أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوال السعداوى - استعادة العقل المصرى هى الأمان الوحيد














المزيد.....

استعادة العقل المصرى هى الأمان الوحيد


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3236 - 2011 / 1 / 4 - 12:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لن يوقف الفتنة الدينية السياسية الدموية فى مصر إلا استعادة العقل المصرى الذى تم تغييبه وحبسه وتخويفه من التفكير، مجرد التفكير، ولا أقول الإبداع وخلق الأفكار والقيم الجديدة، والسلوك الجديد اليومى فى البيت وفى الدولة والمجتمع، القائم على احترام حقوق الآخرين ليس حادث كنيسة الإسكندرية ليلة العام الجديد ٢٠١١ أمرا جديدا علينا، ألم نشهد مثله من قبل، ألم يطالب أصحاب وصاحبات الفكر المستنير بضرورة علاج جذور الفتنة الدينية السياسية؟ ليس باستنفار رجال البوليس لحماية الكنائس بل باستنفار العقول المصرية لتفكر وتستعيد القدرة على التفكير، القدرة على رفض الخزعبلات السياسية الدينية التى أصبحت تعشش فى عقول الأطفال والتلاميذ والمدرسين والأساتذة، النساء والرجال، الآباء والأمهات ورؤساء الأحزاب والجمعيات والفضائيات الدينية السياسية، هى فتنة دينية سياسية وليست مجرد فتنة طائفية، هى إرهاب للعقل المصرى من الداخل والخارج وليس الخارج فقط، إرهاب لكل من يفكر رجلا أو امرأة، ألا تذكرون قضايا الحسبة التى تم رفعها ضد المفكرين من الرجال والنساء، تحت تهمة الكفر لمجرد أنهم فكروا واستخدموا عقولهم ورفضوا التجارة بالدين والسياسة، كيف تخلت الدولة والحكومة والأحزاب والجمعيات عن هؤلاء المفكرين وتركتهم وحدهم فى المعركة، بل ساعدت فى ضربهم ليكونوا كباش الفداء لأنظمة حكم مستبدة فاسدة فى الداخل والخارج معا، الأسرة والدولة معا.

إن التيارات السلفية السياسية الدينية (تسمى اليوم التيارات الأصولية) ليست ظاهرة سياسية جديدة، بل هى قديمة منذ العبودية أو سيطرة طبقة الأسياد على العبيد وجنس الذكور على النساء، لو قرأنا التاريخ لعرفنا أن هذه التيارات السلفية الأصولية تبرز فى عصور الانحطاط الثقافى وتغييب العقل لتمرير قوانين طبقية أبوية استبدادية استعمارية تنهب حقوق الشعوب، النساء والأطفال تحت شعارات دينية مقدسة، تبيح قتل المفكرين والمفكرات بتهمة الكفر والزندقة والخيانة الوطنية، يتم ترويض التلاميذ فى المدارس على الهتاف فى طابور الصباح «الله الوطن الملك» (أو الإمبراطور أو الرئيس)، أى تلميذة أو تلميذ لا يهتف مع التلاميذ يفصل بقرار من وزير التربية والتعليم، أصبحت وزارات التربية والتعليم هى البوليس المتحكم فى العقل، هى الأداة التى تلغى التفكير وتغيب العقل منذ الطفولة، فلماذا لا تحاكموا وزراء التربية والتعليم فى مصر بدلا من استنفار رجال البوليس لحماية الكنائس من مذابح ما تسمونه الاحتقان الطائفى؟ أنه الاختناق العقلى أيها السادة وليس الاحتقان الطائفى، وهو ظاهرة تاريخية قديمة تتجدد على الدوام للقضاء على مقاومة الشعوب.

ليست السلفية الأصولية الدينية السياسية مقصورة على دين واحد أو قومية واحدة، الإسلام مثلا أو العرب كما هو واضح فى هذا العصر، بل هى ظاهرة متكررة فى كل الأديان والقوميات والعصور، لو تذكرنا ما حدث فى القرن السابع عشر، حين غزا المسيحيون الإنجليز السلفيون الأصوليون ما أطلقوا عليه اسم «إنجلترا الجديدة» على الأرض الأمريكية التى استولوا عليها بقوة السلاح. وفى هذا القرن الواحد والعشرين ألا يعلن نتنياهو وجيشه المحتل لأرض فلسطين، أن دولة إسرائيل هى دولة يهودية تؤمن بالتوراة، كتاب الله، الذى وعدهم بالأرض الموعودة لأنهم هم بنو إسرائيل المؤمنون بالإله ياهوه، وقد أمرهم بإبادة سكان الأرض المحتلة لأنهم يعبدون إلها آخر غيره هو ياهوه؟

وهاهو الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش يعلن أن «كل ما ليس معنا ولا يؤمن بحضارتنا الأمريكية المسيحية هو من أهل الشيطان فى «محور الشر»، وفى هذا العصر الحالى أيضا ألم يصدر زعيم المسيحيين فى كنيسة مورمون (وارين جيف) فتوى تؤكد أن من حق الرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء، وقد تزوج وارين جيف بأربعين امرأة على الأقل، وقد قبض عليه البوليس مؤخرا بتهمة اغتصاب الأطفال جنسيا، واتضح أن جماعته المورمون تدفع له ما يقرب من ثلاثة ملايين جنيه إسترلينى شهريا وقد استخدم هذا المال الضخم لإشباع شهواته ونزواته تحت اسم أمر الله، هل تختلف حياة هذا الزعيم الدينى السلفى عن أمراء الجماعات الإسلامية السياسية التى تصاعدت فى هذا القرن؟

إن المذبحة الأخيرة فى كنيسة الإسكندرية ليلة أول العام الجديد ٢٠١١، ليست الا واحدة من مذابح كثيرة حدثت فى السنين الأخيرة وسوف تتكرر حتى تنقسم مصر كما تنقسم السودان إلى جنوب مسيحى وشمال إسلامى، هذه هى الخطة السياسية الدينية التعليمية التربوية أيها السادة، التى يعرفها وينكرها الجميع، «فرق تسد» هى سياسة خارجية وداخلية من سالف القرون لضرب وحدة المقاومة الشعبية فقراء ونساء وأطفالا.

إن المسألة ليست مجرد احتقان طائفى بل هى اختناق العقل المصرى وتغييبه وقتله تحت اسم حماية دين الله من المفكرين الكفرة، والعلاج ليس بزيادة عدد المتاريس ورجال البوليس حول الكنائس بل برفع الحظر عن العقل المصرى، بالحرية الفكرية والثقافية أيها السادة، بمحاكمة علنية لوزراء التعليم والتربية والإعلام والثقافة منذ القرن الماضى، الذين جعلوا الفتاوى والخزعبلات والحجاب والنقاب والرعب من الجحيم وعذاب القبر يقتل عقول النساء والرجال والأطفال، انظروا إلى الأطفال البنات المحجبات المنكسرات المطأطئات الرؤوس فى المدارس الابتدائية، انظروا كيف تؤمن المرأة الجامعية أن من حق زوجها أن يضربها ليؤدبها حسب أمر الله، ومن حقه أن يخونها ويتزوج عليها أربع نساء، آخرهن أصغر منه بنصف قرن، انظروا ما يدور فى الفضائيات من حوار تافه رخيص يتاجر بالتدين الزائف، انظروا العلاقة بين الفساد فى الدولة والعائلة، فى الانتخابات وفى التجارة والبيزنس والسوق الحرة، انظروا أيها السادة وشغلوا العقل المقهور المحبوس على مدى السنين من الطفولة حتى آخر العمر.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النساء وكتابة الأدب
- نساء ورجال القرن الواحد والعشرين
- هل ينمو فكر جديد؟.. حوارات نوال ومنى
- أعظم نساء ورجال القرن؟
- خروف العيد: حوارات نوال ومنى (٢)
- خروف العيد: حوارات نوال ومنى (١)
- تمجيد المرأة والعقل الأجنبى.. وتحقير أنفسنا وزوجاتنا
- السلطة الأبوية والتجارة بالجنس
- صمتوا حين كان الكلام واجباً
- الضمير الحى فوق الهوية القومية والدينية
- وجوه تتكرر فى كل عهد
- الدكتوراة الفخرية والتعددية والنسبية
- جلسة مع كاتبات فى القاهرة
- الصورة المفبركة بدل الحقيقة المؤلمة
- المرأة الكاتبة
- «سارة بالين» وجوارى القرن الواحد والعشرين
- الدكتورة نوال السعداوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول ...
- التاريخ سينصف تجربتي والطفلة في داخلي تنتصر على الشرطي
- شهرزاد جديدة أكثر تحررًا
- خطورة قوانين الأحوال الشخصية الدينية


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوال السعداوى - استعادة العقل المصرى هى الأمان الوحيد