لأسقط عليه من السماء كسقوط المطر, وحتى هذه أللحظة لم أدخل مطارا فكيف سأسافر وإلى أين؟ أو إلى أي بلد, وهل سأذهب إلى مكان يختلف فيه الناس عن أهلي وجيراني لا بد أن كل الناس واحد فأهل حارتي موجود مثلهم في كل الدول العربية المريضة,أما إذا كان السفر إلى دولة أجنبية فسيكون الموضوع مختلفا تماما,وجلست على باب الدار وفكرت قليلا في المنصب الذي سأستقيل منه واكتشفت بأنني لا أملكُ منصبا أستقيل منه فضحكتُ كثيرا على نفسي وقلت: يا ويلتاه أنا غبي جدا كدتُ أن أنفضح بين العرب وبين الأجانب فمن متى أنا عندي منصب أستقيل منه, سيضحك الناس لو عرفوا بأنني سأستقيل وسيقولون: ما هذا المجنون الذي يقدم استقالته!!من أي وظيفة سيستقيل..هو لا يملك أي وظيفة حكومية, وفكرت في موضوع الكرسي الذي قررتُ أن أتركه خلفي لغيري من السياسيين لكي يجلسوا عليه وقلت في غمرة كل هذا:أي مجنون أنا الذي سيترك كرسيه الخاص للسياسيين الذين سيأتون من بعده,فأي سياسيين هؤلاء الذين أتحدث عنهم!! ومنذ متى كان عندنا سياسيين أو خبراء فنيين في السياسة!! السياسة عندنا فلا تشبه شيئا إلا بيوت الدعارة, وأنا لا أملكُ بيتا للدعارة, وأنا لا أملك كرسيا أتنحى عنه أو أتركه لغيري من الناس, وعن أي استقالة وتنحي أتحدث عنه!!من أي وزارة سأستقيل؟ وهل عندنا وزارات؟ لا, الذي عندنا دكاكين وخمارات وبيوت (خبيزة)و(خبص) في وسط بيوت الأحرار...فمن أين ستأتينا الوزارات؟أو من أي مديرية سأستقيل؟, وفكرت أكثر واكتشفت بأنني أيضا لا أستطيع الاعتزال في هذه اللحظة لأنني لم أبدأ بعد فكيف سأعتزل, وفكرت في موضوع الهجرة وتأكدت بأنني مخطئ جدا فحتى هذه اللحظة لم أقطع تذكرة للسفر فكيف سأسافر أصلا, يعني الموضوع من أصله لا يدخل لا المخ ولا الدماغ ولا العقل, والأجد بي في هذه الحالة أن أبني لي وطنا وأن أجد لي أرضا أعيش عليها , وأن أحصل على منصب أو وظيفة محترمة, وأن أنتخب حكومة محترمة مثل العالم والناس, وبعدها سأفكر بالهجرة أو الاستقالة أو الرحيل.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ادارة الأزمات
- اقتراح توفيق الحكيم
- أفكار سخيفة
- عزيزي القارئ من فضلك أقلب الصفحة
- البحث عن السعادة
- أنا من عالم آخر
- صحابة شربوا الخمر
- كلابنا
- اعتصام الأطباء الأردنيين
- هل تستطيع تقييم الآخرين؟
- على قيد الطفولة, لجواهر الرفايعه
- حزّر فزّر
- الدورة مرة أخرى
- البحث عن مشكلة
- خارج المرأة وداخل الرجل
- المجانين الحقيقيين
- المجرم الخطير
- زجاجة عطر
- الست بريق
- اللي ما بفهموش السؤال


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - ليس لدي منصب أستقيل منه