|
- غير محافظ - على القاهرة !
أحمد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 3176 - 2010 / 11 / 6 - 09:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قضت محكمة جنح عابدين بحبس محافظ القاهرة سنة مع الشغل وعزله من وظيفته ، لأنه لم يعلن نتائج انتخابات المجلس المحلي لدائرتي السلام والبساتين رغم إخطاره قانونيا بضرورة ذلك . هذا ما نشرته جريدة الأهرام وغيرها . والحكم مفاجأة ، ذات شقين ، الأول : لأننا لم نألف أن يطبق القانون على كبار المسئولين بينما يطبق بحزم على حرامية حلقات الذكر وشبابيك المنازل الريفية المهجورة . مرة واحدة تم اعتقال غالبية المسئولين الكبار في مايو 1971 . ولسبب ما كان من بينهم الساخر الكبير محمود السعدني الذي قال للقاضي من داخل القفص : لقد تعرضت للسجن من قبل لأني كنت معارضا للنظام ، وعندما خرجت من سجني قررت ألا أكون معارضا وأن أصادق كل الوزراء ورجال الدولة، صادقتهم فاعتقلتموهم جميعا ، وها أنا معتقل ثانية ! سجنت مرة للمعارضة ومرة للموالاة ! أعارض الدولة أم أصادقها سيدي القاضي ؟! . الشق الثاني من مفاجأة الحكم على محافظ القاهرة جاء فيما تضمنته حيثيات الحكم من أن المحافظ : " تقاعس بصفته موظفا عاما عن أداء مهام وظيفته " . وقد أدهشني جدا أن يكون التقاعس عن أداء مهام الوظيفة سببا للسجن والعزل ! خاصة أن " التقاعس " لم يؤرق محكمة ولا رأيا عاما إلا في موضوع انتخابات مجلس محلي . أما تقاعس المحافظ عن أداء مهامه الحقيقية الكبرى فإنه يمر مر الكرام بلا محاكمة ، ولا عتاب ، ولا يحزنون . وعلى مدى ست سنوات تقريبا – منذ أن تولي عبد العظيم وزير منصبه محافظا على القاهرة في يوليو 2004- ظللنا نتوقع من محافظ مثقف– كان عميدا لكلية الحقوق بجامعة المنصورة – أن ينجز الكثير ، لكن شوارع القاهرة خلال فترة عمله زادت وساخة وضوضاء وتضاعفت أزمة الحركة والمرور فيها ، وتفشت الأحياء العشوائية ، وتشوهت معالم تاريخية كثيرة بعمارات شاهقة لاعلاقة لها بالطراز المعماري المحيط بها . وفي اعتقادي أن المحاكمة ينبغي أن تكون ليس بسبب ما فعله المحافظ ، لكن بسبب ما لم يفعله ، أي بسبب " تقاعسه بصفته موظفا عاما عن أداء مهام وظيفته " . ولايعد إعلان نتائج انتخابات مجلس محلي من مهام المحافظ الكبرى ، لكن من مهامه الكبرى أن يجعل القاهرة – إحدى أعرق العواصم في العالم – نظيفة وجميلة ، وهو ما لم يفعله المحافظ ، ولم يقم في سبيل ذلك بأي جهد ، ولسنا نذكر حديقة واحدة تم إنشاؤها في عهده ، ولا عملا أو إنجازا ذا قيمة . وإذا لم يكن تجميل القاهرة وتشجيرها وتنظيم المرور ومعالجة الأحياء العشوائية من مهام المحافظ بصفته موظفا عاما ، فما هي وظيفة المحافظ إذن؟ وما هي مهامه التي ينبغي القيام بها ؟ ولا يجوز التقاعس عنها ؟ . أليست أكوام القمامة الملقاة في كل مكان دليلا على تقاعس عن أداء المهام ؟ ، أليس تحويل القاهرة من حضارة إلي حجارة دليلا على تقاعس؟ . أليس القبول بتفشي التلوث السمعي والبصري والأنفي دليلا على تقاعس؟ أليس ترك دور العرض القديمة التاريخية دون ترميم أو اهتمام دليلا على تقاعس؟ . أريد صادقا أن أذكر أو أتذكر إنجازا واحدا هاما مرموقا للمحافظ عبد العظيم وزير ، لكني لا أرى ، لا أرى سوى قسوة وسائل المواصلات العامة ، والأتربة التي تكسو جدران العمائر ، ورائحة العاصمة التي تزكم الأنوف ، والضوضاء التي تتوحش دون رقيب ، وغياب الحدائق العامة الجميلة المرتبة، وحفر الشوارع القادرة على إبتلاع أي سيارة، و مرور الحمير والخيول في منتصف الطرق، دون أي جهد لتشجير أو تجميل أو تنظيف أو تنظيم القاهرة التي يزيد عمرها على ألف عام وعرفت أقسام منها أيام الفراعنة بالمدينة الجميلة ، ثم اشتهرت بأنها " جوهرة الشرق " . جوهرة عزيزة كتلك لا تستحق كل هذا التقاعس عن أداء كل تلك المهام . الحق أن عبد العظيم وزير كان " غير محافظ " على القاهرة ، كما كان " غير المحافظين " السابقين من قبله . [email protected]
#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتش في دمائك عن السلم الموسيقى
-
تاريخ فقاعة - قصة قصيرة
-
زهرة الخشخاش .. وزمن شعلان الفنان
-
تجربة ابراهيم عيسي
-
أشياء - يُعتقد - أنها أمريكية !
-
الثقافة والأزمة الطائفية
-
الفتنة الطائفية بمصر .. لحظة خطر
-
أبناء الخيار الاستراتيجي .. إلي المفاوضات
-
جمال الغيطاني وأصدقاء العمر
-
هنادي طه حسين تجدد موتها
-
- صعيدي - - قصة قصيرة
-
أمير زكي وقصصه الجميلة
-
بهاء طاهر والجامعة الأمريكية .. إلي متي ينهبون الأدباء ؟
-
وزير الثقافة ومؤتمر الثقافة
-
طائر المساء .. شوقي عقل
-
رحيل الروائي محمد عبد السلام العمري
-
نيفين الجمل .. قصائد ممنوعة
-
نصف ضوء .. عزة رشاد
-
فاروق عبد القادر .. وداعا لروح التحدي !
-
المتهم - خالد - .. والقضاة عابرون
المزيد.....
-
محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي
...
-
حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
-
-حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو
...
-
أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
-
روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول
...
-
10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة
...
-
إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
-
-جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد
...
-
زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
-
نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|