أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - الجنسُ والتنوير : رؤية ٌماركسية -3-















المزيد.....

الجنسُ والتنوير : رؤية ٌماركسية -3-


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3237 - 2011 / 1 / 5 - 17:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


-1-

هناك ما قد يدعونــا إلى التجرد والنظــر للتاريخ كلــه ، التاريخُ بما هو ماضٍ وحاضرٍ ومستقبل ..
ربما هو شعورٌ غامضٌ فينـا يجعل العقل الإنسانــي ، المشاكس والجريء ، أن يبقى يحاول دوماً القفز فوق المسلمات والاجوبة الجاهزة ، وهو ما يجعل " التاريخ " ، كمبنى ً موضوعي ٌ من مبانيه وفق الاستخدام الاكاديمي المعاصـر ، يعبر عن هذه البنيــة الكليــة المجردة ..
هذا العقل ، في هيكلــه وبنيتــه المعرفيــة الجدليــة الهيجليــة ، بمــا هــو رؤيــة مجردة فوق تأريخية ( منهج الماركسية ) ، يرى الحقيقة بتحصيل اجتماعهــا وذروة تلاقي اشواطهــا ..
هـو يستقريء مستقبلهــا في ضوء ماضيهــا وحاضرهــا ، معتبراً نتيجة التطور النهائية للثقافة والعلم الإنسانيين بعامة ، وموضوعة " الجنس Sex " خاصــة هي الحقيقةُ الكليــة التي تكاد ان تعتبر مطلقة لولا " اخلاق " الفكــر التي ترفض مبدأ الحقيقة المطلقة بشكلٍ قاطع .
فرغم أن السيد ولسون " لا منتمي " إلى أي طيفٍ سياسي فكري كما يعرِّف نفسـه ، إذ يعتبر الرأسمالية تفاهـة ، والشيوعيــة عبثيـة ، إلا إن الرجل ناهــج " ماركسي " من حيث لا يدري في دراسة الظاهرة عبر مسارهـا في التأريخ و رؤيته العطشى للحقيقة وفق استقراءه لمستقبل الجنس في ضوء ماضيه كمـا فعل قبلــه الكثيرين ومنهــم برنارد شــو ..
دراسة مسار تطور " الجنس " كغريزة عليـا شبيهة بدراسة تطور الاقتصاد التاريخي للمجتمع البشري وفق المادية التاريخية ، وهكذا ، وبمنظار رؤيوي تجردي ، الماركسيـة منهـج معرفـة ..
بل هي احدث وقمة مناهج المعرفـة التي توصلت إليهـا فلسفـة العلم المعاصرة ، خصوصاً ما يتعلق بفيزياء ما بعد النسبية و الكوانتا ، دخلت هذه المنهجية " متخفية " حتى في مجال البيولوجيا التي يعتبـر العالم العربي – الأمريكي احمد زويل من منظـِّريهـا ، وهو ما بات يعرف بالبيولوجيا رباعيـة الأبعاد 4 Dimensions Biology ..
ربمـا هي حالـة التلاقح الاولى بين التاريخ وعلم الحياة الجزيئي ، فالمادة ، بأحدث مجاهـر وتلسكوبات العقل العلمي ، لا يمكن أن نفهمهـا دون مسار صيرورتها " التاريخي " ، البعد الرابع ، أو الزمــن Time ..
دعوى احمد زويل ( الحائز على نوبل ) هذه ، يرينا مسارها التاريخي بانها ستتمخضُ عن ثورة تنقل البشرية إلى عصر " حضاري " جديد يختلف كلياً عن واقع حضارتنا الإلكترونية الكهربائية النووية الكهرومغناطيسية الحالي ، نناقشهـا في كتابٍ قيد الإنجاز " العلمُ المجرد Absolute science " .
الحضارة القادمــة هي الحضارة التي تعتمد على تقنيـة تفهم الوجود باربعــة ابعاد ..
وعقلانيــة البشــر المقبلـــة هي عقلانيــة تفهـم الإنسان والحقيقة " تاريخياً " ، حضارة لا يمكنها الفرار من الماركسيــة إلى الابـــد ، الماركسية كاساس فلسفـة التاريخ رباعية الابعاد هذه ..
هي حضارة ستعيد توطين مفاهيم الجنس في حياتنا ، لتضعها في مكانهـا الصحيح " الموازي " لمسار تطور الإنسان الطبيعي وما يمثله في مسيرتنا على طول الخط الطيفي لتطورنا البيولوجي والحضاري ، وليس النطاق المحدود في راهن حضارتنا العصرية " النرجسية " فقط ، هذه التي تسعى بواجهتها الاصولية الصهيو مسيحية لتحاكم التاريخ ، كل التاريخ ، من زاوية رؤياها فقط.. كمـا يفعل " التنويريون الجدد " ..
فبعد ان يصبح العـِلمُ قادراً على الرؤية باربعة ابعاد في اغوار لم يصلها يقيناً بعد ، كالعقل والنفس والذاكرة ..ومن ذلك الجنس كميول نفسي وفق هذه الرؤية ( رباعية الابعاد ) ، اي مادية بثلاثة ابعاد وتاريخية ببعد الزمن ، لتعيد رسم الخريطة السلوكية والثقافية البشرية بصياغة جديدة لا محال ، يمكن للإنسان حينها أن يفهم معنى أن يكون إنساناً اكثــر مما نحنُ عليه بما لا يقبل المقارنــة .
ليست هذه بأماني ولا بتوقعات ، هي نتائج " حتمية " يفرضهـا التطور المعرفي والعقلي بمسار حضارتنا ، حضارة الإنسان , والتي سنتابعهـا في عموم مقالاتنا في الحوار المتمدن هذا العام .

-2-

مثلمـا أن المخاض وآلامه مقدمــة لولادة الفرد البشــري ، فإن احداثاً كونية عالميــة " يتمناها " دعاة هرمجدون الاصوليون الغربيون ، المذبحة التلمودية الكبرى ، الحرب العالمية الثالثة التي قد يتسببون بهـا واقعاً بعد كل الإضطرابات التي تجري في عالم اليوم ، حتى لو حصلت ، ستكون مقدمة لولادة " الإنسان " الجديد كوليدٍ كونته التجربتين التاريخيتين التي قدمنا لهما في المقالين السابقين :
الشرقيــة ُ التاريخية القديمة ومبدؤها " الكلي Holistic " ، والغربيــة الحديثة ومبدؤهـا الفردي او الشخصاني Personalistic ، مفهوم الإنسانية الجديد تناغم وتلاقح بين التجربتين ..
وتعقيباً على ما تصوره بعض الاخوة " التنويريين الجدد " من ان النموذج الصيني يمثل انتصاراً للراسمالية وكذلك الامم الشرقية الصاعدة الاخرى ، فإن قصر البصيرة وضيق الافق عن فهم حقيقة الثقافة الشرقية وفلسفتها التي قبلت النظام الراسمالي حتى حين كتحديث ٍ ثقافي علمي هـو الذي يجعل مثل هؤلاء يقعون في تخبطات التنظير لايديولوجيا او ثقافة راس المال التي ليس لهـا وجودٌ على الإطلاق كمـا وضح هذا ماركس في مناسبات عدة ، حيث ان ثقافة الاستحواذ والإستيلاء ، ديدن الراسمالية ، نزعة طبيعية جامحة منفلتة من عقال الثقافة الإنسانية ، ثقافتها هي اللاثقافة .. وليست هي ثقافة اصيلة يجب ان يكون عليها الإنسان كما يذكر هذا " كامل النجار " بسطحية معرفية ساذجة في : الدولة الإسلامية بين النظرية والتطبيق !
في حالة النموذج الصيني فقد تم التحديث " الراسمالي " بمقابلة بين ضدين او ملاقحة بين مفهومين متناقضين .. وليس هذا موضوع اليوم ..
ربما كان يفهمها هيجل على إنها صراع بين ضدين ، ينتجان شكلاً جديداً يختلف عنهما ، لكن الراحل كارل بوبــر كان يرى إنه " المبدأ البيولوجي الجنسي " ، تلاقح النطفة مع البيضة .. لإنتاج جنين جديد .. ، سيولدُ إذن وفي العقود المقبلة من القرن الحادي والعشرين مفهومٌ جديدٌ عن الإنسان وستنكســر نرجسية " سيادة " نموذج حضاري على آخــر للأبد برأيي الشخصي ، سيكون الاختلاف والتلاقح و " التناغــم " هو رائد الفلسفة والفكـر في هذا القرن ..


-3-

مــا هــو الســرُ الدفينُ في الجنــس Sex ليكون قانوناً اساسياً في صيرورة كل شيء في الطبيعة حسب فلسفة كارل بوبر وما ذكره من صحية الاختلاف قبل وفاته في كتابه الشهيـر ( اسطورة الإطار Myth of framework ) .. ؟
لا يكتفي هذا الجنس أن يكون سبباً لوجودنــا نحن الافراد و ما يمليه علينــا ، حتى سفينة التاريخ ، قانون التلاقح الاساس في الجنس " هــو " من يمسك بدفتهـا ..
حقيقة ً ، لا الوم الامم القديمة لو جعلت للخصوبة آلهــة كثيرة متعددة متنوعــة ..

كأن مسارات الزمن ، ورغم اختلاف الافكار واللغة ونمط الحضارة ، إنما تسير على مبادئ حيوية بمسار دائري ، ليعود الجنس اساساً لفلسفة المستقبل كما كان في مهد الحضارة الاول :
الإباحيــة المقدســة
بكل الاحوال ، حتى لو حدثت حرب عالمية ثالثــة يجرهــا استهتــار الاصوليات الغربية المهاجمة ، ضد الثقافات والحضارات الشرقية المدافعة ، ومنها الحضارة الإسلامية التي تتخذ ثقافتها لنفسها استراتيجية القطط المزوية التي ذكرناها واثارت نقد اخوتنا " التنويريين الجدد " سابقاً ، حتى لو حدث ذلك ، الجنـس Sex سيلعب دوره المعهود بعد كل كارثة كما تروي لنــا اساطير الطوفان السومرية البابلية ..
وحتى لو حدثت كارثة جديدة كما تروي اساطير الهنود الحمر في اميركا بان كارثة ما بعد الطوفان الناريــة التي ستملأ الأرض ، كالتي توقعها الناس خلال حقبة الحرب الباردة من ان يسود العالم شتاءٌ نووي وغيره ، نقول حتى لو حدث كالذي حصل في اليابان ..
ستعود الارضُ بعدها خضراء ممرعة ، زاهيـة بالإلوان مزينــة بوجود حضارة الإنسان ..
ايُ حافــزٍ هذا الذي يجعلنــا قادريـن على مواجهة اي نكبـة ٍ ومهمــا كانت خسائرهــا كأفرادٍ و كمجتمع ، ايُ سحرٍ هذا الذي يبعثُ عنقاء الحضارة من رمــاد الكارثــة ؟
لا اقصد التعميم مثل سيجموند فرويد بجعل الجنس محور الدافعية النفسية ، في مواضيع قادمة سندرسهـا ، سنكتشف بان الجنس هو طاقة التحفيز الشخصي ، تتيح هذه الطاقة للمرء الإرادة الماضية للتقدم في حياته على صعيد شخصي ، لكن في نفس الوقت ، هناك طاقة باطنية " جمعية " تغذي الفرد وتحرك الجماعــة ، وهي اساس كل ثورة في التــأريخ .. " الايديولوجيا " .. سنتحدث عنهــا بتفصيل في سلسلــة : نحنُ والدين ..
لهذا السبب ، لو عمدنـا إلى اسلوب الديالكتيك ( الجدل ) الهيجلي في تفسيـر الدافعيـة النفسية الإنسانيــة تكون المباني الاساس لهـا في اي واحدٍ منـــا :

• الجنس ... على صعيد ذاتــي شخصـي
• الايديولوجيا ... على صعيد موضوعي اجتماعي

وهنــا لابد أن نوضح ان " الدين " كايديولوجيا ، قواعد عامــة من المسلمات ، هو المقابل الاجتماعي للجنس لدى الفرد ، وبنظرة معرفية ( ابستمولوجية ) نفهم ان الجنس والايديولوجيا متلازمات إنسانيـة ، كانت في يوم ٍ من ايام التاريخ تشكلان بنية واحدة كلية معاً ..
وهذا ما عرف في بابل القديمة بالإباحية المقدســة ..
تعود لتتمظهــر اليوم في ثقافتنا متوارية في " رومانسية " مختلفة الدلالات والتشكلات ..
المشاعر التي يشعر بهــا فرد ٌ تجاه حبيبه ومعشوقه ، هي في حقيقتهـا هذا التكوين المزدوج :
ايديولوجيا الجنس التي نعتبرهـا مثاليـة " عذرية " تسمـو فوق الجنس المجرد نفســه ..
كذلك مــا تشعر بــه " اُمـــة ٌ " تجــاه رمزٍ مقدسٍ تُيمت في هواه ، كرمز تاريخي يتجلى في "يسوع" او " محمد " كرمــوز مركزية تأريخية لدى امــة كبرى حكمهــا الكتاب المقدس و القرآن عشرينَ قرنٍ من الزمــان ..
ما هو ايضاً إلا ايديولوجيا اعماقية في النفس البشرية ، تعبر عن نوع من العلاقة " التلاقحية " في الثقافة القديمة بين " آن " السماء و ما تمطره على " كي " الارض ..لتنبت من كل زوجٍ بهيج ..
حتى علاقة " الله " او " يهوه " مع " إسرائيل " كان مبناها اللاهوتي وفق هذه العلاقـة ، فاسرائيلُ اَمـَة ُ الرب ( عبدته ) واحيانـاً طليقته لانهـا خانته .. ، كذلك بابل إذ تذكرُ في التوراة ، زانية عصت الرب وشربت خمر زناهــا ..
هي صور رمزية ، مصدرها الحضارة السومرية ، غادرت ثقافتنا المعاصرة واصبحنا نحاكمها اليوم من زوايا قاصرة ضيقة ، نناقشهـا مفصلة بمقاربات انثروبولوجية خاصة ..
المشاعـر التي تنبثق من الوحدة الكلية الجامعة الاساس للجنس – ايديولوجيا ، إنما تعود لطبقة عميقة جداً من اللاشعور الإنساني موجودة في كل واحدٍ فينـا ، لكن ليس من السهولـة التواصل مع هذه الاعماق خصوصاً لدى اغلب المثقفين ..
فعندمــا نعود إلى حضارات الدين التاريخية الاولى المعروفة مثل " السومرية " نفهم لماذا كان الجنسُ والدين ِ متلازمين في الثقافــة الطقسيــة معــاً ..!
فالممارسة الجنسية في بلاد بابــل كانت تعتبــر ممارســة مقدســة لآلاف السنين ، شأنهــا شأن الصلاة في بلاد الإسلام اليوم ، بل إن بغايا المعبد ( المومسات ) كن مقدسات ، وهكذا .. كانت " الحوافز الباطنية " مجتمعة في فجر الحضارة الاول ، الحافز الفردي ممثلاً بالجنس والحافز الجمعي الممثل بالدين ( كايديولوجيا ) ..
الإنشطار بين الجنس والدين ليكونا مفهومين ثقافيين منفصلين إلى درجة التضاد في المسيحية ، إنما حدث لاحقاً في الثقافـة الإسرائيلية وبلغ ذروته القصوى إلى حد القطيعةِ القصوى في المسيحيــة .. وكما قلنـا في مقالاتٍ خلت ، وما اكدنـا عليه مطلع موضوع اليوم ايضاً ، العفة في المسيحية كانت " حقيقة " نسبية ، استجابة لمرحلة تاريخية ، وكذلك فجر الحضارة الاول ، البغاء المقدس كان إطاراً حضارياً يمثل " الحقيقة " لكن في زمانه ، وما دام التاريخُ المكتوب بــه يبتدء ، اي بداية كل إرثنا الثقافي الحالي في هذا الكوكب فهذا يرجح أن تلاقي الجنس والإيديولوجيا مجدداً في مسار تأريخنـا المستقبلي وارد ، وهناك مقدمات في حضارتنا المعاصرة لهذا كما سناتي على ذكرهـا في موضوع اليوم و الاخيــر الذي بعده ..

-4-

ذات يوم ، عندما كنتُ في العاشرة َ من عمري ، قرأتُ في احد الكتب العتيقة البالية بمكتبـة جدي في البصرة ، أن من أراد تكليم الله فليغتسل كذا غسل وليقرأ كذا قراءة حتى ياتيه ولد في تلك الليلة ..
جماع الرجل لإمرأته كأنه مقابلة ٌ لــه مع رب العالمين .. !
مستوى البلاغة التي كتبت فيها تلك العبارات التي وقعت يدي عليها بالصدفة بين روايات عصر الفرسان التي كنت ابحث عنهـا هو مستوىً عالٍ لم اهضمه في حينهـا ، تلك العبارات تركتهـا وراء ظهري في وقتهـا ، ولم ادرك مغزاها إلا قبل سنوات ٍ قليلة فقط ..
الجماع هو تكليمُ الله بدلالــة سيكولوجية – انثروبولوجية عميقة جداً ..!
فقد كان اهل العرفان و المتصوفة والكـُهان في بابل القديمة " يـُشفـرون Encoded " لاشعورياً هذا الترابط الجذري في رمزية المخيال الجمعي لشعوب المنطقة بين ذروة الفعل الجنسي و ذروة الرمزية في الدين ..
فلماذا يعود التجلي عند اهل العرفان ( الغنوص ) ..؟
وما علاقـة الانبياء بقدسية الزواج ( عـدا بولـص لظروف ذكرناها قبلاً ) .. ومنهم الرسول محمد؟؟
فإذا كان العرفان ، برؤية سايكو – انثروبولوجية هو انكشاف للباطن على الظاهـر ، الباطن الركامي التاريخي في منظومة العقل الاجتماعي على الظاهر الحسي لدى الفرد العادي كاهناً كان او نبياً ، فهذا يعني إن الكهانة والنبوة " رحلــة اعماقية " نحــو الماضي الكلي ..
رحلــة الظاهر الفردي في اغوار النموذج الكوني الكلي للتاريخ ، الوعي الجمعي حسب يونج ودوركايم ..
إلى هنـا نكونُ اشرفنـا الدخول في عمق الحديث عن الجنس كمفهوم ثقافي انثروبولوجي متلازم مع الدين ..!
سيكونُ الرسول محمد و " محصلة " سيرته كما وردتنـا في التاريخ هي النموذج الذي سندرسه في بحثٍ مطول في سلسلة " نحن ُ والدين : مقاربات سايكو – انثروبولوجية " واضعين اليد على التلازم " الروحي الاعماقي " بين الجنس والدين في اي إنسان ..
هذا التلازم الذي فسرته " المسيحانية " في العصور الوسطى إنطلاقاً من إطارهــا العام المباعد بين الجنس والدين إلى درجة ان يكونا ضدين .. !
كان من الطبيعي إذن ، وفق المخيال الجمعي المسيحاني هذا ، أن ينظر للرسول محمد على إنه شهواني لا يمكن أن يكونُ نبياً ، بل هــو النبـي الكذّاب Antichrist الذي وعد بفتنته المسيح ...!
لكن ، هل الإطار المباعد بين الجنس والدين هو الإطار الحقيقي المجرد للواقع المرحلي اليوم ؟
الحضارة الغربية تتبنى شيء من المنهجية الإباحية الاولى اليوم ، التلازم بين الجنس والإيديولوجيا ، ويمكننا مشاهدة البرامج الثقافية الكثيرة التي تؤكد على إن الجنس " ثقافة " عصريــة ، في سبيل المثال لا الحصــر ، برنامج ستار اكاديمي بنسخته الفرنسية خصوصاً ..
إنهــا العودة بمسار دائري للفهم العام ، وليس الإرتداد لواقع حضاري ماضوي كامل ، هي مقومات اساس تنطلق منها الحضارة " الامبرياليــة " كذروة من ذرى الراسماليــة التي حل شرطُ افولهــا في التاريخ بعد اكبــر ازمة تلفهــا هذه الايــام ، لتعود الراسماليــة متراجعة لبدايتها البسيطة ، كانها تتراجع نحو نهايتها ما قبل البداية ..!
فتعقيباً على تعليقات تخص الموضوع ، لا يمكن للراسمالية ان تزول بصورة مطلقة من حياتنا ما لم تتحقق شروط تاريخية حول تعاظم قدرة " الآلــة " على الإنتاج الملبي لكل حاجة الجنس البشري..
هي اليوم سائدة في حضارة الإنسان التي ترتدي " الجينــز " الامريكـي ..
لكنهــا ، في حضارة الإنسان الآسيوية النكهـة الجديدة القادمــة ستكونُ مقيدة .. وستكون تحت سيطرة الحكومات ولن تكون حرة مفلتة العقال ..
مثلما يتباهى " التنويريون الجدد " باستعمال الشوكة والسكين في الاكل اليوم ، من على شاكلتهم سيتباهون بالاكل بواسطة العيدان الصينيــة خلال عقــود ..
ستكون ُ مثل هذه الصورة مجرد لقطـة من لقطات كثيرة يغرق بهـا تاريخُ ما بعد أميركا ..!
وتلك الأيامُ نداولهــا بين الناس ..
مقالنــا القادم سيكونُ ختام هذه السلسلة القصيرة ..



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنسُ والتنوير : رؤية ٌماركسية -2-
- الجنسُ والتنوير : رؤية ٌماركسية -1-
- الماركسية ُ والتنويرُ المزيفُ
- أتنويرٌ هذا أم تبشير يا سيدة وفاء سلطان ؟
- تعالوا نتعلم التنوير
- الماركسية وأسطورة عدوانية الإسلام
- تنويريون تحت الطلب
- الاصولية الغربية المتسترة بالتنوير , كوابيسٌ وأوهام
- الديالكتيك و- التنوير - الانتهازي
- الاتجار بالعلمانية : تعليقات وردود
- الاتجار بالعلمانية : كامل النجار انموذجاً
- هوليود .. وعالم ما بعد الموت
- الصين و حضارة - التسويق - الجديدة
- الكِتابة والمسؤولية : مراجعات في ثقافة الإنترنت ( 1 )
- العِلموية والإسلام (5)
- العِلموية والإسلام (4)
- العِلموية والإسلام (3)
- العِلموية والإسلام (2)
- العِلموية والإسلام (1)
- العراق : هرم الحضارات والتأريخ في الذكرى التسعين لثورة العشر ...


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - الجنسُ والتنوير : رؤية ٌماركسية -3-