أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الخميسي - في بيت عمي فوزي حبشي














المزيد.....

في بيت عمي فوزي حبشي


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3239 - 2011 / 1 / 7 - 19:40
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    



في 3 يناير الحالي أتم عمي فوزي حبشي سبعة وثمانين عاما جميلة وحافلة بالعطاء الإنساني والوطني . تعرفت إليه – دون أن أراه – وأنا صبي في الثالثة عشرة حين كنت أسمع من والدي الحكايات العجيبة عن بطولة فوزي حبشي وصموده الأسطوري تحت التعذيب في معتقل الواحات عام 1959 . في صباي استولت على خيالي وشكلتني إلي حد كبير تلك الأساطير : الرجال الذين يتحدون كل شيء ، ويواجهون الصعاب من أجل العدالة ، ويضحون في سبيلها بحياتهم وبيوتهم وعائلاتهم ، وتتكسر قضبان السجون والظلمة من حولهم وهم متقدون بالنور . ولم أكن أعلم أنه مقدر لي أن ألتقي بفوزي حبشي وأن أصبح فردا من أسرته الكريمة ، وأن تغدو هذه الأسطورة الحية جزءا من نسيج عمري ، وأن يتحول هو شيئا فشيئا من الباشمهندس فوزي إلي عم فوزي . في صباي أدهشني صموده داخل السجن وفيما بعد أدهشني صموده داخل الحرية . لأن الحرية في أحيان كثيرة تكون اختبارا أشد وطأة ، ومرواغة ، من الأمتار القليلة بين أربعة جدران . في الحبس لا يبقى للناس في معظم الحالات من خيار سوى البطولة ، أما في الحياة فإن عليهم أن يحتشدوا بكل إرادتهم لمقاومة الأموال والمناصب وأشباه المعتقدات والدروب المموهة التي تقودهم بعيدا عن طرق الحقيقة . وفي كتاب صادر عن ميريت سجل فوزي حبشي سيرة حياته كاملة بعنوان " معتقل لكل العصور" قرأته ثم أدركت أن أسطورة فوزي حبشي لم تكن في أنه كان : " معتقلا لكل العصور " بل في أنه كان : " حرا لكل العصور " من دون أن يتخلى عن مبادئه . في عيد ميلاده تحلقنا حوله ، أنا وأخوتي أبناؤه حسام ، وممدوح ، ونجوى ، وأحفاده ، وأطفال أحفاده ، وبيننا جميعا تتحرك بأقداح المشروبات وأطباق الطعام زوجته الجميلة النادرة ثريا شاكر ، وآخرون كثيرون من عائلة حبشي ، وهو بيننا لا ترى سوى بسمته ولا تسمع سوى ضحكته المجلجلة ، يتذكر كيف أنقذ مكتبة ابن عمه الدكتور لويس عوض من الضياع ويشير إلي الحائط حيث علق كل الأوسمة التي نالها د. لويس ، ثم ينهض ويتقدم إلي صورة لزوجته داخل إطار ويقول : وضعتها في صدفة التقطتها من الرمال حين كنت معتقلا عام .. عام يا سيدي .. ويتذكر : عام 1948 ! أقول له : حينذاك كنت أنا قد ولدت لتوي ! فيضحك ويربت على كتفي مندهشا : والله ؟ معقول ياراجل؟.وتجرجرنا أم ممدوح إلي منضدة طويلة عليها طورطة نقف حولها ونهنئه بعيد ميلاده السابع والثمانين، ويطفيء شمعة ، نغني ونتمنى له من صميم القلب العمر المديد والصحة والسعادة . أقول له في سري : يا عم فوزي عشت حياة جميلة وصعبة تستحق أن تروى. نعود إلي جلستنا في الصالة ، ويسود صمت للحظة ، ومثل سحابة قاتمة تعبر الأحداث الأخيرة فوق رؤوسنا : ماذا جرى في الاسكندرية ؟ من الذي دبر التفجير قبالة كنيسة القديسين ؟ كيف يمكن مواجهة ما وقع ؟ . وأسرح ، أفكر في أن مسئولية الحكومة ووزارة الثقافة ووزارة الإعلام ووزارة التعليم والأزهر واضحة . لماذا لم تنجح تلك الجهات في التصدي للظلام الذي يغمرنا منذ زمن طويل من كل ناحية ؟ مئات الفتاوي تصدر كل يوم بوجوب مقاطعة الأقباط من دون أن يرد الأزهر عليها وهو الجهة المنوط بها ذلك ؟ لماذا لا تعيد وزارة التعليم النظر في المناهج التي لا تلقن التلاميذ سوى الطائفية ؟ . الأسئلة كثيرة جدا ، لكن الخطر الحقيقي يتمثل في أننا لم نعد نرى مخرجا ، أو أن اليأس قد أصابنا من كثرة ما نبهنا دون جدوى ، نشعر في الصمت أننا كأنما ننزلق دون أن نتحكم في سيرنا إلي مايريده بنا الآخرون . ليست المشكلة في المجرم الذي ارتكب الجريمة ، أيا يكن ، المشكلة في حالة الوطن وهو يتلقى تلك الطعنة . حالته التي كانت بحاجة لعلاج من زمن طويل . يمتد الصمت لحظة أخرى نتشبث فيها في خيالنا ببعضنا البعض وبالوطن وبصداقتنا وأخوتنا وبكل الأشياء الجميلة في حياتنا ، ونطفو معا مثل جزيرة على سطح البحر تسبح وحدها . أقول له : مهما يكن سنبقى معا ياعم فوزي، عيد ميلاد سعيد ، ومئة سنة أخرى وبيتك عامر بأنفاس نورا وطارق وماجد وفريد وليلي وميرا وكل من يحبك .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول الثقافة الشعبية القبطية
- الحب والفولاذ - قصة قصيرة
- هرش قفا برلماني
- - غير محافظ - على القاهرة !
- فتش في دمائك عن السلم الموسيقى
- تاريخ فقاعة - قصة قصيرة
- زهرة الخشخاش .. وزمن شعلان الفنان
- تجربة ابراهيم عيسي
- أشياء - يُعتقد - أنها أمريكية !
- الثقافة والأزمة الطائفية
- الفتنة الطائفية بمصر .. لحظة خطر
- أبناء الخيار الاستراتيجي .. إلي المفاوضات
- جمال الغيطاني وأصدقاء العمر
- هنادي طه حسين تجدد موتها
- - صعيدي - - قصة قصيرة
- أمير زكي وقصصه الجميلة
- بهاء طاهر والجامعة الأمريكية .. إلي متي ينهبون الأدباء ؟
- وزير الثقافة ومؤتمر الثقافة
- طائر المساء .. شوقي عقل
- رحيل الروائي محمد عبد السلام العمري


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الخميسي - في بيت عمي فوزي حبشي