أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - بحث البطون وبحث العقول














المزيد.....

بحث البطون وبحث العقول


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 3224 - 2010 / 12 / 23 - 19:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" تلاميذ المدارس البريطانيون حققوا إكتشافاً متميزاً حول قابلية الذاكرة عند الزنابير الكبيرة الحجم . وبهذا يشكل هؤلاء التلاميذ قصب السبق لمدرستهم كأول مدرسة يُنشر لها في أرقى المجلات العلمية. هؤلاء التلاميذ بأعمارهم بين الثمان والعشر سنوات شغلوا أنفسهم بالبحث حول إمكانية هذه الزنابير على التمييز بين الألوان والإحتفاظ بذاكرتها لهذه الألوان . والنتائج التي توصلوا إليها من خلال هذا البحث نُشرت في أرقى المجلات البايولوجية في إنكلترا التابعة لأكاديمية العلوم البريطانية ".

هذا ما جاءت به الصحيفة الألمانية ( بادشه تسايتونغ ) في عددها الصادر بتاريخ 22.12.2010 بعد أن شرحت بالتفصيل الطريقة التي إبتكرها هؤلاء التلاميذ أنفسهم لإجراء هذا البحث والمواد التي إستعملوها لذلك . فأين من ذلك أطفال العراق الذين لم يُحرموا من نعمة التعليم الحقيقي الهادف فحسب ، بل أنهم حُرموا أيضاً من الحياة الإنسانية التي أصبحت في المجتمعات الأخرى على هذه الأرض حقاً طبيعياً للإنسان ، وخاصة للأطفال التي تتبارى المجتمعات المتقدمة ، التي طالما يصفها بعض " علماءنا الفطاحل " بالمجتمعات الكافرة ، على فسح مختلف المجالات امامهم لكي يتفرغوا للدرس والعلم والبحث والتقصي عن الحقيقة من خلال برامج دراسية تُراجَع على الدوام من ذوي الإختصاص للتأكيد على ما أثبت صلاحه وتطويره ولإبعاد ما أثبت عدم قدرته على تحقيق الهدف المرجو منه .

بحث وبحث ، البحث العلمي الذي يتم في المختبرات العلمية مارسه هؤلاء الأطفال في مختبر مدرستهم البسيط بعد ان هيأوا بأنفسهم ما يحتاجون إليه في بحثهم هذا من مواد غير متوفرة في مختبر مدرستهم .

وأطفال العراق يبحثون أيضاً . ولكن ليس في مختبرات مدارسهم ، بل في المزابل التي يلجأون إليها للبحث عما يسدون به رمقهم ورمق عوائلهم من فضلات أولئك الذين يرمون أكداساً من الطعام يومياً إلى هذه المزابل التي ينتظرها الأطفال .

إن ألأطفال في العراق الغني بفقراءه لا يبحثون في مدارسهم حتى وإن توفرت لهم الرغبة في ذلك حيث أن مدارس العراق الجديد لم يلتفت إليها أحد من مسؤولي الدولة الجدد قدر إلتفاتتهم إلى قصورهم وشققهم الترفيهية داخل الوطن وخارجه .

فمدرسة كهذه تأنفها حتى الحيوانات ان تكون زريبة لها . فكيف بأطفال صغار يتأثرون بكل شيئ ، يستطيعون مجرد تلقي بعض الدروس التي يجب أن يستوعبوها كعلوم حديثة يمكن التأسيس عليها في المستقبل . هل أن هذه الصريفة الخربة تصلح لتلقي العلم والمعرفة ايها السيدات والسادة الحاكمون في العراق الجديد ...؟


إلا أن هذا الواقع الحقيقي المرير لمدارس العراق وإن إختلف بشدته من منطقة إلى أخرى، يعكس اللأبالية بوضع الأطفال الذين تعتبرهم المجتمعات الحديثة عماد المستقبل والركائز التي يقوم عليها أي بلد . لذلك ومن المنطقي جداً أن تكون هذه الركائز قوية متينة قادرة على حمل أعباء وطنها والسير به نحو التقدم المنشود . فكيف يمكن تحقيق ذلك والمدارس التي تستقبلهم لا توفر لهم أي جو إنساني يستطيعون به تلقي العلوم التي يمكنهم من خلالها التواصل مع علوم المجتمعات الأخرى التي بلغت هذه الأشواط التي بلغها مثل أطفال المدارس البريطانيين هؤلاء الذين سجلت لهم المعاهد العلمية الكبرى إكتشافاً خططوا له بانفسهم ونفذوه بقدراتهم العلمية المتوفرة لديهم حتى في هذا السن المبكر.

أطفال العراق ، إن ذهبوا إلى المدارس كهذه المدرسة ، يشغلون أنفسهم طيلة وجودهم في هذه الصرائف بإيجاد الوسائل التي تحميهم من برد الشتاء وحر الصيف وأين سيجلس كل منهم على هذه الأرض الرطبة الباردة القذرة وكيف سيكتبون ، إن تعلموا شيئاً من هذا القبيل . إضافة إلى ذلك فإنهم يتعاملون مع مناهج دراسية لا يمكنها أن تنتقل بعقولهم ، التي لا زالت في طور التفتح والإستقبال السريع ، إلى التواصل مع العلوم التي تجعل منهم تلك الركيزة الحقة التي يمكن بناء الوطن بها مستقبلاً .

إلا ان أسوأ ما يتعرض له هؤلاء الأطفال هو ليس الحرمان من التعليم الحقيقي في مدارس يمكن أن نسميها بهذا الإسم ، وليس البحث في المزابل عما يسد الرمق فقط ، بل إنهم يتعرضون لحملات غسل الأدمغة التي تضعهم بعيدين عن هذا العالم الذي ينبغي أن يتواصلوا معه غداً . وما عرضته الفضائيات في الأيام الأخيرة التي شوهدت فيها المواكب الحسينية ، هو إقحام الأطفال في مواكب التطبير والضرب بالزنجيل والزحف على البطون وغير ذلك مما يسمونه بالشعائر الحسينية التي قرأنا وسمعنا الكثير عن رفضها حتى من قبل أكثر المُقَلدَين عند الشيعة والذين لا يملكون الجرأة على الإجهار بهذا الرفض ، لغاية في نفس يعقوب .

طالما صرح السيد نوري المالكي رئيس الوزراء بان حكومته القادمة ستكون حكومة الإعمار وتوفير الخدمات للمواطنين . فهل سيحظى أطفال العراق بجزء من الخدمات التربوية الحقيقية التي تجعلم يكفون عن البحث في المزابل والإنجرار وراء العقول المتخلفة ويتجهون إلى البحث في المختبرات العلمية في مدارسهم ...؟ سؤال أعتقد انه أكثر من وجيه .



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب العقل وخطاب القتل
- اليعقوبي يفتي لنفسه
- نعم...نحن بعض المأجورين...فمَن أنت يا رئيس مجلس محافظة بغداد ...
- قوانين الدكتاتورية في خدمة ديمقراطية الملالي
- فرسان جُدد لحملة قديمة ...
- الأعراب أشد كفراً ونفاقاً (التوبة 97) وعائض القرني خير مثال ...
- صورة واحدة لطا غيتين
- ايها الكورد ...البعثيون قادمون لكم ، فتأهبوا لأنفال جديدة
- المقصود كان عيد الأضحى .... إصبروا فالعجلة من الشيطان
- شيئ من الفلسفة ... فلسفة المرأة مثلاً
- الدولة الدينية دولة دكتاتورية شاءت ذلك أم أبت
- إنقاذ عمال المنجم المنهار في شيلي درس حي في إحترام الإنسان
- مع الحوار المتمدن دوماً
- الموقع الإعلامي الحر روج تي في سيستمر صوتاً هادراً للشعب الك ...
- تمديد الثورة الكوردية لوقف إطلاق النار .... محتواه وأبعاده
- تصرفاتكم أخجلتنا ....فمتى تخجلون أنتم يا ساسة العراق ...؟
- كفوا عن هذا اللغو البائس
- إطعام جائع ....أو بناء جامع ...ما الأحب عند الله ...؟
- ألا من هبَّة شعبية شرق أوسطية لردع العنصريين الأتراك...؟
- الثورة الكوردية بين جنوحها للسلم والقارعين طبول الحرب


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - بحث البطون وبحث العقول