أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد مهدي - الكِتابة والمسؤولية : مراجعات في ثقافة الإنترنت ( 1 )















المزيد.....

الكِتابة والمسؤولية : مراجعات في ثقافة الإنترنت ( 1 )


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3089 - 2010 / 8 / 9 - 13:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قليلٌ هم اؤلئك الذين يبدعون لأجل امة ..أو لهدف ٍ كلي يشتمل الإنسانيــة

وما أكثر " البقالين " في عالم الفكر الساعين لتحقيق " قيمة " شخصية فردية من وراء ما يكتبون؟

فإذا كان الإسلام قد رفع شعار " الله لا ينصر دينه بالنعاج " فإن التاريخ يعلمنا بأن الأمم لا تنهض بمعارف تجار الكلمات هؤلاء ، الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون إنهم يحسنون صنعاً ، أولاء الذين جرفهم التيار فخاضوا مع الخائضين فكانوا على البشرية بلاءاً مقيتا .

إذ نطالع صفحاتهم على الإنترنت ، فلا نجدهم يكتبون إلا اجترارا ً لفتات موائد الأدب و المعرفة الغربية ، حالة من المسخ الثقافي ، بل أحيانا يأتوننا بابشع ما صرفته مكبات نفاياتها ، وما أكثر ما يترجمون ، لسنا ضد الترجمة و تلاقح المعرفة بين الأمم ، فالترجمة ُ هي الأخرى عطاء ، لكن ، أن تتحول الثقافة المكتوبة بالعربية إلى مسوخ تصيب الوعي بالغثيان تحت ستار " القراءة الإمتاعية " التي تشد القارئ بحشيشة فكرها إلى عالم " آخر " تتوق له الغرائز والميول فهذا ما لا يجب السكوت عليه ، والمسؤولية الأخلاقية تلزم كل مفكر ٍ بالوقوف عندها و تأمل الموضوع قليلاً من زاوية جديدة كما نطرحها هنا ..

فهي في جلها مترجمة أو مقلدة للنمط الغربي في سوادها الأعظم و تستشهد برطانة الأسماء الغربية ، و ذاك لعمرك الداء الذي لا تشفيه عاجلة أو آجلة ، فقد سجد هؤلاء البقالون لصنم الثقافة الغربية ، بل أن فيهم من استزاد على هذا أن راح يقدم تراث أمته وتاريخها أسوده و أبيضه قربانا في مذابح الانحلال والتردي تحت يافطات التنوير والحرية .. !

ما لا يفهمه ضيق أفق العقول لدى هؤلاء إن العقل الإنساني ليس قيمة ثابتة أو إطار موحد بلغ ذروته في الحضارة الغربية ، العقل الإنساني تجارب الأمم والشعوب مجتمعة استوحت الحضارة الغربية منها نمطها الخاص المتميز ..

فهذا لا يعني إننا يجب ان نحرق ما كتبه التاريخ في عموم تجربتنا ، بل نفعل ما فعلته أوربا نفسها بتجربة " العقل " الذي يتناسب مع مسار تجربتها في التاريخ الضارب الجذور في روما واليونان ..

وهكذا يفعل أيضا اليابانيون والصينيون ، وللأسف يستسلم الشباب المثقف من هذا الجيل لتجارة هؤلاء الذين لا يفقهون في العقل والتاريخ شيئاً ، لأنها تداعب الميول وتمتعهم فتنقلهم نحو عالم آخر لن يكون موجوداً عندنا حتى نكتب عن تجربتنا وحضارتنا التي نبنيها بفكرنا وركام تجربتنا عبر التاريخ ..

من الذي خول هؤلاء الانتهازيين الساعين للبروز والحظوة لدى السلطان الرجيم قبل قرون ، وهم أنفسهم بالشكل والهيئة المطبلين لأباطرة اليانكي الجدد أن يشطبوا على تاريخ وهياكل بنيوية انثروبولوجية ضاربة القدم في جذور المجتمع الإسلامي العربي ؟

شخصياً ، أعتبر نفسي من المبجلين للماركسية ، لكن هذا لا يعني إن رؤية ماركس نصوص سماوية مقدسة قابلة للتطبيق في كل بقعة مجتمعية في الكوكب الأزرق .. والدليل الماوية كتجربة مستوحاة وليست مطابقة لها في الصين أواسط القرن الماضي ..

هذا بالنسبة " للأخوة " الانتهازيين اليساريين ، أما اؤلئك " الليبراليين " بلا دين أو هوية ، مثقفي المنتديات الشعرية و الأدبية ، كثيري السفر والترحال في جغرافيا الغرب وما يسمونه العالم المتحضر ، من يعتقدون إنهم يزياراتهم لباريس ولندن وتراجمهم والصور الفكرية المستوحاة من الغرب قد تخلصوا وخلـّصوا من أدران بقايا الموروث الإجتماعي ما ان وطئوا أرضا غير الأرض أو أظلتهم سماء غير تلك التي اعتادوا النظر إليها ، فهؤلاء أشقى الأشقياء الذين ظنوا إنهم يحسنون صنعاً ..

لهؤلاء نقول :

أنتم تلحقون بركاب امة أخرى ، ليس بفارق لون الشعر والبشرة أو اختلاف اللسان ... الفارق الحقيقي في التاريخ ..!
علينا ان نضيف إلى تاريخنا تجارب جديدة لا باس ان نستفيد فيها من تجارب تاريخ لأمم أخرى لكن ، لا يجب عمل نسخ ٍ مطابق !

وقبل أن ندخل في تفاصيل الفارق التاريخي و تأثيراته بين امة ٍ و أخرى ، نود ان ننبه القارئ بأنه إذا رآى كتابة هؤلاء أعجبته أيما عجب ، إذ تغمره نشوة الإبحار في حضارة الغرب بما فيها من مناظر و أماسي وعمران ورخاء ، لكنها في الحقيقة تجارة رخيصة الكلمات يطلقها أولئك المنتمين إلى فئة وعاظ السلاطين نفسها التي كانت تطبل للخلفاء أيام الخلافة ، فتحولوا إلى كتاب دواوين جمهورية وملكية أو مسبحين بحول أمريكا وقوتها في عصر اليانكي هذا ..!

الكتابة .. أقدس الأعمال التي يلجأ إليها الإنسان لأنها خيوط معرفية صغيرة في سجادة ٍ ملونة كبرى اسمها التاريخ ، هذا التاريخ فيه الكثير من التسفيف والتزييف و إخفاء الحقائق بسبب هؤلاء البقالين الذين امتهنوا الكتابة لغايات شتى وحسب مقتضيات ومتطلبات كل عصر ..

الكتابة هي رصيد الأمم المعرفي ، وما يجري اليوم في الفضاء الافتراضي العربي للمعلومات من محاولة إقصاء تاريخ السبعة آلاف عام واستبداله بتاريخ وثقافة أوربا في استعارة فاضحة لهوية تاريخية لا تناسب مقاساتنا المجتمعية التاريخية يجعلنا نتوجه وبحزم إلى تعرية المتاجرة بالعلمانية والديمقراطية والليبرالية ، والتي لا نقف ضدها ولكن نطلب الاستفادة منها بما يتفق مع عمق تاريخنا ، بل نقف بالضد من المزايدات عليها و المطروحة في الفضاء الافتراضي من قبل هؤلاء الذين لا يمتلكون أدنى شعور بالمسؤولية تجاه تاريخ ضارب الجذور في تجربة لا تزال حية وفاعلة رغم كل المشاكل الثقافية وحالة التشظي التي نعيش فيها ، لكن دائنا الذاتي ماثل في انقسام الذات الثقافية على نفسها شظايا في هؤلاء الذين يبحثون عن ادوار ترفع من قيمتهم وتغطي على شعورهم المزمن بالدونية بان جعلوا من أنفسهم مبشرين ومنذرين بظلامية يحسبونها علينا نور ٌ وتنوير لا تكون نتيجتها إلا هذا المسخ العولمي الذي تجرعته الأمة سماً زعافاً منذ مئة عام ..!

باعتقادي ، آن الأوان كي نقف بوجه هؤلاء الذين أصبحوا مطية للمشاريع الإمبريالية في الشرق الأوسط سواء ً بجهل ٍ أو مع سبق الإصرار والترصد لكي نوقفهم عند حدهم ، ولا يكفي ان نشير إليهم إشارات عامة ، بل نحن بحاجة إلى الإشارة إلى أسمائهم صراحة وتعرية منهجهم وسطحيته بمواضيع أخرى أكثر عمقا ووضوحاً وتحليلاً .

فبدون متابعتهم ومحاربتهم في كل مكان في الشبكة العنكبوتية فلن يطهر فكر مجتمعاتنا من دائها العضال ، هؤلاء حقاً هم داء الداء سواء من تاجر بقلمه عن جهالة أو عتو ٍ و إصرار فإن النتيجة واحدة :

قيادة الفكر العربي – الإسلامي نحو حداثة ممسوخة تحتاج إلى اقتلاع تجربة السبعة آلاف سنة وهذا لن يكون ، بل النتيجة دائماً و أبدا ، ما تعانيه الأمة من غثيان وقيء مزمن لكل علاج فكري أو ثقافي ترفضه التركيبة التاريخية العميقة .. !؟

قد يرى الكثير من الزملاء إن هذا الهجوم بمثابة وثيقة إعلان حرب فكرية على رافعي مشاريع الغربنة ممن يرفعون شعارات التنوير والعلمنة ، وفي الحقيقة ، لا تأخذني لومة لائم في ذلك ، ولكن وبعيداً عن روح التشنج التي تعتبر من هذه الدعوة " محاكم تفتيش " ثقافي ، أرجو ان تعتبر فكرة طرح هذا المشروع دعوة لمراجعة الواقع الثقافي في الفضاء الافتراضي العربي بمزيد من الحرص والحفاظ على الوعي في العالم الإسلامي من تخدير وهمي يتمثل في الكتابات والبرامج الفضائية المقلدة للنسخ الغربية و التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، التي لا يتصدى لها اليوم إلا الفكر الإسلاموي بدوافع دينية ..

أود من كل الإخوة الكتاب و أرباب الفكر اليساري العربي و ذوي التخصص الأكاديمي ممن لديهم روح العمل الحاد والحازم أن يتبنوا فكرة المراجعة هذه وما هو مطلوب ٌ منهم بسيط ٌ جداً :

الإشارة إلى بقالي الفكر وتجار الكلمات هؤلاء الذي خدروا الوعي العربي بقصد ٍ أو بدون قصد عبر منابر تعطيهم الحرية في كتابة وطرح ما يشاؤون تحت اسدال الوفرة والتنوع والاختلاف و الرأي و الرأي الآخر دون ان يفرض عليهم احد أي مراجعة أو نقد ٍ حازم ٍ شديد بعيد عن المجاملات .. متخذين من ظلامية الفكر الإسلاموي وتشدده مطية لتمرير مزايداتهم النفعية الإنتهازية ..

ما عليهم فقط هو مراجعة التوجهات العامة لهؤلاء ، الخطوط العريضة لاتجاهات كتاباتهم وتحليل هذه التوجهات وتفكيكها ومن ثم وضعها على خريطة الوعي التاريخي للأمة من جديد ..!؟

ليست المسالة صعبة ، ونتائجها لو اتسع العمل بها على صعيد الزملاء اليساريين الحريصين على أن تستعيد الثقافة العربية وعيها الكامل فستثمر بالتأكيد رسم مسارات تصحيحية جديدة في إنتاج الثقافة والمعرفة .. وبالتالي .. إقرار منهج عملي لإنتاج ٍ جديد ٍ للتأريخ ..



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العِلموية والإسلام (5)
- العِلموية والإسلام (4)
- العِلموية والإسلام (3)
- العِلموية والإسلام (2)
- العِلموية والإسلام (1)
- العراق : هرم الحضارات والتأريخ في الذكرى التسعين لثورة العشر ...
- لكتاب - اليسار - في الحوار المتمدن مع التقدير
- تكنولوجيا التخاطر Telepathy technology
- السحر السياسي الأسود
- حادثة اسطول الحرية و الدور التركي - الأطلسي - في المنطقة
- رجل ٌ .. وإيمانٌ عظيم
- سياسة بريطانيا و أميركا : تراكمات أخطاء حررت المارد الشيعي م ...
- مورفين ٌ .. و ابتسامة
- سقوطُ بغداد : مدرسة ُ الحرب الجديدة وكلمة ٌ أخرى سيقولها الت ...
- لماذا نعتقد ؟ .. الإيديولوجيا من منظور عصبي
- العقل والدين Mind And Religin
- العقل ُ : آلة ُ بناء ِ الحضارة
- الوعي والزمن
- الباراسايكولوجي بين نظريتي الكم و النسبية
- نظرية - عربية - في علم الاقتصاد


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد مهدي - الكِتابة والمسؤولية : مراجعات في ثقافة الإنترنت ( 1 )