أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - سرقة الكلمات من معانيها : الديمقراطية و التحرير نموذجاً














المزيد.....

سرقة الكلمات من معانيها : الديمقراطية و التحرير نموذجاً


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 964 - 2004 / 9 / 22 - 11:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جرائم السرقة شائعة و متنوعة لكن اغلبها يدور حول سرقة أشياء مادية، نقود ، ذهب ، مجوهرات ، براد ، غسالة ...الخ . عدا ما عرفه العرب و غيرهم من سرقة للشعر و الأدب ، و الذي يتم حمايته اليوم في كل أنحاء الأرض تحت شعار حماية الملكية الفكرية .
لكن أشيع أنواع السرقة و أخطرها على الإطلاق في عصرنا سرقة بالكاد يلاحظها الناس ، و هي سرقة المصطلحات و الكلمات من معانيها .
و لأن الكلام ببلاش فكل إنسان يطلق على نفسه ما يشاء من ألقاب و صفات دون المطابقة بين معناها الحقيقي ومضمون الشيء الذي تطلق عليه . يذكر الكاتب التركي الساخر عزيز نيسين في مذكراته أنه عندما أقرت تركيا قانون النسبة بداية القرن العشرين و صار كل شخص ملزماً أن يطلق على عائلته لقباً . يقول الكاتب إن هذا الحدث أبرز كل عقد النقص في المجتمع و أفرغ الكلمات من معانيها . فالبخيل أطلق على نفسه اسم الغني ، أو ذي اليد المبسوطة ، و الكئيب أطلق على نفسه اسم الفرحان ، و الجاهل اختار كلمة العليم أو السراج المنير و هكذا دواليك في عملية سطو مكشوفة على الكلمات حتى أصبحت الكلمة تعني نقيضها .
منذ ظهور الفكر الاشتراكي في منتصف القرن التاسع عشر و ذيوع صيته بين الجماهير الكادحة على أنه فكر خاص بهم يحقق العدالة و يخلصهم من الاستغلال و الفقر و الجوع ، منذ ذلك الحين تعرضت هذه الكلمة (( الاشتراكية )) إلى عملية قرصنة منظمة فرفعها شعاراً كل من هب و دب . فإلى جانب لينين ، الذي رفعها لنصرة المظلومين و تحرير المستعبدين ، رفعها وحش نازي هو هتلرالذي رفع شعار الاشتراكية الوطنية ليستخدمها غطاءاً لفكر عنصري يقسم البشر إلى أنواع ، نوع أول و ثاني و ثالث .....الخ . و ما بين لينين و هتلر نشأت أحزاب اشتراكية مسيحية و أحزاب اشتراكية ديمقراطية حتى أن كل حزب تأسس بعد الحرب العالمية الأولى و قبلها كان يضيف لاسمه لاحقة ((الإشتراكية )) . ثم انتقل الأمر إلى العالم الثالث فرفع الجميع شعار الاشتراكية من بعض التيارات الدينية إلى التيارات الماركسية و ما بينهما . فصار الشعار يضم تحت يافطته مناضلين يسعون إلى خدمة مجتمعاتهم و تحريرها عبر العدالة الاجتماعية ، و إلى جانبهم لصوص و قتلة و مجرمون يحملون نفس الشعار ، و هكذا ضاع معنى الاشتراكية الحقيقي فصار يتحدث بها نهاب و لصوص و أثرياء حرب و مجرمون و اضطر أصحاب الفكر الاشتراكي الحقيقي ، الذي يعني توفير العدالة للناس ، إلى الصمت بعد أن شاهدوا كلماتهم تسرق من معانيها حتى صارت كلمة اشتراكية ، التي هي بالأصل خلاص للطبقات المحرومة كما ذكرنا ، تثير رعب هذه الطبقات لأنها باتت تعني في التطبيق الواقعي أن يتسلط لص على رقابهم فيزيدهم جوعاً و فقراً باسم الاشتراكية التي وجدت أصلاً لتحارب الفقر و الجوع . و قل نفس الشيء عن كلمة الحرية التي تعرضت إلى سطو من نفس الأشخاص .
و ما إن تراجعت موجة الاشتراكية من الفكر العالمي و حلت مكانها الديمقراطية حتى تعرضت هذه الكلمة لهجوم منظم شرس من عتاولة المجرمين للسطو عليها و نجحوا في ذلك إلى حد كبير . فصار مجرمون أمثال ريشارد بيرل و ديك تشيني و رامسفيلد ، و مجنون مثل جورج بوش يكلمه الله في أروقة البيت الأبيض فيأمره جل جلاله باحتلال ا لعراق . لقد أصبح هؤلاء المجرمون دعاة للديمقراطية و موكلين من الرب بنشرها. و هكذا تعرضت هذه الكلمة النبيلة ، التي تعني حكم الشعب بنفسه و لنفسه في أبسط و أقدم تعريف لها . صارت تعني على أرض الواقع التدمير و القتل و التشريد و القصف بالقنابل و التعذيب في المعتقلات على نمط أبو غريب .........
و ينطبق هذا الأمر على السطو الذي تعرضت له كلمة "التحرير" فقد استولت عصبة المجرمين السابقة على هذه الكلمة النبيلة المشتقة من كلمة الحرية، و التي تعني إطلاق قيود الناس و جعلهم أحراراً في تقرير أمور حاضرهم و مستقبلهم . استولت على (( التحرير )) فصارت الكلمة تعني الغزو و السلب و النهب و تسليم الحاضر و المستقبل إلى لصوص و عملاء و أفاقين .....الخ
فإذا بشر بوش بلداً ما أنه قادم لدمقرطته أو لتحريره فعليك أن تفهم أنه قادم لتدمير البلد بعد أن يقصفه بالقنابل العنقودية و اليورانيوم المنضب ، ثم يسجن أبناءه في سجون على نمط أبوغريب و غوانتانامو.
و هؤلاء اللصوص الكبار ليسوا وحدهم في العالم بل إنهم يخلفون لصوصاً صغاراً في كل بقعة من العالم فكل لص أو مغامر أو طامح للزعامة يعلن اليوم عن نفسه ديمقراطياً أو يشكل حزباً و يضيف إلى نهايته كلمة الديمقراطية أو الديمقراطي . بحيث وجد الشرفاء المناضلون الذين دفعوا ثمن الديمقراطية من دمهم ومن عمرهم سنوات طويلة في السجون و المعتقلات و حوربوا بلقمة عيشهم حتى جاعوا . يجد هؤلاء الشرفاء أنفسهم بدون كلمات بعد أن سرقت كلماتهم و صارت تعبر عن النقيض . مما يجعلهم عاجزين عن التعبير عن أفكارهم بدقة لأن كلماتهم سطا المجرمون على معناها و حولوه إلى النقيض .



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المركب الروسي الغارق
- الواقعة الغريبة التي حدثت يوم تكريم الدكتور ماجد
- وجوه تحتضر
- بين نورما خوري و أحمد الجلبي
- الأمريكاني المفلس و الدفاتر السعودية العتيقة
- عن مصر و الألم يعتصر قلوبنا : حكاية الأسد و مروضيه
- أسرى سايكس بيكو
- القط ذو الرأس الكبير في المصيدة
- الديمقراطية على الطريقة الفنزويلية
- أزمة المسرح العربي 3من 3 العلبة الإيطالية : من مارون نقاش إل ...
- أزمة المسرح العربي 2من 3
- أزمة المسرح العربي 1من 3
- القلق الذي يحيط بنا
- غرينكا دخلت التاريخ و مغر الديب تنتظر
- صور تصنع التاريخ و أوهام تصنع الصور
- العملاء هم الأسرع اشتعالاً
- عن العروبة
- التصدعات التي خلقتها المقاومة في جسد الاحتلال الأمريكي للعرا ...
- الوضع العام
- بعد مرور سنة على الغزو أهداف و دوافع هذا الغزو


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - سرقة الكلمات من معانيها : الديمقراطية و التحرير نموذجاً