أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - لم ير واحد منهم له عين واحدة















المزيد.....

لم ير واحد منهم له عين واحدة


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3347 - 2011 / 4 / 26 - 10:15
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


فتاة- طفلة عمرها ١٨ سنة زوجها أبوها رغم إرادتها لرجل يكبرها بأربعين عاما، لكن الزواج لم ينجح بالطبع فكيف لطفلة فتاة صغيرة أن تنتهك جسديا ونفسيا برجل عجوز من عمر جدها وضد إرادتها، ربما قاومته الفتاة أو حاولت الانتحار وفشلت وبقيت معه على مضض وكره ثم حاولت الهرب، فذهب إلى المأذون وطلقها بإرادته المنفردة، وأمسكها وأوسعها ضربا وركلا، ثم أعادها إلى أبيها يتهمها بسوء السلوك، الحجة الجاهزة السهلة لأى رجل معدوم الضمير يطلق زوجته، العيب فيه أو العجز أو الرغبة فى الانتقام منها لعدم قبولها الذل والهوان، المهم أن الأب المعدوم الضمير منذ البداية أمسك ابنته الصغيرة الضعيفة العاجزة عن المقاومة، كبل يديها الصغيرتين بحبل متين، يساعده رجال الأسرة أعمامها وأشقاؤها، لفوا حول فمها وأنفها شرائط لاصقة «البلاستر»، وألقوا بها حية فى النيل، نشرت صحف القاهرة يوم ٢١ أبريل ٢٠١١ خبر العثور على جثتها وانتشالها من الماء، وقرر الطبيب الشرعى أن سبب الوفاة أسفيكسيا الخنق،

كم منا قرأ هذا الخبر وقد نشر فى عدد من الصحف منها «الأهرام» و«المصرى اليوم» وغيرهما، الآلاف قرأوا الخبر ثم قلبوا الصفحة ليقرأوا الأخبار الأهم فى نظرهم عن تنافس المرشحين على كرسى الرئاسة، الوعود للشعب بالعدالة الاجتماعية، المراقة بالحبر على ورق الصحف، المذاعة بالأبواق على الجماهير، الوعود بالعدالة الاجتماعية تختفى مع انتهاء الانتخابات والصعود إلى العرش، هل تألم أحد المرشحين المتحمسين للعدالة الاجتماعية لخبر مقتل هذه الفتاة؟ حلبة الصراع على السلطة والثروة تتكرر فى كل انتخابات وكل عهد، بالطريقة نفسها، وكيف تتغير والنظام لم يتغير بل تغيرت الوجوه فقط، مازالت القيم العنصرية والقوانين الأبوية الطبقية هى التى تحكم العلاقات داخل الدولة والعائلة، الجميع (إلا القليل النادر) قلبوا الصفحة ونسوا الفتاة الطفلة البريئة المقتولة تحت اسم الدفاع عن شرف العائلة، كلمة الشرف ينطقها الأب والأعمام والأشقاء بصوت جهورى يهتز له وجدان المحققين والقضاة ورحال الحكم والدين، يتكتل الجميع فى قوة متينة من أجل شرف الرجال وكرامتهم ضد الفتاة الطفلة، ليس لها شرف ولا كرامة، ليس لها أحد فى هذه الغابة، حتى أمها المسكينة ترتعد لكلمة الشرف، تساعد الرجال فى قتل ابنتها أو على الأقل تسكت وتتستر على الجريمة، وكم من بنات صغيرات تم قتلهن فى بلادنا من أجل الشرف دون عقاب القتلة، أو عقاب مخفف تعاطفا مع الرجال المدافعين عن شرفهم، نعم ما زال مفهوم الشرف فى بلادنا يرتبط بسلوك البنات الصغيرات أكثر من سلوك فطاحل الرجال فى بورصة السياسة والمال والإعلام.

قد يسخر بعض الغارقين لآذانهم فى حلبة الننافس على الرئاسة من اهتمامى بفتاة صغيرة لا وزن لها فى غابة السياسة والمال وتوازن القوى؟ ومن يحترم حق إنسانة أو إنسان مصرى ليس له قوة؟ وهل احترموا ملايين الشعب المصرى إلا بعد ثورة جماعية مليونية أسقطت رؤوس النظام وانتزعت حقها بقوة التنظيم والاتحاد؟

لماذا قامت الثورة المصرية؟ ألم تقم من أجل العدالة والحرية والكرامة؟ ألم تقم من أجل هذه الفتاة وغيرها من الملايين المقهورات والمقهورين من الشعب الفقير؟ هل انطفأت روح الثورة الإنسانية العظيمة وعادت ريما لعادتها القديمة؟ عدنا إلى حلبة الصراع على السلطة والثورة بالطرق القديمة، فقدنا الإنسانية الثورية التى ترعى الضعفاء والأغلبية المظلومة، عدنا حيوانات سياسية لها عضلات انتخابية بارزة وأبواق إعلامية زاعقة، وأموال غزيرة من أرباح السوق الحرة أو المناصب العليا منذ العقود، والوعود التى لا تتحقق أبدا حتى يموت الحاكم أو يضرب بالرصاص أو يسجن فى الزنزانة، هل يتوقع عاقل أن هذه الانتخابات القادمة خلال شهور للرئاسة أو للبرلمان سوف تقدم لنا حكاما جددا أو نظاما جديدا؟ على أى أساس يأتى الرئيس الجديد أو نائب البرلمان الجديد؟ والدستور قديم لم تتغير فيه إلا القشور، والقوانين كلها العامة والخاصة قديمة، طبقية أبوية مزدوجة عنصرية، تطلق سراح الجانى الأقوى، وتعاقب الضحية من الفقراء والنساء والأطفال؟ لماذا لم يتغير الدستور والقوانين قبل الترشيحات؟ لماذا هذه السرعة والهرولة إلى الانتخابات؟ لماذا لا نتأنى ونصدر قوانين جديدة عادلة تفرز عناصر شعبية ثورية من الرجال والنساء والشباب والشابات، من خارج تلك النخبة القلة المسيطرة على سوق السياسة والمال والبورصة والشاشة؟

هذه النخبة هى أعمدة النظام السابق، التى أفسدته وبررت له الفساد وأوصلته إلى سجن طرة ثم تخلت عنه بسرعة، نفضت عنه يديها وعادت إلينا بوجوه مغسولة بريئة ترشح نفسها فى كل الانتخابات المحلية والعربية والدولية. وإن اعترض الشعب عليهم يقولون دون حياء «كلنا عايشنا النظام السابق، كلنا كنا عبد المأمور، كلنا لم يستطع تجاوز الخطوط الحمراء وإلا تعرضنا للسجن أو النفى أو الطرد من المنصب أو تشويه السمعة أو أو...» لكن هناك قلة قليلة من الرجال والنساء كانت ذات شجاعة وضمائر حية تعرضت لكل هذه الأنواع من الأذى من أجل أن تقول كلمة صدق، فلماذا لا تخلون الطريق أمام هؤلاء المخلصين والمخلصات، لماذا تحتلون كما كنتم كل الأماكن وكل المساحات فى صحف الحكومة والمعارضة اليمين واليسار والوسط والإخوان المسلمين والمسيحيين والسلفيين والصوفيين، وكل القوى والمناصب فى الدولة والدين والسياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام وكل شىء؟ المخلصون والمخلصات من الشعب المصرى لا يتكالبون على المناصب ولا التنافس فى تمثيلية الانتخابات المتكررة فى كل عهد.

هذه النخبة تفسد كل شىء حتى شباب وشابات الثورة الشعبية ذات المبادئ الإنسانية الرفيعة راحت تفسدهم، وتبذر الخلافات بينهم لتتقسمهم، فرق تسد، اختارت منهم من يتواءم معها ويتكيف مع مبادئها المطاطة المراوغة، تم تغييب الأغلبية من الشباب والشابات الذين صمدوا وضحوا بحياتهم ودمائهم وقلوبهم وعيونهم، قال لى شاب فقد عينه اليمنى برصاص قناصة «كل شباب الثورة اللى بيظهروا فى التليفزيون لابسين حلو وعينيهم الاتنين حلوين، ما شفتش واحد منهم له عين واحدة؟».



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجولة جديدة أرقى وذكورة قديمة أدنى
- هل تأخرت الثورة سبعين عاماً؟
- هل ينتصر النقاء الثورى على أخطبوط الفساد؟
- هل يمكنهم إجهاض الثورات الشعبية؟
- أخلاقيات الثورة الجديدة والقيم المزدوجة القديمة
- مليونية الشباب والشابات يوم المرأة العالمى
- نساء الثورة الشعبية ونساء النخبة الحاكمة
- الثورة المصرية مستمرة حتى تحقق أهدافها كلها (٢)
- الثورة المصرية تضع قيما وعقدا اجتماعيا جديدا
- نساء تونس ونجاح الثورة الشعبية
- الإبداع المتمرد لا يموت
- استعادة العقل المصرى هى الأمان الوحيد
- النساء وكتابة الأدب
- نساء ورجال القرن الواحد والعشرين
- هل ينمو فكر جديد؟.. حوارات نوال ومنى
- أعظم نساء ورجال القرن؟
- خروف العيد: حوارات نوال ومنى (٢)
- خروف العيد: حوارات نوال ومنى (١)
- تمجيد المرأة والعقل الأجنبى.. وتحقير أنفسنا وزوجاتنا
- السلطة الأبوية والتجارة بالجنس


المزيد.....




- منحة المرأة الماكثة في البيت الجزائر 2024 أهم الشروط وخطوات ...
- المرأة المغربية في الخارج تحصل على حق استخراج جواز سفر لأبنا ...
- الشريعة والحياة في رمضان- الأسرة المسلمة في الغرب.. بين الان ...
- مصر.. امرأة تقتل زوجها خلال إعدادها مائدة إفطار رمضان
- الإنترنت -الخيار الوحيد- لمواصلة تعليم الفتيات في أفغانستان ...
- لماذا يقع على عاتق النساء عبء -الجهد العاطفي- في العمل؟
- اختبار الحمض النووي لامرأة يكشف أن أسلافها -كلاب-!
- تزامنا مع تداول فيديو ظهور سيدة -شبه عارية-.. الأمن السعودي ...
- “الحقوا الحرامي سرق جزمة لولو!”.. تردد قناة وناسة الجديد 202 ...
- ورشة عمل حول المقاربة القانونية ما بين قانون العنف الموحد وا ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - لم ير واحد منهم له عين واحدة