أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - هجرة الطيور-قصة قصيرة















المزيد.....



هجرة الطيور-قصة قصيرة


طالب عباس الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 3305 - 2011 / 3 / 14 - 11:32
المحور: الادب والفن
    


بمناسبة ذكرى الانتفاضة الشعبانية الباسلة سنة1991
هجـرة الطيـور
طالب عباس الظاهر
الإهــداء:
[إلى النور الذي أضاء قلب العالم برهة فاقتلع الجبال الرواسي وأنطق الحجر والحديد، وفجر بركان الغضب.وإلى كل قطرة دم طهور سقطت على ثرى التراب المقدس،حتماً ستصبح في يوم ٍما،سراجاً وهاجاً ينير الدرب...درب الله،وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون].
لمحته عند قلب المدينة المقدسة، وقد بدت معالمها كالأطلال وسط انتشار الغبار الكثيف،وفي ظل هيمنة أشباح الموت والحرب،وقد جثمت على الأنفاس حيناً كالكوابيس بدياجي ليل طويل قاس،وكادت تزهق روحها الأسيرة،وتغتال فيها نسغ حياة،ساءلت نفسي بحيرة،وطيور فرح ملونة كعصافير الحب، راحت تختلج وجلة في فؤادي:
- أحقاً إنه جهاد بن سيد جواد المؤذن صديق طفولتي ؟ أم انه شخص آخر يشبهه؟!
كانت الأشياء ولم تزل ترزح بتوجسها،عقب تلك الإستطالات العجيبة،وثقيل خطاها التي لا يمكن إخضاعها لقياسات الزمن العادي،حتى ليبدوا الأمر كما لو إن حقباً مرّت،وأجيالاً زحفت...زحفها البطيء المتثاقل، بُعيد برهة من حضوره في ذاكرتي المنهكة،واشتداد حنيني الموجع إليه،وبدا لي كأنه ينبثق من رحم الغياب فجأة،حال وصولي نهر المدينة في هجير تلك الظهيرة اللاهبة،ومواجهتي استغاثاته المريرة،الصارخة بصمت في ضميري بكل حرقة الألم كأنه يستنجد العابرين،أن يفكوا وثاقه،وترددت برهة، ثم عدت أهمس لنفسي مؤكداً:
- بلا ريب إنه هو بذاته...جهاد جواد.
بيد إني شعرت بسيطرة يقين راسخ على هواجسي،رغم إن شيئاً ما،فيه لست أدريه قد تغير تماماً، ورحت صارخاً:
- جهاد ...جهاد !
التفت إلي وهو يشهق فرحاً قائلاً:
- أمازلت حياً لحد الآن وقد ظننتك ميتا ؟!
عانقته بحرارة وشدني بقوة إليه،فملأ كياني أريج طيب ذكي كأنه عبق مسك،رجحت بأن النسمات ربما حملته إلينا من الشباك الخلفي لمقام السيدة زينب الحوراء (*)،القريب من وقوفنا عند نهاية سوق الزينبية...ثم أحسست بجسد جهاد كأنه ينتفض تحت وطأة انفعال عنيف،ولمحت عيناه غائرتان في محجريهما،وقد برزت عظامهما بشكل مخيف،كان العرق يتصبب منه بغزارة،شـدّ انتباهي بعنف غزو المشيب تماماً لشعر رأسه وذقنه الكث المحمل بالغبار الكثيف الذي كان يطوف فضاء المدينة،ويغطي معالمها،مؤججاً فتيله ما بين الفينة والأخرى،فيبدو كالأشجار أو اندلاع الحرائق،حركة الدبابات والمدرعات وتخاطف العجلات العسكرية (الإيفا) و(الجيب) المحملة بالجنود والأعتدة والمعدات،وهي تمرق بأقصى حالات السرعة،حذراً من تعرضها لنيران المجاهدين، وهم يشهرون بوجه نزر المارة بفوهات أسلحتهم المرعبة،كعيون جهنمية تنفث الموت،وتظل أصابعهم المرتجفة على قنطرة الزناد، تجذبتني يدي جهاد اللتين بدتا لي مضطربتي الحركة،وكأنهما جناحي طير جريح،بعد أن عرفتهما منطلقة الإشارات مع تدفق سيل ألفاظه الهادرة،ولشدّ ما آلمني ذلك،وخمنت في نفسي بأنه ربما يكون خارجاً تواً من جحيم أحد المعتقلات أو زنازين التعذيب،التي ازدحمت بآلاف المعتقلين من شباب المدينة ورجالها،ولم ينجو من الاعتقال حتى الصبيان والشيوخ.
لكني باللحظة التالية كدت أتراجع جازماً،بأنه لا يمكن أن يكون صديقي هذا الذي يقف قبالتي...بل هو شخص آخر،ليس جهاد الذي أعرفه حق المعرفة،منذ كنا صغارا نبني القصور والجسور من رمل مرطوب في تلك الصباحات الشتوية الداكنة،ومذ كنا نتمرغ بالتراب الحار صيفاً ثم نقفز إلى النهر، لتباغت أجسادنا الغضة برودة المياه،ونحس بتلك الإرتعاشات اللذيذة تغمر أرواحنا بهجة مع نفر من صبية المحلة وشبابها،ونعاود الكرة مرة تلو أخرى دونما كلل أو ملل، وطوال فترة الظهيرة الحارقة الحرارة بعشقنا الفطري للمياه والنهر.
يا له من أمر غريب حقاً،صديقي جهاد جواد؟ربيب الطفولة وعبق الذكريات،زميل الدراسة ورفيق العمر و...و...يساورني مثل ذلك الشك فيه؟! بل رفيق تلك اللحظة النادرة حينما اصطحبنا والده المرحوم ذات يوم إلى أعلى المئذنة لمساعدته في بعض شؤونه،ورأينا معالم المدينة والأشياء صغيرة إلى الأسفل،وتعرفنا فرحين من هناك على بيتنا وبيوت أصحابنا في الزقاق،وكنا نصرخ ذاك بيت فلان أو فلان،وأسراب من الطيور البيض الداجنة،تحوم حول أماكنها بمدارات منتظمة،وتخفق بأجنحتها بغبطة، متوغلة في الفضاء الفسيح،ثم شاهدنا مآذن الجوامع تشمخ نحو عنان السماء،فوق تلك البيوتات القديمة الخاوية،كأيادي متضرعة،تبتهل بالدعاء بطهر السكون،تحيط بها غابات البساتين الكثيفة ورؤوس النخيل،وتسوّرها كالحزام الأخضر،ومن بعدها تبدأ الصحراء في مشهد للرمل لا حدود له.
أحسست لحظتها بأني أطير في الفضاء الفسيح بأجنحة سحرية،ويدنو مني السحاب،فيهتف قلبي صارخاً بفرح: يا للروعة...!
إلا إن لفتات صديقي جهاد المتكررة تجذبني بعنف من علياء الذكريات وصفاؤها،كأنه يتوجس خيفة من شيءٍ ما، يطارده أو يسترق السمع إليه،وسرعان ما يتسرب هاجس الخوف إلى داخلي،ثم تبدأ نوبات القلق وتشنجاته تنتابني،ويتعالى وجيب قلبي وتلهث أنفاسي،لكنه فجأة يرفع عينيه إلى قبة الذهب ومنائرها العالية،وإلى هياكل البنايات وبعض جدرانها الصامدة،رغم نخرها بثقوب الرصاص والشظايا تماماً،ثم إلى مواضع الرصد للجيش،المقامة فوق أسطح البيوت والعمارات،ويصفق براحتيه هامساً بألم:
- الطيور تهاجر!
رفعت رأسي نحو السماء،ولكن حينما ارتد طرفي خائباً،فوجئت بتفرسه في وجهي،كأنه يبحث عن شيءٍ مفقود،بيد إني لم أر سوى بعض الحمامات الرمادية (طيور الحضرة) العائدة من رحلة التشرد والخوف والجوع،من تلك التي كانت تقطن المدينة بأعدادها الهائلة قبل الأحداث،وعادة ما تتواجد بالقرب من الأضرحة المقدسة،منذ مئات من السنين خلت،وهي تحاول أن تجد مهرباً لنفسها من شواظ الشمس اللاهبة،فتندس بالظلال والأفياء ،مجاميع وفرادى في السقوف القديمة وزوايا البيوت الخربة المهجورة،ومعها بعض عصافير،وتنام هناك بهدوء،لكنها بغتة تطير مصفقة بأجنحتها بذعر،حينما يدوّي صوت انفجار هائل من ذلك الذي يطال مباني المدينة بين الحين والآخر،ويهز أركانها هزا،لكن جهاد أردف بحسرة ضاغطاً على الحروف بشدة:
- هذا اخطر ما يمكن أن يكون!
ركز نظره في عيني بحدة،حتى شعرت برعب يسري ما بين أوصالي من جديد،كشحنة كهربائية لامست جسدي وارتبكت،ولم أنبس بحرف قط،لكنه سرعان ما استدرك قائلاً بلين،مغتصباً ابتسامة مريرة،كأنه يحاول جاهداً طمأنتي بها:
- أتعرف يا تقي ماذا يعني ذلك على وجه الدقة؟
- ....................!
لم انتبه كثيراً لفحوى السؤال...بل شعرت بارتياح مفاجئ يغمرني،عندما مرّ اسمي على لسانه، وكدت أن لا أصدق ما سمعت،ثم لذت بالصمت حينما لمحت بأنه مستعد للاستمرار وهو يقول:
- يعني الواقعة الحقيقية ابتدأت من حيث انتهت بتصفية فواتير الضغينة المؤجلة!
هززت رأسي موافقاً،رغم عدم فهمي تحديداً لما كان يرمي إليه،متسائلاً مع نفسي بخوف وقلق وإشفاق شديد:إبتدأت ؟!
وقد امتلأت رعباً بما تعنيه البداية من جديد،ثم أردف بضيق وألم،وبدا كأنه يصرخ بيقين راسخ :
- المدينة تنزف عقلها ...أفهمت الآن!
رددت دون وعي كامل مني:
- تنزف عقلها؟!
ولم ترجعني من ذهولي، إلا حركة يداه وهما تحاولان حجب وجهه عن جنون وحشية هذا العالم، فيردد من بين نشيجه المتقطع،وإختضاض جسده العنيف وهو يجهش في البكاء قائلاً:
- آه...لو تدري صدر من سحقته سرفات الدبابات في تلك الظهيرة اللاهبة ؟!
ظل مطرق الرأس طويلاً دون أن يستطيع السيطرة على تدفق سيل الألم،الذي تفجرت حممه كالبركان،وأكاد اسمع تكسر عبراته،وهسيس الإحتدامات الحسية المضطربة بصدره،ثم تراءى لي وكأنه يبكي بدل الدموع دما،وتتخضب به لحيته،ويسيل من بين أصابعه نحو طهر التراب،ووجدتني بلمحة مخترقاً قسوة المسافات،أسير وحشية المشاهد المروعة لتلك المجزرة،التي حاولت جاهداً دفنها في ذاكرتي لكي أستمر،وتوهمت حيناً بأنني أنجح إلى حدٍ ما،وإنها تموت بالنسيان،لكنها هاهي تنفض عن هولها أتربة الإهمال،وتتوثب شرسة كأنها تحدث للتو...صدى صراخ من دفنوا أحياء في المقابر الجماعية،أنين من جرفوا بالشفلات لفتح بعض الطرقات،تنازع الكلاب السائبة على أحشاء الضحايا،بطون الحوامل المثقوبة بالحراب،إختصاب الباكرات وقتلهن،نهب وحرق المحلات والبيوت،الأكداس المكدسة من القتلى...صبية وأطفال،ورضع ملفعون بالأقمطة وبجانبهم رضاعاتهم،نساء وشيوخ افترشوا بأجسادهم أرض الشوارع والأزقة والأسواق والميادين،مطبوعة على وجوههم وأجسامهم،آثار الخطى الثقيلة لأحذية الجند،وهم يقتحمون المفاصل والثغور، ليحاصروا معاقل الثوار،تحت تغطية جوية من قبل الطائرات المقاتلة (السمتية) بعد أن دكت أرضاً وجواً بوابل القصف الثقيل دكا،والشباب صلّبوا على أعمدة المدينة وجدرانها، مقطعو الرؤوس في كرنفال الموت الرهيب،وفي برك لن تجف أبداً، كنهيرات دم متجذر بعمق تاريخ المدينة،مختصرة عنفوان كل الدماء الزاكية،وهي تعبد طريق الحرية.
فجأة سمعت جهاد يهمس إليّ، ليعيدني من بشاعة ذلك الخيال،وينتشلني من مرارة الذكريات قائلاً:
- إنها الكارثة يا أخي التي ما بعدها كارثة!
قلت:
- أجل...والله وان الكلمة لتقف ذاهلة في حضرتها، بل واللغة برمتها.
قال:
- وا أسفاه، النذالة تكرم في هذا الوطن الذبيح،فتطرد الطيور وتشرد،والأعشاش تهدم،وما علينا إلا أن نصمت...بل وأن نهزج ونصفق إيغالاً منهم بالتشفي بنا والشماتة منا !
همست:
- نعم ...وما بيدنا أن نفعل؟! فنظرة استنكار كافية ليكون عقابها الإعدام،ولا من يرى وليس هنالك من يسمع! .
أشاح بوجهه بعيداً،رافعاً عينيه للأعلى نحو قمة المئذنة،حيث عش اللقالق الذي تركته عائدة إلى موطنها الأصلي قبل الأوان،خالية الوفاض،هرباً من احتدام لضى النيران،وسعير المواجهات، تاركة فيه بيضها،وربما أفراخها الصغار،لتطالها بدنسها أيادي الجنود وعبثهم،بعد أن اتخذت قيادتهم العسكرية العامة من الصحن الحسيني الشريف مقراً لإدارة العمليات،والقضاء المبرم على آخر جيوب المقاومة الشرسة.
حينئذ لمحت جهاد وكأنه سيتركني ويهيم على وجهه،وبدا الحزن سيل هادر يطفو في عينيه،ثم تطارد نظراته خفقات أجنحة الطيور،وهو يحاول جاهداً تهدئة بركان انفعالاته وترويضها،بعد أن أوشكت قبل حين أن تؤدي بنا إلى مخاطر لا طاقة لنا على تحملها عبر انتشار قوات الأمن الخاص والاستخبارات وأفواج الجيش من الحرس الجمهوري وسراياه في أرجاء المدينة القديمة،واستنفارها لعشرات العيون المتربصة،لمراقبة أدق التحركات والسكنات والنوايا!،لذلك قلت لائماً جهاد بشدّة:
- لم تحرق بدمك هكذا،وترهق أعصابك المتعبة فلا تخسر سوى نفسك؟
وسمعته إذّاك يتمتم مع نفسه: (وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) وينفخ بالاتجاهات الأربعة،كأنه ينشر تعويذته في الهواء،ويكررها مرة تلو أخرى،ويودعها في رحم الأثير،وبفترات متباعدة،بيد إني وبعد صمت ثقيل أضفت بالقول:
- ها قد علمتنا استمرارية المحنة؛أن نساير التيار،ونتماشى معه إلى حين.
فجأة رفع عينيه إليّ،وتساءل بسخرية مريرة بفحيح من لهيب:
- ونزيف الدم المتدفق من قلب الحياة !
وبانفعال عاد معاتباً:
- أحقاً لا تبصر طوفان زيف هذا العالم الذي يكاد يلتهم كل شيء...كل شيء !
تساءلت :
- أي طوفان هذا؟أرجوك دعنا من ...................!!
همس بذهول مقاطعاً إياي بغضب شديد:
- دعنا... دعنا...دعنا ؟!
قلت بإصرار:
- نعم دعنا يا أخي،ما خسرناه الشيء الكثير ولن يعوض،وكفانا ما خسرنا والنتيجة؟!
قال:
- صبراً يا أخي صبرا فهي لم يأزف أوانها،وهو بلا ريب آت...آت، ولكن ما عهدتك قبل الآن عجولاً،والعجلة من الشيطان.
رددت بنبرة متهكمة :
- صبرا...صبرا،ومن الصبر إلى القبر،لم نشتري الألم دون جدوى ؟!
- إذن فأنت شاك، وفي نفسك ريبة ؟
أجبت بسرعة :
- لا ولكن بم تسـمّي هذه المأساة التي نحياها؟!
عاجلني وأسنانه تكاد تجرح الكلمات،وهو يضغطها بقوة،فتتناثر الحروف من بين شفتيه كالأشلاء الممزقة،وهي تقطر دماً رعافاً :
- إن كنت في القلب حقاً؛فلابد لك أن تتألم ... بل وتنزف أيضاً،ما هو أغلى من الدم!.
بيد إني ما عدت أريد حتى أن أفهم، قال:
- إذا كانت جذورك ضاربة بعمقها في ظلمات هذه الأرض،وارتباطك لم يقتلع،كما الآلاف من طين هذه التربة الطاهرة المطهرة،بفعل هبوب أعاصير المحن،أو كنت ابناً باراً وانتماؤك الروحي إليها حقيقي، بما تعنيه من الروحانيات مقدساتها،فإنك لا شك تحيى معها تقلبات جميع الفصول،ويجرحك بحبة قلبك،بكاء الخير والجمال بجرف بساتينها الغناء،والعمد على قتلها عطشاً،والدين بتفجير جوامعها الكثيرة وحسينياتها،وتهديم مشاهدها المقدسة،وتأخذك العزة لركوع الشموخ في نخيلها(عماتنا)، وتؤلمك آلاف...بل ملايين الشظايا والرصاص،المنغرز بصدرها حقداً،وبغضاً لحسينها،ويؤرقك صراخ بكارتها،ويسيل الدم من جراح روحك،وتظل تنزف وتتألم، وتتألم وتنزف،حتى يؤخذ بثأرها،ربما فقط حينذاك تشفى،أو لا تشفى!.
قلت مهوناً:
- هي فصول للمأساة لا تصدق،هذا حق،لكن الأجدى أن ننساها،ونبدأ من جديد،والحياة متجددة ويجب أن نستمر،وانظر الناس حولنا بدأت تطويها سريعاً،وتلحدها بقبر النسيان،وذاك عين الصواب، شهق بألم:
- الناس .........صواب ؟!
فانحنى نحو الأرض بسرعة،ملتقطاً من بين التراب إحدى الشظايا الكبيرة،ورمى بها بقوة نحو السماء، وبرقت تحت وهج الظهيرة اللاهبة كومضة دم،فدوى صوت انفجار هائل هزّ أركان المدينة بعنف، وطارت من جديد فرادى الحمام الرمادي والعصافير،وهي تصفق بأجنحتها برعب،قال والغضب يزأر عبر صوته وإني لأتذكر جيداً ذلك الذي لا يشبه أي كلام سمعته:
- حقاً وذاك ما تراه عين التراب أبداً،لكن لا ولن يتجرأ ليقربها النسيان،لأنها أعظم من النسيان،وهي جزء من ارث مخضب بالدماء،أما أنا فالواقعة ستظل تتجدد بدمي عبر كل يوم وساعة وكل دقيقة وثانية و...و... ووا أسفاه إن مثلك كثيرين،بل ويزداد عددهم يوماً بعد آخر،ثم أردف صارخاً:
- لهذا استفردوا بها واغتصبوها الأنذال!.
لكني وبعد صمت ثقيل لم أجرؤ على كسره،قلت:
- لم تشعر هكذا؟!
- سوف لن يهدأ لي بال قبل أن يؤخذ بحقها من هؤلاء الأوغاد،أو أرحل صوب البعيد كي لا أراهم يدنسون تبرها الطاهر بنجاساتهم،وألمحها ترفل بثوب ذلها، وتغور الجراح بروحي أكثر فأكثر،ويطفح قيح قلبي لمسالك أنفاسي واختنق،لأني وحيد،وغربتي تجعلني أفكر بالابتعاد عن وجه العالم؛لأدخل صميمه.
قلت بإنفعال...بل كنت بالحقيقة اهمس بألم :
- الكل دفع الثمن باهضاً شاء بذلك أم أبى،وأنت تدرك ذلك جيداً.
صرخ بي بقوة كأني السبب بكل جراحاته:
- أبسط ثمن هي الروح...وروحي دون حبيبتي المقدسة...حبيبتنا!.
وأضاف منكسراً كأنه بدأ يحدث نفسه،أو يروم إقناعها:
- أجل،لقد فعلوا فعلتهم الشنعاء، بمرأى ومسمع منا جميعاً،أمامنا،بل داخل حدقات عيوننا،لكي لا يكون عذر لأحدٍ منا بإطلاق تمنيه بـ(يا ليتنا كنا معك) بعد الآن.
ثم أضاف بحزن وسخرية،وخيل إليّ كأن الدموع تتساقط إلى داخله بغتة،كزخة مطر أو رشقة دم هامساً:
- وحسنا فعلتم،فأضعف الإيمان صار الهرب كما يبدو...رباه الكل يتهرب؟!
وبعد زمن استطال كدهر انتابني شعور غريب،وكأن حضوري بدأ يثير فيه ما يشبه الاشمئزاز،همس محوقلاً،ثم سمعته وهو يحدث نفسه،أو شخصاً لا أراه مردداً:
- إنها الردة الجديدة إذن،ويا لها من ردة، بل يا له من امتحان!.
ثم أردف مضيفاً بأسف ممتزج بحرقة:
- لم يبق سوى الجبناء والمنافقون والضالون فهم أيضاً يهجرون بلد فطرتهم إلى حيث تتلقفهم مهاوي الشياطين،ومضاجع الزيف والخيانة،وحانات الخيبة،وإنه كذلك الإيمان يهاجر،والخير يهاجر،والشجاعة تهاجر،والصدق يهاجر، و...و...والكل يهاجر!.
ثم صرخ بجنون مولياً ظهره لي ومندفعاً كالإعصار يطوي الطريق وهو يسعل،كأنه سيبصق أحشاؤه:
- نحن جبناء،أجل جبناء...أيا غضب السماء !!.
فضرب المدينة صوت انفجار هائل كالزلزال؛ربما كان أعنف من كل التفجيرات السابقة،فاهتزت الأرض بعنف،وكادت تسقط الجدران الخاوية على الأثر.
فلم نلتقي بعد ذلك اللقاء كأصدقاء،الحق فإنه تنكر لمعرفتي،ولأشياء كثيرة ومهمة في حياته،إذ لفته موجة صمت رهيب،لم أره يكلم،أو يسمع من أحد بعدها أبداً،وقد صدّ محاولاتي التالية بإهماله ونفوره،ومن ثم جرفتني تيارات الحياة العاتية وتعقيداتها المتنامية نحو البعيد،وكنت أراه قرب النهر غالباً، أو أصادفه مصادفة الغرباء للغرباء في أحيان أخرى،مستذكراً حلاوة الأمس اللذيذ،ساعة كنا نهرب إلى النهر للسباحة عند اشتداد قيض الصيف ولهيبه،خاصة حينما يتزامن الحر مع الصيام لشهر رمضان المبارك،فنفاجأ بحشود الناس،أطفال وصبية وشباب وشيوخ،وهم يخوضون في الماء،ولم يبرز من أجسامهم سوى رؤوسهم،ونتخذ مكاناً قصياً من النهر بمعزل عنهم،نتجاذب فيه أطراف الحديث والأخبار،ويستطيل بنا الزمن دون أن نعي مروره السريع،متناسين آلام الجوع والعطش،حتى يحين موعد الإفطار،فنفترق كلٍ إلى بيته.
وكنت أرقبه ولأكثر من مرة شاهدته يسبح بذات المكان القديم،الذي كنا نسبح فيه فيما مضى من أيام خوالي،أو يتطهر من أدرانه الروحية،كما كان دائماً يحب أن يقول دائماً،أو يهمس ضاحكاً، ويبقى في الماء لفترات طويلة،ويغسل ملابسه فيه،ويلاحق بنظرات عينيه بحزن مفرط،أسراب الطيور المهاجرة، التي كانت تعبر سماء المدينة عند المساءات،أو يتابع في مرآب المدينة الموحد باهتمام شديد، سفر الحافلات ليلاً،والحركة المريبة للمسافرين،ويجوب متسكعاً الأزقة القديمة والطرقات والأسواق الشعبية،متعقباً أثر الدم المسفوك مكراً وغيلة بين جنبي المدينة المنكوبة،بمحاولة لجس نبض الأشياء، ليطمئن بأن لاشيء يذهب جفاء،وتماسيح الغدر تغتال فرائسها،وتتصيد صيدها الثمين تحت جنح الليالي المرعبة،دون أن تعكر الوجه الصافي لماء بركة الحياة،لكي لا تثير من حولها الشكوك،أو احتمالات فزع الطريدة وهروبها،فتصطادها بهدوء،وتنزل بها نحو الأعماق المجهولة حيث دهاليز اللاعودة،ووحشية الظلمات بليل يجثم سريعاً على الأنفاس مع غروب الشمس،لكنه لا يجود سوى بإغفاءات قلقة،حافلة بالكوابيس المرعبة،والناس سكارى وما هم بسكارى،ولا تمر ليلة دون المزيد من نزيف الضحايا الجدد في سجل الإستنزاف الرهيب،والقائمة تتوالد قوائم من المطلوبين،والأذناب النتنة يلهثون باقتراف الجرائم،ليعيدوا للسلطة بعض ثقتها بولائهم المهزوز،والكل ينتظر بتوجس وخوف وآذانه على الباب متى يطرقوه ويحين الدور عليه.
أما هو فقد اعتادوا رؤيته متنقلاً هنا وهناك بين أرجاء المدينة،وكان على مرّ الأيام،يزداد توغلاً بذاته باستمرار،ويبحر لمرافئ عشقه الأزلي،لكن ما كان يذهلهم فيشيع الذعر في صفوفهم ويقضّ مضاجعهم ،ويجعلهم يفقدون صوابهم متخبطين بحمأة هستيريتهم؛مقتل عناصرهم كل ليلة برصاص مجهول يتربص بهم،أو كمائن تترصد دورياتهم،وتوجه لهم الضربات الموجعة تلو الأخرى ويترنحون بفعلها،ويغرزون أظافرهم المتوحشة،المتعطشة أبداً لمزيد من الدماء في نحورهم،حينما لا يجدون أمامهم سوى الفراغ يهزأ بهم حتى غدا الليل موعداً مع الرعب لجنودهم.
لكنه فجأة اختفى نهائياً من حياتنا،لم يعد لوجوده أدنى أثر كحصاة استقرت عميقاً في قعر النهر،ثم تراءى لي ذات ليلة في المنام،يساق وهو مصفد بسلاسل الحديد من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه من قبل جمع من الجلاوزة بأحذية حمراء نظيفة،ووجوه كالحة مخيفة،يسبقه صوت قرقعة الحديد،بيد إنه بدا لي جميل الوجه كعهدي به،باسماً كطفل بريء،وبشره قد عاد إليه،وهم من حوله يتلفتون بذعر، وفهمت بأنه كان عائد تواً من رحلة اللقاء بجده لإعطائه العهد، قبل أن يقبضوا عليه ويقيدوه بتلك الأصفاد الثقيلة،وقد تشرف بالفعل بلقائه؛ومسح على رأسه وعينيه،وأهداه فرساً وسيفاً،فيومئ مستبشراً إلى سدرة وارفة،معلق بها سيف ويربض تحتها فرس،ومن قربها ينعطف نهر جميل كأنه من أنهار الجنة،يحفّ بالمكان خفق أجنحة الحمام،وأستيقظ فزعاً من تلك الرؤيا،بيد إني سرعان ما نسيتها، لكنه على حين غرة ظهر بعد تلك الغيبة،ولشدّ ما كانت دهشتي عظيمة،وبدا لي لحظتئذ كشيخ طاعن بالسن،وجسده مجرد هيكل عظمي، ويشيّد لنفسه كوخاً بسيطاً من سعف النخيل،وبعض أغصان الشجر عند إحدى منعطفات النهر البعيدة،وانقطع فيه للعبادة.
وكان صوته الملائكي يسمع كل يوم،تحمله أنسام الفجر اللطيفة،مرتلاً آيات من القرآن الكريم،وقد بدأت بوادر الحياة تدب من جديد ببطء شديد في أرجاء المدينة المقدسة،بعد توقفها الطويل أثناء الأحداث وبعدها،وراحت الطلائع الأولى من الفلاحين بالنزول مع الغبش،كما هو دأبها قبل الأحداث ببعض المحاصيل الزراعية لسوق الخضار،بعرباتهم الخاصة التي تجرها الحمير،أو العائدين منه وهم يستبشرون الخير بوجوده بين ظهرانيهم،إلا انه شوهد لآخر مرة بعد أربعين ليلة من ظهوره الأخير، يخرج من كوخه قبل شروق الشمس،وانقشاع الضباب،وهم يلتف بإزارين احدهما على كتفه والآخر حول بطنه إلى الركبتين،ثم يجلس عند النهر طويلا في وداعه الأخير،كأنه يصغي إليه،أو يستجيب لنداءاته الخفية،ووجهه يضيء وسط ذلك العالم الشفاف كقطر الندى،تغمره روعة الفجر،حيث الفطرة اللذيذة بطهرها،ونقائها،وعفافها،متداخلة مع تغريد البلابل،وزقزقة العصافير والطيور الملونة، وهديل الحمام والفواخت،وشتى الأصوات المنسابة مع جريان المياه،وحركتها الدافقة،خاصة صوت (أبو الخضّير) بنغماته المتلاشية،ويتراءى كالملاك بين خفق أجنحتها،وهي تهبط عليه مجموعات وفرادى، تلتقط الحبّ من بين يديه بألفة غريبة ثم تطير،وقد أكد أكثر فلاحي المنطقة والمناطق القريبة المجاورة، بأنهم لمحوه مباشرة بعد ذلك،وهو يعبر بساتينهم كالسديم،أو قبضة من ضباب الغبش،إلا انه سرعان ما يذوب مع إشراقة الشمس،وبزوغ أولى خيوطها الذهبية الدافئة،ممتزجاً بأنفاس الشجر،وانه حيثما يحل؛ يعم الخير الوفير،ويأتي مقدمه بالبشائر،ويشيع خبره بين الناس بسرعة مذهلة،وتحكى قصص بطولية عجيبة حوله في المقاومة،وحصد أرواح الجنود تحت جنح الليالي،ساعة يسلب الكرى إنتباهة العيون، وتتناقلها الألسنة بالسرّ بشكل غريب،حتى إن بعض الأطفال الصغار سمعت بذكره يتردد بينهم، وتسيل سيرته على شفاههم البريئة،بكثير من الفخر والتبجيل...بل وإنهم يحلفون بإسمه حينما يدبّ بين اثنين منهم خلاف بقول أحدهم للآخر: وحق سيد جهاد ليقتنع ويكفّ مطمئناً.
أما صدى تلك الكلمات التي سمعتها منه في ذات ظهيرة بعيدة،فمازلت ترجعها كهوف ذاكرتي حية، دافقة،وبطنين عجيب وهو يقول:
" إذا كانت جذورك ضاربة بعمقها في ظلمات هذه الأرض،وارتباطك لم يقتلع،كما الآلاف من طين هذه التربة الطاهرة المطهرة،بفعل هبوب أعاصير المحن،أو كنت ابناً باراً وانتماؤك الروحي إليها حقيقي، بما تعنيه من الروحانيات مقدساتها،فإنك لا شك تحيى معها تقلبات جميع الفصول،ويجرحك بحبة قلبك،بكاء الخير والجمال بجرف بساتينها الغناء،والعمد على قتلها عطشاً،والدين بتفجير جوامعها الكثيرة وحسينياتها،وتهديم مشاهدها المقدسة،وتأخذك العزة لركوع الشموخ في نخيلها(عماتنا)، وتؤلمك آلاف...بل ملايين الشظايا والرصاص،المنغرز بصدرها حقداً،وبغضاً لحسينها،ويؤرقك صراخ بكارتها،ويسيل الدم من جراح روحك،وتظل تنزف وتتألم، وتتألم وتنزف،حتى يؤخذ بثأرها،ربما فقط حينذاك تشفى،أو لا تشفى!".
و"حقاً وذاك ما تراه عين التراب أبداً،لكن لا ولن يتجرأ ليقربها النسيان،لأنها أعظم من النسيان،وهي جزء من ارث مخضب بالدماء،أما أنا فالواقعة ستظل تتجدد بدمي عبر كل يوم وساعة وكل دقيقة وثانية و...و... ووا أسفاه إن مثلك كثيرين،بل ويزداد عددهم يوماً بعد آخر".
و"سوف لن يهدأ لي بال قبل أن يؤخذ بحقها من هؤلاء الأوغاد،أو أرحل صوب البعيد كي لا أراهم يدنسون تبرها الطاهر بنجاساتهم،وألمحها ترفل بثوب ذلها، وتغور الجراح بروحي أكثر فأكثر،ويطفح قيح قلبي لمسالك أنفاسي واختنق،لأني وحيد،وغربتي تجعلني أفكر بالابتعاد عن وجه العالم؛لأدخل صميمه".
والآن أينعت في مكان الكوخ،سدرة عظيمة أو هي كانت موجودة أصلاً في البستان القريب،تظهر على جذعها آثار أكف،أو بعض أصابع الحناء،وتحتها وضع كوز ماء سبيل للعابرين،وتمتد في ظلالها الوارفة فسحة من الأرض تنتهي مع حدود النهر الصغير،ونقل بأن طائراً غريباً كان يقصد السدرة تلك عند غسق بعض المساءات الحزينة،يطلق الأصوات الشجية،فتجتمع من حوله الطيور،ثم تضج أصوات الزقزقة،وذهب بعضهم إلى إن صوتاً كالأنين يسمع أحياناً أسفلها خاصة لمن يبيت عندها،حينما تسكن الأصوات وتسبت الأشياء،ويعم السكون وإن فارساً مهيب الحضور،يأتي على فرس يوشحه البياض،يقف هنيهة تحتها،ثم يمضي في بعض الليالي المقمرة،ينثر الزهر في خطاه،وتعبق بالفضاء رائحة ذكية،ثم تشيعه الفراشات وتهوي عليه لتقبله أوراق الشجر وأغصانها،حينما يمرق برشاقة السهم الخاطف من تحتها في توغله بغابة البساتين الكثيفة،واختفاؤه بين تشابك الأحراش،ومن ثم شوهد بعض الزائرين أخيراً وهم يصلون تحتها،أو يستريحـون،تحف بالمكان أسراب الطيور الرمادية،وتخفق من حولهم فينذرون لها النذور.
***
هامش:
(*) هو المكان الواقع عند حافة التل المشرف على ساحة المعركة والذي وقفت عنده عقيلة الطالبيين السيدة زينب الكبرى بنت الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام ترقب الأحداث في واقعة ألطف الخالدة عام 61 للهجرة.
taleb1900 t @yahoo.com



#طالب_عباس_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة إلى العالم الآخر- قصة قصيرة
- رمياً بالزواج - قصة قصيرة
- الزهايمر - قصة قصيرة
- الإنتقام الصامت
- قصة قصيرة جداً الموناليزا طالب عباس الظاهر نظر إليها، كان ال ...
- رؤيا
- باراسيكلوجي


المزيد.....




- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عباس الظاهر - هجرة الطيور-قصة قصيرة