أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - خطورة قوانين الأحوال الشخصية الدينية














المزيد.....

خطورة قوانين الأحوال الشخصية الدينية


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3041 - 2010 / 6 / 22 - 18:09
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


قرأت فى جريدة «المصرى اليوم» (١٤ يونيو ٢٠١٠) تصريح وزير العدل (المستشار ممدوح مرعى) الذى يؤكد أن العلاقات الزوجية تعد من أخطر العلاقات بين البشر، ويجب أن يشملها قانون لا يخالف ما يؤمن به الفرد من الأوامر التى جاءته من الله.

هل يعمل وزير العدل فى مؤسسة دينية أم فى وزارة العدل؟ إذا تكلم المسؤول الحكومى عن العدل بلغة الأديان والعقائد والمذاهب فماذا تكون الدولة: دينية أم مدنية؟

فى بلادنا عبر الصراع السياسى والاجتماعى الطويل تم سن القوانين العامة فى الدولة وفق مبادئ الدستور، الذى ينص على العدالة والمساواة بين المواطنين بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو العرق أو العقيدة…إلخ، إلا قانون الأحوال الشخصية المصرى، فقد ظل هو القانون الوحيد الذى يخضع للدين (الإسلام للمسلمين والمسيحية للأقباط)، كيف يكون ذلك؟ مع أن الظلم الذى يقع داخل البيت والعائلة لا يقل خطورة عن الظلم داخل المصنع أو المكتب أو الحزب أو أى مؤسسة أخرى فى الدولة، بل إن الظلم داخل البيت والأسرة أخطر وأشد ضررا على المجتمع، فالبيت- أو الأسرة- هو النواة الأولى الأساسية للدولة والمجتمع، يتربى فيه الإنسان على الظلم أو العدل، على الكذب أو الصدق، على الوفاء بالعهد والمسؤولية أو الخيانة والتخلى عن مبادئ الأخلاق الإنسانية الرفيعة.



لا يمكن لأحد أن ينكر المشاكل الخطيرة التى تحطم الأسرة المصرية المسلمة، بسبب انتهاك حقوق الزوجات والأمهات والأطفال، فى ظل قانون الزواج الإسلامى، الذى يمنح الزوج سلطة على زوجته تعلو على سلطة الدولة والعدالة، حتى اليوم يمكن للزوج المصرى المسلم أن ينكر نسب طفله إليه إذا شاء، يمكنه أن يطلق زوجته بإرادته المنفردة دون سبب لمجرد أن ينطق كلمة «طالق»، ويمكنه أن يتزوج أربع نساء فى وقت واحد، ويمكنه أن يمنع زوجته من العمل إذا شاء.

قرأنا فى «الأهرام» (٧ يونيو ٢٠١٠) قرار المحكمة التأديبية بمجلس الدولة بتغليب طاعة المرأة لزوجها على طاعتها قوانين العمل فى الدولة، لأن مجلس الدولة يعتبر أحكام الشريعة مقدمة على أحكام القوانين المدنية، هذا الحكم أكد تغليب طاعة الزوج شرعا على طاعة الموظفة فى الدولة لقانون العمل، أى أن سلطة الزوج على زوجته أعلى من سلطة الدستور الذى يكفل المساواة بصرف النظر عن الجنس أو الدين. هذا التناقض الصارخ بين قانون الأحوال الشخصية والقوانين العامة فى الدولة؟ هذا الفصل التعسفى بين حياتنا الخاصة والعامة؟ هذا الكذب والظلم والمراوغة وفساد الضمير؟

تتمزق المرأة المصرية بين واجبين مفروضين عليها : واجب تجاه الزوج، وواجب تجاه عملها، أمامها اختيار صعب: أن تفقد زوجها بالطلاق أو تفقد عملها وراتبها الشهرى ومستقبلها المهنى، أليس هذا هو الظلم الفادح الذى تتعرض له المرأة المصرية المسلمة فى ظل قانون الأحوال الشخصية الدينى؟ منتهى العبودية والاستعباد تحت اسم الشريعة الإسلامية!!

أليس هذا الظلم والاستعباد يقعان أيضا على المطلقين المسيحيين حين يفرض عليهم قانون الأحوال الشخصية الدينى ألا يتزوجوا للمرة الثانية، حسب الشريعة المسيحية؟ أليس هذا دليلا على أننا نعيش العبودية فى القرن الحادى والعشرين مسلمين ومسيحيين؟ هل نقتل العدل والضمير الإنسانى بسبب نص فى كتاب دينى له تفسيرات متعددة متناقضة حسب القوى السياسية الحاكمة؟

لماذا لا نتبع المدرسة الإنسانية العادلة فى الدين التى تقول: «إذا تعارض النص مع المصلحة تم تغليب المصلحة لأن النص ثابت والمصلحة متغيرة»، وقد غير كثير من الدول فى العالم شرقا وغربا، من إندونيسيا إلى تونس، ومن الإسكيمو إلى جنوب أفريقيا- النصوص من أجل مصلحة الناس، لقد وجد النص من أجل الإنسان، لم يوجد الإنسان من أجل النص، النص الصحيح يخدم صحة الإنسان وحريته وسعادته، مثل السياسة الصحيحة، مثل الطب الصحيح، مثل الأخلاق الصحيحة.

هناك نصوص فى كل الأديان تشرع الرق والعبودية، تم تغييرها فى معظم بلاد العالم بعد تحريم العبودية فى الدساتير والقوانين المدنية، فلماذا يظل قانون الأحوال الشخصية فى بلادنا على هذا النحو العبودى الأزلى؟

«ربنا هو العدل عرفوه بالعقل» كما يقول الفلاحون والفلاحات فى قريتى، كل ما يحكم بالعدل هو صحيح الدين والسياسة والأخلاق، كيف يضيع جوهر الله من عقول أصحاب السلطة السياسية والدينية فى بلدنا؟ كيف غرق العقل المصرى فى ظلام الظلم؟ كيف تلاشى العدل؟ هذا الحجاب الكثيف على عقولنا كيف جاء وتراكم حتى عمت الظلمة فى عز النهار؟ ما هى القوى التى سلبت منا عقولنا فأصبحنا لا نعرف الفضيلة من الرذيلة، لا نعرف الحرية من العبودية؟ الاستقامة من الإعوجاج؟

ما نتيجة الكبت إلا الفساد الأخلاقى؟ ألم نشهد الفضائح الأخلاقية فى العالم هذه الأعوام الأخيرة؟ اغتصاب بعض القسس للأطفال جنسيا بسبب الكبت وعدم التصريح للقسيس بالزواج؟ ألم تتغير الشرائع لتحمى البشر من الكبت والظلم والكذب؟ وما هى الشرائع؟ أليست هى نظماً اجتماعية أخلاقية سياسية اقتصادية تتغير وتتطور مع تطور المجتمعات وخروج العقل والأخلاق من الظلمات إلى النور؟

إلى متى نظل نخفى رؤوسنا فى الرمال؟ إلى متى نستمر فى نفاق القوى السياسية والدينية الإسلامية والمسيحية على السواء؟

حياتنا فى العلانية أصبحت تناقض حياتنا فى الخفاء، قاوموا الكذب والتخفى، قاوموا تلوث العقل بكل ما يناقض العقل، استخدموا عقولكم بشجاعة وجرأة، انتزعوا الحرية لنشر نور المعرفة، والصدق، ليكن لكل منا حياة واحدة فى العلانية.

نظموا أنفسكم فى صف واحد، من أجل العدل والحرية للجميع بصرف النظر عن الدين أو الجنس، لنتكاتف معا من أجل قانون مدنى للأحوال الشخصية قائم على العدل، يسرى على جميع المصريين والمصريات مسلمين ومسيحيين وجميع العقائد والمذاهب والطوائف، لا تفرقة بين إنسان وإنسان لأى سبب كان.


-المصري اليوم



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن النقاب والنفاق والسلطة
- حاربت 60 عاماً ضد الختان وفقدت وظيفتى وسمعتى وعندما صدر القا ...
- أنا أكتب إذن أنا أعيش
- خلايا العقل المظلمة
- الكتابة بين الذكورة والأنوثة وهوية النص .
- الحرب والنساء
- حجاب العقل.. أخطر
- المرأة العربية تعيش من أجل الجنس فقط و المسيار أفضل من الزوا ...
- د.نوال السعداوي: مصر لا تستحقني.. وأنا -قرفانة- من الجنس
- النساء ضحايا الاستغلال الاجتماعي
- المراوغة في فكر النخب المصرية السائدة
- ما يستحيل أن نعرفه ما يستحيل البوح به ،
- حروب ضد العقل يخوضها قتلة .. والضحايا نساء وأطفال
- هل كانت سيمون دوبوفوار متحررة ؟!
- من هن أقوى نساء العالم ؟
- أنا أفكر، إذاً أنا لا أصلح رئيس دولة!
- برنامج الدكتورة نوال السعداوي الانتخابى فى الترشيح لرئاسة ال ...
- الحوار المبتور عن المرأة والدين والسياسة
- الطيران فى الحلم
- إجهاض الثورة


المزيد.....




- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...
- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - خطورة قوانين الأحوال الشخصية الدينية