مذبحة الساحة الحمراء في البحرين والإعلام العربي

وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3282 - 2011 / 2 / 19 - 11:33
المحور: الصحافة والاعلام
    

اقتحم الجيش البحريني ، جيش آل خليفة وجهازه البوليسي القمعي ، دوار " اللؤلؤة " الذي لم يحض " للاسف الشديد " بالتغطية المشرفة طيلة الايام الماضية كالتي غطت بها القنوات العربية ميدان التحرير..
الجيش البحريني اقتحم هذا الميدان ليرتكب مذبحة بالعزل النيام فجراً ، فلم يهتز الوجدان العربي الذي اهتز لما حدث للاخوة الشباب في ميدان التحرير في القاهرة ، لم تحبس الانفاس وتبلغ القلوب الحناجر في متابعة ما يجري ولم تتحرك النخوة العربية التي عودنا على إثارتها الإعلام العربي " الحر " خلال الايام الماضية ..
كان الخبرُ عادياً عابراً وكأن المجزرة حدثت في سريلانكا ..

كلنا ايد الثورة المصرية ، واغلبنا لم ينم طيلة ليلة الاربعاء الدامي بقلبٍ وجل لما كنا نتوقعه سيحدث للثائرين الابطال المحاصرين في ميدان التحرير الذين خطط نظام مبارك ان يرتكب بهم مذبحة كمذبحة الساحة الحمراء في بكين بعد أن قدمت حكومته تطمينات .. وخرجت في اليوم الثاني للمذبحة لتعتذر ..!
هاهي " اللؤلؤة الحمراء " ترتكب في قلب المنامة ، وبسيناريو مشابه بعد خطاب ملك البحرين العميل وكأن المسير لسياسة " البلطجة " والترهيب واحد ، اميركا في حالة نظام مبارك ، و " فرنسا " في حالة نظام آل خليفة المستبد ، فرنسا التي اشرفت على تدريب قوات الامن البحرينية على مكافحة التظاهرات منذ العام 2007 كما تذكر الصحف الاوربية ..

أما الولايات المتحدة ، فهي بلا شك تدير وتشرف على غرف العمليات من وراء الكواليس بخلاف خطابها اللين المعلن ، ففي نفس اليوم ذو الفجر الدموي المفجع سكت البيت الابيض عن جريمة النظام البحريني وطالب " القذافي " احترام مطالب شعبه .. !
ولم لا ، ففي البحرين هناك الاسطول الامريكي الخامـس ، وفي البحرين ايضاً القهر والكبت لاناس " عرب " و " مسلمين " كل ذنبهم إنهم محسوبون على " الشيعة " الذين يعتبر بعض العرب مذهبهم لقيطاً اسسته الشعوبية واميركا مطمئنة تماماً بان هؤلاء لن يهتم لامرهم " عربي " حتى لو ابيدوا عن بكرة ابيهم ..!
يبدو ان زمن العار العروبي لا يزالُ في الوجود لدى نخب الحرس القديم من إعلاميين لم يستلهموا العبرة من ثورة هذا الجيل التي طغت فوق كل ميلٍ وإتجاه ، لا يزال هؤلاء يمارسون اقبح عادات التمييز في التعاطي مع قضايا مصيرية كهذه ، لم يدركوا بعد أن امتنا ما استعبدت من قبل الغرب إلا بسبب مصيبة التمييز الطائفي والقومي هذه ..!

مع ذلك ، كلنا امل ان تستفيق القنوات " الثورية " من هذه الغيبوبة وتعود إلى رشدها " الثوري " الذي عهدناه في تغطية الثورتين التونسية والمصرية ، وإلا فهي تغامر بمصداقيتها مجدداً بعد نجاح بعضها الباهر في تغطية الثورة المصرية ..
فالامة ، كل الامة ، تثور من المحيط إلى الخليج ، وهي تثبت وحدتها رغم كل التمايزات والاختلافات التكوينية التي توفر لها قوة وليس ضعفاً كما شاهدنا في تلاحم الاقباط والمسلمين في الثورة المصرية ، وتلاحم المسيحيين والمسلمين في المقاومة اللبنانية للإحتلال ، نتمنى ان نشاهد التلاحم " المعجزة " بين السنة والشيعة في الخليج والعراق للتخلص من نير عبودية نظم " الدمى " التي سلطها الغرب على رقابنا منذ عقود .

الإعلام العربي لا يزال " لا يفهم " حقيقة ما يجري في المنطقة من تحول وولادة لإنسانٍ جديد ، لكنه حتماً سيفهم في النهاية ولو بشكلٍ متاخر ..
فما بعد " البو عزيزي " ولد إنسانٌ جديد في ثقافتنا ، إنسانٌ يتعالى فوق موروثه الطائفي والقومي الذي استُرق به من قبل المستعمرين البغاة ..
الإعلام العربي أمام اختبارٍ حقيقي سبق ومرت به النخب المصرية التي راهنت على بقاء النظام فكان ان سقطت في وحول الخزي اخيراً ، وهو ما حصل بالفعل مع الإعلام الرسمي المصري وقناة " العربية " التي فقدت مصداقيتها وباتت آمالها بالعودة إلى ثقة المتلقي العربي ضعيفة..
قضية الشعب البحريني تعيد للاسف تذكيرنا بما نسيناه من مرارة في انحيازية الإعلام العربي وحساسيته في التعاطي مع القضايا التي تمس " الشيعة " ، فتح فينا جروح انتفاضة الشيعة العراقيين في 1991 والتي عرفها العراقيون بالانتفاضة الشعبانية ، تلك التي كانت سبباً مباشراً لتوسيع الهوة السحيقة بين الفكر السياسي لشيعة العراق اليوم والقضايا القومية الكلية ..

ما يحصل من اشتعال للثورات العربية في كل مكان يؤشر على إن زمن الطائفية انتهى واجيال الامة الجديدة بصدد تاسيس ميثاق قومي جديد يتجاوز كل هذه الفوارق مهما كان شق الخلاف كبيراً ، ويؤسس لمفاهيم جديدة عن المواطنة وعلاقتها بالقومية ، عقد اجتماعي قطري ينظم مثل هذه العلاقة .
و على سبيل المثال لا الحصر ، نجحت الجزيرة " القطرية " وكذلك " الحرة " الامريكية في الإختبار المصري ولم تنجح قناة العربية " السعودية " ، لكن الجزيرة معرضة للفشل مجددا بعد الإختبار البحريني الذي اظهر حماساً منخفضاً نوعاً ما في تغطيتها لمجريات وتتابع الاحداث هناك ، والمنطقة الشرقية في السعودية معرضة مستقبلاً لنفس الزلزال .. ونتوقع ان تعتيامً كبيراً سيلف الاحداث هناك ..

كذلك العراقي " الشيعي " القادم في الأفق لا محال ، قد يعيد إلى اذهاننا " تكراراً " لانتفاضة 1991 التي كانت دوافعها الاساس الحال المعيشية المتردية كما هي اليوم ..
وبصورة عامة ، الإعلام العربي برمته ، والذي يتابعه الشيعة ، معرض للإختبار و نامل ان لا يحصل ما يجعلهم مضطرين لمتابعة فقط قنوات مثل " الحرة " الامريكية او " 24 " الفرنسية أو " البي بي سي " البريطانية .. ~

#وليد_مهدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات