أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - فطرني جبنه وزيتونه وعشيني بطاطه















المزيد.....

فطرني جبنه وزيتونه وعشيني بطاطه


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3305 - 2011 / 3 / 14 - 22:24
المحور: كتابات ساخرة
    


صحوت اليوم من نومي على صوت الشحرورة صباح وهي تغني(على البساطه البساطه يا عيني ع البساطه..قديش مستحليه أعيش جنبك يابو الدراويش..اتفطرني جبنه وزيتونه وتعشيني بطاطه) ولستُ أدري كيف صحوت من نومي وكيف نهضتُ من سريري وأنا أردد أنغام وكلمات هذه الأغنية حتى أن أولادي ذهبوا إلى المدرسة وهم يغلقون خلفهم باب الدار قائلين: ياي بطاطه , جيبلنا اليوم (بطاطه بطاطه) فابتسمت قائلا بصوت مسموع: سبحان ألله هذول الأولاد مثل أبوهم كلهم تواضع وأدب وأخلاق, فعلا ونعم التربية التي كلها تواضع , يعني حتى البطاطه يحلمون بها وقابلينها أي مليح انهم قابلين يوكلوا البطاطه ..وسرحتُ في أفكاري حين أغمضت عيناي متكئا على المغسلة العامودية والمرآة أمام وجهي وأنا أتصور بحياة البساطة وبمجتمع البساطة الذي يأكل كل يوم جبنه وزيتونه وبطاطه, وقلت لأمي ولزوجتي: أريد أن أذهب إلى صاحب البقالة في حارتنا لأشتري من عنده البطاطه ومن عند جاره لشراء الجبنة, وخرجت من منزلي مسرعا وكأنني حصان امريكي وأنا أُغني على البساطه البساطه يا عيني ع البساطه ..أديش مستحليه اعيش جنبك يابو الدراويش ..فطرني جبنه وزيتونه وعشيني بطاطه, وأمامي في أعماق مخيلتي فريد شوقي وبين يديه الشحروره وتخيلت نفسي بأنني أنا فريد شوقي وبأن الشحرورة (نانا) ومعه أو معي عبد السلام النابلسي يغنون ويرقصون على أنغام(على البساطه البساطه يا عيني ع البساطه..قديش مستحليه أعيش جنبك يابو الدراويش فطرني جبنه وزيتونه وتعشيني بطاطه)

وحين أصبحت وجها لوجه مع صاحب البقالة قلت له وأنا أتمايل رقصا وطربا على أنغام الأغنيه:

-شو يا امعلم وين البطاطه؟

- البطاطه!!!

-هههه شو مالك مستغرب انسان مفكر عربي كبير مثلي يتنازل ويوكل بطاطه! يا رجل التواضع حلو ومطلوب ...شو غريبه أن آكل بطاطه!! صحيح أنا حيوان ,غفوا, أقصد انسان لاحم ولكني بنفس الوقت انسان نباتي وبسيط جدا في حياتي ..أحب أكل البقوليات والحبوب ..إلخ.

- التواضع!! يعني أنت متواضع يابو علي!! سولفلك سولافه ثانيه..شو بقوليات ومقوليات أنا مش فاضي اليوم لخفة دمك.

-شو أنت بتسمي تواضعي خفة دم!! بعدين بيني وبينك صدقني ما ظل بي خفة دم.

- لالا من ناحية خفة الدم كل الحاره تشهد بأنه دمك وظلك خفيفان.

-يا زلمه ما هو دمي مصوه الدركولات اللي في الصويفيه واللي في عمان الغربيه, أي أنا ظل بي خفة دم,بح خلص ما ظلش, وكمان عقلي لحسوه.

- أبو علي أرجوك تحكيش بالسياسه أنا زلمه بدي أربي أولادي ..بعدين أي تواضع يا رجل..يا بو علي اصحا ..أكيد إنك اليوم ماخذ حبوب هلوسه.

-هسع عن جد وين البطاطه؟ مش فاضي بدي اليوم آكل مأكولات متواضعه جدا, التواضع أمام الناس مطلوب أنا لا أحب بأن يشعر الناس بأنني متعالي عليهم, أنا أريد من كل أهل الحارة بأن يشعروا بأنني انسان عادي مثلي مثلهم آكل البطاطه والجبنه والزيتونه وأنام على الحسيرة لكي يشعر أولادي أيضا (علي وبرديس ولميس وبتول القادمة هذا الشهر) بأن أباهم جهاد العلاونه كاتب عربي كبير ومع ذلك متواضع ويأكل البطاطه والجبنه والزيتون, أم أنك تريدهم بأن يشعروا بأن أباهم شخصية متعالية على الناس؟ لالا أنا لا أحب بأن يأخذ أولادي عني هذه الصفات, وأنا أريد تربيتهم على الصدق والأمانة والحرية والديمقراطية والتواضع.

-هههههه أضحكتني يا أبو علي, والله فعلا انك مجنون, شو تواضع وبطاطه ,وكمان جبنه, أنت متأكد أنك بكامل قواك العقلية, انت بدك جبنه!!.

-آه جبنه..شو فيها, الجبنه مادة غذائية مناسبة للي في سن حضرتي وبعدين الجبنه أكله فلاحيه تربى عليها أبي وجدي محمود المرعي العلاونه طيب ألله ثراه الذي كان أكرم شخصية في لواء الطيبة ذلك الرجل مختار أقرباءه الذي كان يذبح لهم كل يوم اللحوم ومع ذلك كان متواضع جدا كان يأكل الجبنه والزيتونه والبطاطه والزيت والزعتر ..وصحيح أنا كاتب كبير ولكني متواضع وأعيش بحي شعبي وسكني وآكل مع الفقراء جبنه وزيتونه وبطاطه حتى أنني بعض الأحيان أجلس مع الناس بشكل عادي دون أن أشعر بأنني أفضل منهم لا سمح ألله .

طبعا رفعتُ رأسي للأعلى أو للسماء ومن ثم خفضته قليلا وابتسمت ونظرت في وجه صاحب محل البقالة لكي أشاهد ابتسامته ولكن الغريب في الموضوع أنه لم يكن معجبا هذه المرة بخفة دمي وبكلامي وضرب أخماس بأسداس والكف بأخوه, ومن ثم لاحظ أم عسجد تقترب منا أنا وهو , فقال لها بعد أن ألقت علينا تحية الصباح:

-شايفه ؟...أنت سامعه أبو علي؟ قال بسألني عن البطاطه.

-أأي مين يقدر يا أبو علي اليوم يوكل بطاطه ..أكيذ إنك املاقي لقيه أو نازله عليك رزقه من السما؟

فقلت:
-له له له يا أم عسجد شو رزقه من السما؟أنا صدقوني انسان بسيط عايش حياتي على البساطه , وكل ما هنالك إنه أنا أقول: بطاطه..يا عالم بطاطه ,بدي أرفع صوتي عاليا وأقول : بطااااااطه ,شو انتوا ما ابتفهموش عربي أنا أحكي عربي ولا أحكي سنسكريتي .. ليش ما ابتقدريش توكلي بطاطه صيري انسانه بسيطه ومتواضعه في حياتك مثلي أنا ..شو مريضه لا سمح ألله في معدتك؟ حتى وإن كنت مريضه فالبطاطه لا أعتقد بأن لها تأثير حمضي أو قاعدي على المعده وقبل شهر سمعت برنامجاً تلفزيونيا عنها وعن فوائدها وعن أخلاقها الجميلة وعن أنواعها وفوائدها المتعددة ومن بين تلك الفوائد أن حيتان عمان يبنون قصورا كبيرة في عمان جراء تصديرهم للبطاطه .
-شو يا زلمه حمضي وقاعدي؟ يقطع خفة دمك..يا زلمه ولا واحد من أهل الحاره بقدر اليوم يوكل بطاطه.

-شو ليش البطاطه صايره من الممنوعات..أي إذا الحشيشه صاروا يبيعوها للطلاب في المدارس الحكومية والبنجو الناس صاروا يشربوه مثل ما يشربوا الببسي أو الأسبرين.

-يا زلمه البطاطه نار..نار..نارنار.

-شو مين ولعها!!مين حرقها!! .

-الحكومه يا أبو علي.

طبعااللي اتهم الحكومه هو البقال أي صاحب الدكانه, فقلت له:

-شو خير انشاء ألله..ليش الحكومه ولعوا البطاطه؟هل البطاطه كمان تريد اسقاط النظام الأردني؟أو هل البطاطة تريد العودة لدستور 52؟.

-يا أبو علي شكلك اليوم شارب اشي أو ابتتخوث أو ابتتهبل أو انت هبيله.
-من ناحية هبيله؟... أنا هبيله..ولو لم أكن أهبل أو أجدب أو معتوه لما قبلت العيش في الأردن..أي والله قرود الرباح لا تقبل أن تعيش في مناخات الأردن السياسية والثقافية.

-يا أبو علي البطاطه طايره فوق فوق فوق.
-شو طايره.. يا جماعه البطاطه ليس لها أجنحة.

-يا زلمه سعر البطاطه صاير اليوم بالعالي, الكيلو ب75 قرش أردني والبكسه بأربعة دنانير.

ففتحت عيوني ورفعت حاجباي مستغربا وخبأت الدينار الوحيد الذي كان بيدي خشية أن يراه أحد ورجعت للوراء وأنا مندهش وقلت: ول كيف لعاد بدي أعيش مع حبيبة العمر(نانا) على البساطه البساطه أفطرها جبنه وزيتونه وأعشيها بطاطه؟..طيب شو صار سعر الحسيره؟ كمان الحسيره غاليه وطايره هي والأوضه الصغيره ؟.

فقالت جارتي أم عسجد: يا رجل الحسيرة صارت ابخمسين دينار , شو انت وين عايش؟ والأوضه بدها عشر سنين من الغربه حتى اتروح على دبي أو أمريكيا وتيجي تبنيلك غرفه وتشتري حسيره و بطاطه وجبنه وزيتونه...هذا الحكي اللي انت ابتحكيه كان زمان أيام ما كنا أنا وأمك عرايس من قبل اربعين أو خمسين سنه, بس هسع البطاطه نار نار نار.

-طيب كيف أنا اليوم من الصبح طربان على البساطه البساطه فطرني جبنه وزيتونه وعشيني بطاطه؟
-يا رجل اللي بقول هذا الكلام اليوم واحد معاه مصاري اكثير اكثير اكثير حتى يقدر يوكل بطاطه وجبنه, الجبنه كيلتها بأربعة دنانير!!!, شو مالك احنا ما ابنقدرش عليها.

- باطل ..شو ما اقدرلهاش والله اتخسا البطاطه واللي صدروا البطاطه للعراق وللبنان . شيء غريب..أنا كنت أعتقد بأنني متواضع ..طيب بدي أثبت اليوم لأولادي أنني إنسان متواضع وآكل مأكولات متواضعه شو بدي أطعميهم وصدقوني فتحت نفس علي وبرديس على وجبة البطاطه .. وشو بدي آكل قدامهم على شان أثبت لهم أنني متواضع.

-والله كل شيء غالي الثمن هذه الأيام ولازم انك اتدور على شيء رخيص.
-مثل شو.. الإنسان مثلا رخيص؟.

-والله ما فيش توكل غير (هوا ) وتخرس وتسكت.

- أكلت هو في زماني اكثير وأكلت زفت في زماني اكثير .
-معناته أكل (...را) وأسكت.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من فوق فوق فوق فوق
- انحرافي
- طعم الحرية
- تحرير العبيد2
- الرأسمال الإسلامي
- سياسة التشليح
- الجمعة القادمة
- يدك منذ اليوم
- الأردن وطن الأحرار
- المرأة دائما مريضة
- الرجل العربي الليبرالي
- وين مكاني؟
- رجل مهم
- أنت السبب
- أنا شغلة من ليس لديه شغلة
- فن الهلوسة
- أولاد عبد الله
- من أسقط النظام؟
- قطع الأعناق ولا قطع الأعضاء التناسلية
- في كل بيت بيت شارع شارع زنقه زنقه


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - فطرني جبنه وزيتونه وعشيني بطاطه