|
أطوفُ حولكِ ، مثلما تطوفُ ريشة حول عاصفة ..
عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 3378 - 2011 / 5 / 27 - 21:42
المحور:
الادب والفن
أطوفُ حولكِ ، مثلما تطوفُ ريشة حول عاصفة ..
" على قلق كأن الريح تحتي .. "
المتنبي
................................................................ كنتُ صغيرا على الحب ، وكنتِ أكبر. كنتِ الأكبر من ساحة الميدان ، والأكثر إشراقا من الكتب . كنتِ المتفوّقة على الحب ، والغريبة عن الوقت .
غريبة كنتِ كفراشة في حقل ألغام . غريبة كيأس يبعثُ على التفاؤل . وأليفة كنتِ ، كفجر يرشُّ نوافذه على زجاج الصباح .
وجميلة كنتِ .
جميلة ، كامرأة تتقدم جمالها . جميلة ، كغرفة تطلق العنان لحرية جدرانها . جميلة ، كقطرة يغوص من أجلها الماء ، ليعرف أين وقع قلبه .
وصرتُ أجملَ مني ، حتى أني لم أعرفني ، عندما أحببتكِ . عندما أحببتكِ صرتُ حنانا عاليا ، كبرج . عندما أحببتكِ دخلتُ مغارة نفسي ، وشاهدتُ الجوهرَ لكنني لم أحتمل أن أكون نبيا ، فسكرتُ بجمالكِ .
لم أعرف أن مَن يسكرُ بجمالكِ يحملُ على ظهره العالم .
لم أخبر أحدا ، لكنهم عرفوا عندما خلعتُ عن كتفيَّ الملاكين ، وطفتُ حولكِ .
طفتُ حولكِ ، كما تطوف ريشة ٌ حول عاصفة ، حتى كبرتُ وطوقتني الرغبة. طوّقتني الرعشة ، وعمّني فجرٌها ، فانفجرتُ كشعاع ، وفضتُ كدخان . كبرتُ كدخان ، فطرتُ كفراشة في حقل ألغام .
صرتُ شجاعا ، كقلب ينتقي طعنته . صرتُ أخترق كلّ اطلاقة ، لأنكِ تدفقتِ كالشرارة ، فأشعلتِ النار في قش القبيلة . وضعتِ جسدكِ في الروح . وكسوتِ روحكِ بالجسد . أعلنتِ أنكِ امرأة ، وأنكِ أكثر ، فأنتِ امرأة ولم يؤمن بكِ أحدُ ، فقتلوكِ وما قتلوكِ ، فقد شُبـّه لهم ، لكنهم تركوني أطوفُ حول غيابكِ .
تركوني أذهبُ إلى الذهب ، وأحرسُ لمعانكِ .
ما قتلوكِ ، فقد قتلوا الفكرة ، لأنني واصلتُ الطواف ، حتى دخلتُ الفكرة وانفجرتُ وفجّرتها ، فعدتِ الأكبر من الحب ومن القتل . صرتِ الشِعر . صرتِ الصعاليك والحانات ، صرتِ معصية تُرتكبُ من أجل الطهر ، ولتندلع من أفكارها شرارة النبؤة .
صرتِ الفكرة َ التي تقتلُ الفكرة ، ثم تتجاوز نفسها إلى فكرة اخرى ، حتى وصلتِ إلى تلك اللحظة التي يتآخى فيها اليأس مع التفاؤل ، وينتهي الزمن ، فعدتِ امرأة ، أترنحُ سكرانا من فرط جمالها .
وها هوذا السكرُ آه ، السكرُُ العاصفُ يفتح أمامي طرقا لم تُخلق ، فأمشيها معكِ . أمشي وأنت إلى جانبي ، لكنني أراك في الأمام . أصيح : توقفي ، فتصيحين : أنا خلفكِ .
هوذا سًكرُ جمالكِ ، آه .. السكرُ العاصف يغمرُ دجلة ، فيرتلُ آية جسدكِ كلما خطرتْ في خيالي سمكة .
السكرُ ، سكري العاصف ، يأخذني إلى كتبِ سرقناها معا ، ثم سرقتكِ منها .
اشاهدني كثيرا معكِ . نصعدُ زورقا ورقيا ، ثم نغرقُ ، فتنقذنا قبلة .
أصعدُ معكِ سلالم مخيلتي ، وهناك تبتكرين مخيلة اخرى ، لأنكِ الأكبر من الحب ، والأكثر من الخيال :
أنتِ الجميلة ، كامرأة تتقدم جمالها . أنتِ الجميلة ، كغرفة تطلق العنان لحرية جدرانها . أنتِ الجميلة ، كقطرة يغوص من أجلها الماء ، ليعرف أين وقع قلبه . وأنا السُكرُ العاصف ، سُكري ، يقودُ خطواتي ، دائما ، إلى حيث كنتِ تنتظرين : ادخنُ سجائري عند أقدام تمثال المتنبي ، فيخرجُ الدخان من منخريه ، ومن جيوبه تطيرُ أحلام ، قصائد ، وفراشات كنا قد حلمنا أن نكتبها ، فينكشط الطلاء ، وينكشف الهيكل العظمي لعالمنا الهش ، فأغني :" على قلق كأن الريح تحتي .. " إذ سرعان ما ستأتي القبيلة ، ثانية ، لتأخذكِ إلى المسلخ ، فيما يواصلُ السُكر العاصف لعبته معي : يجرفني بأمواجه العاتية إلى ساحة الميدان ، أو يجرجرني من ياقتي إلى مصطبة على الشاطيء ، حيث لا يزال الشيطان جالسا عليها ، بانتظار أن تكوني ثالثتنا ..
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أتهمكِ بأخطر الجَمال ..
-
الحب حسب التوقيت البغدادي ..
-
قصيدة نثر لشاعر جاهلي ..
-
عندما شعبٌ من العصافير على كتفيكِ ..
-
قصة الحب ، اغنية الحرية ..
-
اغنية هي التي ..
-
بورتريه الشاعر ..
-
لماذا تعشقين شاعرا بسيطا مثلي .. ؟!
-
الملائكة يصلّون عليكِ ، والخائبون والخائبات ..
-
لحظة جان دمو ..
-
اعجوبتكِ ..
-
شاسعة جدا ، كالبياض ..
-
قصيدة العصفور
-
كن عاشقا عالميا ، كالتراب ..
-
رأيتُكِ في البلدة التي لا اسم لها ..
-
احبكِ قبل أن يبتكروا الكتابة ..
-
كيف تولد المعجزة .. ؟!
-
كان عليَّ أن أهربَ منكِ ..
-
الشاهد .. !
-
قصيدة نثر عن الحب والزمن
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|