أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - دلور ميقري - سيادته يأمر الشبيحة بتطبيق الإصلاح















المزيد.....

سيادته يأمر الشبيحة بتطبيق الإصلاح


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3340 - 2011 / 4 / 18 - 16:21
المحور: كتابات ساخرة
    



أيها الرفاق..
كلمتي هذه، التوجيهية، محمّلة برزمة من الإصلاحات؛ فما عليكم سوى فكها، كأيّ لعبة للأطفال، والتسلي من ثمّ بتركيبها. هاهاها
يوم أمس، كما تعرفون، تكلمتُ أمام مجلس الوزراء، الجديد. وها أنا اليوم أكلمكم؛ بما أنكم، يا ضباط أمن الوزارات، أنتم الوزراء الحقيقيون لا يأتيكم الباطلُ من خلفكم ولا من أمامكم.
وبودّي، قبل كل شيء، أن أنوّه بتنظيم الوزارة بحسب مباديء حزبنا القائد؛ هذا التنظيم، العجيب، الذي أبهر العالمَ. نعم، فالوزارات عندنا هي بعدد فروع الأمن، وكل وزير خلفه ضابط أمن، وبالتالي كل ضابط أمن وزارة سيكون مرتبطاً برئيس فرع أمن معيّن. وأنا أعني، طبعاً، الوزراءَ غير المنحدرين من قريتنا أو القرى القريبة من قريتنا. فكلّ من كان منا، هو عنصرٌ أمنيّ. ومن لم يكن منا، بهذه الحالة، فهو يساعدُ على الفتنة ـ كما أوضحتُ ذلك في خطابي أمام القطيع في مجلس العشب.. أقصد، مجلس الشعب.
والحقيقة، أيها الرفاق، فإنها الفتنة من أجبرنا في القيادة على تغيير الحكومة. رئيس الوزراء، الجديد، كان قد قام باستشارات مطوّلة قبل تشكيل حكومته العتيدة. والاستشارات، كما تعلمون، لم تكن ضرورية؛ طالما أن القيادة القطرية للحزب، التي تنفذ تعليماتنا، هي من يسمّي الوزراء بعدما تقترحهم الأجهزة الأمنية. ولكنني أردتُ أن يعرفَ العالم بأنه لدينا نحن أيضاً لعبة ديمقراطية. أي أنها لعبة نتسلى بفكها وتركيبها. هاهاها
هكذا بدأ رئيس الوزراء المكلف باستشاراته، فمضى أولاً إلى نواب الموالاة، كلّ كتلة بكتلتها. وبما أنّ سورية بلد الأمن والأمان، فليس لدينا نواب معارضة والحمد لله. إلا أنّ هذا، من ناحية أخرى، خلق مشكلة بشأن خطتنا في إطالة أمد الاستشارات الحكومية. على ذلك، عندما شكى إليّ رئيس الوزراء المكلف هذه المشكلة، فإنني قلت له: " ألم تكن وزيراً للزراعة، وجعلتَ ريف شمال شرقي سورية يجفّ بسوء خططك وإدارتك؟ إذن ما عليكَ الآن سوى لزوم مكتبكَ كم يوم، لكي تفكر بخطط جديدة تسهم هذه المرة بجفاف المناطق الجنوبية الشرقية من سورية؛ خصوصاً لأنها المناطق التي شهدت بداية الاحتجاجات ضد نظامنا المقاوم الممانع ".
قلنا أنّ الاستشارات اكتملت، والحكومة تشكلت؛ ولكنّ الاحتجاجات استمرّت. وهذا دليل آخر، إضافيّ، على أنّ سورية تتعرّض لمؤامرة. فقد سبقَ أن أعلنا في الأسبوع الأول من الاحتجاجات عن نيتنا دراسة إنهاء قانون الطواريء وكذلك منح الأخوة الأكراد، الأجانب، الجنسية السورية. عبثا فعلنا ذلك، فالاحتجاجات استمرت، بل وامتدّت لمحافظات جديدة ومنها محافظة الحسكة حيث الأكراد بالذات يعيشون. تصوروا الجحودَ والنمردة: نقرر إنهاء قانون الطواريء، فيقولون لنا أنّ هذا لا يكفي؛ طالما أنه سيستبدلُ بقانون للإرهاب أشدّ وأدهى. نتكرّم على الأجانب الأكراد بالجنسية، فيقولون لنا أنها ليست مكرمة، بل هي حقّ لهم؛ طالما أنّ الجنسية السورية سُحبت منهم قبل حوالي خمسين عاماً. هذا، عدا مكرماتنا في كلّ يوم خميس، تحسباً لليوم التالي، الجمعة، الذي يخرجون فيه من المساجد لكي يتظاهروا ضدنا ويطالبوا بإسقاط نظامنا. واختيار يوم الجمعة، والمساجد بالتالي، هو أكبر دليل على الفتنة ومحاولة النيل من وحدتنا الوطنية. فلماذا لا يخرجون بتظاهراتهم في يوم الأحد، مثلاً؟ ولماذا من المساجد وليس من الكنائس؟ مثلاً يعني.
أيها الرفاق.. لم يكن بدّ من التعامل مع المشكلة، أمنياً؛ مثلما نتعامل هكذا مع مشكلات البلاد جميعاً. وبما أنني بدأتُ خطابي هذا، التوجيهي، بشرح تنظيمنا الوزاري القائم على الأشباح الأمنية؛ فها أنا أواصل ذلك بمقارنته مع تنظيم القوى الأمنية نفسها والقائم على وجود أحد الشبيحة خلف كلّ رجل أمن. ولكن، قبل كلّ شيء، أجدني مضطراً لأن أقصّ عليكم حكاية هؤلاء الشبيحة، الذين صاروا اليوم حديث الساعة داخل وخارج سورية.
بعد وفاة والدنا، الأب القائد، وتولينا السلطة بسلاسة وشفافيّة، حضر أولاد عمّي إليّ في القصر. وأنا، بطبيعة الحال، لا أعني أولاد ذلك العمّ المارق، الذي نفي إلى الخارج بأمر من والدنا وقام هناك بقيادة حركة معارضة انطلاقا من فنادق الخمسة نجوم التي يمتلكها في اسبانية وفرنسة وتونس.
قلنا أنّ أولاد عمّي، الآخر، قد جلسوا بمواجهتي وأنّ كبيرهم، الشبيه بالدبّ المطاربي هو من توجّه إليّ بالحديث نيابة عنهم: " سيّدي الرئيس، نحن أولاد عمك ومن عظم الرقبة.. ". فما أن قال ذلك، حتى تحسستُ رقبتي فوجدتها أطول من اللازم. المهم، واصل الدبّ كلامه: " منذ حلّ جمعية " المرتضى "، كما تعلمون، أصبح والدنا في الظلّ. طلبوا منه أن يهتمّ بفلاحة أراضيه الواسعة في القرداحة ونواحيها، وألا يتدخل من بعد في السياسة. من جهة أخرى، صار أولاد خالك، وخصوصاً رامي، يحتكرون كلّ ما له علاقة بالاستثمارات الأجنبية أو الوطنية.. ". عند ذلك، قاطعته بقوّة قائلاً: " معلوم، لأنهم وطنيون أباً عن جدّ "
" ونحن أيضاً، أولاد عمكم، ألسنا وطنيين أباً عن جدّ؟ "، تساءلَ الدبّ بحزن. هززتُ رأسي مؤكداً كلامه، ثمّ سألته بدوري: " وما المطلوب مني؟ ". فقال لي بحيوية: " نطلبُ أن يكون نصيبنا مثل الآخرين. أي أن تطلقوا يدنا بحريّة في النهب والسلب والتشليح والابتزاز". فقلت له: " وهو كذلك، سأطلق يدكم بحريّة؛ لأننا نؤمن بالحرية والوحدة والاشتراكية ". ظهر الطمع والجشع في عينيّ أبن العمّ، فاستطردتُ قائلاً: " ولكنني، من جهة أخرى، بحاجة لتعاونكم معنا. أنتم تعلمون، ربما، أنّ العالم يتغيّر بعد انتهاء الحرب الباردة، فأخذ جوّ الكرة الأرضية بالسخونة تدريجياً حتى أن كتلة الجليد في القطب المتجمّد بدأت بالانحلال. نعم، صار بعضهم في سورية ينادي بالحرية والديمقراطية ويطالب بتأسيس منظمات مجتمع مدني الخ. وأريدكم أنتم زعماء الشبيحة بالذات، عندما تحلّ اللحظة الحاسمة، أن تقبروا أدعياءَ الحرية قبرا حتى إذا لزم ذلك أن تبيدوهم عن بكرة أبيهمً. مفهوم؟ "
" سيّدي، كيف تريدنا أن نبيدهم عن بكرة أبيهم؛ وأنتَ الأبّ القائد؟؟ "، سألني الدبّ بحيرة. تطلعتُ إلى هذا الغبي، فتأملته ملياً ثم أنفجرت ضاحكاً.. هاهاها
أيها الرفاق.. هذه هي عصابة الشبيحة، التي تروّع المواطنين بحسب تقارير الإعلام العربي والغربي، المُضلل، المُعتمد على روايات شهود العيان. وبحسب إعلامنا، ذي المهنية العالية، فإنها عصابة غامضة، خارجية التمويل والتسليح. بطبيعة الحال، فأنا أعرفُ أنه لدينا أصدقاء في الغرب؛ بل وحتى في أمريكا نفسها. فمثلاً، يوم أمس قرأتُ في الشريط الإخباري بالفضائية السورية هذا الخبر: " خبير أمريكي: أعضاء في مجلس الكونغرس يطالبون الرئيس اوباما بالتنحي، بعدما علموا أن نائباً في مجلس الشعب السوري يعتقدُ أنّ الرئيس الأسد جديرٌ بقيادة العالم ". خبر رائع، أليس كذلك؟ قمتُ عندئذ إلى الهاتف، واتصلتُ مع مستشارتي البيطرية.. أقصد، العبقرية: " أريدكم أن توجّهوا، فوراً، دعوة لهذا الخبير الأمريكي لزيارة سورية للقاء سيادتي شخصياً؛ لكي يتأكدَ من مؤهلاتي بخصوص قيادة العالم ". ألا تقول أن مستشارتنا تجيبني بعد ساعة، قائلة بارتباك: " سيّدي، لا يوجد خبير ولا شروى نقير. إنّ الخبرَ فبركة من فبركات إعلامنا السوري، المعتادة ". ولكنني، للحقيقة، لم أغضب. بل وشعرت بفرح عارم. أجل، إنّ حكاية الخبير الأمريكي مثلها في ذلك مثل حكاية مهرب السلاح اللبناني أو العراقي. إنها لعبة، وحسب. لعبة، نتسلى بفكها وتركيبها. هاهاها



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواد طالع لأبوه
- طير وفرقع يا بشار
- أنا والرئيس في باريس
- أسكي شام: استهلالٌ، أو اكتشافُ الأسلاف
- أعمالي غير الكاملة في موقع متكامل
- خاتمَة السيرَة: الشام القديمَة
- الأمكنة الكمائنُ 14: المَبغى المُقدّس
- الأمكنة الكمائنُ 13: الجدرانُ الأخرى
- الأمكنة الكمائنُ 12: السّفح المُتسكع
- الأمكنة الكمائنُ 11: المَخطر المَشبوه
- الأمكنة الكمائنُ 10: الجوار المُتأجّج
- الأمكنة الكمائنُ 9: المَحفل المُزدوَج
- الأمكنة الكمائنُ 8: أسطحُ الأصحاب
- الأمكنة الكمائنُ 7: خرائبُ الرّغبة
- الأمكنة الكمائنُ 6: أوابدُ الوَجاهة
- الأمكنة الكمائنُ 5: بيتُ بَديع
- الأمكنة الكمائنُ 4: مَأوى آموجنيْ
- الأمكنة الكمائنُ 3: كهف الفتوّة
- الأمكنة الكمائنُ 2: حجرة الحَديقة
- الأمكنة الكمائنُ: جنينة جَميل


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - دلور ميقري - سيادته يأمر الشبيحة بتطبيق الإصلاح