أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - احمد موكرياني - أحلامنا ماتت منذ انقلاب ٨ شباط 1963















المزيد.....

أحلامنا ماتت منذ انقلاب ٨ شباط 1963


احمد موكرياني

الحوار المتمدن-العدد: 3084 - 2010 / 8 / 4 - 13:59
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ان أول جريمة قام بها البعثيون والقوميون بعد انقلاب 8 شباط هي إذاعة بيان رقم 13 بإبادة المقاومة (الشيوعيون والقوى المؤيدة لثورة تموز) بدون محاكمة أينما وجدو.

نص بيان رقم 13 الذي اصدره رشيد مصلح الذي عين كحاكم عسكري في نفس اليوم.
" نظراً لقيام الشيوعيين العملاء شركاء عبدالكريم قاسم في جرائمه بمحاولات يائسة لإحداث البلبلة بين صفوف الشعب وعدم الانصياع إلى الأوامر والتعليمات الرسمية، فعليه يخوّل آمرو القطعات العسكرية وقوات الشرطة والحرس القومي بإبادة كل من تصّدى للإخلال بالأمن. وإننا ندعو جميع أبناء الشعب المخلصين للتعاون مع السلطة الوطنية بالاخبار عن هؤلاء المجرمين والقضاء عليهم ".

كنت وقتها طالبا في الصف الرابع الإعدادي (الثانوي) وكانت أحلامنا لا يسعها الصف (القسم الدراسي) او المدرسة او المدينة او الدولة وكانت أحلامي هي أحلام الكثير من الشباب في نهل العلم والمعرفة والبحث فيما كان خافيا علينا فكنت قد رسمت لنفسي حلما ورديا في ان أسافر وأشاهد العالم قبل ان استقر في عنوان ثابت مع انه لم تكن ثقافة الهجرة جزءا من مكونات أحلامنا عكس الشعب اللبناني الذين نراهم في أمريكيتين الشمالية والجنوبية وفي أفريقيا والشعب اليمني في شرق أفريقيا وشرق أسيا وخاصة سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا حيث كان وزير الخارجية إندونيسيا السابق علي عبدالله العطاس رحمه الله هو ابن عم ابو بكر العطاس رئيس وزراء اليمن السابق وتجار شارع العرب في سنغافورة هم من أصول يمنية حضرمية وكانت معظم أراضي سنغافورة مملوكة لعائلة حضرمية استولى عليها رئيس وزراء سنغافوري كان محامي للعائلة الحضرمية.

ختمت قراءة القران في الجامع وانا في المدرسة الابتدائية وقرأت كتاب غاندي قبل ان اكمل الثانوية وتأثرت به وتبنيت من يومها مبدأ اللاعنف وتطرفت في اعتقادي الى ان انظر الى كل من يحمل السلاح بأنه قاتل مع سبق إصرار وقرأت رواية الأم لمكسيم كوركي فانجذبت فكريا نحو الكفاح السري والعمل الحزبي، كنا نقرأ كثيرا ومن مناهل مختلفة ونناقش ما كنا نقرأ. فحطمنا قيود تفكيرنا المحدود وانطلقنا الى فضاء أوسع فأصبحنا نرى كل من حولنا صغارا الا اللذين يشاركوننا توجهاتنا. وأصبحت لا أخشى الموت ليس بسبب قوة عضلاتي الضامرة ولكن بسبب اعتقادي بأنه لا نعلم شئ عن ما بعد الحياة المادية فلم يعد إلينا أحداً بعد الموت ليبلغنا عن سوء او حسنات الحياة الروحية، لم انتمي الى حزب او فئة ولكني تعاطفت مع الشيوعيين وعندما تشكلت المقاومة الشعبية كنت في الابتدائية وذهبت لألتحق بالمقاومة الشعبية فقام الضابط الشاب من كرسيه وصافحني وقال اهلا بالبطل الصغير لم يحن الوقت لك، انتظر الى ان تكبر، أصبحت هذه جملة "البطل الصغير" محل تهديد او سخرية بي بعد انقلاب البعثيين من قبل زملاء الطفولة الذين عرفوا بمحاولتي السابقة والتحقوا بالحرس القومي. وعشقت أفكار ومعتقدات جمال عبد الناصر الثورية فكنت انظر إليه كقوة تحررية ضد الاستعمار.

إن انقلاب 8 شباط 1963 قتل أحلام الشباب فبدل من رسم المستقبل اصبح النجاة من المنحرفين (كتاب المنحرفون) غاية لا تعلو عليها أحلامنا المسالمة، ففي الكاظمية يتذكرون اهالي الكاظمية العمود الكهرباء حيث جلب اخ بعثي اخوه الشيوعي لقتله لأنه شيوعي لا غير. فتحطمت الأواصر العائلية وحلت محلها الارتباط الحزبي. وأصبحت جدران البيت لها أذان، والخوف من الحديث أمام الأطفال، فأصبحنا نشك بظلنا وأصبحت ازدواجية العراقي خارج وداخل البيت مركبة بازدواجية سياسية (انتهازية) وغضبة زوجة نصير شيوعي كلفت حياة نخبة من الشباب لم يعرف مصيرهم الى يومنا هذا. ارتبطت بعلاقة الصداقة بالبعثيين الطيبين قبل 1968 خلال سنوات الدراسة الجامعية ضمن علاقاتي الطيبة بالطلبة وبمن حولي، البعثي اليساري واليميني والشيوعي والأخوان المسلمين والأحزاب القومية الاشتراكية التي لم تتجاوز أعضاؤها في الكلية ثلاثة أشخاص، فكنت أُجالسهم واسهر معهم خارج الكلية وكنت موضع ثقة الجميع، أتذكر محادثة طريفة مع "سمير" احد زملاء الدراسة في السنة النهائية من الدراسة الجامعية فقال لي: احمد عرفتك الآن، استغربت واجبته ماذا عرفت عني، قال: انك في الأمن (اي مخبر في مخابرات الدولة) فضحكت قل له كيف عرفت فقال: في البداية ظننتك من الأخوان المسلمين وبعدها ظننتك شيوعيا وبعدها قلت لا انه بعثي وهكذا الى ان استنتجت في النهاية بأنك في الأمن لأنك تجالس الجميع ولك علاقة وثيقة بهم. فقلت له لو كنت اعمل مخبر فهل كانوا سيعتقونني وخاصة بعد ان استولوا على الحكم.

اشتاق لزملاء الدراسة فلم التقي بعد خروجي من بغداد الا بواحد منهم بعد 30 سنة، منهم من قضى نحبه قتلا او غدرا او مفقودا او استشهد في حروب صدام وصورة أخرى لا أنساها ما حييت التقيت بزميل الطفولة "محمد"، كان عضوا بارزا في الجناح القيادة المركزية للحزب الشيوعي، في باص (حافلة) واخبرني بأنه سيُقتل (من قبل البعث)، قلت كيف عرفت قال لقد أخرجوني من السجن بدون كفالة، وبعد أسبوعين من لقائي به في الباص اغتيل ورمي بجثته أمام بيت والده.

ان علاقاتي الشخصية حمتني كثيرا وأتذكر صديقي البعثي "عبد الحسين" كان يبلغني بما يتعلق بي في اجتماعاته الحزبية وخاصة نبهني من أحد البعثيين القذرين فقال لي كن حذرا منه ولا تقترب منه فأنه ان لم يجد من يذمه في تقاريره سيذم نفسه.

كنت سعيد الحظ مقارنة بزملائي فتيسر لي مغادرة العراق في بداية عام 1978 بطريقة قانونية وبدون التعامل مع المهربين ولم اطلب اللجوء السياسي في اية دولة ولكن لم تتحقق أحلامي لأن أحلامنا أودعناها في الثلاجة وأصبحت الأحداث تسيرنا والمكان الآمن بعيدا عن عيون صدام ملاذنا وجنتنا في الأرض، فاصبح الهروب من العراق واللجوء الى إحدى الدول من اعظم الأحلام الشباب وقد فقد الكثيرون حياتهم في رحلة العذاب عبر الصحاري والبحار وضيعوا شقا العمر في يد المهربين، وبعد السقوط حلمت بأن اسكن في ارض خضراء في وطني جنب ترعة او نهر اشبع من هواء ومياه بلادي فوجدت الأراضي استولوا عليها طلاب الحكم والسلطة وذويهم ووعاظهم، ذهب الدكتاتور وجاء 20 دكتاتورا ذهبت القوات الحرس الجمهوري والمخابرات وفدائي صدام وجاءت المليشيات وقسم العراق الى دويلات ومراكز النفوذ وفقدنا أعزة بما يوازي او اكثر مما فقدناهم في سجون صدام، ذهبت كوبونات النفط ونتجت بدلها الآلاف من أصحاب الملايين من الحزبيين والوزراء خلال فترة قياسية لا تجدها في موسوعة جينس للأرقام القياسية وأصبحت لهم مطارات خاصة وحرس بالمئات، وآخر الأخبار هذا الأسبوع "ان ابن مسئول كبير جدا يكنوه "الأستاذ" يبحث عن فرص استثمارية في لندن بما لا يقل عن ربع مليار دولار”.

وقفت الساعة عند صباح 8 شباط 1963 وبعد 9 نيسان 2003 عادت العجلة الى الوراء من عراق الحضارة الى عراق البداوة ولبست ألأفنديه الغترة والعقال لتثبيت مكاسب عشائرية او يزكوا أنفسهم عن الأصول الفارسية. وبرزت البعثية من جديد بثياب أخرى تحت شعارات قومية استعلائية وتمكنوا من كسب أصوات الذين أغرتهم شعاراتهم التي لا يأمنون بها ولكنها سلالم للوصول الى السلطة. فندائي الى الشباب العراقي ان البعث حرمنا من أحلامنا وسرق مستقبلنا وتشردنا في أنحاء المعمورة فلم يخل حتى القطب المتجمد الشمالي من لاجئ عراقي لا يرى النور سوى 6 اشهر ويعيش في الظلام نصف عمره، لا تغركم شعارات القومية المتطرفة فأن المتطرفين لا مبدأ ولا دين لهم وأنما دينهم وأيمانهم "أنا" فماذا قدم البعثيون والقوميون المتطرفون للعراق غير التخلف والضحايا بالملايين وإهدار عائدات العراق على السلاح وقتل الأبرياء، قارنوا وضع العراق قبل البعث وبعد البعث ادرسوا بيانهم رقم 13 لإبادة كل من يعترض عليهم كان البيان جريمة بحق الإنسانية لم يحاكم أحدا عليها. ان بيان رقم 13 فتح ابواب الجحيم ولم تغلقها الى الآن.

لو ان كل عراقي يسرد ما عاناه من البعث لغطت المجلدات الكرة الأرضية, إننا نسامح ولكن لا ننسى كي لا يتكرر نظام عنصري دكتاتوري في العراق.



#احمد_موكرياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كركوك والأراضي المستقطعة والدكتور عصام الجلبي/ وزير النفط ال ...
- كي لا يتحول العراق الى النموذج النيجيري
- تكونت الدولة العراقية بتخطيط استعماري ندفع ثمنه الآن
- القيادة السياسية العراقية القادمة
- دعوة لإعادة الانتخابات في العراق
- المشهد والرؤية في العراق
- الكل يحب الدخول الجنة ولكن لا أحد يحب ان يموت
- لا يستحق المالكي ولا علاوي رئاسة الوزراء
- لماذا تخلف العرب عن الصناعة
- حل مشكلة الكهرباء في العراق
- اياد علاوي يلعب بالنار
- حماس لها اردوغان يحميها وللقوميات في تركيا لها رب يحميهم من ...
- اين الحق واين الحقيقة في العراق
- جريمة القرصنة البحرية والخطاب المسرحي لإسماعيل هنية
- الأراضي المستقطعة من المحافظات العراقية
- أُنادي بإعادة الانتخابات العراقية
- كذب السياسيون ولو صدقوا
- ماذا لو تولى النجيفي او الهاشمي رئاسة المجلس النواب
- الحقوق والأحلام والممكن في العراق
- المالكي والقرار التاريخي المطلوب


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - احمد موكرياني - أحلامنا ماتت منذ انقلاب ٨ شباط 1963